هل حان الوقت لمصارحة الغرب بثمار سياساته؟

الإثنين 3 صفر 1437//16 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. فايز بن عبدالله الشهري
لا تبرير للإرهاب ولا دين يعصم الإرهابي من حساب الله. والإرهابي –أيّاً كانت حجته-كائن مارق عن قيم الإنسانيّة باختياره الغدر والخيانة لغة مع البشر وهو يحاورهم (تفجيراً وتدميراً). وحتى يمكن تفكيك بعض مكونات الظاهرة الإرهابيّة المعاصرة التي وصمت عالمنا الإسلامي بصورتها الكئيبة لا بد أولاً من بحث جذور النشأة والتحفيز والامتداد.
يكشف التاريخ المعاصر -ما بعد الحرب الغربيّة الثانية- أن تقسيم العالم إلى معسكرين متصارعين كان المحفّز الأول لتشكيل جماعات العنف والإرهاب على مستوى العالم. وكان النصيب الأعظم من هذه الجماعات يُحسب على اليسار الأممي القريب من “المعسكر الشرقي” مثل: الألوية الحمراء (إيطاليا) والجيش الأحمر (اليابان) ومنظمة العمل المباشر (فرنسا)ومنظمة بادر ماينهوف (ألمانيا) ومنظمة “إيتا” الانفصاليّة (الوطن والحريّة) والباسك (إسبانيا) والجيش الجمهوري (ايرلندا).
وقد نالت أميركا الجنوبيّة والشماليّة حظها من هذه التشكيلات العصابيّة التي اتخذت الإرهاب وسيلة وهدفاً. وأشهر تلك الجماعات منظمة الدرب الساطع (البيرو) وتنظيم جيش التحرير الوطني (كولومبيا) وهناك جماعات أخرى تناثرت بين الدول الآسيويّة مثل باكستان والهند وإندونيسيا وغيرها على إثر فرض الاستعمار الأوربي على هذه الشعوب أنظمة وحدوداً لم ترضَ عنها كل الفئات فقررت التمرّد والمقاومة.
أما في دول العالم الإسلامي والعربي من حولنا فلم تظهر تنظيمات العنف والتطرّف بشكل قوي إلا تبعاً للأحداث الكبرى والإرادات المفروضة على المنطقة العربيّة والإسلاميّة من خارجها.
بعض هذه الضغوط الدوليّة وفرض الواقع أربك الدولة العربيّة الحديثة وهي تحاول أن توازن بين المغامرة بوجودها وبين ما تراه ظلماً خاصة بعد استباحة أرض فلسطين واقتطاع أجزاء من مصر وسورية والأردن لمصلحة القاعدة الغربيّة المتقدمة “إسرائيل”. ولذلك فإن لغة العنف المسلح والمقاومة العنيفة حين ظهرت في العالم العربي كانت تبعاً لمؤثرات هذه القوى الغربيّة والشرقيّة على المنطقة ومجتمعاتها.
وفي مرحلة لاحقة كان الدعم الغربي “للخميني” وأنصاره أواخر السبعينيات ذا تأثير مباشر في انتشار موجة جديدة من العنف الطائفي الذي لم يُعرف سابقاً تحت مسمى تصدير الثورة بشعاراته الطائفيّة الصاخبة التي ظلّت ترددها الجموع المسلوبة خلف كل ذي عمامة فارسيّة.
وفي الثمانينات الأخيرة كان احتلال روسيا لأفغانستان محفزاً (معنوياً) قوياً لإنشاء الكثير من التشكيلات التي ظهرت وقتها “مستأنسة” تحت العين الأميركيّة ثم ارتدت فيما بعد سلاحاً عنيفاً في وجوه الحلفاء القدامى كما حصل من “القاعدة” وما اتصل بها من جماعات.
ثم كان الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 وإشهار شعار “الفوضى الخلاقة” كافياً لنشوء العديد من الجماعات المقاومة فظهرت “قاعدة” العراق وعشرات التنظيمات في مدن العراق.
وقد توّج رفض الوجود الأميركي في العراق بتوحيد العنف باسم المقاومة في تنظيم “دولة العراق” فكانت بذرة “داعش” اليوم التي تحارب المسلمين وغير المسلمين حتى وصلت نيرانها إلى قلب أوروبا.
واليوم على مساحة العراق والشام تتقاتل أكثر من 80 فرقة طائفيّة على رأس فتنتها “حزب الله” الذي ما شبع من القتل والخراب، وتنظيم “داعش” الذي لم يرو بعد من دماء المسلمين والأبرياء.
هذه هي نتائج سياسة “الفوضى الخلاقة” التي استهدفت هزّ المكون الاجتماعي العربي بحرب الطوائف وتفكيك مؤسسات الدولة العربيّة وإدخال الشعوب العربيّة في مواجهة دامية مع وجودها ومستقبلها.
مسارات
قال ومضى:
لا تؤلم “الحقيقة” إلا المنتفع من إخفائها.

اقرأ أيضا  السعودية تستضيف أول اجتماع للتحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب مارس المقبل

لمراسلة الكاتب: [email protected]

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.