أثيوبيا ومصر وخيار الحرب والسلام

الأحد 07 شعبان 1434 الموافق 16 حزيران/ يونيو2013. وكالة معراج للأنباء (مينا).
 
بقلم حسام الدجني
احتفلت أثيوبيا بالبدء بمشروع تحويل مجرى النيل الأزرق من اجل إنشاء سد النهضة، هذا السد يبلغ ارتفاعه 145 متراً، وطوله 1800 متر، وسيمس بشكل مباشر بالأمن المائي لكل من مصر والسودان، ويحمل مخاطر كبيرة في حال انهيار السد بعمل متعمد أو غير متعمد عبر كارثة طبيعية قد تحل به، ففي هذه الحالة قد تمسح مدن بأكملها عن الخارطة في مصر والسودان.
الأمن المائي بالنسبة للقاهرة هو من أهم قضايا الأمن القومي، فحصة مصر من مياه نهر النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، حسب الاتفاقيات الدولية الموقعة بين دول المنبع ودول الممر، وهناك زيادة سكانية كبيرة، حيث بلغ تعداد سكان مصر ما يقارب 90 مليون نسمة، وبعد وصول الرئيس محمد مرسي لسدة الحكم بدأ مشروع النهضة الذي انتخب لأجله بتطوير قطاع الزراعة، مستفيداً من التجربة الماليزية للنهضة التي بدأت بتطوير الزراعة ثم بعدها بدأت ثورة التصنيع والتكنولوجيا، وهذا من شأنه زيادة احتياج مصر للثروة المائية، أو تقويض مشروع الرئيس مرسي والذي نجح مؤخراً بزيادة إنتاج القمح.
التدخل الخارجي بالقرار الأثيوبي أمراً وارداً، وتحديداً في ضوء النفوذ الإسرائيلي في دول حوض النيل، والذي نجح في ملئ الفراغ الذي تركه نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وقد تكون الولايات المتحدة قد همست لأثيوبيا بالبدء بالمشروع كون الولايات المتحدة من أكبر مصدري القمح للقاهرة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد للقرار أهمية إستراتيجية بالنسبة لأثيوبيا، حيث من المقرر أن يوفر لها من الطاقة الكهربائية نحو 6000 ميجا وات.
ما هي خيارات مصر في ضوء القرار الأثيوبي..؟
 مصر أعلنت على لسان الناطق باسم الرئاسة أنها تنتظر قرار اللجنة الفنية الثلاثية، وستحدد موقفها وخياراتها في ضوء توصيات اللجنة، وهناك آراء متناقضة تعكس طبيعة المشهد المصري المختلف، فهناك رأي يقول أن سد النهضة لا يؤثر على حصة مصر المائية، والرأي الآخر يقول أنه سيؤثر بشكل كبير وسيعمل على تصحر ملايين الفدانات من الأراضي الزراعية.
الحقيقة تتوقف على القرار الأثيوبي بتحديد المدة الزمنية لتعبئة البحيرة والتي تبلغ مساحتها 261.000 متر مربع، وهذا سيدفع القاهرة لخيار الحوار مع الأثيوبيين لإطالة أمد تعبئة البحيرة، ولكن في حال أصرت أثيوبيا على غير ذلك فإن ذلك من شأنه التأثير على حصة مصر بمياه نهر النيل، وفي حال استنفدت مصر كل خياراتها السلمية، ستكون أمام خيار الحرب، وهو خيار مؤلم بالنسبة لمصر التي تشهد تحولاً ديمقراطياً، ومحاولة من الرئيس محمد مرسي لإنقاذ عجلة الاقتصاد، إلا أن تجارب التاريخ تؤكد أن القضايا الكبرى توحد الشعوب، وتحديداً قضية أمن مائي تمس كل مواطن مصري، ولكن قرار الحرب يخضع لتقدير موقف القوات المسلحة وليس لاجتهادات من أحد.
ولكن هناك خياراً ثانياً ربما أفضل من الحرب وهو إعادة إحياء مشروع نهر الكونغو، وهو مشروع أعلن عنه الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1980م، وفكرته تقوم على ربط نهر الكونغو الذي يلقي بالمحيط الأطلسي ما يزيد عن ألف مليار متر مكعب بنهر النيل من خلال شق قناة تبلغ تكلفتها 10 مليارات دولار، وتوفر أكثر من 90 مليار متر مكعب من المياه لمصر وحدها، ونفس الكمية تقريباً للسودان ولدولة جنوب السودان، وأعتقد أن هذا المشروع أفضل بكثير من خيار الحرب، فقد تكلف الحرب مبالغ مالية تفوق ذلك، وقد لا تحقق القاهرة مبتغاها، فموازين القوة في أفريقيا اختلفت وتحديداً في ضوء الدعم الاقتصادي والعسكري والأمني من قبل إسرائيل لدول حوض النيل.
خلاصة القول: على مصر وضع قضية الموارد المائية على رأس اهتماماتها، وعلى الدول العربية والإسلامية تحمل مسئولياتها، وأن يعمل الجميع على زيادة نفوذهم واستثماراتهم في إفريقيا، وعدم ترك الساحة فارغة لإسرائيل، لأن هذا من شأنه أن يصب في مصلحة الإسرائيليين في صراعهم مع العرب.
المصدر : شبكة النبأ المعلوماتية.
اقرأ أيضا  الإمام يخشي الله منصور يشدد على أهمية لزوم الجماعة لتحرير الأقصى
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.