القرآن الكريم : معناه واشتقاقه

الثلاثاء،6ربيع الثاني1436//27يناير/كانون الثاني2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
ناصر عبدالغفور

القرآن الكريم
معناه واشتقاقه

معنى القرآن لغة:
اختُلِف في تعريف القرآن من حيث اللغة:
فقيل: هو مصدر من قرأ يقرأ، بمعنى تلا، فيكون من باب إطلاق المصدر وإرادة مفعوله، فالقرآن بمعنى مقروء؛ أي متلو.

وقيل: مصدر قرأ بمعنى جمع، فيكون من إطلاق المصدر بمعنى اسم الفاعل؛ أي: قارئ بمعنى جامع.

ولا مانع من الجمع بين القولين، فالقرآن مقروء بمعنى متلو، وكذلك هو قارئ؛ أي: جامع للأخبار النافعة والأحكام العادلة.

ويمكن كذلك أن يقال: إنه مقروء بمعنى مجموع؛ لأنه جمع في المصاحف والصدور.

فالقرآن إما مصدر قرأ بمعنى اسم المفعول، سواء كان من القراءة بمعنى التلاوة، أو من القراءة بمعنى الجمع، فهو مقروء؛ أي متلو، وكذالك مقروء بمعنى مجموع.

وإما مصدر قرأ؛ أي: جمع، فهو قارئ بمعنى جامع، على أنه اسم فاعل.

فمن معاني القرآن لغةً القراءة، قال تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17، 18]؛ أي: قراءته.

ثم نُقِل من هذا المعنى المصدري وجعل اسمًا للكلام المعجز الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، من باب إطلاق المصدر على مفعوله.

لكن الملاحظ من أقوال أهل اللغة أن الكثيرين منهم اكتفى بالمعنى الثاني: وهو أن القرآن من القرء، وهو الضم؛ وذلك لضمه للسور والآيات والأخبار الصادقة والأحكام العادلة:
• ففي النهاية في غريب الأثر:
“والأصل في هذه اللفظة الجمع، وكل شيء جمعته فقد قرأته، وسُمِّي القرآن قرآنًا؛ لأنه جمع القصص، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، والآيات والسور، بعضها إلى بعض، وهو مصدر كالغفران والكفران، وقد يطلق على الصلاة؛ لأن فيها قراءة؛ تسمية للشيء ببعضه…، يقال: قرأ يقرأ قراءة وقرآنًا.

والاقتراء: افتعال من القراءة، وقد تحذف الهمزة منه تخفيفًا، فيقال: قران، وقريت، وقارٍ، ونحو ذلك من التصريف”.

• وفي المعجم الوسيط:
قرأ الكتاب قراءة وقرآنًا…، والشيءَ قرءًا وقرآنًا، جمعه وضم بعضه إلى بعض..، واقترأ القرآن والكتاب قراءة.

• وفي تاج العروس:
قرأ الشيء جمعه وضمه؛ أي: ضم بعضه إلى بعض، وقرأت الشيء قرآنًا جمعته وضممت بعضه إلى بعض، ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلا قط، وما قرأت جنينًا قط؛ أي: لم تضم رحمها على ولد…، وقال أبو إسحاق الزجاج في تفسيره: سُمِّي كلامُ الله تعالى الذي أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم كتابًا وقرآنًا وفرقانًا؛ لأنه يجمع السور فيضمها، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17]؛ أي: جمعه وقراءته، ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 18]، قال ابن عباس: “فإذا بيَّناه لك؛ أي بالقراءة، فاعمل بما بيَّناه”.

• وفي اللسان لابن منظور:
“وسمي قرآنًا؛ لأنه يجمع السور فيضمها”، وهذا كذلك قول أبي عبيدة كما نقله عنه الجوهري في صحاحه.

معنى القرآن في الاصطلاح:
لا بأس أن نذكر تعريفين للقرآن الكريم، الأول عند الأصوليين، والآخر عند علماء العقيدة.

