عاملا الإنتصار في غزة

شاكر الجوهري (كاتب صحفي ومحلل سياسي).

الجمعة- 6 ذوالحجة1434 الموافق11 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا). 

حسابات الحرب الإسرائيلية على غزة تقلق عدداً من العواصم والأطراف العربية, اضافة إلى محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية.

بينما كان عباس منهمكاً بالعمل على زيادة فرص معسكر السلام الإسرائيلي في الإنتخابات التشريعية المقبلة, متجاهلاً حقيقة أن التنازلات المتتالية التي قدمها لقوى التشدد اليميني في اسرائيل دون ثمن, دمرت وأنهكت معسكر السلام, حد التلاشي..

بينما كان عباس منهمكاً بلعبته الجديدة, عبر تصريحاته للقناة الإسرائيلية الثانية, معلناً تنازله عن حق العودة, فوجىء عباس بحرب اسرائيل على غزة, التي خطط (بضم الخاء) لها في ضوء حسابات انتخابية تهدف إلى زيادة فرص تحالف نتنياهو ـ ليبرمان بالفوز بغالبية واضحة في الكنيست الإسرائيلي.

الضربات الموجعة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية إلى اسرائيل, تتسب بـ:

 

أولاً: دفع تحالف اليمين إلى تصعيد العدوان كي يحافظ على شعبيته التي كانت لحظة انطلاق العدوان من خط شروعه الزمني, وكي لا يسمح لصواريخ المقاومة الفلسطينية التي سقطت فوق تل أبيب والقدس, وعدد من المدن والبلدات الإسرائيلية, أن تهبط بشعبية هذا التحالف.

 

ثانياً: انهيار شرعية محمود عباس بفضل صواريخ المقاومة والتصعيد الإسرائيلي, وكذلك بفعل تصريحاته الأخيرة للقناة الثانية الإسرائيلية.

 

المتضرر الآخر من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة هو الرئيس السوري بشار الأسد.

 

لقد جاء هذا العدوان حين كان اعلام النظام السوري يواصل تشنيعاته وحملاته الإعلامية على قادة حركة “حماس” التي تقود المقاومة الفلسطينية في غزة.

اقرأ أيضا  مسؤول فلسطيني: 25 وحدة سكنية هُدمت كليا خلال التصعيد الأخير بغزة

 

فأي مقاومة وممانعة إذاً هي التي يقودها بشار الأسد..؟!

 

لقد سمحت حسابات حزب الله سنة 2006 أن يصمت الحزب عن ادعاءات هذا النظام أنه كان وراء الإنتصار في حرب تموز 2006. فهل يمكن لهذا النظام أن تصدر عنه ادعاءات مماثلة سنة 2012..؟!!

 

جاء العدوان الجديد على غزة ليفضح انعدام الدور للنظام السوري في المقاومة..

 

حزب الله الذي لم يورط نفسه في مهاجمة المقاومة الفلسطينية وقادتها, لم يجد مانعاً في أن يعلن وقوفه إلى جانب المقاومة الفلسطينية.

 

لكن الدور العسكري لهذا الحزب في قمع الشعب السوري, لصالح النظام, لا يمكن أن يمر دون غبار..!!

 

ومن سوء حظ ايران أيضاً أن يقع العدوان الإسرائيلي على القطاع, وعلاقاتها مع حركة “حماس” تمر بشيىء من الفتور.

 

صحيح أن هذه العلاقات لم تنقطع, ولم تدمر بعد, لكن الصحيح أيضاً أنها لم تعد في ذات المستوى الذي كانت عليه اثناء عدوان “الرصاص المسكوب” أواخر 2008 أوائل 2009.

 

صحيح أيضاً أن المقاومة الفلسطينية تقاتل بسلاح ايراني, أو دفعت ثمنه ايران. لكن الصحيح أيضاً هو أن تهور النظام السوري, ورفضه الإستجابة لمطالب شعبه الإصلاحية, جعل منه لعنة تنصب على حلفائه في ايران وحزب الله.

