رمضان في غزة له وجه آخر

د. فايز أبو شمالة

الأربعاء، 3 رمضان 1437 ه الموافق 8 يونيو/حزيران 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

وإذا كان للصائم في بلاد المسلمين فرحتان، فإن لبعض الصائمين في قطاع غزة ثلاث فرحات: الفرحة الأولى بلقاء ربه، والفرحة الثانية بتناول طعام الإفطار، وأما الفرحة الثالثة فهي استلام الصائم للمساعدات الإنسانية والطرود الغذائية التي تقدمها الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية، فالفقراء والمحتاجون في قطاع غزة كثر، وينتظرون هذا الشهر بفارغ الصبر، والمحسنون والمتبرعون في قطاع غزة أيضاً كثر، وينتظرون الثواب، من خلال تعاضدهم مع الفقراء وتبرعهم بشكل أوضح وأوسع في هذا الشهر الفضيل.

لقد أدرك المسلون أن الصيام في شهر رمضان لا يعني الامتناع على الطعام والشراب وحسب، وإنما الصيام هو صلة الرحم والتعاطف والتراحم والمحبة، والتجسيد العملي لتلك القيم الرائعة من خلال تقديم المساعدات المالية والعينية للمحتاجين.

اقرأ أيضا  أردوغان يجرى مباحثات مع نظيره الإندونيسي على هامش قمة العشرين

إن ما يميز سكان قطاع غزة عن بقية دول العالم هو الترابط المجتمعي هذا، والإحساس المشترك، وقد يظهر ذلك جلياً في شهر رمضان الذي يبدأ بتوزيع الطرود الغذائية على المحتاجين في الأيام الأولي من الشهر، بحيث تدخل المساعدات كل بيت فقير، ويضحك الأطفال للمواد الغذائية التي لا تخلو من التمر والمشروبات الغازية والمياه المعدنية والمعلبات، تموين يدخل البيوت المحتاجة دون استئذان، ويمهد للموائد الرمضانية في منتصف الشهر، والتي تصل جاهزة ودافئة وقت الإفطار إلى كل الأسر المحتاجة، ليودع الفقراء في قطاع غزة الشهر بعد أن تكون أموال الزكاة والفطر قد دخلت بيوت معظم المحتاجين.

أيام غزة مباركة، وكما قالت الحكمة القديمة: “على هذه الأرض المباركة، كراز الزيت لا ينضب، وخابية القمح لا تفرغ”، ولن تفرغ طالما ظل على وجه الأرض محسنون عرب ومسلمون، يتذكرون غزة، ويرسلون لها مساعداتهم، التي أثرت إيجاباً على الأسواق التي ظلت عامرة حتى بعد منتصف الليل، وكأن غزة تخرج إلى الحياة لأول مرة في شهر رمضان.

اقرأ أيضا  الاحتلال يدخل 390 شاحنة لغزة عبر معبر “أبو سالم”

ملاحظة: البعض يذرف على غزة دموع التماسيح، وينوح على أحوال الناس المجللة بالجوع والانكسار، ولا يقدم لسكان غزة إلا الحصار، لأولئك أقول: غزة في هذه الأيام بخير، قياساً إلى بداية سنوات النكبة والهجرة، فقد كانت معظم الأسر في غزة تتسحر على قليل من الدقة وبعض الزعتر وعلبة لبن واحدة لكل أفراد الأسرة، يغمسونها كالدواء، وكان معظم سكان غزة يفطرون على رأس بصل وبعض العدس، وفي أحسن الأحوال كوب من الشاي، وعبرت الأيام على غزة ولم تمت، ولم تنكسر، ولم تخضع لا للجوع ولا للجزع ولا للدموع.

وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.