تعريف القرآن عند الأصوليين:
اختلف أهل الأصول في تعريف القرآن؛ فمنهم مَن أطال في التعريف وأطنب بذكر جميع خصائص القرآن الممتازة، ومنهم مَن اختصر فيه وأوجز، ومنهم مَن اقتصد وتوسط.

فالذين اختصروا وأوجزوا في التعريف:
• منهم مَن اقتصر على ذكر وصف واحد، وهو الإعجاز، ووجهة نظرهم في هذا الاقتصار أن الإعجاز هو الوصف الذاتي للقرآن، وأنه الآية الكبرى على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، والشاهد العدل على أن القرآن كلام الله.

• ومنهم مَن اقتصر على وصفين؛ هما الإنزال والإعجاز، وحجتهم أن ما عدا هذين الوصفين ليس من الصفات اللازمة للقرآن.

• ومنهم مَن اقتصر على وصفي النقل في المصاحف والتواتر؛ لأنهما يكفيان في تحصيل الغرض، وهو بيان القرآن وتمييزه عن جميع ما عداه[1].

وبما أن الحد من شروطه أن يكون جامعًا مانعًا، نقف مع تعريف مَن أطنب فيه وأسهب؛ لأن المقام لا شك أنه خليق بالإطناب والتفصيل والبيان؛ لذلك فالتعريف المختار: قولهم:
“القرآن: كلام الله تعالى المعجز، المنَزَّل على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر، المتعبَّد بتلاوته، المبدوء بسورة الحمد، المختوم بسورة الناس”.

شرح التعريف:
كلام الله تعالى: فالقرآن كلام الله جل وعلا، وقد دل على ذلك القرآن والسنة والإجماع، ونكتفي بذكر آية من كتاب الله تعالى، وهي قوله – جل في علاه -: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ﴾ [التوبة: 6].

وبهذا القيد خرج كلام غيره سبحانه؛ ككلام الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أي: السنة، وكذلك كلام سائر الخلق.

المعجز: الإعجاز نسبة العجز إلى الغير وإثباته له.

وكلمة الإعجاز لم تَرِد لا في الكتاب ولا في السنة، وإنما عبَّر بها أهل العلم للدلالة على أن القرآن العظيم معجز، وقد استفادوا هذا التعبير من مثل قوله تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88]، ففي هذه الآية تحدَّى الله جميع الخلائق – إنسهم وجنهم – أن يُعارِضوا القرآن وأن يحاكوه، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا ومُعينًا، ولَمَّا عجزوا عن ذلك، خفَّف التحدي، وتحدَّاهم أن يأتوا بعشر سور مثل سوره: ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [هود: 13]، فلمَّا عجزوا تحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثله: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23]، فلما تحداهم الله تعالى أن يعارضوا كتابه وعجزوا عن ذلك غاية العجز، عبر أهل العلم بلفظ الإعجاز.

يقول الدكتور شعبان محمد إسماعيل:
“ونواحي الإعجاز في القرآن الكريم كثيرة، ولها مؤلفات خاصة يطول ذكرها…، وهي في الجملة ترجع إلى فصاحة ألفاظه، وبلاغة أساليبه، وخفَّته على اللسان، وحسن وقعه على السمع، وأخذه بمجامع القلوب، وإخباره بأمور غيبية – ماضية أو مستقبلة – واشتماله على الأخلاق السامية، والشريعة الكاملة العادلة الصالحة لكل زمان ومكان، وسلامته من التعارض والتناقض، قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، وإذا كان القرآن معجزًا للعرب باعتبار أنه نزل بلغتِهم، فكيف يكون إعجازه بالنسبة لغير العرب؟!

