امرأة وطائرة وفكرة شجاعة

الإثنين 24 شوال 1436//10 أغسطس/آب 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
فهد عامر الأحمدي
تطور الطيران بسرعة مدهشة لدرجة أن أورفيل رايت (أول من حلق بطائرة ميكانيكية في ديسمبر1903) كان حياً يرزق حين أجرت ناسا تجارب الهبوط على سطح القمر.. وفي حين نجح مع شقيقه ويلبر رايت في الطيران لمسافة 36 متراً فقط حلقت طائرة إكس15 بسرعة تجاوزت سبعة أضعاف الصوت بعد 67 عاماً من محاولتهما الأولى…
مالا يعرفه معظمنا أنه خلال هذه الفترة (بين 1903 و 1970) ساهمت النساء في هذا التطور وحققن أرقاماً قياسية في عالم الطيران…
ففي بداية عهد الطيران تنافس المغامرون على تحقيق الأرقام القياسية وقطع المسافات الطويلة. ففي عام 1909 مثلاً نجح الفرنسي بليريو في قطع القناة الإنجليزية لأول مرة.. ثم قطع الشاب فاندنبرج المحيط الأطلسي وحيدا.. غير أن أطول مسافة وأول محاولة للدوران حول العالم أتت من النساء تحديداً..
فبخصوص (أطول مسافة) هناك البريطانية “إيما جنسون” التي كانت أول مهندسة طيران في العالم وقررت الطيران من لندن إلى استراليا كأول إنجاز في التاريخ..
وحتى موعد إقلاعها (في الخامس من مايو1930) لم يهتم بها أحد ولم تنشر عنها الصحف كلمة واحدة. وكانت فيينا أول محطة تهبط فيها بعد لندن، ثم طارت إلى اسطنبول وهناك أعطتها فتاة تركية صغيرة ورقة زرقاء وطلبت منها أن لا تفتحها إلا بعد إقلاعها. وأثناء رحلتها إلى حلب تذكرت الرسالة ففتحتها ووجدت فيها:
“لا تلقي بهذه الورقة في البحر.. فمن يرم ورقة زرقاء في البحر لا يغرق فيه أبداً” ..
ابتسمت أيمي ووضعت الورقة في جيبها فهي مثل معظم الطيارين تؤمن بالتكنولوجيا فقط.
وبعد إقلاعها من إندونيسيا تاهت طائرتها وأشيع أنها غرقت، إلا أنها فاجأت الجميع حين وصلت لوجهتها وهبطت في مطار داروين في استراليا..
وبانتهاء هذه المحطات تكون إيما قد أنهت رحلة قياسية وقطعت لأول مرة 12 ألف ميل في 19يوماً بطائرة عتيقة وبدون جهاز لاسلكي. وفي استراليا وضعت جائزة باسمها توزع حتى اليوم على أكثر الشبان شجاعة. وفي بريطانيا كالت لها الصحف المديح وعينتها الحكومة “الطيار الأول” في العالم!
وبعد تلك الرحلة حققت إيما أرقاماً قياسية عديدة من بينها رحلة من لندن إلى رأس الرجاء الصالح ذهاباً وإياباً بدون توقف.. ولكن المفاجأة حدثت عام 1940 حين تحطمت طائرتها في نهر التايمز. وبعد خمس سنوات من البحث أعلنت وزارة الحربية أن الفتاة التي عبرت الصحاري والمحيطات غرقت في نهر صغير.. وكان أحد المتطوعين قد وجد بين حطام الطائرة ورقة زرقاء بالية قال والدها إنها لم تغادر طائرتها منذ رحلتها لاستراليا!!
… أما بخصوص الدوران حول العالم فهناك الأميركية إميليا هارت التي طارت فوق المحيط الهادي وحطت في هاواي ثم اختفت طائرتها أثناء محاولتها تحقيق هذا الإنجاز.. وكانت أول مغامراتها الكبيرة قطع المحيط الأطلسي والهبوط في لندن في رحلة تكاد تكون مستحيلة في ذلك الوقت. ومن إنجازاتها الأخرى رحلات طويلة نحو أميركا اللاتينية، ثم قطعها المحيط الهادي – بعد عدة محاولات فاشلة – وزيارتها لدول عديدة في أقصى الشرق قبل أن تعود أدراجها إلى أميركا.
ولم تكتف إيميليا بهذه الإنجازات بل اتخذت فجأة قراراً ب(الطيران حول العالم). وبعد تجهيزات طويلة وحملة دعائية كبيرة (أدارها زوجها) غادرت الساحل الغربي لأميركا عام1937 وظلّ الجميع يتابع أخبارها حتى انقطع الاتصال بها بعد إقلاعها من جزر هاواي.. ومن يومها لم يعثر عليها أحد ولا يدري أحد أين اختفت أو ماذا حدث بالتحديد..
.. نقول هذا ومايزال البعض يصرّ على عدم ركوب المرأة للطائرة إلا بمحرم.. وهو تضييق لا يتفق مع الفسحة الواردة في الحديث الصحيح (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم)!!

اقرأ أيضا  تشجيع الآباء والأمهات بإندونيسيا لمناقشة الثقافة الجنسية مع المراهقين
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.