مقدمة حول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية
الثلاثاء،28جمادى الثانية1435الموافق29نيسان/أبريل2014 وكالة معراج للأنباءالإسلامية”مينا”.
صفاء علي عباس محمد
مقدمة حول الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية
(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)
مقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [1]
والقائل: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[2]
والقائل: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾[3]
والقائل: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾[4]
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الصادق الأمين المعلم لكل العالمين الذي قال (إن الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرضين حتى النملة في جحرها والحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير)[5]
اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل على سيدنا محمد في الآخرين وصل على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
إن القرآن الكريم كتاب له قدر نزل من عند رب عظيم القدر نزل به ملك عظيم القدر على نبي عظيم القدر في ليلة عظيمة القدر.
أما الرب فهو رب الكون وخالقه، وأما الملك فهو أعظم الملائكة، وأما النبي فهو خاتم الأنبياء وأعظمهم، وأما الليلة فهي ليلة خير من ألف شهر.
وأما القرآن لقد ظل العلماء سنوات طوال يبحثون في قدره فهو كلام الله، كتاب هداية، كتاب تشريع، كتاب طب، كتاب تاريخ، كتاب علوم، هذا فضلاً عن اللغة بأقسامها فقد جمع علم الأوليين والآخرين.
إن معجزة القرآن تظهر لأهل العلم في كل مجال من مجالاته فهي ظاهرة في نظمه، في لغته، في بلاغته في عدده، وفى إخباره عن الأولين، وفى إنبائه بحوادث المستقبل، وحكم التشريع وغيرها.
ولقد شاع مصطلح الإعجاز العلمي في عصرنا، للدلالة على أوجه إعجاز القرآن والسنة التي كشفت عنها العلوم الكونية.
لقد ظل العلماء يبحثون في هذا الكتاب لماذا هو كتاب معجز؟
ونحن في الصفحات القادمة نتشارك مع من تكلم في إعجاز القرآن نقدم في هذا البحث تأصيلاً لهذا العلم بغية إعانة المشتغلين في هذا الحقل على ارتياد آفاقه.
وقد قسمت بحثي إلى إهداء ومقدمة وخاتمة وقائمة مراجع وفهرست وبينها ثلاثة فصول أساسية:
الأول: عن أقوال العلماء في القديم والحديث فيما يتعلق بقضية الإعجاز القرآني.
الثاني: لماذا القرآن كتاب معجز وبعض من أوجه إعجاز القرآن الكريم بصورة إجمالية في العديد من المجالات.
والفصل الثالث: عن الإعجاز العلمي في القران الكريم وضوابط البحث فيه.
وقد استعنت في ذلك بالقرآن الكريم والعديد من المراجع والندوات والدورات المعنية بالموضوع كما استعنت بالكثير من الأبحاث على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم إنه نعم المولى ونعم النصير وبالإجابة جدير.
الفصل الأول
اجتهادات العلماء حول الإعجاز
إعجاز القرآن على مر الزمان
لقد شغلت قضية الإعجاز القرآني مساحة كبيرة من الفكر الإسلامي على مر العصور ولا تزال تشغله حتى عصرنا الحاضر ولقد تدارسها كثير من العلماء والفلاسفة وأصحاب الكلام وكان لكل منهم وجهة نظره:
وإننا لنؤكد دومًا إن للإعجاز القرآني في كل عصر وجه ينكشف للناس ودليل جديد على صدق معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم…. والآن لنتعرف على آراء العلماء المسلمين قدامهم ومحدثيهم فيما يتعلق بالإعجاز القرآني كما يلي:
المبحث الأول
آراء قدامى علماء المسلمين فيما يتعلق بقضية الإعجاز القرآني
الخطابي: (319 ه) ناقش الخطابي أراء السابقين في هذه القضية وفند بعضها وأكد الأخرى مثل تأكيده لمعجزة القرآن المتمثلة في امتناعه على الناس الإتيان بمثله ومثل الإعجاز في ذات القرآن ولكنه دحض فكرة الإعجاز بالصرفة (وهي التي قال بها كبير المعتزلة أبو إسحاق النظام، وهي أن الله صرف همة الناس عن معارضة القرآن على الرغم من مقدرتهم على معارضته. ولكن العائق هو صرف الله لهم عن ذلك)
كذلك فقد أكد الخطابي الإعجاز القرآني بالإخبار عن المغيبات السابقة واللاحقة، ولم يشك في ذلك كما أنه عول على بلاغة القرآن تعويلاً كبيرا وجعل ذلك من أهم وجوه الإعجاز. وهو الذي يتصل بالوجدان والقلب والتأثير في النفوس.
الرماني: (296- 386 ه) عرض الرماني وجهة نظره في وجوه الإعجاز التي يختص بها القرآن الكريم وحصرها في: البلاغة القرآنية، من إيجاز وتشبيه واستعارة وتلائم وفواصل وتجانس وتصريف وتضمين ومبالغة وحسن بيان. وكذلك تكلم في تحدى القرآن لكافة الناس أن يأتوا بمثله أو بصورة من مثله والأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة.
الباقلاني: (توفى 403ه) هو صاحب المؤلف إعجاز القرآن وقد حدد الإعجاز القرآني في ثلاثة وجوه: الإخبار عن المغيبات وأمية الرسول صلى الله عليه وسلم، والنظم وقد أرجع الباقلاني جمال[6] نظم القرآني إلى عشرة وجوه متكاملة تتسم بالدقة والعمق معاً وتدل على ترابط الجزئيات وتكاملها القاضي عبد الجبار: (توفي 415ه) أوضح رأيه في الإعجاز في كتابه المغنى وأنه ينحصر في جزالة اللفظ وحسن المعنى إلى درجة لم تبلغها بلاغة البلغاء أو فصاحة الفصحاء.
الجرجاني: (توفى 471ه) كان من العلماء الذين تناولوا إبراز وجوه الإعجاز في القرآن تناولاً دقيقاً وهذا واضح في كتابه (دلائل الإعجاز) وكتابه(الرسالة الشافية) ولكنه ركز في بحثه للموضوع على خاصية (النظم)وجعلها الوجه المشرق الوحيد للإعجاز القرآني.
القاضي عياض: (496، 544ه) في كتابه الشهير (الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم) عقد فيه فصلاً عن إعجاز القرآن وحصر أوجهه في أربعة: حسن التأليف والفصاحة والبلاغة الخارقة، والنظم العجيب، الإخبار بالمغيبات السابقة، الإنباء بالأخبار القادمة وفي موضع آخر من كتابه أضاف أوجهاً أخرى لإعجاز القرآن منها تحديه للبلغاء وأهل الفصاحة أن يأتوا ولو بثلاث آيات من مثله، تأثيره النفسي في قارئيه وسامعيه ومتدبريه، وبقائه على مر الزمان دون أن يخلق على كثرة الرد 0
أبو حامد الغزالي: (450، 505 ه) يعد الإمام أبو حامد الغزالي من أقدر رواد هذا الاتجاه وقد بث أفكاره وعرض آرائه في كتابيه (الإحياء) (الجواهر) وهو يقول في إحياء علوم الدين بعد أن بين انشعاب العلوم الدينية: العلوم الدنيوية كلها متشعبه في القرآن ويقول أيضاً كل ما أشكل فهمه على النظار واختلف فيه الخلائق من النظريات والمقولات في القرآن إليه رموز ودلالات عليه يختص أهل الفهم بإدراكها ويستشهد الإمام لاشتمال القرآنعلى جميع العلوم بقول ابن مسعود: (من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن) وفي كتابه (جواهر القرآن) يذكر أن علوم الطب والنجوم وهيئة العالم وهيئة بدن الحيوان وتشريح أعضائه وعلم السحر وعلم الطلسمات فيه وغير ذلك يشير إليه القرآن في قول الله سبحانه: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾[7] فيه إشارة إلى علم الطب المتضمن أسباب المرض ووسائل الشفاء، وقوله سبحانه: ﴿الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ﴾[8] ونحوه مما يشير إلى علم الهيئة (الفلك) وتركيب السماوات والأرض (الكوزمولوجيا والجيولوجيا) ويرى أن جميع العلوم المعروفة والتي سيسفر عنها الزمان مع تعاقب العصور موجودة في القرآن لا بالتصريح وإنما (بالقوة) أو كما يقول إن جميع العلوم التي عرفها البشر والتي هم في الطرق إلى معرفتها ليست في أوائلها خارجة عن القرآن، فإن جميعها مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى: وهو بحر الأفعال.
السكاكي: (توفى 626 ه) في كتابه مفتاح العلوم مال إلى القول بالنظم وجعل الإعجاز لا يدرك إلا بالذوق وطول خدمة البلاغة وممارسة الكلام البليغ.
الفخر الرازي: (توفى 606 ه) هو صاحب (التفسير الكبير) المسمى أيضاً(مفاتيح الغيب) وهو يرى رحمه الله وجود جميع العلوم في القرآن بالقوة كوجود الشجرة في النواة البذرة وقد عرض في تفسيره الكبير مباحث كثيرة حسب ثقافة عصره وما بلغته العلوم في زمانه في شتى نواحي العلوم الطبيعية والمعارف الكونية وللرازي أيضاً كتاب في هذا المجال هو (نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز).
ابن أبي الإصبع المصري: (توفى 654 ه) أكد الإعجاز البياني للقرآن الكريم وقد تبعه في هذا الرأي العلوي اليمنى(629،729) صاحب كتاب الطراز ولم يخرج كل من شمس الدين الأصفهاني توفى (749 ه) والزركشي (745، 794 ه) عما قال أسلافهم من العلماء.
أبو الفضل المرسى: (توفى 655 ه)، يقول في تفسيره جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط به علماً إلا المتكلم به ثم قال أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وذلك إنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في آية واحدة ﴿… وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً﴾[9] ثم قرر مثل ذلك في علوم الهيئة (الفلك) الهندسة والجبر والمقابلة.