نقول: إنه مُعجِز للبشر جميعًا بنواحٍ مختلفة، كما سبق، فهو معجز بما تضمَّنه من الحقائق الثابتة، والتوجيهات السديدة، والأغراض السامية، والمقاصد النبيلة، والإخبار بالأمور الغيبية التي لا تستقل العقول بإدراكها…”[2].

اقرأ أيضا  القرآن منهاج حياة

وبقيد الإعجاز خرج كلام الله غير المعجز، ألا وهو الحديث القدسي، كما خرج الحديث النبوي؛ لأنه كلام الله معنى، أما اللفظ، فمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المنزل: كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ [الشعراء: 192 – 194].

وقولهم: “المنزل على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم”، يُخرِج الكتب السابقة المنزلة على غيره صلى الله عليه وسلم من الرسل؛ كالتوراة والإنجيل وغيرهما، كما يُخرِج ما لم ينزل أصلاً؛ مثل كلامنا ومثل الحديث النبوي.

كما يَخرُج به كلام الله الذي استأثر به سبحانه: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ [الكهف: 109].

المكتوب في المصاحف: خرج بهذا القيد منسوخ التلاوة، ولو تواتر، وكذلك القراءات الشاذة.

المنقول بالتواتر: والتواتر كما عرَّفه أهل الأصول بقولهم: “ما رواه جماعة بعدد تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، عن مثلهم إلى منتهاه”.

وخرج بهذا القيد جميع ما سوى القرآن من منسوخ التلاوة، والقراءات غير المتواترة، سواء كانت مشهورة؛ نحو قراءة ابن مسعود “متتابعات” عقب قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ﴾، أم كانت أحادية؛ كقراءة ابن مسعود أيضًا لفظ “متتابعات” عقب قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، فإن شيئًا من ذلك لا يسمى قرآنًا ولا يأخذ حكمه[3].

والقرآن قد نُقِل إلينا بأعلى درجات التواتر؛ حيث نقله جيل عن جيل إلى أن وصل إلينا محفوظًا بحفظ الله له، وسيبقى منقولاً بهذا التواتر إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.

المتعبَّد بتلاوته: خرج بهذا القيد الأحاديث القدسية، فإنها وإن كانت من كلام الله تعالى لفظًا – على القول الراجح – لا يتعبد بتلاوتها، فلا يجوز مثلاً الصلاة بها، وليس فيها من الأجر ما في تلاوة القرآن.

كما يخرج بهذا القيد قراءات الآحاد، وهي القراءات التي صح سندها، لكنها خالفت الرسم أو اللغة العربية أو لم تشتهر؛ “لأن التعبد بتلاوته معناه الأمر بقراءته في الصلاة وغيرها، على وجه العبادة، وليست قراءة الآحاد والأحاديث القدسية كذلك”[4].

قولهم: “المبدوء بسورة الحمد المختوم بسورة الناس”:
الحمد من أسماء سورة الفاتحة، وتسمى كذلك بالسبع المثاني، والصلاة، وأم القرآن…، وهذا الأمر أجمع عليه المسلمون قاطبةً، لم يشذَّ إلا الرافضة؛ حيث ادَّعوا أن القرآن فيه نقص، وأنه حذف منه أشياء، وزادوا على ما في القرآن الموجود بين المسلمين، والذي أجمع عليه المسلمون أوله الفاتحة وآخره سورة الناس، فما بين هاتين السورتين كله كلام الله عز وجل، حتى قال العلماء: مَن أنكر منه حرفًا واحدًا، فإنه يكون كافرًا؛ لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين[5].

تعريف القرآن عند علماء العقيدة:
من تعاريف القرآن قولهم: ” القرآن: كلام الله، منزل، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود”[6].

وفي العقيدة الطحاوية: “وإن القرآن كلام الله، منه بدأ بلا كيفية قولاً، وأنزله على رسوله وحيًا، وصدَّقه المؤمنون على ذلك حقًّا”، ونكتفي بشرح التعريف الأول:
كلام الله منزل: مرَّ شرح هذين الوصفين.

