التفسير الواضح لسورة الكوثر
الإثنين14 محرم1435 الموافق18 تشرين الثاني / نوفمبر.2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
أبو الحسن هشام المحجوبي و وديع الراضي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
هي سورة مكية؛ أي: نزلت على المصطفى -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة، تعدُّ أقصر سورة في القرآن الكريم، عدد آياتها ثلاث، وعدد كلماتها عشر، وعدد حروفها اثنتان وأربعون، اشتملت على معانٍ عظيمة يجب على كل مسلم اعتقادها، قال – سبحانه وتعالى -: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 – 3].
قيل: الكوثرُ هو لفظ جامع لجميع أنواع الخير.
وقيل: هو نهرٌ في أعلى درجة من الجنة، لا ينبغي إلا للنبي – صلى الله عليه وسلم.
ففعل ﴿ أعطيناك ﴾ فعل ماضٍ، والفعل الماضي يُفِيد التحقيق؛ أي: أعطيناك يا محمدُ حقًّا أعلى منزلةٍ في الجنة.
﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾؛ أي: اشكُرِ الله على هذه النعمة العظيمة بالحفاظ على الصلوات في أوقاتها، والاجتهاد في النوافل، وأداء صلاة العيد، ونحر الأضحية، خالصًا لوجه الله.
﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾؛ أي: إن عدوَّك وعدو سنّتِك يا محمد ممنوعٌ من جميع أنواع الخير، ممنوعٌ من رحمة الله ورضوانه، والتوبة إليه، وحسن الخاتمة والجنة، وممنوعٌ من البركة في النفس والمال والأهل، ومقطوع الذرية عاجلاً أم آجلاً.
اشتملت هذه السورة الكريمة على فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خيرُ خلق الله؛ لذلك استحقَّ أعلى درجة في الجنة؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أنا سيِّد ولدِ آدم يوم القيامة ولا فخر)).
الفائدة الثانية: أن الله -تعالى- يحب رسوله -صلى الله عليه وسلم- ويوالي مَن والاه ويعادي مَن عاداه؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله اتَّخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً)).
الفائدة الثالثة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أعلى درجة من الجنة لا تجوز لغيره.
الفائدة الرابعة: أن أمَّته -صلى الله عليه وسلم- خير الأمم؛ لذلك بُعث فيها خير الأنبياء والمرسلين.
الفائدة الخامسة: أن شكر الله – سبحانه وتعالى – على نعمه الظاهرة والباطنة يكون بالعمل؛ قال -تعالى-: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13]، وفي الحديث قالت عائشة – رضي الله عنها -: “كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقومُ الليل حتى تتفطَّر قدماه، فقلت: يا رسول الله، قد غفَر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!)).
الفائدة السادسة: أن الصلاة تعدُّ من أعظم العبادات وأحبِّها إلى الله؛ لذلك جاءت في سياق شكر الله -تعالى- على نعمة الكوثر.
الفائدة السابعة: أن نحر الأضحية يعدُّ من أعظم العبادات التي يحبها الله – سبحانه وتعالى – ويرضاها؛ لذلك جاء في سياق شكر الله -تعالى- على نعمة الكوثر، وجاء مقترنًا بالصلاة التي هي عمود الدين؛ قال – سبحانه وتعالى -:﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37].
الفائدة الثامنة: أن إقامة شعائر العيد من صميم شكر الله – سبحانه وتعالى – على نعمِه التي لا تحصى ولا تعدُّ؛ قال – سبحانه وتعالى -: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾[الحج: 32].
الفائدة التاسعة: أن إقامة الصلاة ونحر الأضحية من أهم أسباب دخول الجنة.
الفائدة العاشرة: أن مُبغِض سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- كافر مقطوع من كل خير في الدنيا والآخرة.
نسأل الله تعالى أن يوفِّقنا إلى العمل بكتابه الكريم، وأن يتقبل عملنا ويستر عيوبنا، إنه جواد كريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصدر:الألوكة