ماذا لو كان ضياء ويسر ورزان يهودا؟

الأحد،25ربيع الثاني1436//15 فبراير/شباط 2015وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
عاطف الجولاني
بدم بارد نفّذ المجرم الإرهابي ستيفن هيكس جريمته بحق ضياء ويسر ورزان في نورث كارولينا. وللتهوين من شأن المجزرة البشعة، واستخفافا بالعقول، برّرت الشرطة الأمريكية الجريمة وزعمت أنها وقعت بسبب خلاف على مكان وقوف السيارات.
هيكس لم يقتل الشبان العرب الثلاثة أثناء شجار، بل نفّذ جريمته عن سبق إصرار وترصد وتخطيط، حيث اقتحم شقتهم وأطلق النار على رؤوسهم، وتؤكد المعلومات أنه نفذ مجزرته البشعة بدوافع دينية.
الجريمة مرت بهدوء، لم يستنفر أحد إقليميا أو دوليا، ولم تتحدث وسائل الإعلام عن تشّدد أو تطرّف أو دوافع إرهابية، على الرغم من أن هيكس نشر في حسابه على الفيسبوك عبارة «ملحدون من أجل المساواة»، كما أنه اعتاد بصورة مستمرة نشر اقتباسات تهاجم الدين.
لكن حين قام شاب قبل شهر بطعن ثلاثة جنود فرنسيين أمام معبد يهودي في مدينة نيس الفرنسية، تحوّل الخبر إلى مادة رئيسية دسمة لوسائل الإعلام العالمية، واستحضرت كل أوصاف الإرهاب والتطرّف والتشدّد في وصف الجريمة التي أسفرت عن جرح الجنود الثلاثة.
التجاهل الإعلامي للهجوم الإرهابي على ضياء ويسر ورزان مقصود وليس عفويا، واستبعاد الدوافع الدينية والإرهابية مقصود كذلك، لكون الضحايا عربا ومسلمين، ما يطرح التساؤل: ماذا لو كان الشبان الثلاثة يهودا، هل كان الإعلام سيتجاهل الجريمة، أم كان سيكتفي بالحديث عن دوافع جنائية ؟
سيتحدثون عن اضطرابات واختلالات نفسية يعاني منها القاتل هيكس لتسويغ جريمته وتخفيف العقوبة عنه، وأقصى ما يمكن أن يصدر عن الجهات الرسمية والإعلامية الأمريكية في وصف المذبحة التي عبّرت عن ساديّة مقيتة، الحديث عن دوافع متعلقة بالكراهية وقفت وراء الجريمة، ولن نسمع حديثا عن علاقة ما جرى بدين أو معتقدات متطرّفة.
التمييز والانحياز في معاملة العرب والمسلمين، والاستهانة بأرواحهم ودمائهم دون الآخرين، يوفّر حاضنة خصبة للفكر المتشدد وللأجندات المتطرفة التي تعزف على وتر التمييز والازدراء الذي يمارس بحق المسلمين.
الانتقائية وازدواجية المعايير مرفوضة وضارة، والإرهاب والتطرف ينبغي أن يرفض ويدان بغض النظر عن الجهة التي يصدر عنها أو الدافع الذي يقف وراءه، فهو حقا لا دين له ولا هوية، وهو ليس حكرا على أحد.. فثمة إرهاب وتطرف ديني، وآخر طائفي، وثالث عرقي، ورابع علماني، ومن الظلم وصم دين أو مجتمع بذاته بالتهمة وتبرئة آخرين منها.
مسؤوليتنا في الأردن تجاه الجريمة مضاعفة، فاثنان من ضحايا الهجوم الإرهابي في نورث كارولينا أردنيان. وإذا كان تنظيم مسيرة لإنكار الجريمة البشعة على غرار ما جرى في شارل إيبدو غير متيسر، فلا أقلّ من إدانة رسمية شديدة اللهجة للهجوم الإرهابي.
-السبيل-

اقرأ أيضا  جريمة الجرافيتي
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.