غير مخلوق: وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة، أن الله تعالى يتكلم كلامًا حقيقيًّا، بصوت وحرف، وأن الكلام من صفاته، وأن هذا القرآن كلامه سبحانه حقيقة غير مخلوق، والأدلة على ذلك كثيرة، نذكر منها: قوله تعالى: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]، والعطف يفيد عمومًا المغايرة، فالأمر غير الخلق، والقرآن من الأمر؛ لقوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ﴾ [الشورى: 52]، وقد خالف في ذلك المعتزلة الذين قالوا: إن القرآن إنما هو حكاية عن كلام الله تعالى المخلوق، “ويستدلون لذلك بقوله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62]، والقرآن شيء فيدخل في عموم قوله: ﴿ كُلِّ شَيْءٍ ﴾، والجواب من وجهين:
الأول: أن القرآن كلام الله تعالى، وهو صفة من صفات الله، وصفات الخالق غير مخلوقة.
الثاني: أن مثل هذا التعبير “كل شيء” عام قد يراد به الخاص”[7].

وما أحسن ما سطره شارح الطحاوية ابنُ أبي العز الحنفي رحمه الله تعالى؛ حيث قال: “بل نفس ما استدلوا به يدلُّ عليهم، فإذا كان قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ مخلوقًا، لا يصح أن يكون دليلاً”؛ شرح العقيدة الطحاوية.

قولهم: منه بدأ؛ أي: إن الله تعالى هو أول مَن تكلم بهذا القرآن.

قولهم: إليه يعود: ذكر أهل العلم لهذه الكلمة معنيين:
الأول: أنه مهما تلَوْنَاه وحفِظناه وتدارسناه، فإن القرآن يبقى ويظَلُّ كلامَ الله ووصفًا له سبحانه.

والثاني: أن القرآن يُرفَع إلى الله تعالى في آخر الزمان، كما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((يدرُسُ الإسلام كما يدرُسُ وَشْي الثوب؛ حتى لا يدرى ما صيام، ولا صلاة، ولا نسك، ولا صدقة، وليُسْرَى على كتاب الله – عز وجل – في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة “لا إله إلا الله” فنحن نقولها))[8].

القرآن مشترك لفظي:
اختلف أهل العلم في مسألة الاشتراك الذي يدل عليه القرآن، هل هو من قبيل الاشتراك اللفظي أم المعنوي، والراجح أن القرآن مشترك لفظي؛ وذلك لأنه يطلق على الكل وعلى البعض، فمَن قرأ القرآن كله يقال: إنه قرأ القرآن، وكذلك مَن قرأ شيئًا منه – سورة بل آية – صح أن يقال: إنه قرأ قرآنًا.

وقد بوَّب الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني في مناهله: “باب إطلاق القرآن على الكل وعلى أبعاضه”، ثم قال: “لا شك أن القرآن يطلق على الكل وعلى أبعاضِه، فيقال لمن قرأ اللفظ المنزل كله: إنه قرأ قرآنًا، وكذلك لمن قرأ ولو آية منه: إنه قرأ قرآنًا…، لكنهم اختلفوا: فقيل: إن لفظ “قرآن” حقيقة في كل منهما، وإذًا يكون مشتركًا لفظيًّا، وقيل: هو موضوع للقدر المشترك بينهما، وإذًا يكون مشتركًا معنويًّا، ويكون مدلوله حينئذٍ كليًّا.

وقد يقال: إن إطلاقه على الكل حقيقة، وعلى البعض مجاز.

والتحقيق أنه مشترك لفظي، بدليل التبادر عند إطلاق اللفظ على الكل وعلى البعض كليهما، والتبادر أمارة الحقيقة، وهو ما يفهم من كلام الفقهاء إذ قالوا مثلاً: يحرم قراءة القرآن على الجنب؛ فإنهم يقصدون حرمة قراءته كله أو بعضه على السواء”[9].

