الشبكة تدين الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان في بورما
الجمعة 23 ربيع الأول1438 الموافق23 ديسمبر/ كانون الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
بورما
في ظل تزايد الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحالة حقوق الإنسان والقانون الدولي في إقليم أراكان في جمهورية بورما، وفى ظل غياب واضح لآليات الحماية الدولية للأقليات المتواجدة في الإقليم، وفى ظل تعرضهم لأقسى أنواع الانتهاكات من قبل الجماعات المسلحة والمدعومة من قبل حكومة ميانمار.
تقدم شبكة راصد الدولية لحقوق الإنسان هذا التقرير حول الجرائم الممنهجة والمرتكبة ضد الروهنجيا، وتزايد العنف المعادي ضد المسلمين في البلاد. وهو تقرير موجز يقيم خطر وقوع المزيد من الجرائم الوحشية الجماعية في بورما، ويقدم توصيات بشأن السياسات للمجتمع الدولي.
حيث يتعرض المسلمون في بورما وخصوصا في إقليم أراكان، غرب جمهورية بورما، أو ما يسمى جمهورية اتحاد “ميانمار” للقتل والتنكيل وإشعال النيران بأجسادهم وهم أحياء، إضافة إلى تهجيرهم وتدمير منازلهم ومساجدهم واغتصاب نسائهم من قبل جماعة “الماغ” البوذية المتطرفة، وسط تقاعس ومباركة الحكومة البورمية والصمت المجهول للمجتمع الدولي، إذ تشتعل الأحياء والمنازل على من فيها من النساء والأطفال والرجال ومن لم تصبه المحرقة فحتماً سيواجه مصيره قتلاً بآلات البوذيين الحادة لتنتشر الجثث والدماء في الطرقات، المشهد ليس جديدًا في بورما فقد تكرَّر قبل ذلك بوقائع تقلّ أو تزيد دموية ضمن سلسلة الجرائم المستمرة منذ ستة عقود، وسط تواطؤ من الحكومة العسكرية الحاكمة وصمت دولي غير مبرر.
هكذا يعيش مسلمو إقليم أراكان-الذين ينظر إليهم من قبل البوذيين على أنَّهم ليسوا من أهل البلاد-بين شقَّي رحى العنصرية وحرب الإبادة المعلنة في آخر موجة عنف اندلعت ضدهم منذ العام الماضي على خلفية شائعة اغتصاب فتاة بوذية، وهي الرواية التي نفاها مسلمو الإقليم مؤكدين أنَّ وراء اشتعال جذوة العنف الطائفي ضدهم دوافع عرقية وسياسية.
يبلغ عدد سكان بورما حوالي 55 مليون نسمة، ونسبة المسلمين فيها تفوق أيضا 15%، ويتمركز أغلبها كما أشرنا سابقا في إقليم أراكان.
وهناك إحصائيات تشير إلى أنّ أكثر من 70% من سكان أراكان يدينون بالإسلام ويُعرفون بــــــ(الروهينغا)، والنّسبة المتبقية هي من “البوذيين” و”الماغ “وطوائف أخرى.
انتهاكات ممنهجة
انتهاكات حقوق الإنسان في أراكان متعددة الأساليب والأشكال، فمن التقتيل بأبشع الصور إلى التطهير العرقي والتهجير والطرد الجماعي والترحيل القسري إلى خارج أراكان وبورما، وطمس الهوية الإسلامية وهدم كل الآثار والتراث الإسلامي للمنطقة، وحرمان أبناء المسلمين الروهينغا من مواصلة التعليم في الكليات والمدارس العليا والجامعات، والعمل القسري في بناء الثكنات والمنشآت العسكرية والحكومية بدون مقابل، والحرمان من الوظائف الحكومية مهما كانت المؤهلات العلمية، والمنع من السفر إلى الخارج مهما كانت المبررات ولو لأداء الفرائض الدينية للمسلمين.
ومن القوانين المجحفة في حق المواطن الروهينغي المسلم والسالبة لأبسط مظاهر الحرية، أنّه لا يجوز له أن يستضيف أحدا في بيته حتى وإن كان من أفراد عائلته، إلا بإذن مسبق، وأما المبيت فهو جريمة كبرى عقوبتها هدم المنزل والسجن والطرد من البلاد.
كذلك من صور الانتهاكات الحاصلة في حق المواطنين الروهنغيين، المبالغة في فرض الضرائب والغرامات المالية على كل شيء، خاصة إذا تعلّق الأمر بالزواج والإنجاب، كما يُجبر من لديه محصول زراعي أن يبيعه للمؤسسة العسكرية بأرخص الأثمان. ومن جهة أخرى فهو يعاني من أبسط الحقوق الإنسانية.
يذكر أنه ما من جريمة إنسانية يُمكن أو لا يُمكن تخيُّلها، إلا وارتكبت بحق الرُّوهنغيين في أراكان من قبل الطائفة البوذية بالتواطؤ مع السلطات الحكومية.
