من يحاسب ولي الأمر إذا انحرف عن الطريق؟

د.أنيس خصاونة

الإثنين- 9 ذوالحجة1434 الموافق14 تشرين الأول / أكتوبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

عصمة ولي الأمر ملكاً أو أميراً أو رئيس جمهورية قضية ليس لها مسوغات واقعية أو منطقية في علم السياسية. ولاة الأمر هم بشر يصيبون ويخطئون، يقدرون ويصرفون امور الدولة؛ فيحسنون التقدير أحيانا، ويسيئونه أحيانا أخرى، بعضهم يمضي قدما نحو تحقيق مصالح بلادهم، وبعضهم ينحرف عن ذلك، بعضهم يصابون بالنرجسية أو جنون العظمة (Self-aggrandizement)، وبعضهم تصل بهم الأمور الى حالة مرضية يمكن تسميتها «الفرعنة» أو «الطغيان» مثل: حسني مبارك ومعمر القذافي ومحمد رضا بهلوي وشاوسيسكو وأنور السادات.
صحيح أن هناك من يسخرون الدين لتبرير حالة الغطرسة والأبهة والطغيان الذي يمارسه الحاكم، ويصل بهم الأمر الى إضفاء صفات الألوهية الخارقة على الحاكم، ولكن هذه الحالات آخذة بالتضاؤل؛ لعدم انسجامها مع طبيعة النفس البشرية، وتعارضها مع كرامة الإنسان، ومبادئ الأديان السماوية التي لم تتعرض الى التحريف وإعادة الصياغة لتبرر رغبات ونزعات بشرية أنانية ضيقة الأفق.
عصمة ولي الأمر في الإسلام قضية ليس لها ما يسندها من الشرع، وإلا كيف يخاطب رب العزة محمداً صلى الله عليه وسلم مؤنباً عندما كان النبي يدعو عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبا جهل، والوليد بن المغيرة وغيرهم من كبار وصناديد قريش، فأتاه ابن أم مكتوم الأعمى وقال له يا رسول الله: (أقرئني وعلمني مما علمك الله تعالى)، وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغل النبي بالقوم، فكره رسول الله قطع كلامه، وأعرض عنه عابساً، فنزلت الآيات: (عَبَسَ وَتَوَلّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى). أيضا كيف يمكن الحديث عن عصمة ولي الأمر وربطها بما قاله الخليفة الراشد أبو بكر الصديق، مخاطباً المسلمين عندما تولى الخلافة قائلا: «أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم».
من يحاسب ولي الأمر إذا انحرف عن الطريق، ولم يقود البلاد بشكل يرضي الله، ويحقق مصالح العباد؟ ماذا نسمي دعم الأردن الانقلابيين القتلة في مصر الكنانة ضد من أتت بهم إرادة الجماهير؟ ماذا نسمي تعيين عمدة عمان الذي ليس لديه تأهيل كافٍ لممارسة عمله، ولا الأعمال الوزارية والإدارية التي مارسها في السابق، وهناك الآلاف من الأردنيين من هم أفضل وأكفأ، وتاريخهم أنصع منه؟
ماذا نسمي تسهيل مهمة الاستخبارات الإسرائيلية للتحقيق مع المئات من الضباط السوريين المنشقين على الأرض الأردنية؟ ما هو التصريف أو المعالجة الدستورية لمثل هكذا حالة؟
قرأت الدستور ولم أجد مواد واضحة تضع ضوابط محددة للتعامل مع مثل هذه الحالات! إذا كان لديكم إجابة أيتها الأخوات والإخوة القراء أسعفوني بها أسعفكم الله

اقرأ أيضا  أبعاد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)

المصدر: السبيل

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.