التطبيع وأصحاب الحقوق الحصرية
د عصام شاور
في دفاعه عن الاجتماع التطبيعي بين لجنة منظمة التحرير للتواصل مع المجتمع الإسرائيلي مع مجموعات سياسية إسرائيلية قال الوزير الأسبق أشرف العجرمي إن ما حصل ليس تطبيعا، وقد فسر التطبيع على أنه التعاطي مع المؤسسات الرسمية للاحتلال وشرعنته، مبينا ان منظمة التحرير الفلسطينية هي صاحبة الحق الحصري في الحكم على ما هو وطني او غير وطني، وعلى الجميع الالتزام بما تقرره منظمة التحرير الفلسطينية. من جانب اخر قال الدكتور محمود الهباش ان قيادة منظمة التحرير نجحت في تغيير العقلية الفلسطينية بحيث اصبحت تتقبل التعايش مع الاسرائيليين، وانه شخصيا لم يكن يتصور ان يجلس مع اسرائيليين قبل ثلاثين عاما.
في المقال السابق قلت اننا بحاجة الى معايير ثابته لتحديد ما هو وطني وغير وطني، ولكنني لم اقل ان هناك جهة فلسطينية وحيدة مخولة لتلك المهمة، فالتوافق الوطني يحدد ما هو مقبول وما هو غير مقبول سياسيا، ولكن الاجماع الوطني لا يمكنه التدخل فيما هو شرعي او غير شرعي، فما حرمه الشرع لا يمكن للفصائل كلها مجتمعة ان تبيحه، وكذلك لا يمكنها تحريم ما احل الله، فهذه امور لا يجوز التدخل فيها او تأويلها حسب الاهواء الشخصية والانتماءات السياسية.
اما بالنسبة لتغيير العقلية الفلسطينية فإنها لم تتغير ولم تتبدل، وان كان السيد الهباش تحول من اسلامي الى وطني، ومن ” مقاوم” الى مفاوض فهذا لا يعني ان كل فلسطين تغيرت، بل لا يعني ان جيرانه واهله قد تغيرت عقلياتهم، ولا اعتقد ان غالبيتهم على استعداد للجلوس الى الاسرائيليين لتبادل وجهات النظر. عمليات المقاومة اشتدت وتطورت في ظل اتفاقية اوسلو، سواء تلك التي حدثت في التسعينات، او ما يحصل اليوم في قطاع غزة، وهذه دلائل واقعية على عدم واقعية السيد الهباش، كما ان نتائج اخر انتخابات تدل على ان العقلية الفلسطينية فضلت برنامج المقاومة على برنامج منظمة التحرير والتي لا يمكن لاتباعها الادعاء بانها تمثل الكل الفلسطيني، فنتائج الانتخابات لا يمكن تزويرها، أي لا يمكن القول بان المنظمة هي صاحبة الحق الحصري في اتخاذ أي قرار يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومن اراد اثبات عكس هذا الكلام فنحن ندعوه الى انتخابات في اقرب وقت ممكن حتى نضع النقطة على الحرف والمطبع على الرف، والعنزة عمرها ما طارت.
المصدر : فلسطين أون لاين