معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

الاثنين19 جمادى الثانية الموافق 29 أبريل 2013 وكالة معراج للأنباء (مينا)

 

 

                 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً ، أحمده حق حمده فهو أهل لكل حمد وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خير الخلق وأعظمهم الذي قال الله له ( وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً ) وبعد ..

 

فهذه نبذة يسيرة ولمحة سريعة ووقفة بسيطة حول معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أنزل القرآن على سبعة أحرف ) وقد اختصرته غاية الاختصار بغية التسهيل على قارئه لا سيما أنَّ العلماء قديماً وحديثاً خاضوا في معنى هذا الحديث واختلفت آراؤهم حول معناه ولكنهم اتفقوا على أنه لا يجوز أن يكون المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أنزل القرآن على سبعة أحرف ) هؤلاء القراءَ السبعةَ المشهورين وهم : نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، كما يظنه البعض بل كثير من الناس لأنّ هؤلاء القراء السبعة لم يكونوا موجودين أثناء نزول القرآن الكريم .

وأول من جمع قراءات الأئمة السبعة ( الإمام أبو بكر بن مجاهد ) أثناء المائة الرابعة .

 

وقد ذهب العلماء في تفسير هذا الحديث مذاهب شتى :

 

فأكثر العلماء على أنها لغات ثم اختلفوا في تعيينها فقال أبو عبيد : هي لغة قريش وهذيل وثقيف وهوازن وكنانة وتميم واليمن .

 

وقال بعضهم : المراد بها معاني الأحكام كالحلال والحرام والمحكم والمتشابه والأمثال والإنشاء والإخبار .

اقرأ أيضا  الإعجاز السنني في القرآن الكريم

 

وقال آخرون : الأمر والنهي والطلب والدعاء والخبر والاستخبار والزجر .

 

وذهب غيرهم إلى أن المراد بها : الوعد والوعيد والمطلق والمقيد والتفسير والإعراب والتأويل .

 

غير أن الإمام ابن الجزري لم يقتنع بهذه الأقوال وذلك لأنّ الصحابة الذين اختلفوا وترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا في تفسيره ولا في أحكامه وإنما اختلفوا في قراءة حروفه .

 

قال ابن الجزري : ( ولا زلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله علي بما يمكن أن يكون صواباً إن شاء الله تعالى وذلك أنّي تتبعت القراءات كلها صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها فإذا اختلافها يرجع إلى سبعة أوجه لا يخرج عنها وهذه هي الأوجه السبعة )

 

الأولى: أن يكون الاختلاف في الحركات بلا تغير في المعنى ولا في الصورة نحو يحسِب قرأها ابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر بفتح السين وقرأها نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب وخلف بكسر السين .

 

الثاني: أن يكون الاختلاف في الحركات ولكن بتغير في المعنى فقط دون التغير في الصورة نحو ( فتلقى آدمُ من ربه كلماتٍ ) قرأ ابن كثير بنصب آدم ورفع كلمات ( فتلقى آدمَ من ربه كلماتٌ ) .

 

التالث : أن يكون في الحروف مع التغير في المعنى لا في الصورة نحو ( هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت ) قرأ حمزة والكسائي وخلف ( تتلوا ) .

 

الرابع : أن يكون في الحروف مع التغير في الصورة لا في المعنى نحو ( الصراط ) قرأها رويس عن يعقوب وقنبل عن ابن كثير من طريق ابن مجاهد بالسين ( السراط ) .

اقرأ أيضا  التفسير العلمي ووجوه إعجاز القرآن الكريم

 

الخامس : أن يكون في الحروف مع التغير في الصورة والمعنى نحو ( ولا يأتلِ أولو الفضل منكم والسعة ) قرأها أبو جعفر ( ولا يتألَّ ) .

 

السادس : أن يكون في التقديم والتأخير نحو ( وقاتلوا وقُتلُوا ) قرأها حمزة والكسائي وخلف ( وقُتلُوا وقاتلوا ) .

 

السابع : أن يكون في الزيادة والنقصان نحو ( ووصّى بها إبراهيم بنيه ) قرأها نافع وابن عامر وأبو جعفر ( وأوصى ) ونحو ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ) قرأها نافع وابن عامر وأبو جعفر ( سارعوا إلى مغفرة ) بحذف الواو .

 

فهذه الأوجه السبعة لا يخرج الاختلاف عنها . (1)

إذاً فجميع القراءات نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال ( إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه ) (2)

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ) (3)

 

وهناك أقوال أخرى لم أذكرها حرصاً على حصول الفائدة للقارئ خصوصاً أنّ العلماء رأوا أن أقربها إلى الصواب هي هذه الآراء وأما من ناحية الترجيح فمن العلماء من رجح القول الأول على أنها لغات ومنهم من رجح قول الإمام ابن الجزري خاصة وأنه من أئمة القراءات ومطلع على خفاياها وهو صاحب ذلك النظم الفريد المسمى بـ ( طيّبة النشر في القراءات العشر )

 

وفي الختام أسأل الله العظيم أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعني وينفع به القارئين إنه سميع قريب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اقرأ أيضا  تفسير: (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله)

 

 

* * * * * * * * * * *

 

 (1) : النشر في القراءات العشر 1/26

(2) : أخرجه الإمام مسلم في كتاب الصلاة – باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه – عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان ما أقرؤها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان ما أقرأتنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أرسله ) ( اقرأ ) فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هكذا أنزلت ) ثم قال لي: ( اقرأ ) فقرأت فقال: ( هكذا أُنزلت  )

 

(3) : أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن – باب أنزل القرآن على سبعة أحرف – عن عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( .. ) _ بقلم  الشيخ محمد درويش _

 

 (R-024)/أحباب الكلتارية/ وكالة معراج للأنباء(مينا).

 

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.