الترغيب في حفظ القرآن الكريم والعمل به

السبت 17 جمادى الثانية الموافق 27 أبريل 2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

 

بقلم الشيخ علي الجالق

          

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي أنزل القرآن وشرفنا بحفظه وتلاوته، وتعبدنا بتدبره ودراسته وجعل ذلك من أعظم عبادته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، دلت على وجوده المصنوعات، وشهدت بجماله وكماله وجلاله وعظمته الآيات البينات، وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله القائل فيما يرويه عن رب العالمين (من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين )،صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين حازوا الدرجة العليا في حفظ القرآن والعمل بشروطه وآدابه،وأتم الرضا وأكمله على من تحقق بأخلاق القرآن بوراثته للنبي العدنان سيدي العارف بالله محمد بن أحمد النبهان رضي الله عنه.

وبعد:

إن الذي يطلع على سير الأعلام البارزة في تاريخنا الإسلامي الشامخ لتواجهه خلال مطالعته أسماء لامعة فينجذب إلى قراءة سيرتهم وتنسم أخبارهم وربما يعيد ويكررها في المجالس ولكن هل يكفي هذا الإعجاب؟

وهل يكتفي الإنسان العاقل بالنظر إلى تلك القمم الإنسانية ولا يتساءل كيف وصل هؤلاء إلى هذه المعالي وحفظ لهم التاريخ خيوط النور التي نسجوا منها ثياب العزة والسبق ؟

إن من يتأمل في سيرة أي عظيم منهم يجد أن انطلاقة النور في حياته كانت من القرآن الكريم وحفظه وهذا ما يجعلنا نزداد قناعة بأن أول خطوة في بناء الشخصية العلمية الإيمانية الصحيحة إنما تبدأ من القرآن الكريم حفظاً وفهماً ووعياً كيف لا وقد اصطفى الله حملة كتابه حفظا لكتابه من التحريف والتغيير (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت/42] فلقد هيأ الله من اصطفاه من عباده لحفظ كتابه من الصحابة رضي الله عنهم ثم من التابعين وهكذا في كل زمن وفي كل قطر (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر/32]ألا فليهنأ حملة القرآن الكريم بهذه الخاصية التي أكرمهم الله بها وعليهم أن يعلموا عظم هذه الأمانة التي حملوها وأن يكونوا على مستوى المسؤولية قال تعالى (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [العنكبوت/49]  لله ما أروع هذه الآية التي تبين عظيم شأن صدر وعى كلام الله وتصف أصحابها بأنهم هم الذين أوتوا العلم وهل بعد كتاب الله من علم ؟

والأعجب من هذا أن بعض هذه الصدور أعجمية لا تنطق العربية ولكن ألسنتهم بالقرآن فصيحة كما شوهد كثير منهم .

إن الطريق الأول للعلم كله هو تعلم القرآن الكريم فلم يكن أحد من السلف يقدم على القرآن شيئا ولا يرضون لطالب العلم أن يشرع في طلب العلوم والحديث إلا بعد أن يحفظ القرآن،عن الوليد يعني ابن مسلم قال: (كنّا إذا جالسنا الأوزاعي فرأى فينا حدثاً قال يا غلام هل قرأت القرآن؟ فإن قال نعم قال اقرأ يوصيكم الله في أولادكم وإن قال لا قال اذهب تعلم القرآن قبل أن تطلب العلم) الجامع لأخلاق الراوي ج 1 / ص 108

حكم تعلم القرآن الكريم

اعلم أن حفظ القرآن فرض كفاية على الأمة، صرح به الجرجاني في الشافي والعبادي وغيرهما.

قال الجويني: والمعنى فيه أن لا ينقطع عدد التواتر فيه فلا يتطرق إليه التبديل والتحريف، فإن قام بذلك قوم يبلغون هذا العدد سقط عن الباقين، وإلا أثم الكل. وتعليمه أيضاً فرض كفاية، وهو أفضل القرب، ففي الصحيح ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وقد خص الله تعالى هذه الأمة في كتابهم هذا المنزل على نبيهم صلى الله عليه وسلم بما لم يكن لأمة من الأمم في كتبها المنزلة فإنه تعالى تكفل بحفظه دون سائر الكتب ولم يكل حفظه إلينا قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وذلك إعظام لأعظم معجزات النبي صلى الله عليه وسلم،لأنّ الله تعالى تحدى بسورة منه أفصح العرب لساناً وأعظمهم عناداً وعتواً وإنكاراً فلم يقدروا على أن يأتوا بآية مثله ثم لم يزل يتلى آناء الليل والنهار من ألف وأربعمئة سنة مع كثرة الملحدين وأعداء الدين ولم يستطع أحد منهم معارضة شيء منه، وأي دلالة أعظم على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم من هذا؟

