الانتخابات الباكستانية .. علامة فارقة فى الديمقراطية

الجمعة-18 رمضان 1434 الموافق26 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا)

اعداد: سميحة عبد الحليم

فى انتخابات وُصفت بأنها تاريخية وعلامة فارقة في الديمقراطية .ووسط اجواء امنية مشددة توافد الناخبون الباكستانيون على مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة والمحلية في البلاد .ورغم أعمال العنف التي سبقت العملية الانتخابية.كان الاقبال كثيفا وبلغت نسبة المشاركة اكثر من 60% .

انها المرة الأولى التي ينتقل فيها الحكم من حكومة مدنية منتخبة إلى أخرى منتخبة في بلد اشتهر بالانقلابات العسكرية ، وهو ما لم يحدث منذ قيام باكستان عام 1947.

وكانت البلاد قد شهدت قبيل الانتخابات سلسلة هجمات واعتداءات على المرشحين أسفرت عن مقتل أكثر من مئة شخص، وأعلنت حركة طالبان باكستان مسؤوليتها عن شن غالبية الهجمات.

وشددت باكستان إجراءاتها الأمنية على طول الحدود مع أفغانستان وإيران في محاولة لمنع دخول أي مسلحين أجانب.

وجرت تعبئة عشرات الآلاف من الجنود في محيط مراكز الاقتراع إثر تهديد حركة طالبان باكستان بتنفيذ عمليات انتحارية.

كما تم نشر أكثر من 600 ألف من رجال الأمن لدرء أي هجمات محتملة.

فوز نواز شريف ..

وبعد 14 عاما قضاها نواز شريف خارج السلطة بعد الإطاحة به في انقلاب عسكري عام 1999 وسجنه ونفيه ، حقق شريف انتصارا قويا في الانتخابات العامة التي شهدتها باكستان ويتجه لتشكيل حكومة مستقرة قادرة على تنفيذ إصلاحات ضرورية لإنقاذ البلاد من مشاكل عديدة .

يأتى ذلك عقب إعلان فوز حزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه نواز شريف في الانتخابات التشريعية، وهزيمة منافسه الأبرز زعيم حزب -حركة إنصاف – عمران خان، حيث تقدم نواز شريف زعيم الرابطة الإسلامية بفارق جيد على الخصمين الرئيسين وهما حركة إنصاف وحزب الشعب الباكستاني الحاكم سابقاً الذي يتزعمه الرئيس “آصف علي زرداري”،

معلومات عن الانتخابات الباكستانية .

عدد الناخبين المسجلين 86 مليون و189 الف و802.

عدد المرشحين في الانتخابات النيابية 5000، منهم 272 ينتخبون بشكل مباشر، بينما يبلغ عدد المرشحين للمجالس المحلية 11,692.

وتجاوز عدد مراكز التصويت 73 الف مركز، 20 الف منها معرضة لهجمات.

طرق وأساليب جديدة ..

لجأت الأحزاب السياسية في هذه الدورة الانتخابية إلى استخدام أساليب وطرق تراوحت ما بين التقليدية والمعتادة كالإعلانات التلفزيونية والرسائل الصوتية التي بثت غالبا عبر الأثير والمطبوعات التي تنشر في الصحف المحلية.

أما آخرون فذهبوا إلى محاولة توظيف شبكات التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك، حيث قام عدد من الأحزاب السياسية كحزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه نواز شريف وحركة إنصاف التي يترأسها عمران خان إلى إنشاء وحدات إعلامية متخصصة

هدفها نشر آخر التطورات والمستجدات المتعلقة بنشاطات الحزب ورسائله، وهي قد تكون محاولة لكسب المؤيدين من شرائح مختلفة لا سيما فئة الشباب التي تشكل ثلث عدد الناخبين المسجلين، الذي قدرته هيئة الانتخابات الباكستانية بما يزيد على خمسة وثمانين مليون ناخب.

