لماذا يستهجن الصهاينة رثاء عرب لبيريز؟!

د. صالح النعامي

الجمعة 6 محرم 1438 الموافق  7 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

استهجن ساسة وكتاب صهاينة حرص مسؤولين عرب على المشاركة في تشييع جثمان الرئيس الصهيوني السابق شمعون بيريز ونعيه وتأبينه كـ “رجل سلام”.

وقد عدد هؤلاء الساسة والكتَّاب قائمة الأفعال التي ارتكبها بيريز وتدلل على أنه أبعد ما يكون عن “رجل السلام”.

فقد عدد عمير رايبوبورت، المعلق العسكري لمجلة “ISRAEL DEFENSE” جملة من أفعال بيريز، التي تمثلت في الإعداد لحرب 56 ضد مصر، وإقناع فرنسا وبريطانيا بالانضمام إلى الكيان الصهيوني فيها، إلى جانب دوره في بناء المفاعل الذري الذي تم تدشينه من أجل تقليص قدرة العرب على التصدي للكيان الصهيوني وإقناع العرب بقبول ما ترضاه تل أبيب.

وأشار رايبوبورت في مقال نشرته المجلة أن بيريز هو الذي طور مجمع الصناعات العسكرية والجوية من أجل ضمان التفوق النوعي على العالم العربي.

ولفت رايبوبورت الأنظار إلى أن بيريز كوزير الحرب في الفترة الفاصلة بين عامي 1974 و 1977 أصدر تعليمات بتنفيذ العشرات من الحملات والعمليات الخاصة والسرية التي هدفت إلى تصفية قيادات منظمة التحرير في مناطق مختلفة من العالم.

من ناحيته وصف البرفسور الجنرال آرييه إلداد (أحد أبرز قادة المستوطنين في الضفة الغربية) بيريز بأنه “أبو المشروع الاستيطاني” في الضفة الغربية.

وفي مقال نشرته صحيفة “معاريف”، نوه إلداد إلى أن المستوطنات التي حرص على إقامتها في منتصف سبعينيات القرن الماضي هي التي تجعل من المستحيل تطبيق فكرة “الدولة الفلسطينية” التي أيدها فيما بعد.

اقرأ أيضا  هنية وعباس، وفرصة إغضاب نتنياهو

وشدد إلداد على أن “حزن” بعض العرب على بيريز لا يبدو مفهوماً بالنسبة له، سيما أن بيريز كان دائماً متماثلاً مع الحركة الصهيونية وأهدافها الكبرى.

من ناحيته قال وزير الزراعة والاستيطان الصهيوني أوري أرئيل، أحد قادة حزب “البيت اليهودي” الديني المتطرف: إن حماس بيريز للاستيطان وصل إلى حد أنه أيد في عام 1976 فكرة تحويل مستوطنة “نيتساريم” التي أقيمت جنوب مدينة غزة إلى مدينة.

وأشار أرئيل إلى أن بيريز اقترح حتى اسم لهذه المدينة وهو “غزة العليا”، على غرار مستوطنة “الناصرة العليا” التي أقيمت في محيط مدينة الناصرة.

وأعاد بيان التأبين الصادر عن مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية للأذهان حقيقة أن بيريز كوزير للحرب عام 1974 هو من سمح لحركة “غوش إيمونيم” الدينية المتطرفة ببناء المستوطنات في أرجاء الضفة الغربية لأول مرة منذ احتلالها عام 1967.

وشدد البيان على أن بيريز كوزير للحرب قد تحدى رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين ومعظم الوزراء الذين أبدوا اعتراضهم على بناء المستوطنات، وأصر على “إطلاق المشروع الاستيطاني في أرض إسرائيل”.

من ناحيته هاجم المعلق اليهودي جدعون ليفي بيريز، معتبراً أن زعماء العالم الذين يذرفون الدموع عليه مجرد منافقين.

