الصوم علاج نفسي وبرنامج وقائي لمنع الخلل العقلي

الدكتور علي التهامي

الجمعة-4رمضان 1434 الموافق12 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

قطر: الدوحة

للصيام الكثير من الفوائد الصحية على الجسد البشري وتعتبر الفوائد النفسية من أبرز تلك الفوائد، حيث يضفي إحساسا روحانيا على الصائم إضافة إلى التأثيرات الفسيولوجية العضوية له على الجسم.

وفي هذا السياق أكد الدكتور علي أحمد التهامي أخصائي الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية على أهمية الصوم كعلاج نفسي سلوكي وكبرنامج وقائي لمنع الخلل الذي يحدث للوظائف العقلية وللمزاج والسلوك، موضحا بأن كثيرا من نظريات العلاج السلوكي المعرفي بُنيت على نظريات التعلم في علم النفس التي ركزت على تعلم السلوك وضبطه والتبوء به، والسلوك هو نتاج لتفاعل العمليات البيولوجية والنفسية والاجتماعية.

وأوضح الدكتور التهامي بأن الصوم يساعد على حدوث تفكك نوعي للحيل النفسية الدفاعية، وهي حيل وأساليب لا شعورية يلجأ إليها الفرد لتشويه ومسخ الحقيقة التي لا يريد أن يواجهها أو يقبلها بصدق، وذلك حتى يتخلص من المسؤولية ومن التوتر والقلق الناتج عن رؤية الواقع الذي يهدد أمنه النفسي، فمن يكن صادقًا في صومه يكن صادقاَ مع نفسه، والصوم يمثل فرصة لغرس معان وعبارات إيجابية مع الاستعانة بالأذكار والدعاء وممارسة العبادات بانتظام، ويحدث هذا التنظيم والترتيب في إطار المبادئ الحديثة لعلم النفس حيث يتم التعلم من خلال التكرار، والتعلم المتدرج، والتعلم بالمشاركة الفعالة، والتعلم بالنموذج.

اقرأ أيضا  المبادرة السعودية لمحاربة تنظيم الدولة

الصيام والنشاط العقلي

وبين الدكتور علي التهامي أن تقليل المؤثرات الحسية له تأثيرات إيجابية على النشاط الذهني والقدرة على التفكير المترابط العميق والتأمل والإيحاء كما أنه يمنح الإنسان قدرات عالية من الصفاء والحكمة والتوازن النفسي، مؤكدا أن الصوم ليس هو الامتناع عن شهوتي البطن والفرج فقط وإنما أيضًا كف الجوارح عن ما هو محرم كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إذا كان صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يجهل ولا يؤذي أحدًا، فإن جهل عليه أحد أو أذاه فليقل إني صائم) فهذا تدريب عملي للضبط الذاتي وتدريب عملي لإدارة الغضب التي يحتاج لها كثير من الناس هذه الأيام.

اقرأ أيضا  أميركا.. حملة لمساعدة المسلمين عند تعرضهم للاعتداء

واستعرض الدكتور علي التهامي بعض الدراسات التي أظهرت الإعجاز العلمي والنفسي للصوم حيث أثبتت أن الصوم يمنح الإنسان تدريبًا عاليًا وقدرة جيدة على التحكم في المدخلات والمثيرات العصبية مع القدرة على خفض المؤثرات الحسية ومنعها من مراكز الانفعال بالمخ، بالإضافة إلى أن الصيام ينمي القدرة على الضبط الذاتي الذي يلتزم به الصائم بيولوجيا ونفسيًا وسلوكيًا، مبينا بأن هذا الضبط والتدريب عليه تنشده كثير من طرق العلاج النفسي.

دراسات حديثة

وأشار أخصائي الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية إلى إحدى الدراسات التي أكدت أن تحمل ألم الجوع والصبر عليه يحسن من مستوى مادة السيروتونين وكذلك ما يسمى بمخدرات الألم الطبيعية التي يقوم المخ بإفرازها وهي مجموعتان تعرفان بمجموعة الأندروفين ومجموعة الإنكفالين، ولهذه المواد خواص من التهدئة وتسكين الألم أقوى عشرات المرات من العقاقير المخدرة والمهدئات الصناعية.

وقال الدكتور التهامي” إذا كانت الصحة النفسية تعني حالة أو نوعا من التوازن بين مكونات حياة الإنسان الروحية والنفسية والعقلية والجسدية والاجتماعية، فإن المتتبع للأبحاث والدراسات التي تحدثت عن أثر الصوم على الصحة النفسية يجد أنها تتحدث عن هذه الآثار بطريقة إجمالية فمثلاً يعمل الصوم على صفاء الذهن وتجنب الإرهاق الذهني والضغوط العصبية وتحسين القدرة على مواجهة المصاعب الحياتية والإجهاد المتكرر ويذهب الأرق ويحسن النوم ويخفض القلق والتوتر“.

اقرأ أيضا  معاونو ترامب يناقشون خطة "إسرائيل" ضم أراض في الضفة المحتلة

وتابع قائلا” كما يمنح الصائم القدرة على التحكم في النفس وضبط الشهوات علاوة على تقوية الإرادة والعزيمة والشعور بالمسؤولية والإحساس بقيمة الآخرين كما يعمل الصوم على تقوية الحس الداخلي ومراقبة النفس وتنمية الضمير“.

المصدر : بوابة الشرق

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.