وأيضاً فإنّ علماء هذه الأمة لم تزل من الصدر الأول وإلى آخر وقت يستنبطون منه من الأدلة والحجج والبراهين والحكم وغيرها ما لم يطلع عليه متقدم ولا ينحصر لمتأخر بل هو البحر العظيم الذي لا قرار له ينتهي إليه، ولا غاية لآخره يوقف عليه،ومن ثمّ لم تحتج هذه الأمة إلى نبي بعد نبيها صلى الله عليه وسلم كما كانت الأمم قبل ذلك فإنه لم يخل زمان من أزمنتهم عن أنبياء يحكمون أحكام كتابهم ويهدونهم إلى ما ينفعهم في عاجلهم ومآبهم قال تعالى:(إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله) فوكل حفظ التوراة إليهم فلهذا دخلها بعد أنبيائهم التحريف والتبديل.

 

قال في الإتقان في علوم القرآن – (ج 1 / ص 118):

 

وتعليمه أيضاً فرض كفاية، وهو أفضل القرب، ففي الصحيح خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وأوجه التحمل عند أهل الحديث السماع من لفظ الشيخ والقراءة عليه والسماع عليه بقراءة غيره والمناولة والإجازة والمكاتبة والعرضية والإعلام والوجادة.

فأما غير الأولَين فلا يأتي هنا لما يعلم مما سنذكره.

وأما القراءة على الشيخ فهي المستعملة سلفاً وخلفاً،وأما السماع من لفظ الشيخ فيحتمل أن يقال به هنا،  لأن الصحابة رضي الله عنهم إنما أخذوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لم يأخذ به أحد من القراء والمنع ظاهر لأن المقصود هنا كيفية الأداء، وليس كل من سمع لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته، بخلاف الحديث فإن المقصود فيه المعنى أو اللفظ لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه نزل بلغتهم، ومما يدل للقراءة على الشيخ عرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل في رمضان كل عام.

ويحكى أن الشيخ شمس الدين بن الجزري لما قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع، فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة، فلم يكتف بقراءته.

 

وتجوز القراءة على الشيخ ولو كان غيره يقرأ عليه في تلك الحالة إذا كان بحيث لا يخفى عليه حالهم، وقد كان الشيخ علم الدين السخاوي يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ويرد على كل منهم، وكذا لو كان الشيخ مشتغلاً بشغل آخر كنسخ ومطالعة.

 

وأما القراءة من الحفظ فالظاهر أنها ليست بشرط بل يكتفى ولو من المصحف.

 

نعمة الله على هذه الأمة بخاصية حفظه في الصدور

 

ولما تكفل تعالى بحفظه خص به من شاء من بريته وأورثه من اصطفاه من خليقته قال تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) وقال صلى الله عليه وسلم (إن لله أهلين من الناس، قيل من هم يا رسول الله؟ قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) رواه ابن ماجه

(بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ)  [العنكبوت/49]

إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ ربي قال لي قم من قريش فانذرهم فقلت له رب إذاً يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزة فقال مبتليك ومبتلى بك ومنزل عليك كتاباً لا يغسله الماء تقرؤه نائماً ويقظان فابعث جنداً أبعث مثلهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك)  فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤونه في كل حال كما جاء في صفة أمته “أناجيلهم في صدورهم” وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه في الكتب ولا يقرؤونه كله إلا نظراً لا عن ظهر قلب ولما خص الله تعالى بحفظه من شاء من أهله أقام له أئمة ثقات تجردوا لتصحيحه وبذلوا أنفسهم في إتقانه وتلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم حرفاً حرفاً ،لم يهملوا منه حركة ولا سكوناً ولا إثباتاً ولا حذفاً ولا دخل عليهم في شيء منه شك ولا وهمٌ، وكان منهم من حفظه كلّه ومنهم من حفظ أكثره ومنهم من حفظ بعضه كل ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وقد ذكر الإمام أبو عبيد القاسم بن سلامه في أول كتابه في القراءات من نُقل عنهم شيءٌ من وجوه القراءة من الصحابة وغيرهم،فذكر من الصحابة: أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليا، وطلحة، وسعداً، وابن مسعود، وحذيفة، وسالماً، وأبا هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وعمرو بن العاص، وابنه عبد الله، ومعاوية، وابن الزبير، وعبد الله بن السائب، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة…وهؤلاء كلهم من المهاجرين وذكر من الأنصار أبي بن كعب، ومعاذ ابن جبل، وأبا الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبا زيد، ومجمع بن جارية، وأنس ابن مالك رضي الله عنهم أجمعين .