جلال الدين السيوطي: (توفى 911 ه) يرى ما يراه كل من الغزالي والرازي ويستدل لذلك بقوله تعالى: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ..﴾[10]وبأحاديث نبوية منها ما أخرجه أبو الشيخ عن أبى هريرة قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله لو أغفل شيئاً لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة) وما ورد عن ابن مسعود إذ قال (أنزل في القرآن كل علم وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بينا لنا في القرآن وفي كتابه المشهور(الإتقان في علوم القرآن) يقول الإمام السيوطي:
(اشتمل الكتاب العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها وفيه عجائب المخلوقات وملكوت السماوات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثري إلى غير ذلك مما يحتاج شرحه إلى مجلدات).
المبحث الثاني
آراء القرن الرابع عشر الهجري فيما يتعلق بقضية الإعجاز القرآني
عبد الرحمن الكواكبى: في مقدمة المحدثين الذين نادوا باستعمال معطيات العلم الحديث في شرح آيات القرآن التي تتحدث عن الكون والطبيعة والأنفس وما شابه ذلك يقول الكواكبي في كتابه المعروف (طبائع الاستبداد): إن القرآن الكريم شمس العلوم وكنز الحكم وهو يرى أن العلماء إنما امتنعوا عن التفسير العلمي تخوفاً من مخالفة رأى القاصرين في العلم فيكفرون فيقتلون وهو يعرض في كتابه هذا أهمية اتجاه التفسير العلمي للقرآن الكريم يقول الكواكبي إن مسألة إعجاز القرآن لم يستطيع أن يوفها حقها العلماء غير المجتهدين الذين اقتصروا على ما قاله السلف من أن إعجازه في فصاحته وبلاغته أو إخباره عن أن الروم بعد غلبهم سيغلبون ولو أطلق للعلماء عنان التدقيق وحرية الرأي والتأليف كما أطلق لأهل التأويل والخرافات لرأوا في ألوف من آيات القرآن الكريم ألوف الآيات من الإعجاز بصدق قوله تعالى: ﴿وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين﴾[11].
ومثال ذلك: أن العلم كشف في هذه القرون الأخيرة حقائق وطبائع ورد التصريح أو التلميح بأكثرها في القرآن وما بقيت مستورة إلا لتكون عند ظهورها معجزة للقرآن شاهدة بأنه كلام رب العالمين لا يعلم الغيب سواه.
مصطفى صادق الرافعي: الأديب المعروف الذي وضع كتابه المشهور (إعجاز القرآن) وذهب فيه إلا أن القرآن بآثاره النامية معجزة أصلية في تاريخ العلم كله على بسيط هذه الأرض من لدن ظهور الإسلام إلى ما شاء الله. كما يقول: استخرج بعض علمائنا من القرآن ما يشير إلى مستحدثات الاختراع وما يحقق بعض غوامض العلوم الطبيعية وبسطوا كل ذلك بسطا.
يشرح الرافعي في كتابه (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية) مسائل عديدة في الإعجاز القرآني ويخلص إلى أن القرآن معجزة بالمعنى الذي يفهم من لفظ (الإعجاز) على إطلاقه حيث ينفى الإمكان بالعجز من غير الممكن فهو أمر لا تبلغ منه الفطرة الإنسانية مبلغاً وليس إلى ذلك مأتى ولا وجهة وإنما هو أثر كغيره من الآثار الإلهية ليشاركها في إعجاز الصفة وهيئة الوضع وينفرد عنها بأن له مادة من الألفاظ كأنها مفرغة إفراغاً من ذوب تلك المواد كلها وما نظنه إلا الصورة الروحية للعالم كله فالقرآن معجز في تاريخه دون سائر الكتب ومعجز في آثره النفسي ومعجز في حقائقه.
الشيخ محمد عبده: له كتاب (رسالة التوحيد) وهو من المهتمين بإبراز أوجه الإعجاز في القرآن ويرى أن القرآن معجز من عند الله لأنه صدر عن نبي أمي لأنه يخبر عن الغيب ولتقاصر القوة البشرية لقد كانت للشيخ آراء تصحيحية غير قليلة وكان من المهتمين بإبراز الإشارات العلمية الواردة بالقرآن لكنه لم يكن متضلعاً بالعلوم الكونية ولم يمارس البحوث التجريبية ولم يدرس الجوانب الطبيعية أو الطبية إنما كان ينقل من أهل التخصصات ليشرح ما يراه مناسباً لبعض الآيات ويأخذ بعض العلماء على الشيخ محمد عبده إغراقه في التفسيرات العلمية التي أوقعته في عدد من الأخطاء مثل ما وقع فيه عندما افترض أن (نظرية التطور) لدارون في أصل الإنسان يمكن أن يوجد لها تفسيراً قرآنياً وعندما أعتبر أن الحجارة التي ألقتها الطير الأبابيل نوع من المكروبات ويرى هؤلاء العلماء أن هذا وذاك وما شابهه يخالف الحقيقة القرآنية.
المبحث الثالث
آراء القرن الخامس عشر الهجري فيما يتعلق بقضية الإعجاز القرآني
محمد متولي الشعراوي: الذي يلجأ في كثير من الأحيان خصوصاً عند مروره بالآيات ذات الإشارات والمفاهيم العلمية إلى الاستعانة بمعطيات العلوم الحديثة في الكشف عن جوانب من معنى الآية لم تكن ظاهرة من ناس من قبل، ونفهم من ذلك أنه لا يعارض التفسير العلمي، وإنما يعارض المغالاة والاندفاع والخوض بالقول في النظريات والفروض والظنون وجر آيات القرآن إلى هذا الميدان في محاولة لإثبات القرآن بالعلم رغم أن القرآنليس في حاجة إلى العلم ليثبت صدقه.
يقول فضيلته إن هذا أخطر ما نواجه ذلك أن بعض العلماء في اندفاعهم في التفسير وفي محاولتهم ربط القرآن بالتقدم العلمي، يندفعون في محاولة ربط كلام الله بنظريات علمية مكتشفة يثبت بعد ذلك أنها غير صحيحة وهم في اندفاعهم هذا يتخذون خطوات متسرعة ويحاولون إثبات القرآن الكريم بالعلم، والقرآن ليس في حاجة إلى العلم ليثبت، فالقرآن ليس كتاب علم ولكنه كتاب عباده ومنهج، ولكن الله سبحانه وتعالى علم أنه بعد عدة قرون من نزول هذا الكتاب الكريم سيأتي عدد من الناس ويقول انتهى عصر الإيمان وبدء عصر العلم، والعلم الذي يتحدثون عنه قد بينه القرآن الكريم كحقائق كونية منذ أربعة عشر قرناً.
عبد المجيد الزنداني: أول أمين لهيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، وهذه هي أول هيئة (من حيث التأسيس) في العالم تقوم على إبراز جوانب الإعجاز العلمي في آيات القرآن، ولفضيلته كتب عديدة في مجال الإشارات العلمية للقرآن الكريم، والتوحيد، والكثير من البحوث المنشورة في مؤتمرات هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة بمكة المكرمة، كما أنه صاحب العديد من الأفكار والمشروعات البحثية في هذا المجال العظيم.
مصطفى محمود: المفكر المعروف وهو أحد المنادين بالتفسير العصري (وهو في نظره أكثر شمولاً من مجرد (التفسير العلمي) وله في هذا المجال كتاب مشهور بعنوان (القرآن. محاولة لفهم عصري).
يقول الدكتور مصطفى محمود إن القرآن كلام الله (الذي) لا نهاية لمعانيه هو كتاب جامع، ولهذا فإنه احتمل أكثر من منهج في التفسير، فهناك التفسير البياني، والتفسير العلمي الذي يركز على الآيات الكونية في الفلك والطب والأجنة وعلى معطيات الموضوعية العلمية، وهناك التفسير الإشاري وهناك… إلخ. ولكل منهج من هذه المناهج مكانه وكلها مكملة لبعضها البعض والاجتهاد فيها لا ينتهي ونظراً لكثرة المعلومات المتاحة في العصر العلمي الذي نعيشه أخذ التفسير العلمي مكان الصدارة، إذ وجدنا آيات القرآن تتوافق مع كل ما يجد من معارف علمية ثابتة… وهو يرد على المعترضين بحجة العلم وعدم ثباته.
المبحث الرابع
ولا يزال الرصيد زاخرًا
لقد كثرت التأليف والتصانيف في مسائل إعجاز القرآن وخصوصًا الجوانب العلمية، والطبيعية والكونية، والطبية فيه، وإننا بالأمثلة التي نوردها فيما يلي لا نريد حصرًا، وإنما نوردها على سبيل الإشارة ومن هؤلاء:
الدكتور عبد الحليم محمود، محمد فريد وجدي، محمد الطاهر عاشور، بديع الزمان، عبد الرازق نوفل كامل البوهي، محمود نظمي نسيمي، طنطاوي جوهري، محمد أحمد العدوي، عبد الله باشا فكري، عبد العزيز باشا إسماعيل،كارم السيد غنيم، محمد شوقي الفنجري، أحمد شوقي الفنجري، محمد السيد أرناؤوط،…. والقائمة تطول وتطول ونكتفي بما ذكرناه خشية الإطالة مع تقديم الاعتذار لمن تجاوزناهم وسوف يستمر عطاء القرآن على مر الزمان، وسوف يستمر علماء العلوم المدينة والتخصصات الكونية – من يعتنقون الإسلام منهم ومن لا يعتنقونه – في الكشف عن مختلف جوانب الإعجاز في كتاب الله المجيد، معجزة الإسلام الخالدة الباقية إلي يوم القيامة مصدقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم فيه بطاعته إلى يوم القيامة)[12] وقوله صلى الله عليه وسلم (إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر)[13].
وتنفيذًا للوعد الإلهي كما جاء في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾[14]
وقوله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ…﴾[15]
(وعلى الله قصد السبيل)[16][17])
الفصل الثاني
لماذا القرآن كتاب معجز؟
بعض من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم
المبحث الأول
تعريف القرآن والمعجزة
قبل أن نتحدث عن إعجاز القرآن ينبغي أولا أن نعرف القرآن، وثانيًَا نعرف معنى المعجزة.
