الورع وأثره على دين المسلم

الإثنين،16صفر1436 الموافق8ديسمبر/كانون الأول2014 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
بقلم الدكتور صالح بن محمد آل طالب
الخطبـــــــــــــــــــــــــــــــــة الـــــــأولــــــــــــــــــــــــــــى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد ، فتقوى الله – تعالى – أعظم وصية ، وهي النجاة من كل كرب وبلية : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( 120) ﴾
وتأهبوا للعرض الأكبر على الله ﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾

عباد الله : حين تخبو جذوة الإيمان في القلوب ويطغى حب الدنيا على النفوس تضمحل التقوى ويتلاشى الورع وتبرز الأنانية ويظهر الطمع ويولع الناس بالدنيا فيتهافتون عليها ويتنافسون ، وبها يتمايزون ويتطايسون وعليها يوالون ويعادون ، وذلك حين ينسى الناس أو يتناسون أمر الحساب والوقوف بين يدي رب الأرباب تراهم في هذه الدنيا يركضون بغير عنان يعبون من حلالها وحرامها دون كيل ولا ميزان .. يتسابقون في لذائذ النفوس من غير حدود ولا حواجز ، ويتكالبون على حطام الدنيا تكالب من نسي الآخرة ، شعار أحدهم : الحلال ما حل في يدك والدنيا لمن غلب وخذ كل ما تستطيع أخذه .. لا يبالي من أتى الدنيا وبأي طريق وصلت لقمته وعلى أي حال كانت متعته وعلى أي محرم كانت شهوته .. لعبٌ ولهو وتكاثرٌ وتفاخر وتقليدٌ وزهو ، وحالٌ مشينٌ تنحط إلى دركه المجتمعات حين تغفل عن مراقبة الله وخشيته وتنشغل بجمع الدنيا وكسب المال ؛ فتفسد الديانة وتنحرف الأخلاق ويعوج السلوك والمصير الأخير﴿ إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (8) ﴾ .. ومن المخيف المفزع أن ترى بوادر ذلك السلوك ومظاهر هذا الانحراف .

أيها المسلمون : وفي دياجير هذه الظلمات وتلاطم طوفان المدلهمات ثمة مركب آمن يتهادى بين أمواج الفتن يحمي المؤمن ويوصله ويؤويه ويؤمنه ؛ إنه مركب الورع .. الورع والعفة والتقوى والخوف من الله صفاتٌ أصبحت غريبة في زمن التكاثر والتفاخر ومعان أضحت عزيزة في صراعات الحياة ..الخوف من الله سراجٌ وضيء في حنايا القلوب ومشعل نورٍ نتلمس به سلامة الدروس ، مَنْ مِنَ الناس اليوم يتوقف عند مشتبهات ويقول إني أخاف الله .. مَنْ مِنَ الناس مثل الصِّدِّيق جاءه غلامه بشيء فأكل منه فقال له الغلام : ( أتدري ما هذا ؟ قال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة .. إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني بذلك .. فهذا الذي أكلت منه ؛ فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه ) رواه البخاري – .. رضي الله عن الصديق .. لقد كانت فيه خصلة الأتقياء المذكورة في سورة : ﴿ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾ .

عباد الله .. الورع من أعلى مراتب الإيمان وأفضل درجات الإحسان يحقق للمؤمن هدأ البال وطمأنينة النفس وراحة الضمير .. الورع ترك ما يريبك ونفي ما يعيبك هو تجنب الشبهات ومراقبة الخطرات ، ولا يكون المرء ورِعًا حتى يجتنب الشبهات خشية الوقوع في المحرمات ويترك كل ما يخشى ضرره في الآخرة ..عن النعمان بن بشير – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُوْرٌ مُشْتَبِهَات لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاس،ِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرأَ لِدِيْنِهِ وعِرْضِه، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ. أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً . أَلا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وإذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهيَ القَلْبُ ” .. رواه البخاري ومسلم ، وهذا من جوامع الكلم .. فإن من اقترب من الحرام وحام حول الفتن قرب منه البلاء وبعدت عنه السلامة .. وربما زال عنه اللطف الإلهي ووكل إلى نفسه ؛ فمهما بلغ الإنسان من التحرز والعلم فلا ينبغي أن يغرر بنفسه ولا يفرط بالثقة فيما هو عليه .. فإن أبى إلا الحوم حول الحمى فليعلم أنه على شفا جرفٍ هارٍ يوشك أن ينهار به ، فمن أعظم ما يعين على السلامة البعد عن المثيرات ودواعي المعصية ونوازع الشر ومحركات الشهوة .

