الرئيس عباس واستمرار الانتفاضة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس -mobtada.com -
الرئيس الفلسطيني محمود عباس -mobtada.com –

إبراهيم المدهون

الجمعة 25 ذو الحجة 1436//9 أكتوبر/تشرين 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية

لا أحد يجزم أن ما تعيشه الضفة اليوم انتفاضة بالمعنى المتعارف عليه فلسطينيا، إلا أنه يعتبر موجة ثورية جاءت بسبب يأس القيادة السياسية من جهة، والتي عبر عنها الرئيس عباس في خطابه الأخير، بالإضافة لعجرفة نتنياهو وحكومته في التعامل مع السلطة من جهة ثانية، وزد عليها عربدة المستوطنين وتصاعد جرائمهم من جهة ثالثة، والتهديدات المتواصلة بحق المسجد الأقصى من جهة رابعة، وما يعاني المواطن الفلسطيني من جهة خامسة ولطبيعة شعبنا المقاوم والذي يعتبر مواجهة الاحتلال ومقاومته الأصل والهدوء والتعايش هو الاستثنائية. الرئيس عباس ما زال متردد بشكل كبير هل ينسحب من المشهد ويترك الفلسطينيين يحددون مصيرهم؟ وهو يدرك قرار شعبنا في المواجهة ورفض التعايش مع واقع الاحتلال البغيض، أم يبقى يتردد ويحاول احتواء الموقف بمراوغات تضمن لعائلته الاستقرار والطمأنينة بعد ذلك؟ ومن المعروف أن الرئيس عباس ضد فكرة الانتفاضة من أساسها، وحاربها في مراحلها المختلفة حتى اضطر الشهيد صلاح خلف أبو إياد التوجه له بإنذار علني في خطبة مشهورة، يستنكر فيها مطالبة عباس بوقف انتفاضة الحجارة، ويعتبر الانتفاضة سلاحا قويا في يد الفلسطينيين، حتى لو اختاروا المفاوضات ستدعمهم في جولاته.

اقرأ أيضا  هنية: أربعة مسارات ضرورية لدعم انتفاضة القدس

ومع هذا لم يغير الرئيس عباس قناعاته، وخاض تجاربه السياسية وهو مؤمن بضرورة ترك الكفاح المسلح وغير المسلح، حتى استنفذ أساليبه وطرقه في الحوار مع الاحتلال، وبذل كل جهده في التذلل والتوسل والاستعطاف، فلم يفلح في تحقيق أي إنجاز سياسي أو ميداني، فكل محاولاته وسياساته وعلاقاته وتحركاته وضغوطاته غير المسلحة لم تنجح في إخراج أسير واحد، أو منع بناء حجر واحد في مستوطنة. ولهذا الرئيس الآن محبط ويحتاج لخروج آمن يوفر له ولعائلته حياة مستقرة، وربما هذا ما يمنعه من إعادة تجربة الرئيس عرفات، والسماح لأجهزته المسلحة وحركته الممتدة بتبني الانتفاضة والدخول في مواجهة مفتوحة مع الاحتلال، وهو يدرك في قرارة نفسه وبعد تجربة طويلة من السياسة والبراعة في المناورة أن نتنياهو وحكومته لا يفهمون إلا لغة القوة، وأن العالم لا يتعامل ولا يحترم إلا الأقوياء، وأن شعبه قادر على استثمار اللحظة ومواجهة التحديات وتحقيق الكثير من الانتصارات. الانتفاضة قادمة لا محالة إن شارك فيها الرئيس وتبناها أو لم يشارك، وحضوره ودعمه سيُسجل لصالحه تاريخيا ووطنيا، وسيتم التجاوز عن اخفاقاته السابقة وسيوحد شعبنا وينهي الانقسام للأبد، أما تردده فسيصب عليه لعنة ربما من أقرب الناس إليه. الانتفاضة الحقيقية تعني أن تشمل المواجهات المدن والمخيمات والقرى والشوارع، وأن تتصاعد حدة الاشتباك مع قوات الاحتلال وان تتصاعد العمليات وتتراكم، ولا أدري القدرة الفعلية لتحويل هذه الرؤية لواقع في الضفة الغربية في الوقت القريب؟ وأين مسارات الأحداث ستأخذنا؟ إلا أننا أمام تقاطع طرق سيوصلنا إما لمواجهة مفتوحة تشارك فيها غزة ومناطق 48، أو استمرار حالة التغول الإسرائيلي والعربدة الصهيونية والتي ستصطدم في يوم قريب بإرادة شعبية ممتدة.

اقرأ أيضا  هل تكون الانتفاضة سببًا في تحقيق المصالحة؟

المصدر : الرسالة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.