الدراسة المنهجية في الاقتصاد الإسلامي

www.alborsanews.com
www.alborsanews.com

الأحد،11ربيع الثاني1436//1 فبراير/شباط 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. عبد الباري مشعل
1. يغيب هذا الموضوع عن ساحة الاقتصاد الإسلامي ثم يعود العزف من جديد من جهات عديدة أكاديمية وبحثية، لكن المحصلة تبقى كما هي رغم مضي السنين الأربعين من انطلاقة أوائل أقسام الاقتصاد الإسلامي في جامعات أم القرى وأم ردمان والإمام محمد بن سعود الإسلامية، وانطلاقة مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الذي كان اسمه عند الانطلاق المركز العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي ثم تحول مؤخرًا إلى معهد الاقتصاد الإسلامي. وأكتب هذا المقال متأثراً بدراستي المنهجية في قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة الإمام والذي يعد موجودًا بشكله السابق، وبمعياشتي البحث والباحثين في الاقتصاد الإسلامي.
2. ومع ازدياد الجامعات التي تدرس الاقتصاد الإسلامي حول العالم يزداد حجم المشكلة، وتبرز الحقيقة المرة وهي غياب مناهج دراسية يعتد بها، ويبقى الطلبة فريسة لمذكرات مدرس المادة، وكتب لم تعد أساسًا لهذا الغرض. وبدل أن تنشغل جهات البحث في الاقتصاد الإسلامي بسد هذه الثغرة يلاحظ أن فقه المعاملات المالية المعاصرة قد استهواها وربما استنفدت جهودها وطاقاتها في خدمته على حساب مجالات أخرى من الضروري التصدي لها وإعادة تنقيتها وتحقيق صلتها بالاقتصاد الإسلامي، وكيفية الاستفادة منها في خدمة هذا التخصص.
3. وتبرز المشكلة بشكل أعمق عندما المقارنة بين مناهج مرحلة البكالوريوس ومناهج مرحلة الماجستير والدكتوراة، فما الذي يجب أن يكون في كل مرحلة وكيف يكون، ناهيك عن الخلط في التخصصات بين الاقتصاد والتمويل والمصارف، وفي بعض الجامعات هناك إشكال في تحديد هوية القسم هل هو اقتصاد إسلامي، أم تمويل ومصارف، أم هو خلطة من الثقافة الإسلامية في مجال المعاملات، وكل هذا سيترك أثره على مخرجات هذه الأقسام.
4. ما زلت أذكر بعض طلبة الدراسات العليا الذين أفصحوا لي عن أنهم لا يستفيدون من دراساتهم في هذا القسم المتخصص وأن الدراسة تبدو أقرب إلى الثقافة منها إلى المنهجية العلمية، وظننتهم مبالغين، وربما طموحهم أعلى مما في هذا القسم، لكن الحقيقة أنهم كانوا على حق. فهناك إشكالية في المناهج، وإشكالية في مقدمي المناهج للندرة التي ما زالت موجودة رغم كثرة المتخصصين ومن يرفعون شعار الاقتصاد الإسلامي والمالية الإسلامية. حتى أصبح معظم طلبة هذه الأقسام يتطلعون إلى البنوك الإسلامية بأنها الهدف النهائي في حياتهم الوظيفية، وأصبحوا يعتقدون بأن هذا المحور هو جوهر التخصص الذي يدرسونه.
5. الاقتصاد هو أبو العلوم المالية والإدارية، وكذلك الاقتصاد الإسلامي أبو العلوم المالية الإسلامية، ولذا ينوه هذا المقال بثلاث نقاط منهجية لتحسين أداء أقسام الاقتصاد الإسلامي: النقطة الأولى: تهذيب مرحلة الماجستير والدكتوراة من المواد التي يجب أن تكون في مرحلة البكالوريوس، وتعزيز شروط القبول في هذه المراحل بفرض المتطلبات المسبقة، وتفريغ الباحثين في هذه المراحل لتحصيل علمي متقدم في مواد التخصص الأساسية. وهي: النظرية الاقتصادية، والتنمية الاقتصادية، أصول الفقه والقواعد الفقهية، وفقه المعاملات المقارن وتعزيز الربط بالواقع والتطبيقات في كل المواد الأربعة.
6. النقطة الثانية: أن تضمن خطة مرحلة البكالوريوس تأسيسًا علميًا متينًا، في مواد التخصص في جانبي الاقتصاد والشريعة بشكل مستقل، على تكون المراجع أصيلة في كل مادة. وبشكل مباشر يجب أن تضمن دراسة الاقتصاد الجزئ، والكلي، والاقتصاد الرياضي، والقياسي، والمحاسبة، والنقود والبنوك، والتنمية الاقتصادية، والفكر الاقتصادي، والمالية العامة، والإحصاء بشكل أصيل، كما تضمن دراسة الشريعة دراسة تفسير آيات المعاملات، وأحاديث المعاملات، وفقه المعاملات، والمالية العامة في الإسلام، وأصول الفقه، والقواعد الفقهية. عدا عن المواد المساندة في مصطلح الحديث، والتفسير، والعقيدة، والثقافة الإسلامية ونحو ذلك.
7. النقطة الثالثة: تأجيل دراسة ما يسمى الاقتصاد الإسلامي إلى ما بعد التحصيل العلمي الأساسي في النقتطين السابقتين، ويجب أن يؤخذ في هذا النقطة اعتبارات ثلاثة، الأول: دراسات نقدية وموازية لمواد التخصص المذكورة من زاوية الاقتصاد الإسلامي، والثاني: دراسات مكملة، كدراسة الفكر الاقتصاد الإسلامي للعديد من المفكرين المسلمين دراسة تحليلية، الثالث: الاهتمام في كل الدراسة بربط الطلبة بالمراجع الأصيلة ولا بأس بأن يطالبوا بقراءت منها، مثل قراءة من مقدمة ابن خلدون، وكتاب الخراج لأبي يوسف، أو الأموال لأبي عبيد، أو الكسب لأبي الحسن الشيباني، ونحو ذلك.
المصدر:السبيل

اقرأ أيضا  شيخ الأزهر: السلام هو رسالة الأزهر للعالم
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.