بل إنك لا تكاد تجد أحداً من الأئمة إلا وله اجتهادٌ ملحوظٌ في حفظ القرآن منذ الصغر كالإمام الشافعي وأبي حنيفة ومالك وغيرهم لا يحصون.

وخير دليل على كثرة الحفاظ في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه قُتل منهم في بئر معونة المعروفة بـ “سرية القراء” سبعون رجلا ، كما قتل منهم يوم اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه سبعون قارئا .

كما نلحظ فزع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه لما علم بكثرة القتلى من القراء ، وخشي أن يشتد في مواقع أخرى ويكثر القتلى منهم فيذهب كثير من القرآن ، ودار حوار بينهما حول كيفية العمل، ثمّ استدعى الخليفة أبو بكر الصديق زيد بن ثابت رضي الله عنه وأمره بجمع القرآن الكريم فدلَّ ذلك على مدى اهتمامهم بالقرآن الكريم حيث جعلوه من أولويات عملهم ، بعد أن تناقش الجميع في الأمر وانتهوا إلى ما انتهوا إليه .

 

فضل حفظ القرآن الكريم وكرامة حملته عند الله

اقرأ أيضا  تفسير سورة الغاشية عدد آياتها 26 وهي مكية

 

– عن سيدنا علي رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: (لا حسد الا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار فسمعه جار له فقال ليتنى أوتيت ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتنى أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل . أخرجه الشيخان

– عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذى يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ). أخرجه الشيخان وغيرهما

– عن سيدنا شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام : ( ما من مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة من كتاب الله تعالى إلا وكل الله به ملكا يحفظه فلا يقربه شئ يؤذيه حتى يهب متى هب ). أخرجه أحمد والترمذي

– عن سيدنا معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام : ( من قرأ ألف آية فى سبيل الله كتب يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا) أخرجه: أحمد ، والطبرانى ، وابن السنى ، والحاكم ، والبيهقى

– وعن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه). أخرجه البخاري

– وعن سيدنا أنس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته). أخرجه النسائي وغيره

– وعن سيدنا أنس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حملة القرآن عرفاء اهل الجنة) أخرجه الطبراني

– وعن سيدنا أنس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ القرآن يقوم به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه حرم الله لحمه ودمه على النار وجعله مع السفرة الكرام البررة حتى إذا كان يوم القيمة كان القرآن حجة له) أخرجه الطبراني

– وعن سيدنا أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اقرؤوا القرآن فانه يأتي يوم القيمة شفيعا لأصحابه ) أخرجه مسلم

– وعن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد)  أخرجه الحاكم

– وعن سيدنا علي رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : (حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل الا ظله ) أخرجه الديلى

– وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يجئ صاحب القرآن يوم القيمة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده يا رب ارض عنه فيرضى عنه ويقال له اقرأ وارق ويزاد له بكل آية حسنة )

– عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 البيت الذى يقرأ فيه القرآن يتراءى لاهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض ) . أخرجه البيهقى وغيره

– وعن سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : (عليكم بالشفاء ين العسل والقرآن)أخرجه ابن ماجه

(واخرج) أيضا عن سيدنا علي رضي الله عنه قال : (خير الدواء القرآن)

– وعن سيدنا واثلة بن الأسقع رضي الله عنه:( أن رجلاً شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجع حلقه قال عليك بقراءة القرآن ) أخرجه البيهقى في الشعب

– عن زاذان أبي عمر ، قال : قال سمعت أبا سعيد ، وأبا هريرة ، يقولان : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر ولا ينالهم الحساب هم على كثيب من مسك حتى يفرغ من حساب الخلائق رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأمَّ به قومًا وهم يرضون به وداع يدعو إلى الصلوات الخمس ابتغاء وجه الله وعبد أحسن فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين مواليه  ).