القرآن هو: كتاب الله المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المنقول إلينا تواترًا المتعبد بتلاوته والمتحدى بأقصر سورة منه فالله سبحانه جعل في تعريف القرآن المتحدى بأقصر سورة منه وفي ذلك قال تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾[18] كما قال أيضًا: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾[19]والتحدي بمعنى الإعجاز
ومعنى الإعجاز لغة: مشتق من العجز. والعجز: الضعف أو عدم القدرة، وهو مصدر أعجز بمعنى الفوت والسبق[20]
والمعجزة في اصطلاح العلماء: أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة[21]
وإعجاز القرآن: يقصد به إعجاز القرآن الناس أن يأتوا بمثله. أي نسبة العجز إلى الناس بسبب عدم قدرتهم على الإتيان بمثله.
ولكن ما هي أوجه الإعجاز في القرآن الكريم؟
المبحث الثاني
أوجه الإعجاز في القرآن الكريم
تتعدد أوجه الإعجاز في كتاب الله بتعدد جوانب النظر فيه, فكل آية من آياته فيها إعجاز لفظي وبياني ودلالي, وكل مجموعة من الآيات, وكل سورة من السور طالت أم قصرت, بما فيها من قواعد عقدية, أو أوامر تعبدية, أو قيم أخلاقية, أو ضوابط سلوكية، أو إشارات علمية, إلي شيء من أشياء هذا الكون الفسيح وما فيه من ظواهر وكائنات, وكل تشريع, وكل قصة, وكل واقعة تاريخية, وكل وسيلة تربوية, وكل نبوءة مستقبلية, كل ذلك يفيض بجلال الربوبية, ويتميز عن كل صياغة إنسانية ويشهد للقرآن بالتفرد كما يشهد بعجز الإنسان عن أن يأتي بشيء من مثله.
وقد أفاض المتحدثون عن أوجه الإعجاز في كتاب الله, وكان منهم من رأي ذلك في جمال بيانه, ودقة نظمه, وكمال بلاغته, أو في روعة معانيه وشمولها واتساقها ودقة صياغتها, وقدرتها علي مخاطبة الناس علي اختلاف مداركهم وأزمانهم, وإشعاعها بجلال الربوبية في كل آية من آياته.
ومنهم من أدرك أن إعجاز القرآن في كمال تشريعه, ودقة تفاصيل ذلك التشريع وحكمته وشموله, أو في استعراضه الدقيق لمسيرة البشرية ولتاريخ عدد من الأمم السابقة من لدن أبينا آدم (عليه السلام) إلي خاتم الأنبياء والمرسلين (عليه وعليهم أجمعين أفضل الصلاة وأزكى السلام), مما لم يكن يعلم تفاصيله أحد من الناس.
ومنهم من رأي إعجاز القرآن الكريم في منهجه التربوي الفريد, وأطره النفسية السامية والعلمية في نفس الوقت, والثابتة علي مر الأيام, أو في إنبائه بالغيب مما تحقق بعد نزوله بسنوات طويلة, أو في إشاراته إلي العديد من حقائق الكون وسنن الله فيه مما لم يكن معروفا لأحد من البشر وقت نزول القرآن ولا لمئات من السنين بعد ذلك النزول, ومنهم من رأي إعجاز القرآن في صموده علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا لكل محاولات التحريف التي قامت بها قوي الشر المتعددة متمثلة في الكفرة والمشركين والملاحدة علي مدي تلك القرون العديدة وذلك لأن الله تعالي تعهد بحفظه فحفظ قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾[22]ومن العلماء من يري إعجاز القرآن في ذلك كله وفي غيره، وبعد أن تحدثنا عن أقوال العلماء بصورة إجمالية نحاول أن نستجلي بعضًا من وجوه الإعجاز في القرآن في بعض العلوم على سبيل التفصيل.
المطلب الأول: الإعجاز النظمي للقرآن الكريم:
كانت الكثرة الكاثرة من القدامى والمعاصرين علي حد سواء قد ركزوا اهتمامهم علي ناحية نظم القرآن الكريم فهذا ابن عطية الأندلسي (ت546 ه) يذكر في مقدمة تفسيره (278/1) ما نصه : إن الله قد أحاط بكل شيء علما, فإذا ترتبت اللفظة من القرآن, علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولي, وتبين المعني بعد المعني, ثم كذلك من أول القرآن إلي آخره, والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول, ومعلوم ضرورة أن أحدًا من البشر لا يحيط بذلك , فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة, وبهذا يبطل قول من قال : إن العرب كان في قدرتهم الإتيان بمثله فصرفوا عن ذلك, والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط، ولهذا نري البليغ ينقح القصيدة أو الخطبة حولا, ثم ينظر فيها فيغير منها, وهلم جرا, وكتاب الله لو نزعت منه لفظة, ثم أدير لسان العرب علي لفظة أحسن منها لم يوجد.. وقامت الحجة علي العالم بالعرب, إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة.
وهذا هو الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين أحد العلماء المعاصرين يكتب فصلا في إعجاز القرآن (كتقديم لترجمته لكتاب الظاهرة القرآنية للمفكر الإسلامي الأستاذ مالك بن نبي (يرحمه الله) يحدد فيه الإعجاز في دائرة البيان والنظم حيث يقول: إن الآيات القليلة من القرآن, ثم الآيات الكثيرة, ثم القران كله, أي ذلك كان في تلاوته علي سامعيه من العرب, الدليل الذي يطالبه بان يقطع بأن هذا الكلام مفارق لجنس كلام البشر, وذلك من وجه واحد, هو وجه البيان والنظم.
وإذا صح إن قليل القرآن وكثيره سواء من هذا الوجه, ثبت أن ما في القرآنجملة, من حقائق الأخبار عن الأمم السابقة , ومن أنباء الغيب, ومن دقائق التشريع, ومن عجائب الدلالات علي ما لم يعرفه البشر من أسرار الكون إلا بعد القرون المتطاولة من تنزيله, كل ذلك بمعزل عن الذي طولب به العرب, وهو إن يستبينوا في نظمه وبيانه انفكاكه من نظم البشر وبيانهم, ومن وجه يحسم القضاء بأنه كلام رب العالمين… ولكن إذا جاز هذا التحديد علي موقف التحدي من مشركي العرب – علي الرغم من عدم وجود الدليل علي ذلك – فانه بالقطع لا يجوز علي إطلاقه, خاصة أن العرب اليوم في جملتهم قد فقدوا الحس اللغوي الذي تميز به أسلافهم, وأن التحدي بالقرآن للإنس والجن متظاهرين هو تحد مستمر قائم إلي يوم الدين, مما يؤكد أن ما في القرآن من أمور الغيب, وحقائق التاريخ, ومن فهم دقيق لمكنون النفس البشرية وحسن الخطاب في هدايتها وإرشادها وتربيتها, ومن مختلف الصور التي ضربت لعجائب آيات الله في خلقه, ومن غير ذلك مما اكتشفه ولا يزال يكتشفه (في كتاب الله) متخصصون في كل حقل من حقول المعرفة, لا يمكن أن يبقي بمعزل عن ذلك التحدي المفضي إلى الإعجاز القرآني, والدال علي أن القرآن كلام الله.
المطلب الثاني: الإعجاز الرقمي للقرآن:
وإذا كنا تحدثنا عن الإعجاز النظمي والبلاغي والنحوي والصرفي في القرآنالكريم وهي أوجه الإعجاز المختصة بالعرب فإننا نتحدث عن وجه جديد من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم وحديثنا عن الإعجاز الرقمي فنكشف فيه عن مقابلات عديدة توازي بعض المقابلات اللفظية في القرآن وتتكرر بكثرة تلفت النظر فنرى أن لفظ الحياة ومشتقاتها يتكرر في القرآن 145، وبالمثل يتكرر لفظ الموت ومشتقاته 145، وكلمة الدنيا ترد 115 مرة، وكلمة الآخرة 115، الملائكة 88، الشياطين بالمثل 88، الحر4 مرات، والبرد 4 مرات وكذلك المصائب 75 مرة والشكر 75 مرة الزكاة 32 مرة، البركات 32 مرة، العقل ومشتقاته 49 مرة، النور ومشتقاته 49 مرة.
فهل كل هذه مصادفات أم هي إشارة إلى وجه آخر من وجوه الإعجاز في ذلك الكتاب المحكم لفظًا ومعنى وحروفًا وأعدادًا[23]؟
المطلب الثالث: الإعجاز اللفظي:
من أجمل الإعجازات القرآنية الإعجاز اللفظي وهو أن تسمع الكلمة وتقول باستحالة أن يوضع أي لفظ مكان اللفظ الموجود يؤدي إلى نفس المعنى الموضوع في القرآن لمجرد أن تصطف الحروف في السمع بهذا النمط الفريد ذلك العزف بلا آلات وبلا قواف وبلا بحور وبلا أوزان ولننظر ونسمع وبدون تعليق ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً﴾[24] كلام زكريا لربه.
﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً﴾[25]
كلام المسيح في المهد.
﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً﴾[26] جملة موسيقية تتحدث عن خشوع الرسل.
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ﴾[27] حديث القرآن عن المجرمين تحولت الكلمات إلي جلاميد صخر.
﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾[28]
﴿فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ﴾[29] وصف صعب ليوم أصعب.
﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[30]
والحكمة واضحة فالمرأة في الزنا هي البادئة وهي التي تدعو الرجل بزينتها وتبرجها أما في السرقة فهي أقل جرأة من الرجل إننا إذن أمام كلمات مصفوفة بإحكام ودقة وانضباط[31]
المطلب الرابع: الحفظ:
﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾[32] آية من أهم آيات الإعجاز في القرآن الكريم وهي تتحدث أنه مهما مرت الأزمان وتعاقبت الدهور فلن يحدث أي تحريف في القرآن لأن الذي تكفل بحفظه ليس خلقًا من المخلوقات وإنما تكفل بحفظه خالق المخلوقات ومن عجب أن أعداء الإسلام هم من اخترع الطباعة وأجهزة التسجيل والحاسب الآلي كل ما نستخدمه الآن من أجل حفظ المصحف فسخرهم الله ليكونوا خدامًا للقرآنوهم من غير المسلمين.
