حجاب المرأة المسلمة

الخميس 7 شوال 1436//23 يوليو/تموز 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال – تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران: 102).
وقال أيضاً: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1).
وقال جل جلاله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)
(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71).
أما بعد:
فإن أحسن الكلام كلام الله، – عز وجل -، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. [1]
وبعد:
إن قضية الحجاب شكلت على مدى عقود كثيرة محورا رئيسا لمحاربة الإسلام، وأهله، وتناميه في ظل الهجمة المستعرة، والمتبناة من قبل العديد من الدول والجمعيات والمؤسسات النسائية الغربية، والمستغربة المنتشرة في أرجاء عالمنا العربي، والإسلامي والهادفة إلى تدمير النسيج القيمي والعقدي، والأخلاقي في مجتمعنا المسلم من خلال إدخال، وترويج، مفاهيم خاطئة أساساً، ومدمرة لقيم وأخلاق، وحياة المرأة المسلمة.
و لعل ملخص الشبهات التي تدور حول حجاب المرأة المسلمة تتلخص بالأفكار التالية:
1- دعوة المرأة المسلمة إلى تغطية شعرها باعتباره عورة لا يجوز كشفه للرجال، فكرة لا تستند إلى نص إسلامي بل تستند إلى نص الإجماع الحادي عشر من رسالة بولس الأول إلى أهل كونثوس التي يقول فيها: كل امرأة تصلي، أو تتنبأ، ورأسها غير مغطى، تشان. إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها، وإن كان قبيحاً بالمرأة أن تقص أو تحلق، فلتتعظ [2]) [3]
2- أن الحجاب تقاليد فقهية ليس لها مصدر قرآني واحد، ولا يمكن تفسيرها إلا في ضوء رسائل بولس [4]، الذي يقول: ليس إذن للمرأة أن تتعلم، ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت) [5].
3- أن الأمر الوارد في سورة الأحزاب، الآية 59 ليس أمرا لجميع النساء في جميع العصور بأن يلبسن الجلابيب، ولا يستقيم تفسير النص على هذا النحو، إلا في منهج فقيه بدوي من أهل القرن السابع الميلادي يريد أن يفرض جلباب والدته على مسيرة الحضارة باسم الله، والإسلام. أما فيما عدا ذلك، فإن الآية تتوجه بوضوح بنهي المرأة عن تسخير ثيابها في أغراض التبرج، وهي فكرة لا علاقة لها بالحجاب، ولا تلزم المرأة بزي معين، بل تلزمها بأن تتحرر من عقدة الجارية، وتكف عن اعتبار نفسها مجرد سلعة جنسية [6].
4- أن الحجاب رمز ديني كأي رمز عند باقي الأديان مثل الصليب عند النصارى، والقلنسوة عند اليهود، ولا علاقة له بجوهر الإسلام.
وللرد على هذه الشبهات لا بد من التأكيد على المنهج العلمي الصحيح القائم على الكتاب، والسنة، وفهم السلف الصالح لهذين المصدرين، وغيرهم من المصادر المعتبرة عند أهل العلم المحققين.
فالحجاب واجب على المرأة المسلمة وقد دل على هذا الوجوب كتاب الله – تعالى – وسنة رسوله الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم -، والاعتبار الصحيح، والقياس المطرد.
أولا – القرآن الكريم:
1- قال – تعالى -: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). (النور: 31).
ولعل أهم الأحكام التي يمكن أن نستنبطها من هذه الآية:
أ‌- أن الله – تعالى – أمر المؤمنات بحفظ فروجهن، والأمر بحفظ الفرج أمر بما يكون وسيلة إليه، ولا يشك عاقل أن من وسائل الوقاية من الزنا تغطية الوجه، لأن كشفه سبب النظر إليه، وتأمل محاسنه، وبالتالي الوصول إلى الاتصال المحرم.
عن أبي هريرة أن النبي محمد – صلى الله عليه وسلم -، قال: ((أن الله – تعالى -كتب على ابن آدم حظه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)) [7].
وفي رواية أخرى عن عبد الله بن مسعود يقول: ((العينان تزنيان، والرجلان تزنيان، واليدان تزنيان، ويصدق ذلك الفرج، أو يكذبه))[8].
