الإسلاميون خير ابني آدم وشرهما المفوِّضون

الإثنين-21 رمضان 1434 الموافق29 تموز/ يوليو.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

بقلم عبدالرحمن الدويري

لم ينتظر الجنرال المحترم السيسي أحدا، ليفوضه كي يبادر القتل، فقد بادر بذلك منذ الأسبوع الأول لاعتصام مناصري الشرعية في: العريش والحرس الجمهوري ورمسيس والمنصورة والإسكندرية وغيرها.

السيسي بعد فشله في تسويق جريمته الانقلابية كان محتاجا لغطاء أوسع، لارتكاب المجزرة، وإنهاء الاحتجاج، وتكفين مخرجات ثورة 25 يناير، وإيقاظ مومياء العهد المتعفن، عهد العسكر والداخلية والعهر، عهد مبارك وفرقته، من تحت التراب.

الجريمة مخطط لها على أعلى مستوى بين الفلول وجبهة الإنقاذ بكل مكوناتها، والسعودية والأمارات والأمريكان وآخرون، منذ زمن بعيد، وكانت ساعة صفرها الـ30 من يونيو، بمونتاج وإخراج سينمائي، وهطل أعلامي هو الأغزر على مدى شهرين، لتهيئة الأجواء، لتقبل مشهد الإبادة، بعد شيطنة أنصار الشرعية، ونزع صفة الآدمية عنهم.

الإسلاميون كانوا الأكثر مصداقية، الأكثر تأيدا وحشدا، الأكثر صبرا وضبطا للنفس، الأكثر عفة وشرفا وإنسانية، ولا مجال أبدا للمقارنة بين الفرقاء في رابعة والنهضة، وبين التحرير والاتحادية، من حيث طبيعة الناس، وشكل الاعتصام وزخمه وديمومته، ومن حيث سلوكاته واهتماماته وأفعاله، وشهود العيان والصورة يشهدان بذلك!!

اقرأ أيضا  حماس: استشهاد "العمور" بسجون إسرائيل جريمة بحق الإنسانية

اختار الإسلاميون كفّ اليد، واحتمال الأذى، وتلقي الرصاص بصدور عارية.. اختاروا الوقوف عند حد وصية النبي صلى الله عليهم وسلم: “إن ابني آدم ضربا مثلا لهذه الأمة، فخذوا بالخير منهما”، ولم تثبت عليهم حادثة واحدة بارتكاب ‌القتل، أو العنف بأي شكل رغم الجهد المحموم، لأدوات الانقلاب غير الأخلاقية لإثبات ذلك، بل على العكس من ذلك، فإن الوقائع والوثائق والصور تثبت أن العنف يجيء من طرف واحد ليس له حق ولا سلطة ولا قانون، غير سلطة الانقلاب .. قانون البلطجة الذي لجأ إليه المغلوبون في الصندوق.

يبدو أن وقت الفجر، وأثناء الصلاة تحديدا هو الوقت المناسب لتنفيذ الجريمة، والإمعان في القتل المباشر بالرصاص الحي، والخرطوش وسيوف البلطجية، وسط حالة سقوط كامل لكل القيم الإنسانية والأخلاقية يشمل كل الجهات التي ترعى حالة الفصل العنصري، واستباحة دم ملائكة ثورة الأمس، ووقودها وحرّاسها.. الذين أصبحوا شياطين اليوم.. الذين ينبغي أن يتخلص منهم الشعب المصري، كي يعيش ديمقراطية الرقص والتحرش والاغتصاب على مقاس اللبرالية جديدة!!

اقرأ أيضا  الأقصى في خطر

القوى السياسية الساقطة، والشخصيات الوطنية والدينية، والآلة الإعلامية والمالية، وبعض القوى الشعبية التي أيدت الانقلاب، ووقعت على قرار السيسي بتصفية الشرعية، جميعهم شركاء في القتل، والدم الحرام في أعناقهم، ستلاحقهم لعنته في الآخرة، وستنالهم عليه يد العدالة في الدنيا، ولو بعد حين.

ما يجري في مصر جريمة لا تقل عن جرائم بشار في سوريا، ولا القذافي في ليبيا، ولا هتلر ولا ستالين، لأن الذي يقتل رجلا واحدا بلا مسوغ، وباعتداء سافر، على استعداد أن يقتل المئات، بل الآلاف في سبيل المضي في هوسه، وإنفاذ برنامج جنونه.

ما يجري في مصر عار أسقط الأقنعة عن كل الأحزاب التحريرية التي آثرت في لحظة فشل برنامجها السياسي، وعجزها عن إقناع الناخب به في(5)جولات – آثرت أن تعود حذاءً بقدم الفلول، ودولتها العميقة، لتنتقم من منافسها، ولم تصبر لتحتكم للأدوات الديمقراطية في الجولة الجديدة لتغيير المشهد بأدواته!!

اختار الإخوان والإسلاميون أن يفتدوا مصر شعبا ودولة وجيشا بأرواحهم، وفضلوا أن يدفعوا ضريبة التحول وحدهم، فلم يذهبوا للعنف خوفا على ذهاب مصر ومستقبلها باتجاه الهاوية، لكن يبدو أن مهووسي السلطة، مصرون على دفعها إليه، لأن انتفاضة الشعب وهو يرى هذه المذبحة لن تتأخر كثيرا!!

اقرأ أيضا  لماذا تنهار التحالفات العربية؟

الآلاف من الإصابات وعشرات القتلى في ست ساعات، بعد أن وقع المحتفلون في التحرير على بيان المذبحة، وترك هذا السيل من الدماء بهذه الوتيرة سيزيد من جريانها، وسيصعب الثبات أمامه، وسيُغرق الجميع!!

المشهد المصري إلى الآن مشهد يغيب فيه الوعي، تُغَيَّبُ فيه الدولة، بكل مؤسساتها: الداخلية والإعلام والقضاء والأحزاب والنخب، والجيش يقف على الحافة، وتحضر فيه المكابرة، والعنصرية، واللاأخلاقية من فريق الانقلاب، فهل عند العقلاء خطة للخروج الآمن، قبل انزلاق الجيش، وبدء غرق المركب بمن فيه؟!!!

المصدر:السبيل

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.