مقدمات في الأدعية القرآنية

الثلاثاء-8رمضان 1434 الموافق16 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

المقدمة : الأولي- فضل الذكر والذاكرين

وقد ورد الأمر بالذكر والإكثار منه وبيان فضله وفضل الذاكرين في كثير من آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول العظيم صلي الله عليه وسلم , وحسبك أن كان خاتمة المراتب في قوله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب:35).

وقد أمر الله به المؤمنين في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً , وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الأحزاب:41-42.)

وقد وردت الأحاديث الكثيرة في فضل الذكر .. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) متفق عليه من حديث أبي هريرة.

وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله: إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به ، قال: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل). رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

المقدمة : الثانية – آداب الذكر
================

واعلم يا أخي أن الذكر ليس المقصود به الذكر القولي فحسب بل إن التوبة ذكر ، والتفكر من أعلى أنواع الذكر ، وطلب العلم ذكر ، وطلب الرزق إذا حسنت فيه النية ذكر ، وكل أمر راقبت فيه ربك وتذكرت نظره إليك ورقابته فيه عليك ذكر , ولهذا كان العارف ذاكرا على كل حالاته. 

ولا بد ليكون للذكر أثره في القلب من مراعاة آدابه وإلا كان مجرد ألفاظ لا تأثير فيها . وقد ذكروا له آدابا كثيرة أهمها وأولاها بالرعاية:

ا – الخشوع والتأدب ، واستحضار معاني الصيغ ، ومحاولة التأثر بها ، وملاحظة مقاصدها وأغراضها. 

2- خفض الصوت ما أمكن ذلك مع اليقظة التامة والهمة الكاملة حتى لا يؤثر على غيره.
وقد أشارت الآية الكريمة إلى هذه الآداب فقال تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) (لأعراف:205.)

3 – موافقة الجماعة إن كان الذكر مع جماعة فلا يتقدم عليهم ولا يتأخر عنهم ولا يبني على قراءتهم ، بل إن حضر وقد بدءوا ابتدأ معهم من أول صيغة ثم قضى ما فاته بعد انتهائه ، وإن تأخر عنهم في أثناء القراءة قرأ ما فاته وأدركهم ، ولا يبني على قراءتهم أصلا ، لئلا يكون بذلك قد حرف القراءة وغير الصيغ ، وذلك حرام اتفاقا. 

4 – النظافة في الثوب والمكان ، ومراعاة الأماكن المحترمة والأوقات المناسبة ، حتى يكون ذلك أدعى إلى اجتماع همته ، وصفاء قلبه ، وخلوص نيته.

5 – الانصراف في خشوع وأدب ، مع اجتناب اللغط واللهو الذي يذهب بفائدة الذكر وأثره.
فإذا لاحظ هذه الآداب فإنه سينتفع بما قرأ ويجد أثر ذكره حلاوة في قلبه ، ونورا لروحه ، وانشراحا في صدره ، وفيضا من الله ، إن شاء الله تعالى..

المقدمة : الثالثة – الذكر في كل حال
====================
وبعد: فاعلم يا أخي ـ رزقني الله وإياك حسن التوفيق ـ أن لكل إنسان غاية أساسية من حياته تدور عليها أفكاره وتتجه نحوها أعماله ، وتتركز حولها آماله وهى التي يسمونها “المثل الأعلى” ومتى سمت هذه الغاية وعلت صدرت بصورة من الجمال الروحي ، وحذت به إلى الكمال دائما حتى يأخذ فيه بالنصيب الذي قدر له.

اقرأ أيضا  يديعوت: "إسرائيل" بدأت الضم العملي للضفة وأجّلت الإعلان الرسمي

والإسلام ، وقد جاء لإصلاح نفوس البشر وتزكيتها والعلو بها إلى منتهى الكمال الممكن لها ، أوضح للإنسانية جميعا الغاية القصوى ، وحدا بها نحو المثل الأعلى ، وكان هذا المثل هو (قدس حضرة الله جل وعلا) ، والآية الكريمة تقول : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الذريات:50). 