خبراء في مجال التواصل الاجتماعي يفسرون لجوء الأحزاب إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بمحاولة للتغلب على العوائق الأمنية التي حالت دون إيصال رسائل هذه الأحزاب.

مجلس النواب ..

يتكون مجلس النواب الباكستاني من 278 مقعدا، يحظى إقليم البنحاب بـ 148 منها، ويعتبر القاعدة الشعبية لحزب الرابطة الاسلامية بزعامة نواز شريف. .

يلي إقليم السند البنجاب في عدد المقاعد ويشغل 61 مقعدا، ويعد معقل حزب الشعب الذي يترأسه بلاول بوتو نجل الرئيس آصف علي زرداري وتنافسه فيه حركة المهاجرين القومية التي يتزعمها ألطاف حسين.

أما إقليم خبير بختون خوا فيحظى بخمسة وثلاثين مقعدا ويعد معقل حزب عوامي البشتوني الذي تنافسه بعض الأحزاب الدينية كالجماعة الإسلامية وجمعية علماء الإسلام.

وأخيرا إقليم بلوشستان الذي يشهد نشاطا للحركات الانفصالية ويعتبر الأقل من حيث عدد المقاعد إذ يحظى بأربعة عشر مقعدا في البرلمان يتنافس عليها عدد من الأحزاب البلوشية القومية.

الأحزاب المتنافسة ..

– الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز شريف)، والذى قاد حكومتين في تسعينيات القرن الماضي, ومعقله التقليدي هو إقليم البنجاب وعاصمته لاهور.

– حزب الشعب الباكستاني: يوصف بالتقدمي اليساري الوسطي حيث استلهم بعض المبادئ الاشتراكية, ومؤسسه ذو الفقار علي بوتو والد رئيسة الوزراء السابقة بنظير بوتو التي اغتيلت عام 2007. ويقود الحزب حاليا بيلاوال بوتو نجل بينظير.

– حزب حركة إنصاف بزعامة لاعب الكريكيت السابق عمران خان، وهو يصنف ضمن أحزاب وسط اليمين, وقاعدته من الشباب بوجه خاص.

اقرأ أيضا  الوجه الأسود للدبلوماسية الإيرانية

– حزب الحركة القومية المتحدة، وكان يعرف في السابق باسم حركة “المهاجر القومية” وشكله الزعيم الحالي ألطاف حسين للنضال من أجل حقوق المتحدثين باللغة الأردية في كراتشي، المعقل الرئيسي للحركة التي تنتمي غلى التحالف الحاكم بقيادة حزب

الشعب, وقد اتهمتها الجماعة الإسلامية وحركة إنصاف بترهيب الناخبين في المدينة خلال يوم الاقتراع..

– حزب عوامي الوطني, ويصنف يساريا علمانيا, وقد تأسس عام 1986 لإثارة قضايا القوميين من البشتون في شمال غرب باكستان على طول الحدود مع أفغانستان, وهي المناطق التي تعد المعقل الانتخابي الرئيسي له.

– الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح قائد أعظم)، وتصنف ضمن الأحزاب الوسطية, وتشكلت كفرع من حزب “الرابطة الإسلامية الباكستانية-جناح نواز” لخوض انتخابات عام 2002 تحت الحكم العسكري للجنرال برويز مشرف.

– حزب “الجماعة الإسلامية, وهو أكبر حزب يميني ديني في باكستان, وكان قد تشكل خلال الحكم البريطاني قبل ستة أعوام من قيام باكستان. ويسعى الحزب لتنفيذ الشريعة الإسلامية لكنه لم يفز على الإطلاق في أي انتخابات بشكل مستقل.

– حزب “جمعية علماء الإسلام” بزعامة مولانا فضل الرحمن, وهو حزب يميني ديني يتركز مؤيدوه في المناطق الشمالية الغربية الجنوبية والغربية من البلاد.

محلية وإقليمية ..