أخرجه الترمذى (4/355 ، رقم 1986) والطبرانى فى الأوسط (9/113 ، رقم 9280) وأخرجه أيضًا : الطبرانى فى الصغير (2/252 ، رقم 1116) . قال المنذرى (2/229) : رواه الطبرانى فى الأوسط والصغير بإسناد لا بأس به ، ورواه فى الكبير بنحوه . وقال الهيثمى (1/328) : رواه الترمذى باختصار وقد رواه الطبرانى فى الأوسط والصغير وفيه عبد الصمد بن عبد العزيز المقرى ذكره ابن حبان فى الثقات .

– عن سيدنا أنس بن مالك أن سيدنا أبا موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( مثل الذى يقرأ القرآن كمثل الاترجة طعمها طيب وريحها طيب والذى لا يقرأ القرآن كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذى يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها طيب مر ومثل الفاجر الذى لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها) أخرجه الشيخان

– وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا تنزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) أخرجه مسلم

– عَن ْسيدنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلك عند آخر آية نقرؤها). رواه البيهقي في شعب الايمان وغيره

– عن سيدنا عبد الله بن بريدة ، عن أبيه رضي الله عنهما ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال 🙁 يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه هل تعرفني أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظمىء هواجرك وإن كل تاجر من وراء تجارته وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتان لا يقوم لهما الدنيا وما فيها فيقولان يا رب أنى لنا هذا فيقال لهما بتعليم ولدكما القرآن وإن صاحب القرآن يقال له يوم القيامة أقرأ وأرق في الدرجات ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية معك ). أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط – (ج 6 / ص 51)

– وقد قال أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه: اقروا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف، فإن الله لا يعذب بالنار قلبا وعى القرآن، وأحرى لمن تنبه على تعظيم حرمات الله في نص التنزيل من الشعائر والمشاعر والمناسك والمسعى والمواقف – أن يتنبه لحرمة ما هو أعظم حرمة عند الله سبحانه منهن وهو المؤمن، ثم لحرمة من اتخذه الله من بين المؤمنين أهلين من جملتهم وهم حملة كتابه

– وعن سيدنا أبي سعيد رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من شغله القرآن عن ذكري أو مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين أخرجه الترمذي ) وقال حسن غريب ورواه ابن شاهين

– وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين ) رواه مسلم

– وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبع يجرى للعبد أجرهن بعد موته وهو فى قبره من علم علمًا أو أجرى نهرًا أو حفر بئرًا أو غرس نخلاً أو بنى مسجدًا أو ورث مصحفًا أو ترك ولدًا صالحًا يستغفر له بعد موته ) رواه ابن أبى داود فى المصاحف ، وسمويه ، وأبو نعيم فى الحلية ، والبيهقى فى شعب الإيمان

أخرجه أبو نعيم فى الحلية (2/344) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (3/248 ، رقم 3449) ، وأخرجه أيضًا : الديلمى (2/330 ، رقم 3492) ..

– وعن سيدنا عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فضل كلام الله عز وجل على سائر الكلام كفضل الله على غيره). أخره ابن النجار

– وعن سيدنا علي والسيدة عائشة رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( القرآن أفضل من كل شئ دون الله وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه فمن وقر القرآن فقد وقر الله ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحق الله وحرمة القرآن عند الله كحرمة الوالد على ولده القرآن شافع مشفعٌ وماحلٌ مصدق فمن شفع له القرآن شفع ، ومن محل به القرآن صدق ومن جعل القرآن أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار حملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله الملبسون نور  الله المتعلمون كلام الله من عاداهم فقد عادى الله ومن والاهم فقد والى الله يقول الله عز وجل يا حملة كتاب الله استجيبوا لله بتوقير كتابه يزدكم حبا ويحببكم إلى خلقه يدفع عن مستمع القرآن سوء الدنيا ويدفع عن تالى القرآن بلوى الآخرة ، ولمستمع آية من كتاب الله خير له من صبير ذهبا وتالي آية من كتاب الله خير له مما تحت أديم السماء وإن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله يدعى صاحبها الشريف عند الله تشفع لصاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر وهى يس ) أخرجه أبو نصر السجزى في الابانة عن عائشة وقال هذا من أحسن الحديث واعز به وليس في إسناده إلا مقبول ثقة الحكيم عن محمد بن على مرسلا ك في تاريخه عن محمد بن الحنفية عن على بن أبى طالب موصولا