المطلب الخامس: القرآن مزق حواجز الغيب:
من معجزات القرآن أيضًا حينما جاء تحدى في أشياء كثيرة منها أنه مزق حواجز الغيب في المكان والزمن الماضي والزمن المستقبل:
في الماضي تحدث عن الرسل والأنبياء وماذا فعل معهم أقوامهم بل سيكون النبي وأمته شاهدين على هؤلاء الأمم يوم القيامة ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً﴾[33] فكيف لعربي أمي لم يخرج من مكانه وهو لا يقرأ ولا يكتب يحكي أسرار الزمن الماضي هذه معجزة
ثم جاء الأمر الثاني فمزق الله حجاب المكان لمحمد صلى الله عليه وسلم وجاء في أمر من أدق الأمور وهو حديث النفس ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ…﴾[34] فالقرآن هنا يتحدى بأنه أخبر بما داخل الصدور.
ثم بعد ذلك مزق القرآن حجاب المستقبل فمن منا يدري ماذا سيحدث في اللحظة القادمة ولكن القرآن بإعجازه أخبر عن سنوات وسنوات قادمة حتى آلاف السنين هذا هو القرآن وهذا هو إعجازه ولنقرأ معًا ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾[35] لقد نزلت سورة القمر هذه في مكة والمسلمون قلة وأذلة حتى إن عمر بن الخطاب قال: أي جمع هذا الذي سيهزم ونحن لا نستطيع أن نحمي أنفسنا؟
وبعد ذلك نجد عجبًا: الوليد بن المغيرة العدو الألد للإسلام والمشهور بكبريائه ومكابرته وعناده يأتي القرآن ويقول هذا الإنسان ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾[36] أي أنه سيقتل بضربة على أنفه ويحد موقع الضربة وبعد ذلك يأتي في بدر فتراه وسم على خرطومه أي ضرب على أنفه.
﴿الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾[37] يتنبأ القرآن بنتيجة معركة لم تحدث ويحدد موعدها بين الروم والفرس ماذا كان يمكن أن يحدث لو أنه لم تحدث معركة أو حدثت في موعد غير الذي أخبر عنه القرآن أو حدثت وهزم الروم هذا من إعجاز القرآن فقد حدثت المعركة وفي الموعد وانتصر الروم لأن القائل هو الله والفاعل هو الله.
﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ﴾[38] هذا أيضًا من قبيل إعجاز القرآن فهو قد تحدى هذا المشرك أن يسلم وكان يكفي أن يذهب أبو لهب إلى أي جماعة من المسلمين ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله ولو قالها نفاقًا أو رياء ليهدم بها الإسلام لا ليدخل فيه ثم يقف ويقول إن القرآن قال إني سأموت كافرًا وأنا أعلن إسلامي لأثبت لكم إن محمدا كاذب ولكن التحدي أن القرآن قال بأنه سيموت كافر وهو ما استطاع أن يسلم ولو كذبًا.
والخلاصة:
أن القرآن تحدى العرب وغير العرب وقت نزوله ولكننا قلنا إن القرآن ليس له زمان وليس له مكان وأنه سيظل حتى قيام الساعة فكيف يمكن أن يتحدى الأجيال القادمة؟
لابد أن يكون للقرآن معجزة دائمة أن يعطي عطاء لكل جيل لم يعطه للأجيال السابقة عليه وقد جاء في القرآن أشياء لو أن أحدًا أخبر بها وقت نزوله لاتهم الذين قالوها بالجنون ولكنها جاءت للعصور القادمة، جاءت لتتحدى عبر الأجيال إلى يومنا وإلى الأيام القادمة
الفصل الثالث
الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ضوابط البحث، أهميته وثماره
نبدأ هذا الفصل بما ختمنا به الفصل الماضي من كلام فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي.
إذا انتهينا إلى هذا نكون قد أثبتنا أن القرآن تحدى العرب وغير العرب وقت نزوله ولكننا قلنا إن القرآن ليس له زمان وليس له مكان وأنه سيظل حتى قيام الساعة فكيف يمكن أن يتحدى الأجيال القادمة؟ لابد أن يكون للقرآنمعجزة دائمة أن يعطي عطاء لكل جيل لم يعطه للأجيال السابقة عليه وقد جاء في القرآن أشياء لو أن أحدًا أخبر بها وقت نزوله لاتهم الذين قالوها بالجنون ولكنها جاءت للعصور القادمة، جاءت لتتحدى عبر الأجيال إلى يومنا وإلى الأيام القادمة.
وإذا كنا تحدثنا عن بعض معجزات القرآن فهي معجزات أثبتها السابقون والآن إلى باب من أهم أبواب الإعجاز في القرآن وهو الإعجاز العلمي فهذا ما بدأ يكشف عنه السنوات القليلة الماضية وأعتقد أنه سيظل إلى أمد طويل قادم والناس يبحثون عن الإعجاز العلمي في القرآن.
ولقد شاع مصطلح الإعجاز العلمي في عصرنا، للدلالة على أوجه إعجاز القرآن والسنة التي كشفت عنها العلوم الكونية، ووصف الإعجاز هنا بأنه علمي نسبة إلى العلم.
المبحث الأول
مفهوم العلم والفارق بين الإعجاز العلمي والتفسير العلمي
المطلب الأول: العلم والإعجاز العلمي:
العلم:هو إدراك الأشياء على حقائقها أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تاماً[39].
الإعجاز العلمي: هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول، وهذا مما يظهر صدق الرسول محمد فيما أخبر به عن ربه سبحانه.
لكل رسول معجزة تناسب قومه ومدة رسالته، ولما كان الرسل قبل محمد يبعثون إلى أقوامهم خاصة لأزمنة محدودة فقد أيدهم الله ببينات حسية مثل: عصا موسى، وإحياء الموتى بإذن الله على يد عيسى وتستمر هذه البينات الحسية محتفظة بقوة إقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول، فإذا حرف الناس دين الله بعث الله رسولاً آخر بالدين الذي يرضاه، وبمعجزة جديدة، وبينة مشاهدة.
وهنا يظهر لنا سؤال ما الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي.
المطلب الثاني: الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي:
فالتفسير العلمي: هو الكشف عن معاني الآية أو الحديث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية.
أما الإعجاز العلمي: فهو إخبار القرآن الكريم، أو السنة النبوية، بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيراً، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية، في زمن الرسول. وهكذا يظهر اشتمال القرآن أو الحديث على الحقيقة الكونية، التي يؤول إليها معنى الآية أو الحديث، ويشاهد الناس مصداقها في الكون، فيستقر عندها التفسير، ويعلم بها التأويل، كما قال تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾[40] وقد تتجلى مشاهد أخرى كونية عبر القرون، تزيد المعنى المستقر وضوحاً وعمقاً وشمولاً لأن الرسول قد أوتى جوامع الكلم فيزداد بها الإعجاز عمقا وشمولاً، كما تزداد السنة الكونية وضوحا بكثرة شواهدها المندرجة تحت حكمها، وفي نفس الموضوع ذكر الدكتور زغلول النجار.
ما هو تعريف الإعجاز العلمي؟ وما الفرق بينه وبين التفسير العلمي؟ ومن أول من تحدث في موضوع الإعجاز من السلف؟
يقصد بالتفسير العلمي للقرآن الكريم توظيف كل المعارف المتاحة للإنسان في كل عصر من العصور، وفي مختلف مجالات الدراسات العلمية – البحثية منها والتطبيقية – في حسن فهم دلالات الآية القرآنية وذلك لأن الآيات القرآنية في كتاب الله ترد كلها في صياغة ضمنية لطيفة يظهر منها أهل كل عصر معنى معينا على ضوء المعارف المتاحة لهم وتظل هذه المعاني المتتالية للآية الواحدة تتسع باتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد وذلك تحقيقا لوصف المصطفى صلى الله عليه وسلم لكتاب الله بأنه (لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه..)
ولما كان التفسير جهدًا بشريًا لحسن فهم دلالة الآية القرآنية إن أصاب فيه المفسر فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد جاز للمفسر استخدام كل الوسائل المتاحة له سواء كانت حقائق علمية أو فروضاً أو نظريات مادام الإخلاص والتجرد وصدق النية قد توفر ومادام أنه قد استعان بالأدوات اللازمة للتعرض لتفسير كلام الله بعد إلمام باللغة العربية ومفرداتها وقواعدها وأساليب التعبير فيها وبكل من أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمأثور وجهود السابقين في ذلك المجال.
أما الإعجاز العلمي للقران والسنة فهو موقف تحد نثبت فيه للناس كافة – مسلمين وغير مسلمين – أن هذا الكتاب الذي أنزل قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة على نبي أمي في أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين يحوي من حقائق هذا الكون ما لم يستطع الإنسان أن يصل إلى شيء من إدراكه إلا منذ عشرات قليلة من السنين وبعد مجاهدة استغرقت جهود أعداد كبيرة من العلماء في فترات زمنية طويلة. وهذا الموقف المتحدي لا يجوز أن يوظف فيه إلا الحقائق العلمية القاطعة التي حسمها العلم ولم تعد مجالا للخلاف لأنه إذا وظفت فيه الفروض والنظريات وهي عرضة للتغير والتبديل انهارت القضية وبطل التحدي بل انقلب على صاحبه وعلى القضية التي استخدمه من أجل الانتصار لها. ومن هنا يتضح لنا الفارق الكبير بين قضية التفسير العلمي وقضية الإعجاز العلمي. وكل من القضيتين مهم في مجال الدعوة إلى الله في زمن العلم الذي نعيشه وذلك لأن كثيراً من آي القرآن الكريم ومن أقوال سيد المرسلين – صلى الله عليه وسلم – المتعلقة بالكون ومكوناته لم يكن من الممكن إدراكها في أبعادها الحقيقية في زمن تنزيل القرآن وإنما تتضح دلالاتها للناس في مستقبل من الزمان يلي زمن تنزيل الوحي تصديقاً لقول الحق: ﴿سنرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِى الآفَاقِ وَفِى أنفُسِهِمْ حَتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنهُ الْحَقُّ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ وقوله تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ وهذه الرؤى المستقبلية للآيات الكونية في كتاب الله مرتبطة بالطبيعة التراكمية للمعرفة الإنسانية بالكون ومكوناته ولذلك فإن تلك الآيات الكونية ترد في كتاب الله بصياغة معجزة يفهم منها أهل كل عصر دلالاتها وتظل هذه الدلالات تتسع باتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد وإلى نهاية لا يعلمها إلا الله.
