خصائص شهر رمضان الكريم

الأربعاء23 شعبان1436//10 يونيو/حزيران 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (( إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين)) متفق عليه[1].

يتلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: من خصائص هذا الشهر الكريم أنه إذا دخل فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب جهنم فلم يُفتح منها باب، وذلك علامة لدخول هذا الشهر الكريم يدركها أهل السماء، ويستشعرها أهل الأرض المؤمنون بخبر الصادق المصدوق، وفي هذا تعظيم لهذا الشهر، وإشعار بمكانته وحرمته، وفيه إيذان بكثرة الأعمال الصالحة فيه، وترغيب للعاملين بطاعة الله تعالى، وإشعار بقلة المعاصي من أهل الإيمان، ولهذا تكثر الطاعات في هذا الشهر وتقل المنكرات، ويقبل المؤمنون على ربهم وفي علم المؤمنين بذلك تحفيز لهم وتشجيع على فعل الطاعات وترك المنكرات ورفع لهممهم ودعوة لهم إلى تعظيم هذا الشهر الكريم كما عظمه الله تعالى بهذه الخصائص التي لا تكون في غيره.

الفائدة الثانية: أن الشياطين جميعا أو مردتهم يصفدون بالسلاسل والأغلال تعظيما لهذا الشهر الكريم، وليمتنعوا من إيذاء المؤمنين وإغوائهم، فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غير رمضان، ولا يصلون إلى ما يريدون من عباد الله من الإضلال عن الحق، والتثبيط عن الخير، وهذا من معونة الله لعباده المؤمنين أن حبس عنهم عدوهم الذي يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، ولذلك تجد عند الناس من الرغبة في الخير و العزوف عن الشر في هذا الشهر أكثر مما يكون في غيره من الشهور، وفي تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفع عذر المكلف كأنه يقال له: قد كفت عنك الشياطين فلا تعتل بهم في ترك الطاعة ولا فعل المعصية، فما بقى إلا هواك ونفسك الأمارة بالسوء فلتكن قويا عليها تكبح جماحها، وتأطرها على الحق أطرا، وليعلم المسلم أنه كلما حافظ على صيامه والتزم بآدابه كان تأثير الشياطين عليه أقل وبعدهم عنه أكبر، وإذا كان صيامه مجرد عادة، لم يحافظ عليه عما يجرحه، ولم يلتزم بآدابه كان تأثيرها عليه بحسب بعده عن الصيام الحقيقي.

اقرأ أيضا  واشنطن تدعو إلى حل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين

الفائدة الثالثة: شرع الله تعالى صيام شهر رمضان لتحقيق التقوى، وفي الحديث بيان لثلاثة أسباب من أسباب التقوى في رمضان، وهي: فتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النار، وتصفيد الشياطين، وللتقوى في رمضان أسباب أخرى منها:
• أن الصيام يذكر بالزهد في الدنيا، وذلك بما شرع الله فيه من الامتناع عن أعظم شهواتها، وهي شهوتا: البطن والفرج.

• أن الصيام يعود النفس على الامتناع عن المحبوبات والشهوات والعوائد طاعة لله تعالى وابتغاء لمرضعاته، وفي هذا تعويد لها على عموم الطاعات التي هي حقيقة التقوى.

• أن الصيام يضعف البدن، فيؤدي به ذلك إلى البعد عن فعل الشر وارتكاب المعاصي.

• أن الصيام في رمضان عبادة مشتركة لعموم المسلمين، فيحصل به التعاون على الخير والتنشيط على العبادة، فكل الناس يتعبدون معا ويستشعرون التقوى معا، كثير منهم لا يرضي التهاون والتكاسل في هذا الشهر ولا يرضى المعصية ولا جرح صومه، فتشعر أن الطاعة حاصلة من الجميع في البيت والشارع والمسجد مما يزيد الإيمان والتقوى.

اقرأ أيضا  أولمرت: هدف "عصابة" نتنياهو النهائي "تطهير" الضفة من الفلسطينيين

وفي اجتماع هذه الأسباب الكثيرة لا يكون للمسلم عذر في مجانبة التقوى وترك أسبابها، وهي لا تتهيأ له في غير هذا الشهر كما تهيأت فيه، فلا ينبغي أن يكون المسلم عاجزا عن تحصيل التقوى بعد أن هيأ الله أسبابها الكونية والشرعية، وفي إقبال أكتر الناس على الطاعة في هذا الشهر تحقيق لإعجاز تشريعي عظيم يتجلى لنا بتحقق التقوى في هذا الشهر لكثير من الناس مما لم يكن متحققا في غيره من الشهور.

________________________________________
[1] رواه البخاري في كتاب باب الخلق، باب صفة إبليس وجوده 3/ 1194(3103)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل وشهر رمضان 2/ 758 (1079).
-الألوكة-

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.