أمريكا تحب من يحبها

الأحد14 شعبان 1434 الموافق 23 حزيران/ يونيو2013. وكالة معراج للأنباء (مينا).


اليقين الثابت لدى غالبية أنصار التيار الإسلامى فى مصر هو أن الشاغل الوحيد للولايات المتحدة الأمريكية هو إسقاط حكم الرئيس المصرى المنتخب محمد مرسى وتنصيب «العلمانيين والكفرة والمتطرفين الشيوعيين والمسيحيين» بدلا منه.
عندما يلتقى أى مسئول أمريكى مع أى معارض مصرى، ينتفض أنصار التيار الإسلامى هاتفين: «امسك جاسوس.. امسك عميل».
وعندما تصدر أى إشارة من أى مسئول أمريكى تفوح منها رائحة التعاطف مع المعارضة، نسمع «مندبة ومناحة ووصلات من الانتقادات»، خلاصتها التباكى على هؤلاء العملاء المتشبثين بأمهم أمريكا بعد أن فقدوا كل تأييد شعبى.
ونفس الأمر تقريبا تكرره المعارضة عندما تتهم الإخوان بأنهم باعوا أنفسهم للشيطان الأمريكى الإسرائيلى من أجل السلطة.
قد نتفهم بعض مظاهر التنافس السياسى فى بلدان حديثة العهد بالديمقراطية.
لكن ما لا نفهمه هو لماذا يصمت بعض المحسوبين على التيار الإسلامى عندما تتوالى التصريحات الواضحة من المسئولين الأمريكيين مشيدة بحكم الرئيس محمد مرسى؟
يوم الأربعاء الماضى قالت السفيرة الأمريكية آن باترسون خلال لقاء مع مجموعة من السياسيين فى مركز ابن خلدون بالقاهرة، على عهدة الزميلة «المصرى اليوم» فى عدد الخميس إن واشنطن لن توافق على الحكم العسكرى، وأن مرسى رئيس مدنى منتخب وأنه ليس حسنى مبارك.
هذه الكلمات شديدة الخطورة فى هذه الأيام لأنها تعنى ببساطة أن واشنطن قررت أن تلقى بكل ثقلها خلف جماعة الإخوان، حتى هذه اللحظة على الأقل.
من حق أمريكا أن تتخذ ما تشاء من مواقف، لكن نسأل البسطاء والسذج من جمهور التيار الإسلامى: هل يجوز للمعارضين أن يتهموا الإخوان والإسلاميين ــ بعد تصريحات السفيرة، وبعد لقائها المهندس خيرت الشاطر ــ بأنهم عقدوا صفقة مع الشيطان الأكبر أمريكا كما كان يقول الخومينى؟!
والسؤال البسيط: هل تصريحات باترسون وقبلها تصريحات جون كيرى المتكررة عن دعم مرسى تعنى أن الإخوان هم عملاء أمريكا؟!
الإجابة ببساطة وللمرة المليون هى أنه لا الإخوان ولا المعارضة عملاء لأمريكا.
والأمر ببساطة أن واشنطن تبحث عن مصالحها فقط وليس عن مصالح الإخوان أو المعارضة أو حتى مصر ومن يحقق لها هذه المصلحة هو حبيبها وصديقها حتى إشعار آخر أو حتى تنتهى مهمته، ومن لا يصدق ذلك فعليه أن يتذكر ما فعلته مع أفضل أصدقائها بالمنطقة رضا بهلوى عام 1979، وكيف «رمته» من دون أن توفر حتى قبرا يدفن فيه!
نسأل بعض المتطرفين: إذا كانت واشنطن لا هدف لها سوى إسقاط الحكم الإسلامى فلماذا تقيم أفضل علاقات مع الحكومة السعودية الداعم الأكبر لبعضكم، ولماذا تعادى إيران الشيعية وفى نفس الوقت تقيم أفضل علاقات مع شيعة العراق؟!
نحن معذورون لأننا مازلنا نحبو فى عالم الديمقراطية، ولم نتعود على استخدام العقل والنظرة البرجماتية العملية. 
السياسة قائمة على المنافع والمصالح وهو ما يشرح لنا سر علاقة الإخوان الحالية مع إيران، رغم أن أفكارهم متناقضة، الواقعية هى التى تجعل نظام الرئيس محمد مرسى يقيم علاقات هادئة وربما دافئة مع النظام الصهيونى فى فلسطين المحتلة، رغم أنه من المؤكد أنه يكن لها كراهية حقيقية شأن أى مصرى أو عربى.
يا أيها السذج والأبرياء والمخدوعون استخدموا عقولكم قليلا.
المصدر : الشروق
 
اقرأ أيضا  الدكتور عبد الله عبد الملك: دور الإعلام الإسلامي في نشر الخير
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.