– عن سيدنا سمرة بن جنادة رضي الله عنه ، قال : أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقال ( أوصيكم بتقوى الله والقرآن فإنه نور الظلمة وهدى النهار فاتلوه على ما كان من جهد وفاقة فإن عرض لك بلاء فاجعل مالك دون دمك فإن تجاوزك البلاء فاجعل مالك ودمك دون دينك فإن المسلوب من سُلِبَ دينه والمحروب من حرب دينه إنه لا فاقة بعد الجنة ولا غنى بعد النار إن النار لا يستغنى فقيرها ولا يفك أسيرها) أخرجه الحاكم فى تاريخه ، والبيهقى فى شعب الإيمان وضعفه ، والديلمى ، وابن عساكر .

– عن سيدنا علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). قال أبو عبد الرحمن: فذلك أقعدني مقعدي هذا.

اقرأ أيضا  المرأة في القرآن الكريم

– وعن سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يؤتى برجل يوم القيامة ويمثل له القرآن قد كان يضيع فرائضه ويتعدى حدوده ويخالف طاعته ويركب معاصيه فيقول: أي رب حملت آياتي بئس حامل تعدى حدودي وضيع فرائضي وترك طاعتي وركب معصيتي فما يزال عليه بالحجج حتى يقال: فشأنك به فيأخذ بيده فما يفارقه حتى يكبه على منخره في النار. ويؤتى بالرجل قد كان يحفظ حدوده ويعمل بفرائضه ويعمل بطاعته ويجتنب معصيته فيصير خصماً دونه فيقول: أي رب حملت آياتي خير حامل اتقى حدودي وعمل بفرائضي واتبع طاعتي واجتنب معصيتي فلا يزال له بالحجج حتى يقال: فشأنك به،فيأخذ بيده،فما يزال له حتى يكسوه حلة الإستبرق ويضع عليه تاج الملك ويسقيه بكأس الملك) رواه البزار وفيه إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس،وبقية رجاله ثقات.

– وعن سيدنا أبي أمامه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من تعلم آية من كتاب الله استقبلته يوم القيامة تضحك في وجه). رواه الطبراني ورجاله ثقات.

– وعن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أشراف أمتي حملة القرآن ).رواه الطبراني وفيه سعد بن سعيد الجرجاني وهو ضعيف.

– وعن كليب بن شهاب رحمه الله قال:(كان علي في المسجد – أحسبه قال: مسجد الكوفة – فسمع صيحة شديدة فقال: ما هؤلاء؟ فقال: قوم يقرؤون القرآن أو يتعلمون القرآن فقال: أما إنهم كانوا أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه البزار وفيه إسحاق بن إبراهيم الثقفي وهو ضعيف.

– وعن سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يوم القيامة).رواه الطبراني وفيه إسحاق بن إبراهيم بن سعيد المدني وهو ضعيف.

– وعن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يؤتى بحملة القرآن يوم القيامة ، فيقول الله عز وجل : أنتم وعاة كلامي ، آخذكم بما آخذ به الأنبياء إلا الوحي ) قال محمد بن الحسين : في هذا بلاغ لمن تدبره واتقى الله ، وأجل القرآن وصانه ، وباع ما يفنى بما يبقى ، والله الموفق

– وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه).

– وعن الأعمش: عن خيثمة، قال: مرت امرأة بعيسى بن مريم عليهما السلام فقالت: طوبى لحجر حملك ولثدي رضعت منه، فقال عيسى بن مريم صلوات الله عليه: طوبى لمن قرأ القرآن ثم عمل به

– عن سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: من جمع القرآن فقد حمل أمرا عظيما، لقد أُدرجت النبوة بين كتفيه غير أنه لا يوحى إليه، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يجد مع من يجد، ولا يجهل مع من يجهل، لأن القرآن في جوفه.

– و عن سيدنا أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة).- و عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فاستقرئوا القرآن على أسنانهم، قال: ففضلهم شاب بسورة البقرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنت أمير القوم) قال: فغضب شيخ في القوم، فقال: يا رسول الله أتأمره وأنا أكبر منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه أكثرهم قرآنا) قال: فقال الشيخ: فوالله يا رسول الله، ما يمنعني أن أتعلم القرآن إلا أني أخشى أن لا أقوم به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعلموا القرآن، فإنما مثل حامل القرآن كمثل حامل جراب مسك إن فتحه فتحه طيبا، وإن وعاه وعاه طيبا).

– و عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فقد أوتي الحكم صباه).