اقرأ أيضا  آداب قراءة القرآن

فهو “يطلق بالاشتراك اللفظي على مجموع القرآن، وعلى كل آية من آياته، فإذا سمعت مَن يتلو آية من القرآن، صح أن تقول: إنه يقرأ القرآن، ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204]”[10].

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – في شرحه لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان”:
“لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة”.

قال: “وفي الحديث إطلاق القرآن على بعضه وعلى معظمه؛ لأن أول رمضان من بعد البعثة لم يكن نزل من القرآن إلا بعضه، ثم كذلك كل رمضان بعده…، فيستفاد من ذلك أن القرآن يطلق على البعض مجازًا، ومن ثَمَّ لا يحنث مَن حلف ليقرأنَّ القرآن، فقرأ بعضه، إلا إن قصد الجميع”[11].

لكن قوله: “مجازًا”، قد لا يسلم؛ لأن التحقيق كما ذكره صاحب مناهل العرفان، وكذا مناع القطان، أن إطلاقه على الكل كإطلاقه على البعض، فهو مشترك لفظي، فيكون ذلك من باب الحقيقة، والله أعلم.

اختلاف العلماء في أصل لفظ “القرآن” وفي سبب تسمية القرآن بهذا الاسم:
اختلف العلماء في لفظ القرآن من حيث الاشتقاق، ومن حيث كونه مهموزًا أو غير مهموز، وفي سبب تسميته بهذا الاسم، وذلك على مذاهب شتى، نذكر منها ما يلي:
1- سُمِّي القرآن بهذا الاسم، من باب إطلاق المصدر وإرادة المفعول، باعتبار أنه مشتق من قرأ.

“وقرأ لها معنيان في اللغة:
الأول: تلا.
والثاني: جمع.

فعلى المعنى الأول، فالقرآن هو كذلك، فهو المقروء المتلو آناء الليل وأطراف النهار.

وعلى الثاني، فالقرآن كذلك، فهو المجموع غير المتفرق، والمحفوظ غير المبدد”[12].

وممن قال بالأول اللحياني وجمع من أهل العلم، فقالوا: إنه مهموز، ولكنه مصدر قرأ – كالغفران مصدر غفر – بمعنى تلا، ويسمى به المقروء من باب تسمية المفعول بالمصدر[13].

وممن صحح القولين معًا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى؛ حيث قال: “قالوا: إنه مصدر قرأ بمعنى تلا، أو قرأ بمعنى جمع، وكلاهما صحيح”[14].

2- وقيل: إنه سمي بالقرآن من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل، باعتبار أن مادته قرأ بمعنى جمع، فيكون قرآن بمعنى قارئ؛ أي: جامع، واختلف في معموله: أي جامع ماذا؟
• فمن أهل العلم مَن قال: هو جامع للآيات والسور والقصص والأمثال، قال صاحب كتاب أسماء القرآن في القرآن:
“وقيل: سمي القرآن قرآنًا: لأنه الجامع لآيات الوعد والوعيد، والحِكَم والأمثال، والقصص والأحكام، والآيات والسور”؛ ص: 5.

• ومنهم مَن قال: “لكونه جامعًا لثمرات الكتب السابقة، باعتباره ناسخًا لها ومهيمنًا عليها، كما قال – جل وعلا -: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48].

قال الراغب الأصفهاني: “قال بعض العلماء: تسمية هذا الكتاب قرآنًا من بين كتب الله؛ لكونه جامعًا لثمرة كتبه، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم، كما أشار تعالى إليه بقوله: ﴿ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [يوسف: 111]، وقوله: ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89]”[15].

