فهم القرآن في تقرير توحيد الألوهية وذم شرك العرب

الثلاثاء 01 محرم1435 الموافق5 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

الشيخ عمرو بسيوني 

فهم القرآن في تقرير توحيد الألوهية وذم شرك العرب

1 – الطريقة القرآنية السنية السلفية العقلية الصحيحة في الاستدلال على توحيد الألوهية: الاستدلال عليها بتوحيد الربوبية.

(الحمد لله رب العالمين) = (إياك نعبد وإياك نستعين)

(خالق كل شيء) = (فاعبدوه)

(أن تجعل لله ندا) = (وهو خلقك)

وعلى ذلك عشرات النظائر

2 – من المشركين في عموم الناس من كان يجحد الرب، أو يشرك في نفس الربوبية، والأولون هم الدهرية الخلص، ولهم إشارة في القرآن عند بعض المحققين، ومن الصنف الثاني بعض الفلاسفة ومن يقول بالبنوة لله من أهل الكتاب وبعض العرب.

 

3 – كان مشركو العرب يشركون في الألوهية بلا خلاف، ونجم الخلاف في مناط إكفارهم، هل هو نفس الشرك في الألوهية، أم الشرك في الربوبية:

فأقول وبالله التوفيق:

أولاكل مخل بتوحيد الألوهية فإنه لا ينفك عن خلل بتوحيد الربوبية، لأنه لو تم في قلبه – ومن ثم على جوارحه – توحيد الربوبية تماما معتبرا لما تطرق الخلل إلى توحيد القصد والطلب عنده:

فمن صح اعتقاده في الإثبات 

صح اعتقاده في القصد والطلب 

فلا إشكال أنهما لا ينفكان.

 

ولا يتصور أن يصدر عن صحيح الاعتقاد في الإثبات ما يخل في القصد والطلب مع استمرار صحة الاعتقاد في الإثبات، وإلا لزم فساد استدلال القرآن، لأنه لا يتم إلا مع التسليم باتحاد الجهة.

اقرأ أيضا  مسارات الفاعلية في القرآن الكريم

 

ثانياهذا لا يستلزم أن يكون المشرك في الألوهية قائلا بلسانه أو بجنانه أن معبوده رب، يخلق كخلق الله، أو دونه، بغير إذنه، أو بإذنه.

 

لكنه بنفس دعائه غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله – أو نحوها من العبادات المحضة – قد اختل توحيده الإثباتي والطلبي معا، وإن كان يقول أنا أعتقد أنه لا رب ولا متصرف إلا الله، وهذا من جنس من يقول (من لم ينطق بالشهادتين مع القدرة مع كونه مؤمنا في الباطن صحيح الإيمان، لأنه يجد من نفسه أنه يصدق الرسول، فيقال له: لو سلم وجوده هذا التصديق في قلبه، فهو غير تام التمام الذي يعتبره الله ويثيب عليه، فهو إيمان مختل لم يحصل القدر المجزئ لأطلاق اسم الإيمان).

 

والدليل على ذلك في توصيف شرك أغلب العرب:

﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [يونس: 31] ﴿ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ [يونس: 31]] ﴿ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس: 31].

اقرأ أيضا  اسرار اختلاف ألوان الجبال من القرآن

 

((فهذا نص قاطع في محل النزاع)):

أن مشركي الجاهلية لم يكن شركهم أنهم يعتقدون في آلهتهم أنها مربوبة، لكنها في نفس الوقت أرباب بمعنى أنها تدبر الأمر، بغير إذن الله، كما توهم بعضهم.

 

ففي هذا النص أن هؤلاء الصنف المخاطبين – على الأقل – كانوا يعتقدون أن التدبير من الله وليس من آلهتهم – بإذن أو بغير إذن الله – كما اعتِقَد، ومع ذلك كانوا مشركين بدعائهم.

 

ثالثا: الاستدلال بقوله تعالى:

﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا [الإسراء: 111]

هو من الاستدلال بتوحيد الربوبية – الذي ينافيه كل ما ذكر في الآية، على توحيد الألوهية، [وكبره تكبيرا ].

 

ولا ينفي، ولا يستلزم، أن يكون المخاطبون قائلين بهذه الأنواع.

 

فهو من جنس قوله تعالى:

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا [فاطر: 40].

اقرأ أيضا  الإعجاز السنني في القرآن الكريم

 

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الأحقاف: 4].

 

﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ [سبأ: 22].

 

ولا ريب أنهم لم يقولوا إن آلهتهم لها شرك في السماوات والأرض، بل هذا يخالف المأثور عنهم (تملكه ولا ملك).

 

فظهرت الطريقة القرآنية في الاستدلال بذلك (تمام الربوبية)، على (تمام الألوهية)، وفي كل الآيات السابقة عاب عليهم (الدعاء) لغير الله وعبادته مع عدم وجود ذلك منه، وإقراراهم به، وأنهم بذلك صاروا مشركين.

المصدر: الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.