– و عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحب الحديث إلى الله تلاوة القرآن، فمن قعد على تلاوته حفت به الملائكة بأجنحتها وغشيتهم الرحمة ).

– و عن سيدنا جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من رجل مؤمن يجمع القرآن ظاهرا يقرأ إلا أعطاه الله دعوة، إن شاء عجلها في الدنيا، وإن شاء ادخرها له في الآخرة).

– و عن سيدنا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما حقره الله وحقر ما عظم الله)..

– و عن سيدنا طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من تعظيم جلال الله إكرام العبد يحمل القرآن لا يغلو فيه ولا يجفوا).

 

فضل الإكثار من تلاوة القرآن الكريم

 

يستحب الإكثار من تلاوة القرآن قال الله تعالى مثنيا على تاليه ” يتلون آيات الله آناء الليل ” وقال ” إن قرآن الفجر كان مشهودا “أي تشهده الملائكة وقال ” إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور ” وقال ” كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب “

وقال ” الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد

ذكر الإله للقلوب قوت * إذا انتفى فإنها تموت “

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوا القرآن فانه يأتي يوم القيمة شفيعا لاصحابه رواه مسلم في صحيحه

– عن سيدنا النعمان ابن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم( أفضل عبادة أمتى قراءة القرآن) أخرجه البيهقى

– عن سيدنا جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم ، فإذا اختلفتم فيه فقوموا ” أخرجه أحمد (4/313 ، رقم 18836) ، والبخارى (4/1929 ، رقم 4773) ، ومسلم (4/2053 ، رقم 2667) ، والنسائى فى الكبرى (5/33 ، رقم 8098) ، والدارمى (2/534 ، رقم 3360) ، وأبوعوانة (2/478 ، رقم 3900) .

 

– عن سيدنا أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( أوصيك بتقوى الله تعالى فانه رأس كل شئ وعليك بالجهاد فانه رهبانية الإسلام وعليك بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فانه روحك في السماء وذكرك في الأرض ). رواه الإمام احمد

– قال الليث في البستان: ينبغي للقارئ أن يختم في السنة مرتين إن لم يقدر على الزيادة.

– وروى عن أبى حنيفة أنّه قال من قرأ القرآن في كل سنة مرتين فقد أدى حقه لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم عرض على جبريل

– اعلموا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كما أوردته فيما سبق عن الله عز وجل: (من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين).

– وقال عليه الصلاة والسلام: أفضل العبادة القرآن. 

– وعن سيدنا ابن عباس :(أن رجلاً قال يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال عليك بالحال المرتحل قال وما الحال المرتحل قال صاحب القرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره ويضرب في آخره حتى يبلغ أوله كلما حل ارتحل ) (الرامهرمزى فى الأمثال) [كنز العمال 4128]

– عن سيدنا ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد)، قيل: يا رسول الله، وما جلاؤها؟ قال: (تلاوة القرآن). أخرجه أبو نعيم فى الحلية (8/197) والخطيب (11/85) . وأخرجه أيضًا : ابن عدى (5/283 ، ترجمة 1421

عبد الرحيم بن هارون أبو هشام الغسانى الواسطى) ، والقضاعى (2/198 ، رقم 1178) .

 

مدارسة الصحابة للقرآن مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع بعضهم

 

بل كان عليه الصلاة والسلام يعرض القرآن على سيدنا جبريل في كل رمضان ويدارسه القرآن وفي العام الأخير عارضه إياه مرتين كما كان يقرأه على الصحابة ويطلب منهم أحيانا أن يقرؤوا عليه وهو يسمع صلى الله عليه وسلم فلا يسع أحدا أن يتخلف عن حفظه أو تحفظه، وتلاوته على الدوام إلا عن عذر ظاهر، فطوبى لمن حفظه واستحكمه، وأحسن تلاوته واتبعه، وتدبره، وعمل بما فيه، وأخلص النية في ذلك، والويل لمن هجره أو أعرض عنه، أو تركه أو نسيه بعدما تعلمه، أو فتر غيره عنه، أو زهد في حفظه واستبدل به مزامير الشيطان وآثرها عليه، وأكاذيب الشعراء وهجر السفهاء، وتبين الحرم، ومن كان به صفة – نعوذ بالله منه ومنها – فقد حرم حظا عظيما وعرض للفتن، نسأل الله العصمة والتوفيق، وصلواته على نبيه محمد وآله.

