رمضان وتقوية الإرادة المحمودة

د. محمد عبد الهادي 

الجمعة-4رمضان 1434 الموافق12 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

الإرادة هي ميل النفس إلى فعل شيء ما، وهي نقيض الكراهة، إذْ الكراهة تقبض النفس عن فعل الشيء، والإرادة مبدأ الفعل، والفعل مسبوق بالقدرة، فمثلاً مبدأ إرادة الدعاء مصدرها القلب ثم يفيض بتلك الإرادة على اللسان فينطق به.

ولا بد للإنسان من إرادة، فإن لم يرد ما يحبه الله ورسوله أراد ما لا يحبه الله ورسوله، وهذه الإرادة غير محمودة، فهي مذمومة.

لكن المسلم عليه أن يجاهد نفسه على ترك ما لهواه وأن يروضها على إرادة ما يحبه الله، وفي رمضان فرصة لهذه المجاهدة لتقوية الإرادة المحمودة، فرمضان فرصة لمراجعة كثير من سلوكياتنا وأعمالنا، وتغيير ما يحتاج إلى التغيير فيها، وتصحيح ما يحتاج إلى تصحيح، وعملية التغيير والتصحيح في النفس والعمل تحتاج إلى إرادة قوية.

ولنقف على أثر الصيام في تقوية الإرادة المحمودة، فمثلاً الصائم كان قبل رمضان قد اعتاد على أكلات معينة في وقت معين، فإذا هو يمسك طواعية عن هذه الأكلات مغيرا عادته.. طاعة لله تعالى .. إنها إرادة محمودة، فإذا ما تكرر هذا العمل شهرا كاملا قويت إرادته على ما يريد تغييره في حياته.

وإن كانت الإرادة المحمودة ضعيفة، فهنا تكون الإرادة المذمومة قوية، فيندفع صاحبها لتناول هذه الخبيثة.

إن تغيير السلوك والأفعال إنما يأتي من تقوية الإرادة المحمودة، ورمضان فرصة لتقوية هذه الإرادة، فالمسلم المبتلى بآفة التدخين فإنه يمسك عن التدخين من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، فاستجمع قوى الإرادة المحمودة على ترك التدخين لله تعالى ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

فعلى المسلم أن يقوي نفسه بإرادة الخير والمعروف لتتربى عنده الإرادة المحمودة، التي بها يتغلب على دواعي المعاصي من شهوات النفس وهواها ومن وساوس شياطين الإنس والجن.

ومن المهم في حياة المسلم أن يكثر من سؤال الله تعالى أسباب الإرادة المحمودة، من ذلك مثلا ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يدعو يقول: “رَبِّ أَعِنِّي وَلا تُعِنْ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي وَلا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَاكَ لِي, وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا لَكَ ذَاكِرًا لَكَ رَاهِبًا مِطْوَاعًا إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَثَبِّتْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي“.

المصدر : بوابة الشرق