وأشار ليفي إلى أن بيريز عمل على تضليل العالم من خلال منح صورة مضللة عن الكيان الصهيوني وإظهاره على أنه “دولة معنية بالسلام وهي غير ذلك”.

اقرأ أيضا  عباس يعلن وقف العمل بكافة الاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل)

وفي مقال نشرته صحيفة “هآرتس”، قال ليفي: إن من يدعي أن بيريز هو “رجل سلام فهو يؤكد أيضاً بأن إسرائيل هي دولة سلام؛ فهل إسرائيل حقاً التي تحتل وتقتل دولة سلام”.

وشدد ليفي على أن بيريز يُعَد “شريكاً في تأسيس نظام الفصل العنصري” في الكيان الصهيوني، وهو “مسؤول عن الهاوية الأخلاقية التي علقت فيها الحركة الصهيونية”.

وأشار ليفي إلى أن بيريز لم يجلب السلام، “بل جلب القتل المتمثل في السلاح النووي والصناعات الجوية والعسكرية والاحتلال والمستوطنات”.

وتحدى ليفي الذين يطلقون صفة “رجل السلام” على بيريز قائلاً: “إن كان بيريز معني بالسلام حقاً؛ فلماذا أبقى على المستوطنات بعد التوقيع على أوسلو؟”.

وأشار ليفي إلى أن بيريز كان عنصرياً لأنه لم يؤمن بأن اليهود والفلسطينيين متساوون في الحقوق، إلى جانب أن حقوق الإنسان والقانون الدولي لم تكن تهمه، ومعاناة الفلسطينيين لم تلمس قلبه”، على حد تعبيره.

في هذه الأثناء أعاد موقع صحيفة “هآرتس” الأحد الماضي نص مقابلة أجرتها مع بيريز عندما كان وكيلاً لوزارة الحرب الصهيونية عام 1959.

وقال بيريز في المقابلة التي أجريت معه وعمره لم يتجاوز السادسة والثلاثين إن العرب والدول العربية وحكامها لا يعنونه مطلقاً.

وأضاف: “مزاج ناصر (الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر) وقاسم ( رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم) يجب ألا يؤثر على سلوكنا، يحق للعرب وقادتهم أن ينشغلوا بأنفسهم فقط وليس بنا”.

اقرأ أيضا  عباس: الفلسطينيون متمسكون بالسلام وليس باتفاقيات لا تحترمها "اسرائيل"

وشدد بيريز على وجوب عدم التطلع لبناء علاقات مع العرب والاكتفاء ببناء العلاقات مع القوى العظمى، حيث قال: “يتوجب علينا أن نحرص على تعزيز علاقاتنا مع الدول العظمى، بحيث تتطور من عام إلى آخر، العرب لا يعنونني”.

ودافع بيريز خلال المقابلة عن فكرة “إسرائيل الكبرى”، مشدداً على أنه معني أن يكون الكيان الصهيوني “كبيراً في الجغرافيا وكبيراً في التكنولوجيا والمنعة العسكرية والاقتصادية”.

من ناحية ثانية تحولت مشاركة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تشييع جنازة بيريز إلى مناسبة لإهانته من قبل الساسة الصهاينة؛ فقد انتقد وزير التعليم نفتالي بنات رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو لقيامه بمصافحة عباس أثناء جنازة بيريز، معتبراً أن هذا “شرف لا يستحقه”.

وفي السياق نفسه قال الصحافي الصهيوني اليميني أساف جيبور: عباس شارك في جنازة بيريز رغم إدراكه الرفض الشعبي الفلسطيني العارم لهذه الخطوة، ومع أنه يعي أن الفلسطينيين سينظرون إليها كاستفزاز، لأنه معني أولاً باسترضاء الرأي العام الإسرائيلي ويهمه أن يكون في قلب الإجماع الإسرائيلي”.

المصدر : موقع مجلة البيان السعودية

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.