– عن سيدنا أبي بن كعب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليه القرآن في السنة التي مات فيها مرتين، وقال: (إن جبريل أمرني أن أقرأ عليك، وهو يقرئك السلام، وذكر الحديث بطوله).

– عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك (لَم يَكُنِ الَّذَينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتاب) قال: وسماني ربي؟ قال: نعم، فبكى).

– عن سيدنا سمرة رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا يوما: (إني قد قيل لي أن أقرأ على ابن الخطاب، فدعاه وأمره أن يحضر القرآن إذا أُنزل ليقرأه عليه) رواه الطبراني

– قال سيدنا معاذ بن جبل: عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فقرأت قراءة سفرا، وقال: (هكذا فاقرأ يا معاذ).وبإسناده: قال عطاء بن ميسرة: سفرتها هذذتها

اقرأ أيضا  مواصفات السنن القرآنية

– عن سيدنا ابن عباس قال: كنت أقريء عبد الرحمن بن عوف ذات ليلة ونحن بمنى، وذكر حديث السقيفة بطوله

– عن سيدنا جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا العجمي والعربي قال: فوقف علينا يستمع، فقال (اقرءوا فكل حسن) وذكر الحديث..

– عن سيدنا أنس بن مالك قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن نقترىء، فقال: (إن فيكم خيرا) وذكرالحديث

وكان كل حافظ للقرآن ينشر ما حفظه ، ويعلمه للأولاد والصبيان والذين لم يشهدوا نزول الوحي ، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدفع كل مهاجر جديد إلى أحد الحفاظ ليعلمه حفظ القرآن الكريم ، فشاع حفظه بين الرجال والنساء ، حتى إن المرأة المسلمة كانت ترضى سورة من القرآن أو أكثر مهرا لها ، ومما ورد في ذلك ما أخرجه البخاري عن سهل بن سعد قال : ( أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فقالت : إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما لي في النساء من حاجة ، فقال رجل: زوجنيها، قال: أعطها ثوبا ، قال لا أجد ، قال: أعطها ولو خاتما من حديد، فاعتلَّ له، فقال : ما معك من القرآن ؟ قال : كذا وكذا ، قال فقد زوجتكها بما معك من القرآن )

 

أسباب واقعية تدعوا الإنسان ليحفظ القرآن الكريم

 

1- القرآن كلام الله ورسائل الخالق للمخلوق فيجب المحافظة عليه تعظيما للمرسل عز وجل

2- القرآن كتاب هداية ونور وبصائر فمن حفظه حمل الهدى وأنار الطريق له ولغيره (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحديد/9]

( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة/15، 16]

(قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) [الأنعام/104]

(وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )[الأعراف/203، 204]

3- أهمّ مصدر للعلم القطعي من مجموعة معارف الإنسان الذي لا يشوبه شك ولا خطأ فهو الذي (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) [فصلت/42]

(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) [النساء/82]

4- حمله شرف وتلاوته ذكر والتفكر فيه أعلى أنواع العبادة والتخلق بأخلاقه أسمى ما يتمناه الإنسان الكامل والاشتغال بحفظه وتلاوته من أعظم ما يقرب العبد من ربه فمن حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الرب سبحانه وتعالى: من شغله القرآن وذكرى عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه. وأخرج مسلم من حديث أبي أمامة اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه.

 

قطفات من أخلاق حملة القرآن

 

جاء في إحياء علوم الدين ومعه تخريج الحافظ العراقي – (ج 2 / ص 31):

وقال الفضيل بن عياض ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد حاجة ولا إلى الخلفاء فمن دونهم فينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه وقال أيضا حامل القرآن حامل راية الإسلام فلا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن .

وقال أبو سليمان الداراني الزبانية أسرع إلى حملة القرآن الذين يعصون الله عز وجل منهم إلى عبدة الأوثان حين عصوا الله سبحانه بعد القرآن وقال بعض العلماء إذا قرأ ابن آدم القرآن ثم خلط ثم عاد فقرأ قيل له مالك ولكلامي وقال ابن الرماح ندمت على استظهاري القرآن لأنه بلغني أن أصحاب القرآن يسألون عما يسأل عنه الأنبياء يوم القيامة وقال ابن مسعود ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس ينامون وبنهاره إذا الناس يفرطون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون وينبغي لحامل القرآن أن يكون مستكينا لينا ولاينبغي له أن يكون جافيا ولا مماريا ولا صياحا ولا صخابا ولا حديدا وقال صلى الله عليه وسلم: 

(أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها حديث أكثر منافقي أمتي قراؤها) أخرجه أحمد من حديث عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو وفيهما ابن لهيعة .