وباكستان مقسمة إداريا إلى أربعة أقاليم هي البنجاب والسند وبلوشستان وبختون خوا, والأقاليم لها برلمانات وحكومات محلية باعتبار أن نظام الحكم في البلاد فيدرالي.

وقد أدلى الناخبون بأصواتهم في نحو سبعين ألف مكتب تصويت في الأقاليم الأربعة لانتخاب 272 عضوا في البرلمان الاتحادي -يضاف إليهم ستون مقعدا للنساء وعشرة للأقليات- للسنوات الخمس القادمة، وأعضاء البرلمانات المحلية في الأقاليم الأربعة.

ويتم تكليف الحزب الفائز بأغلبية المقاعد بتشكيل الحكومة, وإذا لم تكن له الأغلبية المطلقة فعليه تشكيل تحالف، وإلا تم تكليف الحزب الذي يليه.

يشار إلى أن السلطة التشريعية في باكستان مؤلفة من مجلس النواب, ومجلس الشيوخ الذي يضم مائة عضو يُنتخبون لست سنوات.

أسباب تأييد الناخبين لنواز شريف

لقد أسس نواز شريف نفسه كأحد أنجح السياسين في تاريخ باكستان، وليس لأنه فاز بولاية ثالثة كرئيس للوزراء بشكل غير مسبوق، حسب بل ولأنه واصل حياته أيضا بعد المزاعم المستمرة ضده بالفساد، وفترات التراجع الشديد في شعبيته، وفترة السجن،

والمنفى، والإطاحة به من السلطة عبر إنقلاب عسكري.

وفي آخر مرة أقام فيها في منزل رئيس الوزراء في فترة التسعينيات، كان هدفه الرئيسي إزاحة كل من تحدى سلطته.

وحاول شريف تمرير تعديل دستوري من شأنه أن يمكنه من فرض الشريعة الإسلامية على الرغم من احباط المعارضة له.

كما واجه شريف مراكز قوى أخرى، حيث قام حشد من أنصاره بمداهمة المحكمة العليا، كما أنه حاول كبح جماح الجيش الباكستاني القوي، وأدى قراره بطرد اثنين من قادة الجيش إلى الإنقلاب الذي قام به بيرفيز مشرف ضده عام 1999.

وحينما تمت الإطاحة بنواز شريف من السلطة ، عبر الكثير من الباكستانيين عن ارتياحهم، ووصفوه حينها بالفاسد، وغير الكفء، والمتعطش للسلطة، لكن مع التغاضي عن هذا التاريخ ومنحه هذا التفويض القوي في الانتخابات التي أجريت مؤخرآ، أعرب

الباكستانيون عن ثقتهم في أن شريف أصبح الآن سياسيا أكبر سنا وأكثر حكمة.

ويأمل العديد من الناخبين في أن تميز عائلة شريف في مجال الأعمال سيساعد باكستان على التعافي من حالة الإفلاس القريبة، والتي يعي شريف أنها من بين الأسباب الرئيسية التي دعت الناخبين للتصويت له.

وفي حفل فوزه في الانتخابات، سأل شريف حول ترتيب أولوياته، فقال: “الاقتصاد، والاقتصاد، والاقتصاد.”

ولدى نواز شريف سجل في تقديم مشاريع البنية التحتية الكبيرة، فالطريق السريع بين مدينتي إسلام اباد ولاهور يعد واحدا من أكبر إنجازاته، وفي هذه المرة، يعد شريف بمشروع قطار فائق السرعة بين كراتشي وبيشاور.

وبالإضافة إلى قدرته على التفكير في المشروعات الكبرى، يكمن الإعجاب بشخصية شريف في تمسكه بالقيم المحافظة والهوية البنجابية.

والبنجاب هو الإقليم الأكثر ثراءا واكتظاظا بالسكان في باكستان، كما أن للإقليم أكثر من نصف المقاعد في البرلمان الوطني، كما أن شريف لا يحظى بتأييد كبير خارج هذا الإقليم.

