الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح

السبت 15 صفر 1437//28 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
علي محمد سلمان العبيدي
الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح
وأنه يزيد وينقص
الإيمان قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح وأنه يزيد وينقص.
والإيمان في اللغة:
قال في لسان العرب: والإيمانُ ضدُّ الكفر، والإيمان بمعنى التصديق، ضدُّه التكذيب، يقال: آمَنَ به قومٌ، وكذَّب به قومٌ، وهو مشتقٌّ من الأمن.
الأَمانُ والأَمانةُ بمعنًى، وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ، وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان، والأَمْنُ ضدُّ الخوف، والأَمانةُ ضدُّ الخِيانة.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله:
“فإن الإيمان مشتق من الأمن، فإنما يستعمل في خبرٍ يُؤتَمن عليه المخبر؛ كالأمر الغائب الذي يؤتَمَن عليه المخبر؛ ولهذا لم يوجد قط في القرآن وغيره لفظ آمن له إلا في هذا النوع، والاثنان إذا اشتركا في معرفة الشيء يقال: صدق أحدهما صاحبه، ولا يقال: آمن له؛ لأنه لم يكن غائبًا عنه ائتمنه عليه؛ ولهذا قال: ﴿ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ﴾ [العنكبوت: 26]، ﴿ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا ﴾ [المؤمنون: 47]، ﴿ آمَنْتُمْ لَهُ ﴾ [طه: 71]، ﴿ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 61]، فيصدقهم فيما أخبروا به مما غاب عنه، وهو مأمون عنده على ذلك، فاللفظ متضمن معنى التصديق، ومعنى الائتمان والأمانة؛ كما يدل عليه الاستعمال والاشتقاق؛ ولهذا قالوا: ﴿ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا ﴾ [يوسف: 17]؛ أي: لا تقر بخبرنا ولا تثق به ولا تطمئن إليه ولو كنا صادقين؛ لأنهم لم يكونوا عنده ممن يؤتمن على ذلك، فلو صدقوا لم يأمن لهم.
وقال أيضًا: إن لفظ الإيمان في اللغة لم يقابَل بالتكذيب؛ كلفظ التصديق، فإنه من المعلوم في اللغة أن كل مخبِر يقال له: صدقْتَ أو كذبْتَ، ويقال: صدقناه أو كذبناه، ولا يقال لكل مخبر: آمَنَّا له أو كذَّبْنَاه، ولا يقال: أنت مؤمن له، أو مُكذِّب له، بل المعروف في مقابلة الإيمان لفظ الكفر، يقال: هو مؤمن أو كافر، والكفر لا يختص بالتكذيب، بل لو قال: أنا أعلم أنك صادق لكن لا أتَّبِعُك، بل أعاديك وأبغضك، وأخالفك ولا أوافقك، لكان كفره أعظم، فلما كان الكفر المقابل للإيمان ليس هو التكذيب فقط، عُلِمَ أن الإيمان ليس هو التصديق فقط، بل إذا كان الكفر يكون تكذيبًا ويكون مخالفة ومعاداة وامتناعًا بلا تكذيب، فلا بد أن يكون الإيمان تصديقًا مع موافقة وموالاة وانقياد، لا يكفي مجرد التصديق، فيكون الإسلام جزءَ مُسَمَّى الإيمان، كما كان الامتناع من الانقياد مع التصديق جزءَ مُسَمَّى الكفر، فيجب أن يكون كل مؤمن مسلمًا منقادًا للأمر، وهذا هو العمل”.
وذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وسائر أهل الحديث، وأهل المدينة وأهل الظاهر وجماعة من المتكلمين: إلى أنه تصديق بالْجَنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان؛ انتهى.
وهذا يدل على أن التصديق والأعْمال والأقوال داخِلةٌ فِي مُسمَّى الإِيمانِ وتُمثِّل معناه، فعلى هذا يكون الْإِيمانُ قابِلاً لِلزِّيادةِ والنُّقْصان؛ فهُو يزِيدُ بِالطَّاعةِ وينْقُصُ بِالْمعْصِيةِ؛ كما أشارت إلى ذلك الأدلة الصرِيحة مِن الْكِتابِ والسُّنَّةِ، وكما هُو معروف ومُشاهد من ظواهِر المسلمين فِي تفاوتهم بدرجات الإيمان قولاً وعملاً.
ومن الأدلة على زيادة الإيمان ونقصه أن الله قسم المؤمنين ثلاث طبقات، فقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [فاطر: 32].
فالسابقون بالخيرات هم الذين أدوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وهؤلاء هم المقرَّبُون، والمقتصِدون هم الذين اقتصروا على أداء الواجبات وتَرْك المحرمات، والظالمون لأنفسهم هم الذين اجترؤوا على بعض المحرمات، وقصَّروا ببعض الواجبات، مع بقاء أصل الإيمان معهم.
وأما من ذهب إلى أن الإيمان مجرد التصديق بالقلب، وأنه غير قابل للزيادة أو النقص، فهو محجوج بما ذكرنا من الأدلة، قال الرسول عليه الصلاة السلام: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)).
قال الآجُرِّيُّ: باب القول بأن الإيمان تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، لا يكون مؤمنًا إلا أن تجتمع فيه هذه الخصال الثلاث، قال محمد بن الحسين: اعلموا – رحمنا الله وإياكم – أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، ثم اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقًا، ولا تجزئ معرفة بالقلب، ونُطْق باللسان، حتى يكون عَمَلٌ بالجوارح، فإذا كَمُلت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمنًا، دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين؛ انتهى كلام الآجري.
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].
وقال جل ذكره: ﴿ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ﴾ [المدثر: 31].
وقال الله تبارك وتعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ [التوبة: 124].
وقال عز وجل: ﴿ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4].
وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [فاطر: 10]؛ أي: يرفع العمل الصالحُ الكلامَ الطيب.
وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴾ [الأنفال: 2 – 4].
وقوله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 – 9].
قال البَغَوِيُّ في تفسيره: عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ عَبْدٍ القارِيِّ قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: كان إذا نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحيُ يُسْمَع عند وجهه دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النحْل، فمكثنا ساعة، وفي رواية: فنزل علينا يومًا فمكثنا ساعة، فاستقبل القبلة، ورفع يديه وقال: (( اللهم زدنا ولا تَنْقُصْنا، وأكرمنا ولا تُهِنَّا، وأعْطِنا ولا تَحْرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤْثِر علينا، وارضَ عنا))، ثم قال: ((لقد أُنْزِلَ عليَّ عشرُ آيات، من أقامَهُنَّ دخل الجنة))، ثم قرأ: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المؤمنون: 1] إلى عشر آيات.