أما الآيات المرتبطة بتبليغ الدين بركائزه الأساسية كالعقيدة والعبادات والأخلاق والمعاملات فقد جاءت بصياغة واضحة محكمة قطعية الدلالة يفهم منها أهل كل عصر نفس المعنى مهما تباينت مستوياتهم الثقافية والعلمية.
هذا بالنسبة للفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي للقران والسنة أما بالنسبة لأول من تحدث عن قضية الإعجاز العلمي في كتاب الله فيبدو – والله اعلم – انه الرازي الذي أشار إلى شيء من ذلك في تفسيره الكبير المعروف باسم »مفاتيح الغيب« وربما قد سبقه في ذلك نفر من المفسرين ولكن لم يدون شيء عن جهودهم في هذا المضمار.
المبحث الثاني
الإعجاز العلمي بين المجيزين والمانعين
ينقسم العلماء في هذا الموضوع إلى فريقين فريق: يجيزه ويدعو إليه ويرى فيه فتحاً جديداً وتجديداً في طريق الدعوة إلى الله وهداية الناس إلى دين الله، وفريق: يرى في هذا اللون من التفسير خروجاً بالقرآن عن الهدف الذي أنزل من أجله، وإقحاماً له في مجال متروك للعقل البشرى يجرب فيه ويصيب ويخطئ. ولذلك وبعد أن وضحنا المنهجية التي تحكم البحث في مجال الإعجاز العلمي ومنهج السلف والمفسرين كان لابد من استعراض رأى الفريقين ومناقشة حججهم.
المطلب الأول: المجيزون للتفسير العلمي:
أما مجيزو التفسير العلمي وهم الكثرة فيمثلهم الأمام محمد عبده، وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد أبو زهرة ومحدث المغرب أبو الفيض أحمد بن صديق الغماري، ونستطيع أن نعد منهم الشيخ محمد الامين الشنقيطي، صاحب أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن. وهؤلاء الذين يتبنون التفسير العلمي للقرآن يضعون له الحدود التي تسد الباب أمام الأدعياء الذين يتشبعون بما لم يعطوا. ومن هذه الحدود:
1- ضرورة التقيد بما تدل عليه اللغة العربية فلابد من:
أ / أن تراعى معاني المفردات كما كانت في اللغة إبان نزول الوحي.
ب / أن تراعى القواعد النحوية ودلالاتها.
ج / أن تراعى القواعد البلاغية ودلالاتها. خصوصاً قاعدة أن لا يخرج اللفظ من الحقيقة إلى المجاز إلا بقرينة كافية.
2- البعد عن التأويل في بيان إعجاز القرآن العلمي.
3- أن لا تجعل حقائق القرآن موضع نظر، بل تجعل هي الأصل: فما وافقها قبل وما عارضها رفض.
4- أن لا يفسر القرآن إلا باليقين الثابت من العلم لا بالفروض والنظريات التي لا تزال موضع فحص وتمحيص، أما الحدسيات والظنيات فلا يجوز أن يفسر بها القرآن، لأنها عرضة للتصحيح والتعديل أن لم تكن للأبطال – في أي وقت.
المطلب الثاني: المانعون من التفسير العلمي:
أما المانعون من التفسير العلمي فيمثلهم في هذا العصر شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت والأستاذ سيد قطب، ود/ محمد حسين الذهبي، وهؤلاء المانعون يقولون:
1- أن القرآن كتاب هداية، وإن الله لم ينزله ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم، ودقائق الفنون، وأنواع المعارف.
2- أن التفسير العلمي للقرآن يعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان، والعلوم لا
تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الأخير.
3- أن التفسير العلمي للقرآن يحمل أصحابه والمغرمين به على التأويل المتكلف الذي يتنافى مع الإعجاز، ولا يسيغه الذوق السليم.
4- ثم يقولون: أن هناك دليلاً واضحاً من القرآن على أن القرآن ليس كتاباً يريد الله به شرح حقائق الكون، وهذا الدليل هو ما روى عن معاذ أنه قال: “يا رسول الله أن اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة فما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير، ثم ينقص حتى يعود كما كان فأنزل الله هذه الآية ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ…﴾[41]
ولكن هل تكفى هذه الحجج لرفض التفسير العلمي؟
أن كون القرآن الكريم كتاب هداية لا يمنع أن ترد فيه إشارات علمية يوضحها التعمق في العلم الحديث، فقد تحدث القرآن عن السماء والأرض، والشمس، والقمر، والليل والنهار، وسائر الظواهر الكونية، كما تحدث عن الإنسان، والحيوان والنبات، ولم يكن هذا الحديث المستفيض منافياً لكون القرآن كتاب هداية، بل كان حديثه هذا أحد الطرق التي سلكها لهداية الناس – أما تعليق الحقائق التي يذكرها القرآن بالفروض العلمية فهو أمر مرفوض وأول من رفضه هم المتحمسون للتفسير العلمي للقرآن – أما أن هذا اللون من التفسير يتضمن التأويل المستمر، والتكلف فإن التأويل بلا داع مرفوض. وقد اشترط القائلون بالتفسير العلمي للقرآن شروطاً من بينها أن لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا قامت القرائن الواضحة التي تمنع من إرادة الحقيقة – وأما الاستدلال بما ورد في سبب نزول الآية ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ﴾ فهو بحاجة إلى أن يثبت وإلا فهو معارض بما رواه الطبرى في تفسيره عن قتادة في هذه الآية قال: سألوا النبي لم جعلت هذه الأهلة؟ فأنزل الله فيها ما تسمعون ﴿هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم ولمناسكهم وحجهم ولعدة نسائهم ومحل دينهم في أشياء والله أعلم بما يصلح خلقه”. وروى عن الربيع وابن جريج مثل ذلك. ففي هذه الروايات التي ساقها الطبري والسؤال هو: لم جعلت هذه الأهلة؟ وليس السؤال ما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير ثم ينقص. ولذلك فإنه لا دليل في الآية على إبعاد التفسير العلمي.
الخلاصة:
إن التفسير العلمي للقرآن مرفوض إذا اعتمد على النظريات العلمية التي لم تثبت ولم تستقر ولم تصل إلى درجة الحقيقة العلمية – ومرفوض إذا خرج بالقرآن عن لغته العربية – ومرفوض إذا صدر عن خلفية تعتمد العلم أصلاً وتجعل القرآن تابعاً – وهو مرفوض إذا خالف ما دل عليه القرآن في موضع أخر أو دل عليه صحيح السنة – وهو مقبول بعد ذلك إذا التزم القواعد المعروفة في أصول التفسير من الالتزام بما تفرضه حدود اللغة، وحدود الشريعة والتحري والاحتياط الذي يلزم كل ناظر في كتاب الله وهو – أخيراً – مقبول ممن رزقه الله علماً بالقرآن وعلماً بالسنن الكونية لا من كل من هب ودب فكتاب الله أعظم من ذلك.
المبحث الثالث
قواعد أبحاث الإعجاز العلمي
ولقد قامت هذه الأبحاث على قواعد نوجزها فيما يلي:
(أ) علم الله هو العلم الشامل المحيط الذي لا يعتريه خطأ، ولا يشوبه نقص، وعلم الإنسان محدود، يقبل الازدياد، ومعرض للخطأ.
(ب) هناك نصوص من الوحي قطعية الدلالة، كما أن هناك حقائق علمية كونية قطعية.
(ج) وفي الوحي نصوص ظنية في دلالتها، وفي العلم نظريات ظنية في ثبوتها.
(د) ولا يمكن أن يقع صدام بين قطعي من الوحي وقطعي من العلم التجريبي، فإن وقع في الظاهر، فلابد أن هناك خللا في اعتبار قطعية أحدهما وهذه قاعدة جليلة قررها علماء المسلمين وقد آلف أبو العباس بن تيمية كتاباً من أحد عشر مجلداً لبيانها تحت عنوان: (درء تعارض العقل والنقل).
(ه) عندما يري الله عباده آية من آياته، في الآفاق أو في الأنفس مصدقة لآية في كتابه، أو حديث من أحاديث رسوله يتضح المعنى، ويكتمل التوافق، ويستقر التفسير، وتتحدد دلالات ألفاظ النصوص، بما كشف من حقائق علمية وهذا هو الإعجاز.
(و) إن نصوص الوحي قد نزلت بألفاظ جامعة تحيط بكل المعاني الصحيحة في مواضيعها التي قد تتابع في ظهورها جيلا بعد جيل.
(ز) إذا وقع التعارض بين دلالة قطعية للنص، وبين نظرية علمية رفضت هذه النظرية.
(ح) وإذا وقع التعارض بين حقيقة علمية قطعية، وبين حديث ظني في ثبوته، فيؤول الظني من الحديث، ليتفق مع الحقيقة القطعية، وحيث لا توجد مجال للتوفيق فيقدم القطعي.
