الشباب في القرآن

 

السبت 15 رجب 1434 الموافق 25مايو/آيار 2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
 
بقلم الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري*
 تناول القرآن الكريم موضوع الشباب من خلال حديثه عن (الفتوة) باعتبارها المضمون الصالح
للشباب، وكذلك عندما ضرب للشباب أفضل الأمثلة وأجملها في عدد من الأصفياء من
الأنبياء الذين اختارهم الله عزَّ وجلَّ لرسالاته ووحيه والأولياء الذين امتحنهم
لعبادته·
فكان المثال الأول هو النبي إبراهيم عليه السلام، فإنه كان يتطلع إلى الآفاق الواسعة،
ويفتش عن الحقائق الناصعة، ويملك الشجاعة العالية، فقال الله تعالى فيه:
{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ
مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75]· وبهذا يصبح إبراهيم عليه السلام القدوة لكل
الفتيان والشباب الموحدين الشجعان الرافضين للوثنية والشرك والانحراف والضلال·
والمثال الثاني الذي يضربه القرآن الكريم للفتيان والشباب هو النبي يوسف عليه السلام، وهو
الذي أتاه الله العلم والحكمة عندما بلغ أشده، وأصبح الفتى القوي الصابر الصامد
أمام عواصف الشهوة والإغراء بالجنس والإغراء بالمال والجاه، وأمام ضغوط الاضطهاد
والقمع والمطاردة والتهديد بالسجن والنفي، والفتى الثائر المكسر لكل القيود وأغلال
العبودية وأغلال الشهوات وكذلك أغلال المجتمع الفاسد، قال تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ
أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }
[يوسف: 22]·
المثال الثالث هو النبي موسى عليه السلام، وهو الذي عاش في أحضان البيت الفرعوني
والفرعونية، وتربى في محيط الطاغوت والجبروت والترف والجاه والدلال، فإن فرعون كان
قد اتخذه ولداً له، ولكن موسى عليه السلام بقي متمسكاً بجذوره الرسالية ومرتبطاً
بأصله الإلهي الرباني، يتجنب معونة الظالمين، وينتصر للمظلومين ويدافع عنهم، ويمد
يد العون والمساعدة للضعفاء والمحتاجين، وكان يتحمل الآلام والمعاناة والمطاردة
والهجرة من أجل ذلك، ويؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، قال الله عزَّ وجلَّ:
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ
نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } [القصص: 14]·
والمثال الرابع هم أهل الكهف، قال الله تعالى فيهم: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم
بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى(13)
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا
إِذاً شَطَطاً } [الكهف: 13 – 14]·
إن هذه الصور والأمثلة الواقعية الجميلة والمعبِّرة عن الأبعاد المختلفة تنطلق من
مفهوم صحيح للفتوة والشباب والقوة وهو التوحيد في العبودية والسيطرة على الشهوات
والرغبات ونصرة المظلومين والدفاع عنهم ومساعدة الضعفاء والمحتاجين، إنها أخلاق
الشباب في القرآن، فما أحرانا أن نتشبث بها·
* الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود – والمشرف العام على مركز
تفسير الدراسات القرآنية
 المصدر: الدعوة
اقرأ أيضا  حاجتنا للكلمة الطيبة
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.