ويستطيع شريف التواصل مع الطبقات الوسطى المتدينة، والتجار في المدن الصغيرة، والذين يرونه سياسيا صلبا كما يرونه شجاعا من الناحية الجسدية. كما أن شريف هادئ وخجول نوعا ما، وهي الصفة التي تعطيه نوعا من الموثوقية.

اقرأ أيضا  الداعون إلى الهدى والداعون إلى الضلال

كما ساهم قراره بإجراء تجارب نووية عام 1998 في دعم صورته كباكستاني فخور، وقوي بما يكفي للوقوف أمام الهند والولايات المتحدة.

وفي خطاب الفوز بالانتخابات، عكس شريف تطلعات الكثيرين من مؤيديه في الانتخابات عندما قال إنه يريد لباكستان أن تكون “دولة محترمة، هذا ما أريده من قلبي”.

ونواز شريف يبلغ من العمر (63 عاما) وعائلته من لاهور عاصمة إقليم البنجاب أكبر أقاليم باكستان سكانا وأكثرها ازدهارا.وهى عائلة ثرية لها مشاريع صناعية .ويعد شريف من أقطاب رجال الأعمال في مجال الصلب .

وقد شغل مرتين في التسعينيات منصب رئيس الوزراء في الأعوام 1990 – 1993 و1997 – 1999 قبل أن تتم الإطاحة به نتيجة انقلاب عسكري قاده الجنرال برويز مشرف قبيل نهاية القرن الماضي.

وبعد الانقلاب، انضم إلى حزب الرابطة الإسلامية، والذي فاز معه بالانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2013.

كما شغل منصب وزير المالية في مجلس وزراء البنجاب عام 1981، ووزير الرياضة بنفس المجلس.

ويصفه محللون بأنه أصبح أكثر حذرا مما كان عندما تولى رئاسة الوزراء مرتين في التسعينات.

تحديات وصعوبات

وفي ظل تأهبه لتشكيل حكومة باكستانية جديدة، يواجه شريف أزمات وتحديات كثيرة.

وتنقسم تلك الأزمات والتحديات إلى أزمات داخلية وأخرى خارجية، يأتي على رأس هذه الأزمات شكل المؤسسة العسكرية الباكستانية، فما زال للجيش الكلمة العليا في “باكستان” منذ عقود طويلة، ومن ثم يتعين على رئيس الوزراء المنتخب أن يتعاون مع قادة

الجيش؛ لسيطرتهم على السياسة الخارجية والأمنية، وأن يتفادى بأي شكل من الأشكال خطر الانقلاب العسكري.

ويأتى تشكيل تلك الحكومة فى وقت تواجه فيه البلاد أوضاعاً اقتصادية صعبة، وموجات عاتية من الفساد، إضافة إلى تصاعد موجة العنف مؤخراً، والتي استهدفت العملية الانتخابية من قبل حركة “طالبان” باكستان، التي ترفض الاعتراف بالانتخابات،

وترى أن آليات الديمقراطية تخالف الشريعة الإسلامية.

وهو ما يستوجب معالجة سريعة وكان شريف قد تعهد بإعادة اتباع سياسات السوق الحرة، وتخفيف القيود الاقتصادية لعلاج تلك المشكلة والتحاور مع حركة طالبان، وهو ما يهدف إليه “نواز شريف” منذ إعلان خوضه للانتخابات.

وعن الشأن الخارجي، يواجه “شريف” تحديات صعبة، وتتمثل بشكل أساسي في كيفية التوفيق بين سياساته وسياسة “الولايات المتحدة الأمريكية”، وبالتالي يتعين على الحكومة المدنية الجديدة القيام بدورها في العلاقة الصعبة بين “باكستان” و”الولايات

المتحدة”، ولا بد أن تتواكب تلك الانتخابات مع تزايد الغضب والسخط الشعبي، من العدوان الأمريكي المتكرر على الأراضي الباكستانية، بدعوى محاربة الإرهاب والتشدد، في ظل التحالف الوثيق بين النظام الحاكم والمؤسسة العسكرية الباكستانية من جهة،

والإدارة الأمريكية من جهة أخرى.