المبحث الرابع
أوجه الإعجاز العلمي
إن معجزة القرآن العلمية، تظهر لأهل العلم، في كل مجال من مجالاته، فهي ظاهرة في نظمه، وفي إخباره عن الأولين، وفي إنبائه بحوادث المستقبل، وحكم التشريع، وغيرها.. ولقد شاع مصطلح الإعجاز العلمي في عصرنا، للدلالة على أوجه إعجاز القرآن والسنة، التي كشفت عنها العلوم الكونية والطبية والمتأمل في أحوال العالم قبل نزول القرآن، يرى التخلف الهائل في مجال العلوم الكونية، وكيف اختلطت المعارف الكونية للإنسان، بالسحر والكهانة والأوهام، حتى غلبت الخرافة، وسادت الأساطير، على الفكر الإنساني ولقد انتظرت البشرية طويلاً – بعد نزول القرآن – إلى أن امتلكت من الوسائل العلمية، ما يكشف لها أسرار الكون، وإذا بالذي يكتشفه الباحثون بعد طول بحث ودراسة، تستخدم فيها أدق الأجهزة الحديثة، يرى مقررا في آية، أو حديث، قبل ألف وأربعمائة عام، وذلك فيما تعرض له الوحي من حقائق وما كان العرب الذين خوطبوا بهذا القرآن، بحاجة إلى هذه الأوصاف، والأنباء المستفيضة فيه، وفي السنة، عن الكون وأسراره، لإثبات صدق الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، لكنه الوحي المعجز؛ الذي يحمل بينه صدقه معه، لجميع البشر، في عصورهم المختلفة، وأطوارهم المتباينة، كما قال أبو العباس بن تيمية في وصف القرآن: وقد اجتمع فيه من الآيات ما لم يجتمع في غيره، فإنه هو الدعوة والحجة، وهو الدليل والمدلول عليه، وهو البينة على الدعوى، وهو الشاهد والمشهود به.
وتتمثل أوجه الإعجاز العلمي في القرآن والسنة فيما يلي:
1- في التوافق الدقيق بين ما في نصوص الكتاب والسنة، وبين ما كشفه علماء الكون من حقائق كونية، وأسرار علمية، لم يكن في إمكان بشر أن يعرفها وقت نزول القرآن.
2- تصحيح الكتاب والسنة لما شاع بين البشرية، في أجيالها المختلفة، من أفكار باطلة، حول أسرار الخلق لا يكون إلا بعلم من أحاط بكل شيء علما.
3- إذا جمعت نصوص الكتاب، والسنة الصحيحة، وجدت بعضها يكمل بعضها الآخر، فتتجلى بها الحقيقة، مع أن هذه النصوص قد نزلت مفرقة في الزمن، وفي مواضعها من الكتاب الكريم، وهذا لا يكون إلا من عند الله ؛ الذي يعلم السر في السماوات والأرض.
4- سن التشريعات الحكيمة، التي قد تخفى حكمتها على الناس، وقت نزول القرآن، وتكشفها أبحاث العلماء في شتى المجالات.
5- في عدم الصدام بين نصوص الوحي القاطعة ؛ التي تصف الكون وأسراره، على كثرتها، وبين الحقائق العلمية المكتشفة على وفرتها.
المبحث الخامس
أهمية أبحاث الإعجاز العلمي وثمارها
1- تجديد بينة الرسالة في عصر الكشوف العلمية.
2- تصحيح مسار العلم التجريبي في العالم.
3- تنشيط المسلمين للاكتشافات الكونية، بدافع من الحوافز الإيمانية.
المبحث السادس
نماذج من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
هذه النماذج من أكثر ما يكون ومع كل ساعة وكل يوم يثبت فيه إعجازًا جديدًا للقرآن الكريم والسنة النبوية وصلاحية هذا الدين إلى أن يقوم الناس لرب العالمين ومن ذلك:
﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾[42]
﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾[43]
﴿.. وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ..﴾[44]
﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا..﴾[45]
﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾[46]
﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [47]
﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾[48]
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾[49]
(إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء فليغمسه كله ثم لينزعه)[50]
(كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب) [51]
(لو خرجتم إلى ذود لنا فشربتم من ألبانها وأبوالها) [52]
(إنها مباركة إنها طعام طعم – يعني زمزم -)[53]
هذه نماذج من جهد كبير قام به العلماء وغيره الأكثر والأكثر وكما قلنا مع كل ساعة وكل يوم يثبت فيه إعجازًا جديدًا للقرآن الكريم والسنة النبوية وصلاحية هذا الدين إلى أن يقوم الناس لرب العالمين.
الفصل الرابع
شهادات حول الإعجاز العلمي في القرآن والسنة[54]
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فبين يدي كلامنا عن القواعد والضوابط في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة يطيب لي أن أذكر بعض ثمرات البحوث في هذا الميدان والتي منها:
الأثر البالغ الذي تتركه في قلوب المسلمين، والذي يترجم بزيادة اليقين عندهم لدى رؤيتهم هذه الحقائق الباهرة ؛ لأنها وردت على لسان النبي الأمي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وهكذا فإنها خير محرض للتمسك بالقرآن والسنة والاهتداء بهما.
الرد العلمي الدامغ على الأفكار التشكيكية بصحة الرسالة المحمدية؛ الرد العملي المقترن بالبرهان الساطع على أن الدين الإسلامي هو دين العلم حقاً.
إن الإعجاز العلمي يعتبر خير محرض لهمم المسلمين كي يتابعوا مسيرة البحث والتجريب والمقارنة وغير ذلك من وسائل الكشوف العلمية والتقدم المعرفي، وفي الوقت نفسه فإن ذلك يفضي إلى توسيع دائرة شواهد الإعجاز العلمي.
كما أن هذا الإعجاز العلمي يعتبر قناة آمنة ترفد بقية قنوات الدعوة إلى الله والذي يتتبع أسباب دخول كثير من الناس في الإسلام – ممن كانوا نصارى أو بوذيين أو يهود – يجد بحق أن فريقاً منهم قد ابتدأ سيره إلى الحق؛ والذي انتهى به لإعلان شهادة الحق ؛ من خلال معاينة لطائف الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ولا شك أن ظاهرة الرجوع إلى دين الإسلام من قبل الذين كانوا قدماً من الشاردين الغافلين، وهكذا إسلام غير المسلمين ؛ فإن ذلك كله أثمر مع ازدياد يقين المسلمين بدينهم رجوعاً لحالة العزة في نفوس أبناء الأمة الإسلامية بعد الكبوة التي حصلت لهم عقب سقوط الخلافة الإسلامية وهيمنة الدوائر الاستعمارية عليهم، وهذا كله يذكرنا بالحقيقة التي لا تتخلف أبداً؛ والتي أخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال)[55]
إن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة يمثل شاهداً إضافياً على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستوي في ذلك الحكم إن كان الإعجاز العلمي قرآنياً أم بالسنة، ومن هنا فإن الادعاء بوجود إعجاز علمي لا يسلم به إلا بعد ثبوت تحقيق مناطه والذي يتمثل بحقيقتين هما:
أولاً: ثبوت اكتشاف هذه الحقيقة من قبل العلماء بشكل مستقر وذلك بعد برهنة المتخصصين في مجالها على ثبوتها.
ثانياً: صحة الدلالة على تلك الحقيقة في نص من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة وذلك دون تكلف أو اعتساف في الاستدلال ؛ علماً بأن الرابط الذي يعطي هذا المناط قيمته هو عدم إمكانية إحاطة البشر بتلك الحقيقة وقت التنزيل ولذلك فإن خطوات إثبات شاهد من شواهد الإعجاز العلمي في النص الشريف تصبح خمسة وهي:
1- إثبات وجود دلالة في النص على الحقيقة الكونية المراد إثبات وجود إعجاز علمي بصددها.
2- ثبوت تلك الحقيقة الكونية علمياً بعد توفر الأدلة التي تحقق سلامة البرهنة عليها.
3- ثبوت استحالة معرفة البشر بتلك الحقيقة الكونية وقت تنزيل القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتي اكتشفت لاحقاً في الأزمنة المتأخرة.
4- تحقق المطابقة بين دلالة النص من كتاب الله عز وجل أو من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبين تلك الحقيقة الكونية.
5- ثبوت أن النص من السنة المطهرة الذي نستنبط منه الإعجاز العلمي المشار إليه هو صحيح أو حسن حيث لا تعتمد في هذا المجال الأحاديث الواهية أو الساقطة.
أهم معالم المنهج المقرر في تفسير نصوص الإعجاز العلمي:
تعتبر الأسس والقواعد الواجب مراعاتها في تفسير القرآن الكريم هي النبراس في تفسير النصوص عموما؛ ونجملها فيما يلي:
أولاً: يلزم معرفة ما يتعلق بالنص من سبب الورود وهل هو خاص، أو عام، أو مطلق، أو مقيد أو منسوخ أو غير ذلك.
ثانياً: يلزم الاطلاع هل ورد نص آخر يفسره؛ إذ تفسير النص من الوحي، – والسنة من الوحي – أولى بالاعتبار لذلك نقدم وجوه التفسير الواردة في السنة على ما دونها.
ثالثاً: مراعاة العرف اللغوي في زمن التنزيل دون المعاني التي كثر تداولها فيما بعد، مهما بلغ انتشارها فيما بعد.
رابعاً: مراعاة قواعد الإعراب والبلاغة وأساليب البيان المقررة ليتم فهم أبعاد معاني النصوص.
خامسا: ملاحظة سياق النص وسباقه ومقتضيات الحال وغير ذلك من القرائن.
سادساً: التأكد من وجود إشارة واضحة أو صحيح عبارة على ما ندعي بأنه من معاني النص الذي نحن بصدد بيانه وتفسيره وتحديد الإشارة العلمية بشكل صحيح.
سابعاً: مراعاة أوليات الاعتبار في الاحتجاج بالمعاني فالنص المحكم أولى من الظاهر وظاهر النص أولى من المعنى المستقى بطريق التأويل ومنطوق النص مقدم على مفهومه كما أن بعض المفاهيم مقدم في الاعتبار على بعض؛ ولذلك يلزم عدم التسرع في ترجيح وجه تفسيري دون مرجح معتبر.
ثامناً: ملاحظة أسلوب النص وصياغته هل هو عام؟ وهل هو مطلق؟ وهل هو مجمل؟ وهل تشترك فيه معان عدة أم لا؟ وهل يحتوي دلالة على حقيقة علمية لا يمكن تعارضها مع العرف اللغوي الذي قد يقدم في الاعتبار أم هناك احتمال آخر.
تاسعاً: عند التأويل للنص لا بد أن يكون هناك ما يقتضي ذلك ويلزم عندئذ إعمال القواعد المعتبرة عند أئمة الأصول والتفسير من مثل قولهم:
◘ العبرة بعموم النص لا بخصوص السبب.