اقرأ أيضا  تفطير الصائمين

ورواه أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وجماعة عن عبدالرزاق، وقالوا: ((وأعطِنْا، ولا تحرمنا، وأَرْضِنَا وارْضَ عنا))؛ أخرجه الترمذي والإمام أحمد.
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بِضْعٌ وسبعون شعبة، وأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان))، هذا حديث صحيح؛ أخرجه مسلم عن زهير بن حرب عن جرير، وأراد بإماطة الأذى عن الطريق: ما يتأذى به المارَّةُ من شوك أو حجر أو نحوه.
عن أبي جعفر الخطمي عن أبيه عن جده عمير بن حبيب قال: “الإيمان يزيد وينقص، قيل: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله عز وجل وحمدناه وسبَّحْنَاه، فذلك زيادته، وإذا غفلنا وضيَّعْنا ونَسِينا فذلك نقصانه”؛ تهذيب سنن أبي داود.
عن عبدالله بن عكيم قال: سمعت عبدالله بن مسعود يقول في دعائه: “اللهم زدني إيمانًا ويقينًا وفِقهًا، أو قال: فَهمًا”؛ تهذيب سنن أبي داود.
وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]، قال: “إن الله بعث محمدًا بشهادة أنْ لا إله إلا الله، فلما صدَّقَ بها المؤمنون زادهم الصلاة، فلما صدَّقوا بها زادهم الصيام، فلما صدقوا به زادهم الزكاة، فلما صدقوا بها زادهم الحج، فلما صدقوا به زادهم الجهاد، ثم أكمل لهم دينهم فقال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
ولما كانت الأعمال والأقوال داخلة في مسمى الإيمان، كان الإيمان قابلاً للزيادة والنقص، فهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ كما هو صريح الأدلة من الكتاب والسنة، وكما هو ظَاهِرٌ مُشَاهَدٌ من تفاوت المؤمنين في عقائدهم وأعمال قلوبهم وأعمال جوارحهم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في كتاب الإيمان أيضًا:
وأصل الإيمان في القلب، وهو قول القلب وعمله، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلا بد أن يظهر مُوجِبُه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه؛ ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجِب إيمان القلب ومقتضاه، وهي تصديقٌ لِمَا في القلب، ودليل عليه وشاهد له، وهي شعبة من الإيمان المطلق وبعضٌ له.
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة:
الكفر والإيمان متقابلان، إذا زال أحدهما خَلَفَه الآخر، ولما كان الإيمان أصلاً، له شُعَبٌ متعددة، وكل شعبة منها تسمى إيمانًا؛ فالصلاة من الإيمان، وكذلك الزكاة والحج والصيام، والأعمال الباطنة؛ كالحياء، والتوكل، والخشية من الله، والإنابة إليه، حتى تنتهي هذه الشُّعَب إلى إماطة الأذى عن الطريق، فإنه شعبة من شعب الإيمان، وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها؛ كشعبة الشهادتين، ومنها ما لا يزول بزوالها؛ كترك إماطة الأذى عن الطريق، وبينهما شعب متفاوتة تفاوتًا عظيمًا؛ منها: ما يلحق بشعبة الشهادة ويكون إليها أقرب، ومنها ما يلحق بشعبة إماطة الأذى ويكون إليها أقرب، وكذلك الكفر ذو أصل وشُعَب، فكما أن شُعَب الإيمان إيمان، فشُعَب الكفر كفر، والحياء شعبة من الإيمان، وقلة الحياء شُعبة من شُعَب الكفر، والصدق شعبة من شعب الإيمان، والكذب شُعبة من شُعَب الكفر، والصلاة والزكاة والحج والصيام من شعب الإيمان، وتَرْكها من شُعَب الكفر، والحكم بما أنزل الله من شعب الإيمان، والحكم بغير ما أنزل الله من شُعَب الكفر، والمعاصي كلها من شعب الكفر، كما أن الطاعات كلَّها من شعب الإيمان.

