التشريع ( الإعجاز التشريعي )

الأربعاء،7 رجب 1435الموافق7 أيار/ماي2014 وكالة معراج للأنباءالإسلامية”مينا”.

د. محمد بن عبدالسلام
التشريع (الإعجاز التشريعي)

إذا كان الغربيون يتباهَون بأن حضارتهم كانت أول حضارة سبَقت وأعلنت حقوق الإنسان رسميًّا في مختلف دولها لأول مرة في التاريخ، ويتفاخرون بأنهم في القرن العشرين وضعوا الإعلانَ العالمي لحقوق الإنسان، ويَعتبرونه النموذج المثالي لهذه الحقوق، فإنهم نسُوا أو تناسَوا أن القرآنالكريم قد قرَّر كرامة الإنسان وحقوقه منذ أربعة عشر قرنًا بأسمى مبدأ للبشرية جمعاءَ؛ يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات: 13]. 

والخطاب في هذه الآية موجَّه للناس جميعًا، وأنهم خُلِقوا – على اختلاف أجناسهم وألوانهم ودياناتهم – من رجلٍ واحد وامرأة واحدة، وأنهم متساوون في الميلاد والأصل، والقرآن بهذه الآية يركِّز على وَحدة الجنس البشري، ولا فضلَ لأحد إلا بالتقوى.

اقرأ أيضا  أهل القرآن

 

وقد اشتمل القرآن على كثيرٍ من المبادئ السامية التي تدل على عظمته وأصالته، ومنها:

1- مبدأ حرية العقيدة والرأي في قوله تعالى﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [البقرة: 256]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: 1 – 6].

 

مع بيان أن الحق الذي ارتضاه الله تعالى للبشر ولا يَقبَل غيرَه هو الإسلام؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران: 19]، و﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران: 85].

 

2- قواعد عادلة في المعاملاتفي قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]، وقوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل: 91]، وقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 275]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا [البقرة: 282].

اقرأ أيضا  وظيفة حقائق العلم في القرآن الكريم

 

قوانين الأحوال الشخصيةوهي قواعد عادلة ومستقرة؛ لتعلُّقها بأحوال الإنسان الشخصية في الأسرة، فوضع الشرع لها نظامًا كاملاً مفصَّلاً في مسائل الزواج والطلاق، والحمل والعِدة والرَّضاع، والنفقة والميراث، وحقوق الأبناء وذوِي القُربى، وتوسَّع في أحكامها الكلية، وجعَلها مَرِنة وقابلة لاجتهاد المجتهدين من الفقهاء في استنباط أحكامها بما يُساير الزمان والمكان.

 

3- القانون الجنائيوهي بحقٍّ أعظمُ برهانٍ يدل على عظمة القرآن في تشريعه لجرائم الحدود التي بيَّن نوعها، وحدود عقوباتها، التي تتمثَّل فيها العدالة والحكمة والرحمة، بما فيه الكفاية للردع والزجر، بصورة تكفُل الأمنَ والسلام للعباد والبلاد.


المصدر:الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.