اقرأ أيضا  عبادات يسيرة بأجور كبيرة

أيها المؤمنون التوقي من المزالق والحذر من المحارم سجية المؤمنين وعنوان المتقين .. قال سفيان الثوري : ( عليك بالورع يخفف الله حسابك ، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، وأتبع الشك باليقين يسلم لك دينك ) ؛ لذا قال قتيبة : ( لولا الثوري لمات الورع ) .. قال الضحاك : ( أدركت الناس وهم يتعلمون الورع ، وهم اليوم يتعلمون الكلام والجدل ) ، وقال النخعي : ( إنما أهلك الناس فضول الكلام وفضول النظر ) .

وصدقوا والله .. فإن كثيرا من المخالفات أتت من هذه الأبواب ؛ فتأمل موقف الناس حيال قضايا في حياتهم في جانب تحصيل المال وحل المطعم والملبس والكلام في الأعراض وغير ذلك .. أين الورع في تحصيل المكاسب وأنت ترى الاحتيال والغش والغرر .. فضلا عن الربا .. والذي لم يعد شبهةً ولا غبارا ، بل جبال متراكمة من الربا المحض ، ولم يعد يرفع لإنكاره رأسًا مع أنه حربٌ لله ورسوله ومحقٌ للمال والحال .. هل فكرنا فيما نأكله من أطعمة مستوردة ولحوم مثلجة لا يدرى على أي جنب كان مصرعها مع توفر الحلال الطيب ؟ وفي الصحيحين : ” أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيْلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء،ِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ،وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك ” .نعم .. الحرام يمنع إجابة الدعاء ويبعد الإنسان عن الله ويطفئ البصيرة ويوجب الخذلان ..

أين الورع في أداء الأمانات .. أمانة العمل وأمانة أداء الحقوق ؟ أين الورع في الفتيا والقول على الله ؟ وأين الورع عند الحديث عن الأعراض والولوغ في لحوم المسلمين فريا ونهشا .. ناهيك عن الكذب وإلصاق التهم والتشهير وتشويه السمعة ؛ سيما مع وسائل الاتصال وسرعة نقل المعلومة ونشرها ؟ قال إسحاق: ( الورع في المنطق أشد منه في الذهب والفضة)..أين الورع في النظر ؟ وأين غض البصر في زمن الانفتاح الفضائي والتعري الأخلاقي ؟ وأين الورع في الكتاب والتأليف والرأي والفكر والخطب العابثة بكل ما تهواه النفس وإن تجرأ على حدود الله ومحارمه : ﴿ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) ﴾

أين الورع وأنت ترى الرجال يلبسون الذهب والحرير وهما محرمان على الذكور ؟ بل أين ورع النساء في الحشمة وفي ستر العورات في المحافل والمناسبات ، بل في الأسواق والأماكن العامة ؟

إن الحديث عن الورع مع انتشار هذه المظاهر لهو حديثٌ غريبٌ غربة الزمان ، والحال أننا بحاجة إلى تجنب الظواهر وما يفضي للكبائر مما لا جدال في تحريمه .. ولكن الوقوع في الشبهات هو الذي أوصل إلى المحرمات ، والتساهل في المكروهات هو الذي أقحم الناس في المحرمات ، والتفريط في المندوبات جرهم إلى ترك الواجبات .. لقد صدق النبي – صلى الله عليه وسلم – في كل كلمة قالها : ” وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ. ” .. لقد رتعوا حتى بشموا .

أيها المسلمون .. التقوى والورع والتعفف والتحرج حياةٌ في الضمير ونباهةٌ في القلب ونورٌ يجنبك الوقوع في الحرام .. لا تخادع نفسك حينما تقتحم الريب وتخوض في المشتبه ؛ فإن على الحق نورا ..قال الحسن بن علي – رضي الله عنهما – : ” حفظت من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ “رواه الترمذي والنسائي بسند صحيح .. الريبة واضحة فلا تحرج نفسك .. قال – صلى الله عليه وسلم – : ” وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسَ ” رواه مسلم . وماذا ينفعك الناس ما دمت تتوجس منه المأثم .. قال – صلى الله عليه وسلم – : ” وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ ، وَإِنْ أَفْتَاكَ عَنْهُ النَّاسُ “رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح .

اقرأ أيضا  من صفات المتقين: الخشوع في الصلاة (خطبة)

عباد الله .. إن أمامنا قبرًا ثم نشرًا ثم حشرًا ثم كتابًا لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها .. ثم المصير إلى جنةٍ أو نار ؛ فمن سافر بغير زادٍ قل أن يسلم ، ومن لم يتدبر عواقب الأمور فلا بد أن يندم ، ومن لم يكثر من محاسبة نفسه كثرت عليه الديون ، وعما قليل هو في القبر مرهون ، ومن سكنت الدنيا قلبه قلبته ومن استمرأ المخالفة وتهاون في الحدود خُتِم على قلبه حتى يصبح كالكوز مجخيا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه .

أيها المسلمون .. الخوف من الله والتوقي من محارمه والوقوف عند حدوده والبعد عن المشتبهات ليس نفلًا ، بل هو أمرٌ محتومٌ حتى يسلم للمسلم دينه ؛ فما للدنيا خلِقنا .. روي عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : ( إني لأحب أن بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرمها ) .. وصدق النبي – صلى الله عليه وسلم – حين قال : مَنْ يُخَالِطِ الرِّيبَةَ يُوشِكْ أَنْ يَجْسُرَ ” متفق عليه

لذا كان سد الذرائع بابًا عظيمًا من أبواب الفقه والديانة ؛ فهل يعقل ذلك الذين يهزأون بهذا المبدأ الشرعي حتى انتهك الذرائع ما وراء الذرائع .. فأين هم من صفات المؤمنين في سورة ( المؤمنون) : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) ﴾ قالت عائشة – رضي الله عنها – ” سألتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن هذه الآية :﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ : أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ : لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَلَّا يُقْبَلَ مِنْهُمْ..﴿ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ .. حديث صحيح رواه أحمد والترمذي وابن ماجة .

اللهم املأ قلوبنا بتقواك ، واجعلنا نخشاك كأنا نراك ، وبارك لنا في القرآن والسنة وانفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة .. أقول قولي هذا وأستغفر الله – تعالى – لي ولكم .

الخطبــــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــــــــــــــــــــة

الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين ، وأشهد ألا إلا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين .. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين.

أما بعد .. أيها المسلمون : إن من عرف ربه وقدره حق قدره وعظم حرماته وشعائره وصل به التعظيم إلى الحيطة والحذر من كل ما يكون مظنة غضب الرب – جل جلاله – في الحال أو في المآل والبعد عن كل ما يمكن أن يوصل إلى الحرام أو يجر إليه .. ورحلة الانحدار تبدأ بزلةٍ واحدة ، والحريص على آخرته يجعل بينه وبين الانزلاقات وقاية تستره وتحميه ، والمكروه عقبة بين العبد والحرام .. فمن أتى المكروه تطرق إلى الحرام ، ومن استكثر من المباح تطرق إلى المكروه .. وربما جره إلى الحرام ، وقد جمع النبي – صلى الله عليه وسلم – الورع في كلمة واحدة فقال : ” مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ “.. رواه مالك والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح .. فهذا يعم الترك لما لا يعني من الكلام والنظر والاستماع والحركة والفكر وسائر الحركات الظاهرة والباطنة ، وفي الترمذي مرفوعا : ” يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ” كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ ” لذا جاء : خير دينكم الورع .. وفي الوعد الصادق : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾

اقرأ أيضا  أفكار عملية في بر الوالدين

إن وصل القلب بالله في السر والخفاء الذي لا تطلع عليه العيون هو ميزان الحساسية في القلب البشري وعلامة الحياة في الضمير ، ومتى انعقدت الصلة بالله في القلب فهو مؤمنٌ صادقٌ موصول .. وإن استقرار هذه الحقيقة في النفس ينشئ لها إدراكا صحيحا للأمور ما يودعه من يقظةٍ وتقوى تناط بها الأمانة التي يحملها المؤمن في هذه الأرض أمانة التوحيد وأمانة العمل ، وذلك لا يتحقق إلا حين يستيقن القلب أنه هو وما يكمن فيه هو من خلق الذي يعلمه : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ .. عندئذ يتقي المؤمن النية المكنونة والهاجس الدفين كما يتقي الحركة المنظورة والصوت الجهير لأنه يدرك أن الله يعلم السر وأخفى : ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ .

هذا ، وصلوا وسلموا على خير البرية وأزكى البشرية رسول الله محمد بن عبد الله .. اللهم صلِّ وزد وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين .. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم انصر من نصر الدين واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين .

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ، ونفس كرب المكروبين ، وفك أسر المأسورين ، واشف برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين .

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ به للبر والتقوى ، اللهم أصلح بطانته ، اللهم وفقه ونائبه وإخوانهم وأعوانهم لما فيه صلاح العباد والبلاد .. اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في فلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين ، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في فلسطين وفي كل مكان يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام .

اللهم أصلح أحوال المسلمين ، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين ، وردهم إليك ردًّا جميلا .. اللهم آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار .. ربنا اغفرا لنا ولوالدينا ووالديهم ولجميع المسلمين .. ربنا ظلمنا أنفسها وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت .. أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا . اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا غيثًا هنيئًا مريئًا سحًّا غدقًا طبقًا مجلّلا عامًا نافعًا غير ضار تحي به البلاد وتسقي به العباد وتجعله بلاغا للحاضر والباد ، اللهم سقيا رحمة . اللهم سقيا رحمة ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق .

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

المصدر: المصدر: منبر الجمعـــــــــــــــــة من الحــــــــــــــرم المكـــــــــــي

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.