سوريا من الدلف إلى تحت المزراب

الخميس-22شوال 1434 الموافق29 آب/ أغسطس.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

فرج شلهوب
الهجوم على سوريا يثير جدلا كبيرا، حول أهدافه وتوقيته وغايات الأطراف المشاركة فيه، والتي ليس من بينها الانتصار لقيم الديموقراطية واحترام إرادة الشعوب، وقبل ذلك الانتصار للدم السوري المراق على مذابح نظام دموي بلا شرعية ولا ضمير.
أطراف الهجوم لا تفصح عن مرادها وماذا تريد بالضبط، إسقاط النظام ؟! ومن أجل ماذا؟! تمكين الشعب السوري من تقرير مصيره؟! ما هي الأهداف الحيوية المراد ضربها؟! وهل مصلحة السوريين وحماية حاضرهم ومستقبلهم من يحدد نوعية الأهداف ؟!
 
إجابة كل هذه التساؤلات سلبية ولا تدعو للتفاؤل أو إظهار التأييد.. فأطراف الهجوم خليط بين دول ديموقراطية وأخرى مغرقة في الشمولية وفساد الحكم، ومن المشكوك فيه أن يكون تحالف المهاجمين وتعاونهم قائم على أساس من دعم الديموقراطية واحترام إرادة الشعوب، لا ننسى أنه بالأمس القريب القريب، كانت أغلبية الأطراف المتعاهدة على شن الهجوم شريكا فاعلا في الهجوم على تجربة المصريين في اختيار من يحكمهم، وناصرت قمعا دمويا للعسكر وبتبجح منقطع النظير!!
إن التساؤل الملح والذي يطرحه كل مراقب لازدواجية المعايير لأمريكا وحلفها، لماذا يتم التجييش للهجوم على سوريا بذريعة قتل ألف ونيف بسلاح كيماوي، بينما يتم الصمت ويختفي الغضب إزاء قتل نحو ثلاثة آلاف متظاهر سلمي مصري، على نحو همجي لم تشهد له مصر منذ الفراعنة شبيها.. ولماذا تدفع المليارات هناك لنصرة القتلة من العسكر المنقلبين على الشرعية الشعبية والدستورية والملطخة أياديهم بالدماء، ويتم السكوت على جرائمهم، بينما تنتفخ الأوداج هنا.. ويتم التهديد بالويل والثبور؟!
إن أمريكا وحلفها تمارس نفاقا مكشوفا، بادعاء نصرة قيم العدالة والديموقراطية وحقوق الانسان، فما يحرك هذا الحلف مصالحه ومصالحه فقط، وليس دم السوريين هاجسهم أبدا، إنهم كذبة يصطادون في المياه العكرة، ولا يسكنهم إلا تعزيز نفوذهم وتصفية الحساب مع خصومهم.. وعندما يستقر الأمر لهم لن يسمح للشعب السوري أن يكون صاحب الكلمة الفصل في تقرير شؤونه.
مشكلتنا في المنطقة العربية، أننا نقع جميعا من بغداد إلى تطوان، بين نارين، نار نظم قمعية وقحة تسد كل منافذ الأمل على شعوبها في أن تختار من يحكمها وكيف تعيش حياتها، ونار أجنبي متحالف مع قوى محلية متخلفة، ينفذ أجنداته المشبوهة تحت ستار زعم الانتصار لشعوب المنطقة على بعض حكامها الظلمة!!
أمريكا وحلفها غير المقدس لا تضمر خيرا للمنطقة، ولا تنتصر لدم السوريين، ولن تمكنهم من اختيار مستقبلهم، وإذا ما أصبحت لها الكلمة فستختار لهم قرضاي آخر، وما يهمها أن تضمن استمرار هيمنتها على الإقليم وأن تضمن أمن إسرائيل، وإذا ما قامت بمهاجمة أهداف في سوريا فستكون في أغلبها تستهدف تحقيق هذين الهدفين، والبقية تفاصيل.
وفي كل الأحوال فإن التدخل الأجنبي في شؤون أي بلد عربي، وتحت أي حجة مدان وغير مرحب به، ولا يمكن أن ينتج مصلحة لشعوب المنطقة، واذا كنا نقر أن النظام السوري قد أجرم بحق شعبه، وتجاوز كل الخطوط الحمراء في سفك الدماء، وأنه يستحق العقاب العادل والقصاص، فإن السعادة بنصرة الأمريكي وحلفائه الفاسدين، والاعتقاد بسلامة نواياهم إزاء الهجوم وأنه يستهدف نصرة قضية الشعب السوري، ليس إلا وهما كبيرا يجب التخلص منه!!

اقرأ أيضا  في حسن التّعامل مع النّفس

المصدر:السبيل

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.