ويرى محللون ان نواز شريف سيكون على الارجح حليفا “براجماتيا” للولايات المتحدة ولن يتراجع عن حملة مكافحة طالبان ، وكان نواز قد اقترح خلال الحملة الانتخابية اجراء محادثات مع طالبان الباكستانية المسؤولة عن مقتل الاف الاشخاص منذ ست

سنوات.

اما الهند، المنافس التاريخي لباكستان، فسيكون على نواز شريف اعتماد مقاربة براجماتية ايضا وان يحاول الاستفادة من اتصالاته الشخصية مع القادة الهنود.

وتتطلب هذه العلاقة – حسب المحللون -الى اتصالات افضل على مستوى رفيع وهو ما يمكن ان يفعله بسهولة نواز شريف ومنموهان سينغ” رئيس الوزراء الهندي .

ردود افعال ..

وعقب الاعلان عن فوز شريف هنأ الرئيس الاميركي باراك اوباما الناخبين الباكستانيين بهذا “الانتقال التاريخي السلمي والشفاف للسلطة المدنية”، مؤكدا ان ادارته “تتطلع الى مواصلة تعاونها مع الحكومة الباكستانية التي ستنبثق من هذه الانتخابات كشريكين

متساويين”.

كما تلقى شريف ايضا التهاني من جيرانه وفي مقدمهم الرئيس الافغاني حميد كرزاي الذي دعاه الى مساعدته في دفع متمردي طالبان الافغان الى خوض مفاوضات سلام.

فيما أعرب رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ عن امله في ان تفتح “صفحة جديدة في العلاقات” بين البلدين الجارين.

بدوره رحب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ب”شجاعة وتصميم الاحزاب السياسية والموظفين المكلفين تنظيم الانتخابات في مواجهة الوضع الامن الصعب”.

ورحبت الصحافة الباكستانية بانتصار الديموقراطية في مواجهة تهديدات متمردي طالبان. وكانت عشرة هجمات قد خلفت 26 قتيلا ما يرفع الى 150 عدد قتلى اعمال العنف المرتبطة بالانتخابات منذ شهر.

اقرأ أيضا  عجز الرأي العام الجديد بعيني "عمران"

وسيواجه رئيس الوزراء الجديد مشاكل هائلة تعانيها باكستان، اولها على الصعيد الاقتصادي ازمة الطاقة التي تنعكس في شكل مباشر على حياة السكان والنمو وثانيها مشكلة الموازنة مع دعوة عدد من الخبراء السلطات الى طلب قرض من صندوق النقد

الدولي، وثالثها التحدي الامني.

وكان شريف فتح الباب سابقا على مفاوضات مع متمردي طالبان الباكستانية، لكنه يحتاج الى التوافق في هذا الاطار مع الجيش وواشنطن، الدولة المانحة الاولى لباكستان والتي تدعو الى التصدي للمتمردين من دون هوادة.

نظرة تحليلية ..

وتعد الانتخابات التشريعية في “باكستان، أول انتخابات برلمانية تجرى بعد استكمال حكومة منتخبة ولايتها القانونية، فهي تهدف إلى تأسيس قواعد ديمقراطية في البلاد، تتنافس فيها الأحزاب السياسية وفق برامجها، وتسلم خلالها حكومة منتخبة السلطة إلى

الحكومة التي تليها دون تدخل مباشر للجيش.

ويرى المحللون ان هناك أربعة أسباب تجعل الانتخابات الباكستانية واحدة من الانتخابات التاريخية والتي ستجعل من باكستان دولة جديدة في المستقبل.

أولها أن المرأة الباكستانية قامت بتحدي حركة طالبان وقامت بالذهاب لصناديق الاقتراع للإدلاء بصوتها رغم التهديدات بالقتل إثناء الحملات الانتخابية من قبل حركة طالبان، حيث تحدت الناخبات الباكستانيات علنا الأنظمة القمعية وخاطرن بحياتهن.