◘ إعمال الكلام أولى من إهماله.
◘ لا عبرة بالظن غير الناشئ عن دليل.
عاشراً: اعتماد المعاني المقررة للحروف التي تسمى حروف المعاني كما قررها الأئمة الأعلام.
حادي عشر: البعد عن تأويل المتشابه وكذا الخوض في القضايا السمعية، مما لا يخضع للنشاط الذهني؛ بل يعتمد على النصوص الواردة بصددها من كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثاني عشر: ومن ذلك عدم الخوض في النصوص المتعلقة بالغيبيات التي استأثر الله بعلمها.
ثالث عشر: الحذر من الأخبار الإسرائيلية والآثار الواهية.
رابع عشر: التأدب مع علماء الأمة والحذر من تسفيه آرائهم فكم عاب إنسان آخر في اجتهاده فكان فيه العيب، إذ لم يحسن فهم مرامي الكلام أو مقتضيات الحال.
خامس عشر: يجب ألا يفارقنا اليقين بصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو بمثابة قول الله عز وجل لأنه وحي ووعد من الله ولذلك مهما رأينا وسمعنا في واقع حياتنا بأمور تتعلق بالكون فلا يسوغ أن نقدم ما قيل بصددها على ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بعض المحترزات البحثية في مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة:
1- إيثار أسلوب اليسر في بيان المراد – وكذا تدوين الأفكار أو التعليل في مجال بيان المطلوب – فاليسر من مبادئ الدين الإسلامي بشكل عام ويلزم عدم الغفلة عن ملاحظة إظهار هداية القرآن والسنة للتي هي أقوم؛ حيث هي الغاية من إنزال القرآن الكريم.
2- اختيار الطريقة المناسبة للتدليل والبرهنة فالموضوع التجريبي له طريقته والمنطقي له طريقته وبحوث المقارنات الميدانية لها أسلوب بيانها.. وهكذا.
3- الحذر من معارضة مبدأ شرعي أو قاعدة من قواعد الدين أو معلم من معالمه لأن اليقين العلمي متوافق مع الدين في كل الحقائق التي يستنبطها أهل الاختصاص في شتى المجالات الكونية ومنها الميدان الطبي.
4- اجتناب العبارات التي تشعر أن الباحث يدافع عن القرآن والسنة أو أنهما يحتويان ما يمكن أن يعبر عنه بالنقص أو أن العلماء السابقين قصروا في فهمها أو أنهم قد أخطؤا في فهم ما يشتملان عليه من حقائق.
5- الاعتدال في بيان الحقائق الكونية بعد التأكد من ثبوتها وعدم الاندفاع العاطفي الذي يترجم انبهاراً وعدم اتزان، وكما ذكرنا فإن على الباحث أن يحذر من التعجل والإسراع إلى فكرة لمجرد أنها أعجبته؛ بل عليه التزام الحيدة البحثية وعدم التحيز لما يعرضه بل يتوجب عليه كذلك عدم الركون للقناعات الشخصية جعل العلم الكوني بمثابة المرجع المرجح والملاذ الذي يركن إليه بإطلاق.
6- مراعاة التقاليد والأمور التي جرى عليها عرف الهيئة العالمية للإعجاز العلمي من عدم التجريح بالآخرين تقصد غبن الناس مقاديرهم مثل التقليل من شأن جهود السابقين.
7- لدى تحقيق مناط الإعجاز بشقيه الشرعي والكوني يلزم الإشارة للخلفية التاريخية التي توضح واقع المجتمع الإنساني من ناحية المعارف الكونية قبل إظهار المطابقة المطلوبة بين الدلالة النصية والحقيقة العلمية ؛ وبالتالي تقرير النتيجة المفضية لوضوح الصورة الإعجازية حسب الخطوات الخمس المقررة.
8- ملاحظة الفرق بين بحث تمهيدي في مرحلة المطارحات والمناقشات ولكن يراد منه الوصول إلى نتيجة – ولو كانت غير مقطوع بها – ولا يدعي صاحبه أنه يقرر حقائق ثابتة ولا يدافع عن أفكار معينة، وبين بحث هادف لبيان الإعجاز العلمي فالأول يمكن التساهل في أسلوب عرضه لإثارة أفكار الآخرين وإثراء البحث (ولكن في نطاق بحثي خاص) أما الثاني فلابد فيه من التدقيق التام خاصة أثناء العرض، ولذلك ففي هذا المجال لا بد أن تضيق دائرة القبول وتحدد بحاله مقتضى الدعوى على وجه لا يحتمل أي شك[56].
قرأت مقالاً للشيخ عبد الله بن بيه في مجلة الإعجاز العدد العاشر بعنوان(من ضوابط الإعجاز العلمي) فألفيته مع جزالته يحتاج إلى تسليط مزيد من الضوء، كما قرأت في كتيب (تأصيل الإعجاز العلمي)، وهو مع متانته وعمق ما فيه – إلا أن الضوابط للإعجاز العلمي تتطلب عمقًا في الدراسة على هيئة فقرات محددة.
إن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة جانب من جوانب الإعجاز لا يستهان به، وينبغي توظيف ما توصل إليه البشر لبيان الحق لهم كما قال سبحانه: ﴿سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِى الآفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ﴾[57] وكما قال – جل وعلا – وهو المحيط بكل شيء، العالم بما كان وما سيكون: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾[58]
ولكن مع أهمية الإعجاز العلمي غير أنه مسلك دقيق ينبغي التبصر فيه والحيطة والحذر في عرضه، ذلك أنه يتعلق بتفسير الوحي من القرآنوالسنة، وتفسيرهما – كما لا يخفى – له أسس وقواعد، إذ ليس كل من شاء أن يفسر الوحي بما يراه فعل.
ومن هنا كان الإعجاز العلمي الذي هو فصل من التفسير العلمي (بل هو أهم فصوله) ضوابط لا بد من الأخذ بها، كي لا يكون هذا التفسير قولاً في كتاب الله بغير علم، ومن أجل أن يحقق الغاية منه دون مساس بمصداقية الوحي وثبوته وقدسيته.
وقد اجتهدت – جهد المقل – في تلمس ما يمكن وصفه من ضوابط سائلاً الله تعالى التوفيق في ذلك.
فمن هذه الضوابط:
1- من أهم الضوابط أن يقتصر الإعجاز على الحقائق العلمية التي وصلت إلى حد القطع بها، بخلاف ما دون الحقائق من النظريات أو حتى ما قد يعتبره البعض حقيقة علمية ويخالفه آخرون؛ ذلك أن إقحام ما عدا الحقائق القطعية في الإعجاز مخاطرة ومجازفة تنقلب على تصديق الوحي بالتشكيك فيه، وعلى الإعجاز بالاستهانة به وسلبه روح الإعجاز والتحدي.
فلا حاجة إلى التسرع في الاكتشافات العلمية لربطها بنصوص الوحي قبل أن تستقر في تلك الاكتشافات وتكتسب مصطلح الحقيقة العلمية. ولدينا بعض الأمثلة لما أطلق عليه حقيقة ليثبت خلافها، أو – على أقل الأحوال – ظهرت أصوات تشكك في تلك الحقيقة.
فمن ذلك:
إمكانية الوصول إلى القمر والنزول على سطحه، هذا الأمر الذي ما زال من أعظم الحقائق والمسلّمات لدى أكثر العالم، لم يكن محل اتفاق بين علماء الفلك، فقد ظهر بعد إعلان (ناسا) عن نزول القمر بسنوات – بعض العلماء ومنهم عالم أمريكي يشكك في ذلك وينفي إمكانيته مستدلاً بطائفة من الأدلة:
◘ من المقطوع به لدى كل مسلم أن القمر قد انشق على عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى كان فلقتين يراهما كل شخص ويفصل بينهما – حال الرؤية – الجبل، كما ثبت ذلك في القرآن في قوله تعالى﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾[59] وثبت في السّنّة في أكثر من حديث منها:
ما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: انشق القمر على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شقتين فقال النبي – صلى الله عليه وسلم: (اشهدوا).
وما في الصحيحين عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن أهل مكة سألوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر.
وما في الصحيحين عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن القمر انشق في زمان النبي – صلى الله عليه وسلم.
والسؤال: أين نظرياتهم التي يعدونها حقائق عن الكون منذ آلاف السنين الضوئية عن هذه الحقيقة القطعية؟!
فإذا ما قبلها بآلاف السنين الضوئية قد أثبتوه على أنه حقائق علمية، فإن مثل هذا الحدث القريب جدٌّا ما داموا م يثبتوه – بل هم ينفونه – يدل دلالة واضحة على عدم الوثوق بما يطلقون عليه حقيقة علمية.
كانت الحقيقة الفلكية تقول بثبوت الشمس تمامًا ثم تغيرت فحلت محلها حقيقة حركة الشمس وثَم أمثلة أخرى يمكن تتبعها وليس هذا موضع استقرائها.
2- ألا يكون التفسير العلمي أو الوجه من أوجه الإعجاز العلمي مجزومًا به عند تفسير الآية أو الحديث بل ينبغي أن يساق على أنه قول في تفسير الآية أو شرح الحديث.
3- من الضوابط ألا يقتضي التفسير العلمي للآية نقض ما جاء عن السلف فيها، فإن كانوا قد أجمعوا على معنى فلا يكون مستلزمًا نقضه، وإن يجمعوا واختلفوا فلا يكون أيضًا مستلزمًا لنقض جميع ما ورد عنهم، بخلاف ما لو وافق البعض واستلزم نقض البعض الآخر، فذلك لا يمنع التفسير به.
4- ألا ينطلق التفسير العلمي التجريبي من منطلق الانبهار بالحضارة والمكتشفات المعاصرة، ومن ثم تسليم المطلق بها لما له من الأثر على التعسف في حمل النص على وجوه بعيدة، كما ينعكس ذلك على الصياغة التي يساق بها هذا التفسير من حيث يشعر القارئ له بالهرولة بالنص وراء ما اكتشفه المعاصرون.
5- ألا يعارض اللغة وقواعد النحو.