وقال صلى الله عليه وسلم:( اقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه ) أخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بسند ضعيف

– وقال صلى الله عليه وسلم: (ما آمن بالقرآن من استحل محارمه) أخرجه الترمذي من حديث صهيب وقال ليس إسناده بالقوي

– وقال بعض السلف إن العبد ليفتتح سورة فتصلي عليه الملائكة حتى يفرغ منها وإن العبد ليفتتح سورة فتلعنه حتى يفرغ منها فقيل له وكيف ذلك فقال إذا أحل حلالها وحرم حرامها صلت عليه وإلا لعنته، وقال بعض العلماء إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم يقول ألا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم نفسه ألا لعنة الله على الكاذبين وهو كاذب .

– وقال الحسن إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله وإن من كان قبلكم رأوه رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.

– وقال ابن مسعود أنزل القرآن عليهم ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملاً، إن أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به

– وقد ورد في التوراة يا عبدي: أما تستحي مني يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرؤه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك شيء منه وهذا كتابي أنزلته إليك انظر كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت عليك فيه لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أفكنت أهون عليك من بعض إخوانك يا عبدي يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغي إلى حديثه بكل قلبك فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه أن كف وها أنا ذا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عني أفجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك.

كما يجب عليه أن يخلص في قراءته ويريد بها وجه الله تعالى دون شيء آخر من تصنع لمخلوق، أو اكتساب محمدة عند الناس، أو محبة، أو مدح، أو نحو ذلك، وأن لا يقصد بها توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة، وأن لا يتخذ القرآن معيشة يتكسب بها، فلو كان له شيء يأخذه على ذلك فلا يأخذه بنية الأجرة، بل بنية الإعانة على ما هو بصدده، وأن يراعي الأدب مع القرآن، فيستحضر في ذهنه أنه يناجي ربه ويقرأ كتابه، فيتلوه على حالة من يرى الله تعالى، فإن لم يكن يراه، فإن الله سبحانه وتعالى يراه، وذلك بأن يقدر كأنه واقف بين يدي الله تعالى، وهو ناظر إليه ومستمع منه.

 

 

الاستفادة من القرآن الكريم

 

صحيح أن خطاب القرآن الكريم لكل البشر ولكن طبيعة الجنس البشري واختلاف مراتب استعداد الإنسان لاستقبال رسائل الهداية الربانية كاستعداد قطع الأرض لاستقبال الغيث ومدى التأثر به ودرجة الاستفادة منه كذاك القرآن الكريم رغم أنه يخاطب الجميع تختلف صلاحيات الناس في قبوله الاستفادة منه والاستمتاع به وقد ذكر الله ذلك في قوله ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا )[الإسراء/82]

(قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) [فصلت/44] ولم يكتف بعرض هذا التأثر ذي الوجهين بل ذكر لكلا النوعين صفات وأعمال هي المؤثرة في صدور النتائج للقرآن في أصحابها نذكر مجملها :

 

أولا: شروط الاستفادة من آيات الله وكتابه:

 

1- أن تقرأه وأنت تطلب هدايته وترغب بنوره وتعاليمه قال تعالى( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) [الرعد/27]

(إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ، وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ ) [النمل/80، 81]

2- أن تسمع له بذرّاتك وأنت تنوي الإتباع لأحكامه قال تعالى: (فَبَشِّرْ عِبَادِ  الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ) [الزمر/17، 18]

3- ان يكون في القلب خشية ورهبة منه سبحانه فهي رأس مال الدين وأساس انفتاح المشاعر وإلا كانت القلوب باردة لايشتعل فيها قنديل الهداية قال تعالى (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ )

– ( إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ) [يس/11]

– ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) [الزمر/22]

4- أن يقوى لدى الإنسان عنصر الإيمان بالغيب دون أن يقتصر على حدود المحسوس فما أوسع عالم الغيب الذي يحمل الإيمان به الإنسان على ضبط السلوك وتقويم اعوجاج النفس والهداية لأحسن طريق قال تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) [البقرة/2-4]

– (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ) [البقرة/26]

 (R-024) / أحباب الكلتاوية / وكالة معراج للأنباء(مينا).

 

 

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.