وثانيها مواصلة الناخبين ممارسة العملية الانتخابية وسط الانفجارات في مواقع الاقتراع حيث واصلت طالبان إستراتيجيتها العنيفة للترهيب والتأثير على الناخبين وقد وقعت الانفجارات في يوم الانتخابات في مراكز الاقتراع في شمال شرق بيشاور

واستهدفت مقر يسار وسط حزب عوامي الوطني في كراتشي ، كما هاجم مسلحون أيضا مركزا للاقتراع في بلدة البلوش وقد شهدت تلك الانتخابات عمليات عنف لم يسبق له مثيل في هذه الدورة الانتخابية ومحاولة حركة طالبان لاحتجاز الرهائن لزرع

الخوف وإثبات عدم فعالية الحكومة وركزت الحركة هجماتها على المرشحين العلمانيين والمعتدلين بالإضافة للهجوم حتى على مسيرات المرشحين الإسلاميين البارزين، ولكن واصل الباكستانيون مقاومتهم ضد هذه الأعمال.

والسبب الثالث لجعل الانتخابات الباكستانية تاريخية هو نسبة إقبال الناخبين الضخمة حيث وصلت النسبة ما بين 60-80% بشكل غير مسبوق.

وسبب آخر هو متابعة وسائل الاعلام المحلية والعالمية هذه الانتخابات عن كثب حيث لعبت وسائل الإعلام دورا هاما ليس فقط في تقاسم المعلومات أثناء الهجمات العنيفة، ولكن أيضا ساعدت على مواصلة مناقشة الأفكار وبرامج المرشحين بطريقة واضحة.

وكانت مراكز الاقتراع في باكستان قد فتحت أبوابها أمام الناخبين في الانتخابات التشريعية، وسط حالة من الاستنفار الأمني بعد حوادث العنف المتواصلة التي سبقتها، وتحذيرات حركة طالبان باكستان للمواطنين من المشاركة فيها.

وقد دعي أكثر من 86 مليون ناخب باكستاني إلى التصويت في الانتخابات التشريعية من مجموع السكان البالغ عددهم 180 مليونا، لانتخاب أعضاء البرلمان الاتحادي والبرلمانات المحلية لأقاليم البلاد الأربعة.التشريعية الوطنية والمحلية،و التي تعد حاسمة

لتعزيز الديمقراطية في هذا البلد، الذي شهد منذ إنشائه في 1947 ثلاث حكومات مدنية فقط، أطاح بها عسكريون.

واستمرت أعمال العنف ذات الصلة بالانتخابات حتى عشيتها، وسقط فيها أكثر من 130 قتيلا، مما يجعلها الأكثر دموية في تاريخ البلاد.

ورغم اعمال العنف والهجمات التي سبقت الانتخابات كانت نسبة الاقبال على التصويت عالية وبلغت 60 في المئة.

ارث ثقيل ..

وبعد هذا التاريخ الطويل والصراع المستمر من أجل الوصول للسلطة،يرى المراقبون ان شريف لن ينعم بالراحة كثيرا.. إذ تحتاج باكستان لمليارات الدولارات من الجهات المانحة لتجنب أزمة في ميزان المدفوعات لكن البلاد ربما لا تحصل على المال اللازم

إلا عند تنفيذ إصلاحات اقتصادية ذات حساسية سياسية.

ويأمل الشعب الباكستانى أن تؤدى الانتخابات إلى تغيير وتخفيف الإحباط من اقتصاد ضعيف وفساد متفشٍ وانقطاع مزمن للكهرباء، وبنية أساسية متهالكة .

الا ان حرص الباكستانيين على الديموقراطية على الرغم من كل التهديدات والهجمات قد يكون الحدث الاكبر لمواصلة المشروع الديموقراطي في البلاد .

المصدر:أخبار مصر

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.