6- ألا يكون مستلزمًا لمخالفة البلاغة القرآنية.
7- ألا يترتب عليه تحويل الاستشعار التعبدي إلى تمسك بالمادي، أو بمعنى آخر كتحويل العبادة إلى عادة أو استفادة مادية.
8- يلاحظ أن يكون وجه الإعجاز واضحًا وليست مجرد إشارة بعيدة.
9- عدم الخوض في الآخرة وما يتصل بها كالبرزخ والقيامة، فالنظريات التي تتحدث عن نهاية الكون – مع كونها لا تصل إلى الحقائق ولا يمكن ذلك لأنه أمر مستقبلي – لا يمكن بأي حال القطع به من جهة العلم التجريبي، مع هذا وحتى على فرض كونها حقائق فلا ينبغي تفسير القيامة بها.
10- عدم الخوض فيما يتعلق بصفات الله تعالى، مما قد يفهم منه نوع من التأويل، كمثل من فسَّر الكرسي والعرش ببعض الأجرام السماوية، ونحو ذلك.
11- من ضوابط الإعجاز – أيضًا – عدم التأويل المتكلف، وأن الأصل ظاهر اللفظ ولا يعدل عن ظاهره إلا بقرينة قوية.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
الخاتمة
وبعد هذه محاولة متواضعة في البحث حول قضية الإعجاز العلمي للقرآنوالسنة طفنا خلالها مع كتاب الله الخالد، مع معجزاته التي تتجلى يومًا وراء يوم عشنا مع أقوال العلماء حول إعجاز القرآن، عشنا مع الإعجاز على إطلاقه، عشنا مع الإعجاز العلمي في القرآن مع من أيد ومن عارض وضوابط البحث في الإعجاز العلمي والفرق بين الإعجاز العلمي والتفسير العلمي ونماذج من الإعجاز العلمي في القرآن، عشنا مع قول الله تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ عشنا مع الكتاب المعجز في كل سورة، في كل صفحة في كل آية في كل كلمة في كل حرف: عشرات، مئات بل آلاف المعجزات وكلما مر الزمان كلما ظهرت معجزات أكثر وأكثر لنعيش مع معجزة أخرى من معجزات القرآن كيف أن الله سبحانه وتعالى سخر كل العلماء ليخدموا حرفًا واحدًا في المصحف هو حرف السين في قول الله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ…﴾.
هذه صفحات تنضم إلى آلاف الصفحات التي تتحدث عن هذا الكتاب المعجز الذي تكفل الله بحفظه فقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ولا يسعنا في النهاية إلا أن نقول بملء أفواهنا وندعو كل الكون أن يقول معنا صدق الله العظيم وبلغ رسوله الكريم.
ويجب ونحن نختم هذه الصفحات أن نتوجه بالشكر إلى كل داع للناس إلى طريق الخير وإلى جميع العاملين في هيئات الإعجاز العلمي في القرآنوالسنة.
اللهم اجزهم عن الإسلام وأهله خير الجزاء.
قائمة المراجع
قائمة بأهم مصادر ومراجع البحث استعنت بها بعد القرآن الكريم حسب ورودها بترتيبها في البحث تقريباً وهي:
1- أ / د كارم السيد غنيم نقلاً عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم مجلد أعمال الندوات.
2- مسند الإمام أحمد تأليف أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني طباعة مؤسسة قرطبة القاهرة.
3- سنن ابن ماجه تأليف محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني طباعة دار الفكر بيروت تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
4- صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته تأليف محمد ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي.
5- الجامع الصحيح المختصر المسمي صحيح البخاري تأليف محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي طباعة دار ابن كثير اليمامة بيروت الطبعة الثالثة 1407 – 1987 تحقيق د/مصطفى ديب البغا أ / الحديث وعلومه دمشق.
6- صحيح مسلم تأليف مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري طباعة دار إحياء التراث العربي بيروت تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
7- الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.. جهود وإنجازات مختلف الجهات) للسيد الأستاذ الدكتور /كارم السيد غنيم الصادر عن سلسلة (المشكاة) العدد رقم ، سنة 1425 ه / 2004 م وهو كتاب غير دوري يصدر عن المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة، بجمهورية مصر العربية.
8- لسان العرب تأليف محمد بن مكرم ابن منظور الأفريقي المصري طباعة دار صادر بيروت الطبعة الأولى.
9- الجامع لأحكام القرآن تأليف أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي طباعة دار عالم الكتب، الرياض المملكة العربية السعودية 1423ه-/ 2003م تحقيق هشام سمير البخاري.
10- فتح الباري تأليف ابن حَجَر العَسْقلاني شهاب الدين أبوالفضل، أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي، الكناني، العسقلاني موقع الإسلام.
11- من أسرار القرآن تأليف د/ مصطفي محمود طباعة دار المعارف.
12- القرآن محاولة لفهم عصري تأليف د / مصطفي محمود طباعة دار المعارف.
13 – صحيح ابن حبان بترتيب ابن محمد بن حبان ابن أحمد أبو حاتم التميمي البستي طباعة مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الثانية، 1414 – 1993م تحقيق شعيب الأرنؤوط.
14- سنن أبي داود تأليف سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي طباعة دار الفكر تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
[1] سورة آل عمران 190، 191.
[2] سورة آل عمران آية 18
[3] سورة فصلت آية 53
[4] سورة النساء أية 82
[5] صحيح رواه الطبراني عن أبي أمامة.
[6] د. كارم السيد غنيم نقلاً عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم مجلد أعمال الندوات من 4: 10 الجزء الأول ص 18 وما بعدها بتصرف.
[7] سورة الشعراء آية 80
[8] سورة الرحمن آية 5
[9] سورة الفرقان آية 67.
[10] سورة الأنعام آية 38.
[11] سورة الأنعام آية 59
[12] رواه أحمد مسند الإمام أحمد تأليف أحمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني ط / مؤسسة قرطبة القاهرة، سنن ابن ماجه تأليف محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني ط / دار الفكر بيروت ت/ محمد فؤاد عبد الباقي، عن أبي عنبة الخولاني قال الألباني (حسن) صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته تأليف محمد ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي.
[13] صحيح رواه أحمد، متفق عليه الجامع الصحيح المختصر المسمي صحيح البخاري تأليف محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي ط / دار ابن كثير اليمامة بيروت الطبعة الثالثة 1407 / 1987 ت / د/مصطفى ديب البغا أ / الحديث وعلومه دمشق، صحيح مسلم تأليف مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري ط / دار إحياء التراث العربي بيروت ت/ محمد فؤاد عبد الباقي عن أبي هريرة.
[14] سورة التوبة آية 33
[15] سورة فصلت آية 53
[16]سورة النحل آية 9
[17] لمراجعة المراجع يرجى الرجوع إلى: (الإعجاز العلمي في القرآنوالسنة.. جهود وإنجازات مختلف الجهات) للسيد الأستاذ الدكتور / كارم السيد غنيم، ص: 273 – 340 الصادر عن سلسلة (المشكاة) العدد رقم ، سنة 1425 ه / 2004 م 0 وهو كتاب غير دوري يصدر عن المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة، بجمهورية مصر العربية.
[18] سورة البقرة آية 23
[19] سورة يونس آية 38
[20] انظر لسان العرب تأليف محمد بن مكرم ابن منظور الأفريقي المصري ط / دار صادر بيروت الطبعة الأولى مادة عجز 5/370 والمفردات للراغب الأصفهانى.
[21] انظر معنى ذلك في الجامع لأحكام القرآن تأليف أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي ط / دار عالم الكتب، الرياض المملكة العربية السعودية 1423ه-/ 2003م ت / هشام سمير البخاري ج 1/ص96، فتح الباري تأليف ابن حَجَر العَسْقلاني شهاب الدين أبوالفضل، أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي، الكناني، العسقلاني موقع الإسلام ج 6/ ص581
[22] سورة الحجر آية 9
[23] من أسرار القرآن تأليف مصطفى محمود دار المعارف
[24] سورة مريم آية 4
[25] سورة مريم آية 31
[26] سورة مريم آية 58
[27] سورة القمر آية 19
[28] سورة غافر آية 18
[29] سورة عبس آية 33
[30] سورة النور آية 2
[31] القرآن محاولة لفهم عصري تأليف د / مصطفي محمود.
[32] سورة الحجر آية 9
[33] سورة النساء آية 41
[34] سورة المجادلة آية 8
[35] سورة القمر آية 45
[36] سورة القلم آية 6
[37] سورة الروم الآيات 1: 4
[38] سورة المسد الآيات 1: 5
[39] راجع الراغب الأصفهانى: المفردات ص 343 والشوكانى: إرشاد الفحول ص4.
[40] سورة الأنعام آية 67
[41] سورة البقرة آية 189
[42] سورة الذاريات آية 21
[43] سورة القيامة آية4
[44] سورة الحديد آية 25
[45] سورة الأنبياء آية 44
[46] سورة مريم آية 25
[47] سورة القمر آية 1
[48] سورة الفرقان آية53
[49] سورة المؤمنون الآيات 12: 14
[50] صحيح رواه أحمد، صحيح ابن حبان بترتيب ابن محمد بن حبان ابن أحمد أبو حاتم التميمي البستي ط / مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الثانية، 1414 – 1993م ت / شعيب الأرنؤوط عن أبي هريرة.
[51] صحيح رواه مسلم عن أبي هريرة.
[52] صحيح رواه ابن ماجه عن أنس.
[53] صحيح رواه أحمد، مسلم عن أبي ذر.
[54] ضوابط البحث في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة د/ عبد الله بن عبد العزيز المصلح / الأمين العام للهيئة.
[55] صحيح رواه أحمد، سنن أبي داود تأليف سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي ط/ دار الفكر ت / محمد محيي الدين عبد الحميد عن عمران بن حصين.
[56] الإعجاز العلمي.. ضوابط وحدود فهد عبد الرحمن اليحيى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
[57] سورة فصلت آية 53
[58] سورة النمل آية 93
[59] سورة القمر آية 1
المصدر:الألوكة