ومن بين الانتهاكات أيضا أنّ هناك عددًا كبيرًا من أبناء الرُّوهينغا محرومون من الجنسية وهذا منذ عام 1982، بحجة أنّهم مُسلمون بنغال بلا جنسية جاؤوا من بنغلاديش، وتمارس عليهم جميع أشكال الاضطهاد وسوء المعاملة والتمييز العنصري.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الأقلية المسلمة في بورما تعد أكثر الأقليات اضطهادًا ومعاناة وتعرضًا للظلم في العالم كما أنها أفقر الجاليات وأقلها تعليمًا، يضاف إلى ذلك حملات التضييق والقرارات المتشددة التي تتخذها حكومة ميانمار ضد الأقلية المسلمة والتي تشمل الاعتقالات التعسفية والابتزاز المالي وانتزاع الوثائق الرسمية ومصادرة الممتلكات وغيرها من القرارات والقوانين الأخرى، التي انتقدتها العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية.
بالإضافة إلى كل ما ذكرناه في هذا التقرير، توجد انتهاكات أخرى تتمثل في المضايقات اليومية، والمداهمات اللّيلية من طرف قوات الأمن مصحوبين بأفراد من بعض العصابات البوذية المسلّحة، ومنع كل التجمعات لأداء الصلاة أو الخروج في الطرقات، كل هذه العوامل دفعت بالكثير من الرُّوهينغا إلى هجر منازلهم والهروب إلى الغابات والجبال والكهوف.
وفي عام 2012م قامت عصابة من البوذيين المتطرفين وبمساعدة الجيش البورماني بإنزال 11 مسلما من إقليم أراكان بدون أي سبب من حافلة كانت تُقلّهم وانهالوا عليهم بالضرب حتى الموت، فكانت هذه الحادثة سببا في قيام احتجاجات عنيفة في إقليم أراكان ذي الغالبية المسلمة، فقامت قوات الجيش والبوذيون المتطرفون بالرّد على هذه المظاهرات السّلمية بقتل 20 ألف مسلم حسب الإحصائيات الرّسمية، وهناك إحصائيات غير رسمية تشير إلى حوالي 50 ألف مسلم، بالرّصاص الحي وبالحرق المتعمّد وبكل الوسائل، بالإضافة إلى حالات اغتصاب النّساء والفتيات، كما تعرّض أكثر من ألفي (2000) منزل للحرق، وتدمير سبعين (70) مسجدا.
أكثر أنظمة العالم قمعا
المجلس العسكري داخل الحكومة يحكم منذ فترة طويلة بموجب مرسوم، ويشرف على جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وهو المسئول عن الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، حيث أنه لا يوجد قضاء مستقل في بورما.
وفي تصريح سابق لمكتب المفوضية السامية لحقوق الانسان لدى الامم المتحدة حيث قال: إن المنظمة الدولية تتلقى تقارير يومية عن حالات قتل واغتصاب في ميانمار، وإن المحققين المستقلين محظورون من التحقيق في الأمر.
وقال السيد زيد بن رعد المفوض السامي لحقوق الإنسان في تصريح سابق بأن حكومة ميانمار برئاسة أونغ سان سوتشي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام اتبعت أسلوبا قصير النظر وغير مجد للتعامل مع الأمر، مما ينذر بتأثيرات خطيرة على المنطقة.
إن شبكة راصد الدولية لحقوق الإنسان تنظر بقلق بالغ إلى خطورة وتدهور حالة حقوق الإنسان في دولة ميانمار، وخصوصا ضد الأقليات المسلمة من الرُّوهينغا، حيث تدين الشبكة انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة ضد مسلمي الرُّوهينغا في بورما وتحميل الحكومة الميانمارية المسؤولية، وتطالب المجتمع الدولي بالتالي:
1. إحالة الانتهاكات الخطيرة ضد المسلمين في إقليم أراكان ببورما، إلى المدعى العام بالمحكمة الجنائية الدولية، للتحقيق في المجازر والمقابر الجماعية والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، التي تقع بشكل يومي وممنهج، دون تحرك جاد من المجتمع الدولي.
2. مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بالعمل لتدخل مجلس الأمن الدولي مباشرة لحماية الأقلية المسلمة ببورما، أسوة بما حدث في دارفور بجنوب السودان، وبعض الدول الأفريقية التي شهدت جرائم مماثلة.
3. تكوين لجنة تحقيق دولية محايدة لإثبات التطهير العرقي الممنهج ضد المسلمين ببورما، والأعمال غير الآدمية التي تم توثيقها من منظمات وأفراد وجهات مدنية، وإحالة ملف الانتهاكات الخطيرة إلى مجلس الأمن والجنائية الدولية، لإصدار مذكرات توقيف للقيادات العسكرية المنتمية إلى الحكم العسكري في بورما، ورجال الأمن والرهبان البوذيين، والقيادات المحلية بالأقاليم المتورطين في هذه المجازر البشعة، وفق السوسنة.
4. الدعوة لعقد جلسة غير عادية في لمجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة في أقرب وقت، لمناقشة الأوضاع غير الإنسانية المتدنية والجسيمة التي يعاني منها المسلمون في بورما، لإثبات أن المجتمع الدولي لا يتعامل بمعايير مزدوجة وسياسية في قضايا حقوق الإنسان عندما تمس حياة فئة من المجتمع، ولا يتغافل عنها ويدير ظهره لها، بينما يستخدم كل وسائل الضغط والآليات الدولية للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية غير الحكومية في حالة تعرض الأقليات الدينية والعرقية الأخرى، لأية تجاوزات وانتهاكات وعنف في بعض الدول العربية.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.