اقرأ أيضا  من كذب برسول فقد كذب جميع الرسل

وشُعَب الإيمان قسمان: قولية وفعلية، وكذلك شُعَب الكفر نوعان: قولية وفعلية، ومن شُعَب الإيمان القولية شُعَبٌ يُوجِبُ زوالُها زوالَ الإيمان، فكذلك مِنْ شُعَبِهِ الفعلية ما يوجب زوالُها زوال الإيمان، وكذلك شُعَب الكفر القولية والفعلية، فكما يكفر بالإتيان بكلمة الكفر اختيارًا، وهي شعبة من شعب الكفر، فكذلك يَكْفُر بفعل شعبة من شُعَبه؛ كالسجود للصنم، والاستهانة بالمصحف، فهذا أصل، وها هنا أصل آخر: وهو أن حقيقة الإيمان مركَّبة من قول وعمل، والقول قسمان: قول القلب: وهو الاعتقاد، وقول اللسان: وهو التكلم بكلمة الإسلام.

والعمل قسمان: عمل القلب، وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح، فإذا زالت هذه الأربعة زال الإيمان بكماله، وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء، فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة، وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق، فهذا موضع المعركة بين الْمُرْجِئَة وأهل السُّنة؛ فأهل السنة مُجمِعون على زوال الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب، وهو محبته وانقياده، كما لم ينفع إبليسَ وفرعونَ وقومَه واليهودَ والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدقَ الرسول، بل ويُقِرُّون به سرًّا وجهرًا، ويقولون: ليس بكاذب، ولكن لا نَتَّبِعُه ولا نؤمن به.
فإذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب فغير مستنكَر أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح، ولا سيما إذا كان ملزومًا لعدم محبة القلب وانقياده، والذي هو ملزِم لعدم التصديق الجازم كما تقدم تقريره، فإنه يلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح؛ إذ لو أطاع وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت، ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزِم للطاعة، وهو حقيقة الإيمان، فإن الإيمان ليس مجرد التصديق كما تقدَّم، وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد، وهكذا الهُدى ليس هو مجرد معرفة الحق وتبيينه، بل هو معرفته المستلزِمة لاتباعه والعمل بموجبه، وإن سُمِّي الأول هدى، فليس هو الهدى التامَّ المستلزِمَ للاهتداء، كما أن اعتقاد التصديق وإن سُمِّي تصديقًا، فليس هو التصديقَ المستلزِمَ للإيمان؛ فعليك بمراجعة هذا الأصل ومراعاته.
كتاب: اتباع مناهج أهل السنن والآثار .. شرح سواطع الأنوار لمعرفة عقيدة سيد الأبرار

اقرأ أيضا  التربية على أركان الإسلام والإيمان والإحسان
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.