ناقصات أعزكم الله

رياض الزهراني

الإثنين 13 صفر 1435 الموافق 16 كانون الأول / ديسمبر2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).

كثيرة هي السلبيات المنتشرة بين الرجال، والمقصود بالسلبيات هنا النظرة السلبية والتفكير السلبي تجاه الأشياء ونظرة الرجل السلبية تجاه المرأة فعل سلبي يعززه المجتمع عبر مؤسساته المختلفة وعبر مواقف اجتماعية وآراء دينية يلف حولها الغموض.

تتعرض عقول وحقوق النساء لكم هائل من التجريح والتسطيح ، فيكفي أن تفتح كتاباً فقهياً أو رسالة وعظية أو منهجاً يٌدرَّس في مدارس البنين والبنات لتكتشف تلك الحقيقة , مناهج وكتب ورسائل تلقينية وعظيه استندت على الاجتهاد في التفسير والتعبير فأخرجت المرأة بصورة مغايرة لصورتها الإنسانية الآدمية الحقيقية صورة جعلت منها كائنا غير مرغوب فيه لأنها سبب للفتنة والافتتان كيف لا وهي قالب الحلوى اللذيذ!  ، بل ستجد أيضاً في مجالس الرجال عبارات مخجلة عندما يحل ذكر المرأة كعبارة أعزكم الله وكأنها من القاذورات وليست بآدمية مثل تلك العبارة وغيرها الكثير ناتج طبيعي لآراء تغلغلت بالعقول على مر السنين وناتج طبيعي للجهل وغياب العقل حتى وإن بدأت تندثر تلك العبارات إلا أن النظرة باقية على ما هي عليه فالنظرة لا إنسانية وبسببها حُرمت المرأة من أشياء كثيرة حتى حريتها بالأسواق تُنتهك بفعل تلك النظرة الحيوانية .

اقرأ أيضا  القدس المحتلة: مواجهات في الطور وانتشار مكثف لقوات الاحتلال على أبواب الأقصى

لم يقل رسولنا الكريم عندما ذكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أعزكم الله بل قال عنها الرسول عليه الصلاة والسلام: «خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء» .

قد يبرر البعض ممن طبع الله على قلبه وعقله مثل تلك العبارات والنظرات والسلوكيات بتبريرات واهية تستند على حيوانية بغيضة, فالمرأة فتنة تفتن العين والجوارح وهي السبب الرئيسي للحرام, تبرير سنده فهم خاطئ للنصوص واستناد على عادات وآراء توارثها المجتمع ومن يسوق ذلك التبرير وغيره لم يفهم حقيقة التكوين الغريزي للإنسان ذكوراً وإناثا, ولم يفهم نصوصا صريحة تأمر الجميع بغض البصر والحياء وضبط الشهوات, ولم يعِ ذلك العقل أن خروج المرأة للعمل أو للتنزه أو لحاجة تقضيها لا يبرر انتهاك خصوصيتها بالتحرش أو بالمضايقة, فهي خُلقت لأمر عظيم عبادة الله والمساهمة في عمارة الأرض!

اقرأ أيضا  أهالي مخيم حندرات فصول مأساة لا تنتهي بسبب ما تعرضوا له من تهجير وطرد وتشريد

المرأة نصف المجتمع لها مالها وعليها ما عليها, لكن أن تقع أسيرة لآراء تنال من حريتها وكرامتها , أو تقع أسيرة لشهوات البعض فذلك لا يتقبله العقل, فمن يحميها في الشارع والسوق والعمل من نظرات وسلوكيات خادشة ومن يأخذ حقها من ظلم زوج أو عقوق ابن أو غدر زمن والمجتمع الذكوري ينظر إليها نظرة جنسية لا إنسانية, لأن النظرة تحدد طريقة التعامل في نهاية الأمر, من يفكر بتلك العقلية لم يسأل نفسه سؤالا من أين خرج إلى الدنيا أليس من رحم امرأة يقول عنها ناقصة عقل وأعزكم الله, أمة ومجتمع مضحك يعيش في سبات عميق وظلام دامس ولن تتغير تلك النظرة وتندثر تلك السلوكيات إلا إذا تغيرت طريقة التفكير والتنقيب والبحث في المسائل والحقائق, فالرأي الواحد قد يدمر أجيالا وكم من آراء دمرت الحياة وجعلتها أسيرة للقصص والخرافات وللعبارات والتفسيرات الاجتهادية المخجلة؟ ..

اقرأ أيضا  الأبواب الزجاجية للمسجد الحرام مكسوة بالذهب الخالص

المصدر: رياض الزهراني

 

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.