وتسمية القرآن من القرء – أي: الجمع – هو مذهب جماعة من العلماء؛ منهم أبو إسحاق الزجاج، فهو عندهم “وصف على فعلان، مشتق من القرء بمعنى الجمع، ومنه قرأت الماء في الحوض؛ أي: جمعته”[16]؛ وذلك “لجمعه السور والآيات، أو لجمعه ثمرات الكتب السابقة”[17].

والحق أنه لا منافاة بين هذه الأقوال السالفة الذكر، فالقرآن جامعٌ للسور والآيات والحكم، وكذلك هو جامع لثمرات الكتب السابقة ولجميع العلوم النافعة، كما أنه مقروء؛ أي: متلو ومجموع.

3- وقيل سمي قرآنًا لقرنه بين الآيات والسور؛ أي: ضمه وجمعه لها، قال أبو عبيدة: “سُمِّي القرآن قرآنًا؛ لأنه جمع السور بعضها إلى بعض”، وقد نقل هذا القول عنه الإمام الزركشي في البرهان، والإمام السيوطي في الإتقان.

4- أما الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، فيرى أنه ليس مشتقًّا ولا مهموزًا، وإنما هو علَم مرتجل، يدل على الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم[18].

قال البيهقي: كان الشافعي يهمز قرأت، ولا يهمز القرآن، ويقول: هو اسمٌ لكتاب الله غير مهموز؛ البرهان:1/278.

وقد ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده عن الإمام الشافعي أنه قال: “وقرأت القرآن على إسماعيل بن قسطنطين، وكان يقول: القرآن اسم وليس مهموزًا، ولم يؤخذ من قرأت، ولو أُخذ من قرأت، لكان كل ما قرئ قرآنًا، ولكنه اسم للقرآن؛ مثل التوراة، والإنجيل، يهمز قرأت، ولا يهمز القرآن”[19].

وممن اختار قول الشافعي الإمام السيوطي؛ حيث قال في إتقانه: “والمختار عندي في هذه المسألة ما نص عليه الشافعي”.

5- وقال الفراء: هو مشتق من القرائن؛ لأن الآيات منه يصدق بعضها بعضًا، ويشابه بعضها بعضًا، وهي قرائن، وعلى القولين هو بلا همز أيضًا، ونونه أصلية[20].

6- وتعقب هذا الكلامَ الزَّجاجُ؛ حيث قال: “هذا القول سهو، والصحيح أن ترك الهمزة فيه من باب التخفيف، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها”؛ الإتقان، ويشهد لهذا الرأي قراءة عبدالله بن كثير؛ حيث يقرأ بالتخفيف.

7- أما الإمام أبو الحسن الأشعري، وبعض أهل العلم، فيرون أنه غير مهموز أيضًا، ولكنه مشتق من قرن الشيء إذا ضمه إليه؛ لأن السور والآيات تقرن فيه ويضم بعضها إلى بعض؛ أصول الفقه الميسر، ص80، فعند هؤلاء سمي القرآن بهذا الاسم، “لقران السور والآيات والحروف فيه”[21].

8- وذهب بعض أهل العلم إلى أن القرآن من القرء بمعنى الإظهار والبيان؛ لأن القارئ يظهره ويبينه من فيه، أخذًا من قول العرب: ما قرأت الناقة سلاً قط؛ أي: ما رمت بولد؛ أي: ما أسقطت ولدًا وما حملت قط، والقرآن يلفظه القارئ مِن فيه ويلقيه؛ فسمي قرآنًا، وعمدتهم أن الواو في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17] تقتضي المغايرة، فلو كان القرآن من القرء بمعنى الجمع، لكان معنى الآية: إن علينا جمعه وجمعه، وهذا لا يستقيم.

قال الزركشي في برهانه:
“وقال بعض المتأخِّرين: لا يكون القرآن وقرأ مادته بمعنى جمع؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17]، فغاير بينهما، وإنما مادته قرأ بمعنى أظهر وبيَّن، والقارئ يظهر القرآن ويُخرِجه، والقرء الدم لظهوره وخروجه، والقرء الوقت، فإن التوقيت لا يكون إلا بما يظهر”[22].

