من لطائف القرآن
الجمعة 28 شوال 1436//14 أغسطس/آب 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
جواهر بنت صويلح المطرفي
من لطائف القرآن
الحمد لله حمدًا كثيرًا كما أجزل بالعطاء وأنعم، الحمد لله حمدًا كما علَّمنا ما لم نكن نعلَم، حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وأزواجه الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد جمعتُ – بفضل الله – باقةً طيِّبةً من لطائف القرآن التي وقفتُ عليها بنفسي، واستمتعْتُ باستخلاصها، وأردتُ أن أنشرها هنا لإخوتي؛ لينعَمَ الجميعُ بها، سائلةً المولى – عز وجل – أن يجعل ما كتبتُ مِن العلم النافع الذي يَنتفع به صاحبه، وأن يتقبله مِنِّي بقَبول حسن، ويكون خالصًا لوجهه الكريم، اللهم آمين.
إحدى وثلاثون لطيفة من لطائف القرآن:
1- ﴿ َيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي ﴾[هود: 89]:
الداعية الصادق يُخرج مِن دعوته كلَّ ما يتعلق بحظوظ نفسه ومطالبها.
2- ﴿ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ﴾ [الأعراف: 155]:
السنن الإلهية لا تُحابي مخلوقًا؛ فكثرة الخَبث تُهلك الصالحين، وهذا الكليم – عليه السلام – يَعتذر لربه عن بعض ما صدر من سفهاء قومه.
3- ﴿ قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [النمل: 27]:
التأني في الحكم على الأمور مِن منهج الأنبياء، ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90].
4- ﴿ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ﴾ [طه: 25، 26]:
عندما تدعو بهذا الدعاء تذكَّر أن للتيسير شروطًا وردَت في قوله -تعالى-: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 – 7].
• ابحث عن التقوى تجد اليسْر؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].
• حتى الناس تُيسِّر على المتقين؛ قال -تعالى- على لسان ذي القرنين: ﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ [الكهف: 88].
5- ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]:
البعض يتحرَّج أن يُنكِر على شخص يرى فيه علامات الصلاح، وهذا خطأ جسيم قلَّما نُدركه، ولم يَغفُل عنه الكليمُ موسى – عليه السلام – فصاح بالخضر قائلاً: ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾[الكهف: 74].
6- ﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾ [الكهف: 74]:
الإنكار يأتي على حسب الفعل المُرتكَب، ومنهج الكليم – عليه السلام – كان: ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]، منهج رائع يَستحِقُّ أن نتبعه.
7- ﴿ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214]:
يُحرِّج علينا البعض أن نتساءل: “متى نصْر الله؟”، ولسْنا بأفضل مِن الرسول – عليه الصلاة والسلام – وصحابته الكرام، ولعلَّ مقام السؤال هنا يُعجِّل بالفرج مِن الكبير المتعال.
8- ﴿ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴾ [غافر: 27]:
عندما تُبتلى بطاغية تَعجِز عن مجابهته، فعليك بالاستعاذة؛ فإنها نجاة لصاحبها مِن شياطين الإنس والجنِّ.
9- ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6].
• عندما تقرأ هذه الآية تذكَّر أن الصراط المستقيم هو ﴿ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 53].
• وأنه وصية ربك حين قال: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153].
• والداعي للصراط هو محمد -صلى الله عليه وسلم- ﴿ وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المؤمنون: 73].
• والعدو المتربِّص بك على الصراط هو إبليس؛ ﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16].
10- ﴿ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ ﴾ [النساء: 143]:
هناك مَن يَجهل الطريق كأصحاب الأعراف تمامًا، استوى عندهم الصالح بالطالح، يقفون حيارى بلا هُوية!
11- ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]:
المتخوِّفون صاحوا بموسى قائلين: ﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾، فردَّ الكليم – عليه السلام – بكلِّ ثِقة ويقين: ﴿ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ. ﴾.
12- ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾ [البقرة: 177]:
كلمات أتَت لتدلَّ على عظيم الكرب وشدَّة الخطْب، وأشدُّ ما تحقق الصبر حين تبلغ المصيبة منك كل مبلغ.
13- ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ﴾ [العنكبوت: 40]:
لا تُحمِّل شخصًا خطأ غيره، وتذكَّر أن الله قال: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ﴾ يا لإنصاف القرآن!
14- ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ [الأنعام: 54]:
رحمة الله تُفتح لكل عاصٍ ومذنب ومفرِّط، أبواب شتى قد يغلقها الملوك ولا يغلقها ملك الملوك.
15- ﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ ﴾ [النمل: 36]:
المُداهنات لا تُغري الداعية الصادق مهما زيَّن لها الآخَرون، فهو مُترقِّب لأن يكون من ﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴾ [يس: 55].
16- ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8]:
البغْض قد يَحمل الشخص على الظلم، والعدل صفة ربانية تجعلنا نُنصِف حتى الخصوم.
17- ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة: 28]:
أفضل مكافأة لمَن عصى الله فيك هو أن تُطيع الله فيه.
18- ﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ ﴾ [الأنفال: 23]:
ليس سماع الأذُن كسماع القلب، شتان ما بين الاثنين شتّان ﴿ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ ﴾ [الرحمن: 20].
19- ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ﴾ [آل عمران: 152]:
لا يجتمع حبُّ الدنيا والآخِرة في قلب مؤمن، واعلم أن الله يُعطي الشخص ما يريده، حتى وإن كان مُراد الشخص ليس كما يريده؛ ﴿ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾ [آل عمران: 145].
20- ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾[فصلت: 33]:
اشتملَتِ الآية على ثلاثة أمور، أهمُّ ما يحتاجها الداعية الموفَّق، وهي:
• الدعوة إلى الله.
• العمل الصالح.
• الاعتزاز بالدين.
قلْ واصدع بأعلى صوتك: ﴿ إِنَّنَي مِنَ المُسْلِمِيْنَ ﴾، اعتزَّ بدينك خصوصًا أمام مَن يُخالِفك؛ لتُشعره أنك على الحق المبين، وقل: ﴿ إِنَّنَي مِنَ المُسْلِمِيْنَ﴾.
ونحن اليوم لا نَفتقِد المسلمين؛ هم كَثرة، لكن نَفتقِد مَن همْ بالدِّين مُعتزُّون.
21- ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ﴾ [الزخرف: 54]:
هناك فئة – نسأل الله السلامة – تموج مثل البحر، لا تستقر على حال، كلما حدث أمر أو نزلت نازلة، تراهم أول الناكصين على أعقابهم، فئة تعيش راضية باستخفاف الناس بها مثل فرعون تمامًا؛ ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ﴾، فإياك أن تركن لمثل هؤلاء؛ فإن الاستخفاف لا يكون إلا للأشخاص الضِّعاف.
22- ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ﴾ [الحديد: 27]:
يتورَّع في أمر مشروع؛ ظنًّا منه أنه على الدِّين القويم، وتالله إن هذا لهو الضلال الذي أضلَّ به الشيطان العباد.
23- ﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾ [الكهف: 14]:
يحتاج قلبك إلى أن تقوم بثورةٍ ضدَّه؛ كي يَربط اللهُ عليك برباط الإيمان، وتأمَّل أصحاب الكهف ﴿ قَامُوا فَقَالُوا ﴾، سرعة في العمل وفي القول؛ ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ [الأنبياء: 90].
24- ﴿ قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى ﴾ [طه: 51]:
إياك ثم إياك – يا أُخيَّ – أن تقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه فرعون حين سأل موسى، وتذكَّر منهج: ﴿ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ [المائدة: 101].
25- ﴿ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ * قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ ﴾ [يوسف: 94، 95]:
احذر قُطَّاع الطرق الذين يَتسلَّلون إلى قلبك لِواذًا، ويقفون حجر عثرة أمام الثِّقة والأمل بالله، احذرهم!
26- ﴿ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ ﴾ [المائدة: 85]:
حقيقة، وخذْها مِن نبيِّك نصيحةً: ((لا تَحقرنَّ مِن المعروف شيئًا))، بكلمة قد تَنال جنات، ورضوانٌ مِن الله أكبر، فهل مِن مُشمِّر؟
27- ﴿ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ﴾ [يوسف: 20]:
لا تحزن إن زَهَد فيك البعض؛ قد يَزهَد الناس في شخص، وهو عند الله غالٍ، وهذا يوسفُ الكريم باعه إخوته {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ}.
28- ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110]:
اعلم – يا رعاك الله – أنَّ تَقليب القلوب أعظم الخطوب، وكل مصيبة دونها تَهون! وإن سمعت هذا الخطاب، فافزع إلى ربك بدعوة نبيِّك – عليه الصلاة والسلام -: ((اللهم يا مُقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك)).
29 – ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾ [طه: 131]:
أن تمدَّ عينَيك إلى ما ليس لك بالكاد شيء مؤلم، وأن تمدَّ يدَك أشدُّ إيلامًا! ولا تمتد اليد إلا إذا سبقها امتداد العين، قسْ على ذلك السارق، ألا ترى أن مَن يَسرِق لا يمدُّ يده إلا عندما تمتد عينه لما يريد سرقته؟ فهو يَسرق بامتداد العين وتطلُّعها لما ليس لها وليس مِن حقِّها!
30 – ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴾ [الواقعة: 10]:
أرَضيتِ يا نفْسُ بالدون، وقد سبقك الركبُ مِن قرون، وصاح المنادي ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ [الواقعة: 10، 11]؟!
31 – ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾} [ص: 82، 83]:
حماقة إبليس قادتْه إلى قول: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾، ثم استدرك قائلاً: ﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾، أوَليس مِن الحماقة أن يعلم بأنه ليس له سلطان على مَن هداهم الله ويَعترف بذلك؟!
الألوكة