وإذ عرفت هذا أيها الأخ الكريم فلا نستغرب بعد , أن يكون المسلم ذاكرا لله على كل حال ، وأن تؤثر عن النبي صلي الله عليه وسلم وهو أعرف الخلق بربه ـ تلك الصيغ الرائعة البليغة من الذكر والدعاء.

والشكر والتسبيح والتحميد في كل الأحوال صغيرها وكبيرها وعظيمها وحقيرها ، فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحواله , ولا تعجب إذا طالبنا المسلمين أن يستنوا بسنة نبيهم ويقتدوا به صلي الله عليه وسلم فيحفظوا هذه الأذكار ويتقربوا بها إلى العزيز الغفار: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21).

المقدمة : الرابعة – الذكر في جماعة
====================

ورد في الأحاديث ما يشعر باستحباب الاجتماع على الذكر ففي الحديث الذي يرويه مسلم : (لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده).

وكثيرا ما ترى في الأحاديث أنه صلي الله عليه وسلم خرج على جماعة وهم يذكرون الله في المسجد فبشرهم ولم ينكر عليهم . والجماعة في الطاعات مستحبة في ذاتها ، ولا سيما إذا ترتب عليها كثير من الفوائد مثل : تآلف القلوب ، وتقوية الروابط وقضاء الأوقات فيما يفيد ، وتعليم الأمي الذي لم يحسن التعلم وإظهار شعيرة الله تعالى. 

نعم إن الجماعة في الذكر تكره إذا ترتب عليها محظور شرعي كالتشويش على مصل، أو لغو وضحك، أو تحريف للصيغ، أو بناء على قراءة غيره، أو نحو ذلك من المحظورات الشرعية، فحينئذ تمنع الجماعة في الذكر لهذه المفاسد لا للجماعة في ذاتها، وخصوصا إذا كان الذكر في جماعة بالصيغ المأثورة الصحيحة كما في هذه الوظيفة فحبذا لو اجتمع المسلمون على قراءتها صباحا ومساء في ناديهم أو في مسجد من المساجد مع اجتناب هذه المكروهات ومن فاتته الجماعة فيها فليقرأها منفردا ولا يفرط في ذلك.(1) 

المقدمة : الخامسة – أوقات وأحوال واماكن وأوضاع يستحب فيها الدعاء
=======================================

ليلة القدر

جوف الليل الآخر ووقت السحر 

دبر الصلوات المكتوبات ( الفرائض الخمس)

بين الأذان والإقامة 

ساعة من كل ليلة 

عند النداء للصلوات المكتوبات 

عند نزول الغيث

عند زحف الصفوف في سبيل الله 

ساعة من يوم الجمعة ، وهي على الأرجح آخر ساعة من ساعات العصر قبل الغروب

اقرأ أيضا  مغادروا حلب..بين فرحة النجاة ومرارة المغادرة

عند شرب ماء زمزم مع النية الصادقة 

اثناء السجود في الصلاة 

عند قراءة الفاتحة واستحضار ما يقال فيها 

عند رفع الرأس من الركوع وقول : ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه 

عند التأمين في الصلاة 

عند صياح الديكة 

الدعاء بعد زوال الشمس قبل الظهر 

دعاء الغازي في سبيل الله 

دعاء الحاج 

دعاء المعتمر 

الدعاء عند المريض 

عند الاستيقاظ من النوم ليلاً والدعاء المأثور في ذلك وهو قوله ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، الحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : اللهم اغفر لي ـ أو دعا ـ استجيب له ، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته 

إذا نام على طهارة ثم استيقظ من الليل ودعا 

عند الدعاء بـ ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 

دعاء الناس عقب وفاة الميت 

الدعاء بعد الثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير 

عند دعاء الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى 

دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب 

دعاء يوم عرفة في عرفة 

الدعاء في شهر رمضان 

عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر

عند الدعاء في المصيبة بـ : ” إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها

الدعاء حالة إقبال القلب على الله واشتداد الإخلاص 

دعاء المظلوم على من ظلمه 

دعاء الوالد لولده 

عاء الوالد على ولده 

دعاء المسافر

دعاء الصائم عند فطره

دعاء المضطر 

دعاء الإمام العادل 

دعاء الولد البار بوالديه 

الدعاء عقب الوضوء إذا دعا بالمأثور في ذلك . وهو ” أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ” فمن قال ذلك فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيها شاء 

الدعاء بعد رمي الجمرة الصغرى 

الدعاء بعد رمي الجمرة الوسطى 

الدعاء داخل الكعبة ، ومن صلى داخل الحجر فهو من البيت 

الدعاء في الطواف

الدعاء على الصفا 

الدعاء على المروة 

الدعاء بيت الصفا والمروة 

الدعاء في الوتر من ليالي العشر الأواخر من رمضان 

الدعاء في العشر الأول من ذي الحجة 

الدعاء عند المشعر الحرام 

والمؤمن يدعو ربه أينما كان وفي أي ساعة ، ولكن هذه الأوقات والأحوال والأماكن تخص بمزيد عناية ، فإنها مواطن يستجاب فيها الدعاء بإذن الله تعالى .. 

اقرأ أيضا  مسيرة العودة

المقدمة : السادسة – من شروط وآداب الدعاء وأسباب الإجابة
==================================

الإخلاص لله تعالى 

أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بذلك

الجزم في الدعاء واليقين بالإجابة 

الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال 

حضور القلب في الدعاء

الدعاء في الرخاء والشدة 

لا يسأل إلا الله وحده 

عدم الدعاء على الأهل ، والمال ، والولد ، والنفس 

خفض الصوت بالدعاء بين المخافتة والجهر 

الاعتراف بالذنب ، والاستغفار منه ، والاعتراف بالنعمة ، وشكر الله عليها 

عدم تكلف السجع في الدعاء

التضرع والخشوع والرغبة والرهبة 

كثرة الأعمال الصالحة ، فإنها سبب عظيم في إجابة الدعاء

رد المظالم مع التوبة 

الدعاء ثلاثاً

استقبال القبلة 

رفع الأيدي في الدعاء 

الوضوء قبل الدعاء إذا تيسر 

أن يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره 

أن يتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ، أو بعمل صالح قام به الداعي نفسه 

التقرب إلى الله بكثرة النوافل بعد الفرائض ، وهذا من أعظم أسباب إجابة الدعاء 

أن يكون المطعم والمشرب والملبس من حلال 

لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم 

أن يدعو لإخوانه المؤمنين ، ويحسن به أن يخص الوالدان والعلماء والصالحون والعباد بالدعاء ، وأن يخص بالدعاء من في صلاحهم صلاح للمسلمين كأولياء الأمور وغيرهم ، ويدعو للمستضعفين والمظلومين من المسلمين 

أن يسأل الله كل صغيرة وكبيرة 

أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر 

تحري أوقات الإجابة والمبادرة لاغتنام الأحوال والأوضاع والأماكن التي هي من مظان إجابة الدعاء 

المقدمة : السابعة – الخاتمة
===============
وبعد: فإلى كل المسلمين نتوجه بهذه الوظيفة، لعل فيها إعانة لهم على طاعة الله تبارك وتعالى، وهى تقرأ صباحا من الفجر إلى الظهر، ومساء من العصر إلى ما بعد العشاء فرادى وجماعة, ومن فاتته كلها فلا يفوتنه بعضها حتى لا يعتاد إهمالها وتضييعها.

والورد القرآني في الوقت المناسب ليلا أو نهارا، وما بعدهما من الأدعية والأذكار يقرأ عند مناسباته.

ونسأل الله لنا ولهم حسن التوفيق وكمال الهداية ، ونسألهم ألا يحرمونا صالح دعواتهم في الخلوة والجلوة ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1)

======================
(1)
المصدر : الإمام / حسن البنا – الخيمة العربية – المأثورات

 

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.