اقرأ أيضا  مراتب الهداية في القرآن الكريم

وممن ذهب إلى هذا القول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى؛ حيث رجَّح أن معنى القرء الذي اشتق من القرآن الإظهار والبيان، وذلك في كتابه الماتع “زاد المعاد”، وقد فرَّق – رحمه الله – بين قرى المعتل بالياء وقرأ المهموز، واعتبر أن الأول هو الذي يكون بمعنى الجمع، وأما الثاني – أي المهموز – فهو الذي يكون بمعنى الإظهار والبيان.

وهذا نص كلامه رحمه الله تعالى، يقول:
“والذي هو مشتق من الجمع إنما هو من باب الياء من المعتل من قرى يقري، كقضى يقضي، والقرء من المهموز من بنات الهمز من قرأ يقرأ كنحر ينحر، وهما أصلان مختلفان، فإنهم يقولون: قريت الماء في الحوض أقريه؛ أي: جمعته، ومنه القرية، ومنه قرية النمل، للبيت الذي تجتمع فيه؛ لأنه يقريها؛ أي: يضمها ويجمعها.

وأما المهموز، فإنه من الظهور والخروج على وجه التوقيت والتحديد، ومنه قراءة القرآن؛ لأن قارئه يُظهِره ويخرجه مقدارًا محدودًا، لا يزيد ولا ينقص، ويدل عليه قوله: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17]، ففرَّق بين الجمع والقرآن، ولو كان واحدًا لكان تكرارًا محضًا؛ ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 18]: فإذا بيَّناه، فجعل قراءته نفس إظهاره وبيانه، لا كما زعم أبو عبيدة أن القرآن مشتق من الجمع، ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلاً قط، ما قرأت جنينًا، هو من هذا الباب؛ أي: ما ولدته وأحرجته وأظهرته، ومنه: فلان يَقرؤك السلام، ويقرأ عليك السلام، وهو من الظهور والبيان”[23].

خاتمة القول:
وبعد عرضِ ما تيسَّر من أقوال العلماء في هذه المسألة، فالذي يظهر رجحانه – والله أعلم – أن القرآن سُمِّي بهذا الاسم اشتقاقًا من الفعل قرأ بمعنى تلا، فيكون من باب إطلاق المصدر على المفعول، فهو قرآن؛ أي: مقروء، بمعنى متلو، والذي جعلني أرجح هذا القول أمور عدة؛ منها:
• أن ذلك هو الذي تقتضيه قواعد الاشتقاق اللغوي.

• أنه ورد عن حبر هذه الأمة ابن عباس رضي الله عنه تفسير بهذا المعنى، فقد ذكر ابن جرير الطبري – رحمه الله تعالى – بسنده عنه أنه قال في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ﴾، قال: في صدرك، ﴿ وَقُرْآنَهُ ﴾، قال: تقرؤه بعد.

وفي رواية أخرى ذكرها ابن جرير: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ﴾ [القيامة: 17]: أن نجمعه لك، و﴿ قُرْآنَهُ ﴾؛ أي: نقرئك فلا تنسى؛ جامع البيان في تأويل القرآن.

وبعد أن ذكر تأويلات أخر، قال إمام المفسرين: “وأما ابن عباس والضحاك، فإنما وجَّها ذلك إلى أنه مصدر من قول القائل: قرأت أقرأ قرآنًا وقراءة”.

وهذا هو الذي رجحه كثير من علماء التفسير على رأسهم ابن جرير الطبري، والإمام القرطبي، وكذا الحافظ ابن كثير، والآلوسي، والسعدي، وغيرهم.

ولا شك أن التفسير إذا ورد عن الصحابة، فيجب المصير إليه، والعض عليه بالنواجذ، وكيف إذا كان هذا الصحابي هو حبرَ الأمة الذي دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقه والتأويل كما في قوله: ((اللهم فقِّهه في الدين، وعلِّمه التأويل)).