 

بل إن التصريحات التي صدرت عن موسكو محملة واشنطن المسؤولية عن فشل دور الأمم المتحدة في التعامل مع هذا العدوان, لم تقلل من حجم الغبار الذي اعتلى وجه موسكو بسبب انحيازها إلى جانب النظام السوري, ضد الشعب العربي في سوريا.

اقرأ أيضا  خيارات إسرائيل بغزة بين المصلحة السياسية داخليا و"صفقة القرن" استراتيجيا

 

أما النظام القائم في العراق فقد جمع المجد من طرفيه..!

 

طرف اصطفافه مع النظام السوري ضد شعبه, وهو ما تفرضه عليه انحيازاته المذهبية..!

 

وطرف صمته عن الإعتداء الإسرائيلي على غزة, ارضاءً لصنّاعه الأميركان.

 

لقد جاء العدوان الجديد على غزة ليثبت حقيقة أن النظام السوري وبال على كل حلفائه..!!

 

الأردن وضعه مختلف.. فهو معرض لأن يجني سوءات محاولة الثقة بإسرائيل.

 

هذا العدوان يمكن أن ينظر إليه بإعتباره ـ إن نجح لا سمح الله ـ محاولة اسرائيلية عميقة للدفع بإتجاه قصر اقامة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة..!

 

وهذا يعني اردنياً خطوة اسرائيلية متقدمة على طريق ضم الضفة الغربية عبر اخضاعها للقانون الإسرائيلي.

 

أي أنه يعني اردنياً اغلاق باب العودة أمام قرابة الثلاثة ملايين اردني من أصول فلسطينية. كما أنه يعني إبعاد المزيد من اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن, دون أي مراعاة للمعادلة الديمغرافية المختلة في الأردن..!!

 

ويتبقى لدينا مصر والسودان.

 

مصر قدمت لها فرصة تاريخية كي تثبت أن مصر الشعب والثورة هي غير مصر المخلوع حسني مبارك.

 

أما صواريخ “فجر” التي قصفت القدس وتل أبيب, فقد جاءت لتكشف عن دور سوداني هام في تسليح المقاومة الفلسطينية.

 

صحيح أن هذا الصاروخ ايراني الصنع, لكن السودان هو من تحمل كلفة ايصاله إلى قطاع غزة. وهذا هو الرد السوداني على قصف الطائرات الإسرائيلية لمصنع اليرموك للسلاح في الخرطوم.

 

وبغض النظر عن كل الملابسات, فإنه يسجل لحركة الجهاد الإسلامي أنها هي التي اطلقت هذه الصواريخ إلى الخاصرتين الإسرائيليتين, فأوجعتهما.

اقرأ أيضا  مياه دمشق... آبار ملوثة مصدر رئيسي للشرب

 

واستحقت حركة الجهاد الإسلامي تنبؤات اسرائيلية بأنها هي لا حركة “فتح”, المؤهلة لخلافة حركة “حماس” في غزة.

 

فغزة, حري بها, وحقيق بها حركة مقاومة, لا حركة طلقت النضال بعد أن اشعلت فتيل تفجيره الأول.

 

ليبيا لعبت دوراً هي الأخرى.

 

فالأسلحة التي يقاتل بها رجال غزة الآن لم تأت كلها من ايران. السلاح الليبي الذي هرب لقطاع غزة, يلعب دوراً هاماً في هذه المواجهة.

 

ونخلص إلى أن الدور الفاعل سياسياً في هذه الحرب تقوم بها أساسا الدول العربية التي حسم أمرها الربيع العربي, منهياً بذلك وجود معسكر دول الإعتدال العربي.

 

أما الذين ادعوا قيادة معسكر المقاومة والممانعة, فقد اختاروا لأنفسهم أن يتخلوا عن المقاومة في ذات اللحظة التي انقضوا فيها على شعبهم لأنه طالب بالحرية والكرامة.

 

هذه هي تركيبة معادلة الإنتصار العربي, الذي تلعب قطر دوراً هاماً فيه, أهلها لغضب اعداء العرب, وأعداء الشعوب العربية معاً، فاستحقت شكر الشعوب..!!

المصدر : صوت الأقصى

 

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.