وقد روي عن حسان بن ثابت رضي الله عنه أنه قال في عثمان رضي الله عنه: “يقطع الليل تسبيحًا وقرآنًا”؛ أي: قراءة، كما قال جمع غفير من أهل العلم.

• صح عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه قال: ((خُفِّف على داود عليه السلام القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه، ولا يأكل إلا من عمل يده))؛ صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، حديث رقم 3417.

وفي رواية: ((خفف على داود القراءة، فكان يأمر بدابته لتسرج، فكان يقرأ قبل أن يفرغ))، قال البخاري: “يعني القرآن”؛ كتاب التفسير، حديث رقم 4713.

فعبَّر بالقرآن عن الزبور، وهذا من باب الإطلاق اللغوي.

قال ابن حجر – رحمه الله تعالى -:
“والمراد بالقرآن مصدر القراءة، لا القرآن المعهود لهذه الأمة”؛ الفتح 9/313.

وهذا الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم يكون إذًا نصًّا في المسألة، والله أعلم.

مراجع البحث:
♦ أصول الفقه الميسر؛ للدكتور شعبان محمد إسماعيل.
♦ الإتقان في علوم القرآن؛ للإمام السيوطي.
♦ البرهان في علوم القرآن؛ للإمام الزركشي.
♦ مناهل العرفان في علوم القرآن؛ لمحمد بن عبدالعظيم الزرقاني.
♦ شرح أصول في التفسير؛ للشيخ ابن عثيمين.
♦ النهاية في غريب الأثر.
♦ المعجم الوسيط.
♦ تاج العروس.
♦ لسان العرب؛ لابن منظور.
♦ مباحث في علوم القرآن؛ لمناع القطان.
♦ شرح العقيدة الواسطية؛ للشيخ ابن عثيمين.
♦ العقيدة الطحاوية.
♦ شرح العقيدة الطحاوية؛ لابن أبي العز الحنفي.
♦ فتح الباري؛ للحافظ ابن حجر.
♦ أسماء القرآن في القرآن؛ للدكتور محمد محروس.
♦ مفردات غريب القرآن؛ للراغب الأصفهاني.
♦ تاريخ بغداد؛ للخطيب البغدادي.
♦ زاد المعاد في هدي خير العباد؛ للإمام ابن القيم.
♦ جامع البيان في تأويل القرآن؛ للإمام ابن جرير الطبري.
♦ السلسلة الصحيحة؛ للشيخ الألباني.

________________________________________
[1] مناهل العرفان في علوم القرآن، ص: 1/ 19، 20.
[2] أصول الفقه الميسر، ص:82.
[3] مناهل العرفان، ص: 1/20.
[4] مباحث في علوم القرآن؛ لمناع القطان، 17.
[5] شرح أصول التفسير، ص:17.
[6] شرح العقيدة الواسطية؛ للشيخ ابن عثيمين، ص: 363.
[7] شرح الواسطية؛ للشيخ ابن عثيمين، ص366.
[8] السلسلة الصحيحة 87.
[9] مناهل العرفان، ص:1/ 22، 23.
[10] مباحث في علوم القرآن؛ لمناع القطان، ص: 16.
[11] فتح الباري، ص:10/53.
[12] أسماء القرآن في القرآن: ص:5.
[13] أصول الفقه الميسر، ص:81.
[14] شرح أصول في التفسير، ص:17.
[15] مفردات غريب القرآن، ص402.
[16] الإتقان، ص1/144.
[17] أصول الفقه الميسر، ص80.
[18] نفسه.
[19] تاريخ بغداد 2/62.
[20] الإتقان، ص 1/144.
[21] الإتقان، ص 1/144.
[22] البرهان، ص 1/277.
[23] زاد المعاد، ص 5/635.
المصدر: الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.