وفي رواية الإمام أحمد عن بن مسعود عن النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((ثم العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، والفرج يزني))[9]..
وعليه فإذا كان تغطية الوجه من وسائل الوقاية لحفظ الفرج كان مأمورا به، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ب‌- أما معنى الجيب قوله – تعالى -: (و َلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) فالجيب هو فتحة الرأس، والخمار ما تخمر به المرأة رأسها، وتغطيه به، فإن كانت مأمورة بالضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها.
أما لأنه من لازم ذلك، أو بالقياس، فإنه إذا وجب ستر الخمر، والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى، لأنه موضع الجمال والفتنة.
ج- أن الله – سبحانه وتعالى – عفا عن إظهار الزينة مطلقا إلا ما ظهر منها دون إرادة لذلك، كظاهر الثياب، وأسافلها، لذلك قال – تعالى -: (إلا ما ظهر منها) ولم يقل إلا ما أظهرن منها، وقد فسر بعض السلف: كابن مسعود والحسن وابن سيرين، وغيرهم قوله – تعالى -: (إلا ما ظهر منها) بالرداء والثياب، فقال ابن مسعود – رضي الله عنه -: ظاهر الزينة هو الثياب[10].
ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى.
فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد، ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة (من الوجه)، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن التعميم في الأولى، والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
د- أن الله – تعالى -رخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين أمثال الخدم الذين لا شهوة لهم والطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم، ولم يطلع على عورات النساء.
وعليه:
فإن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين، وأن علة الحكم ومداره الخوف على المرأة من الفتنة، فيكون ستر الوجه، واجبا لئلا يفتن أولوا الإربة من الرجال، وخاصة أنه مجمع الحسن، وموضع الفتنة.
هـ- وقوله – تعالى -: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) معناه لا تضرب المرأة برجلها ليعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها من الزينة، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفا من افتتان الرجال بما يسمع من صوت خلخالها، ونحوه فكيف بكشف الوجه.
فأيهما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالا بقدم امرأة قد لا يدري من هي، وما جمالها، أو ينظر إلى وجه جميل ممتلئ شبابا، ونضارة، وحسنا بما يجلب الفتنة، ويدعو إلى النظر إليها؟
إن كل إنسان له حاجة في النساء يعلم أي الفئتين أعظم، وأحق بالستر، والإخفاء.
2- قوله – تعالى -: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور: 60)
إن الله – تعالى – نفى في هذه الآية الأثم عن القواعد، وهن العواجز اللاتي لا يرجون زواجا لعدم رغبة الرجال بهن، بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج والزينة. وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشابات اللاتي يرجون النكاح يخالفن في الحكم، ولو كان الحكم شاملا للجميع في جواز وضع الثياب، ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة.
ومن قوله – تعالى -: (غير متبرجات بزينة) دليل أخر على وجوب الحجاب للشابة التي تأمل بالزواج، لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها، أنها تريد التبرج بالزينة، وإظهار جمالها، وتطلع الرجال لها، ومدحها ونحو ذلك، ومن سوى هذه فشاذ، والشاذ لا حكم له.
3- قوله – تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب: 59)
قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطي، وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة [11].
وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء: إنه في حكم المرفوع إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -. وقول ابن عباس – رضي الله عنهما -: ويبدين عينا واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة، والحاجة إلى النظر في الطريق، فأما إذا لم يكن هناك حاجة، فلا موجب لكشف العين.
4- قوله – سبحانه وتعالى -: (لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (الأحزاب: 55)
4- قال ابن كثير عليه رحمة الله: “لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم، كما استثناهم في سورة النور عند قوله: (و لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن… [12])
ثانيا – السنة النبوية الشريفة:
1- عن جابر – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: إذا خطب أحدكم امرأة فاستطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل، فخطبت امرأة من بني سليم، فكنت أتخبأ لها في أصول النخل حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها [13]).
وجه دلالة هذا الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نفى الجناح، وهو الإثم عن الخاطب خاصة، بشرط أن يكون نظره بسبب الخطبة فقط. أما غير الخاطب، فيعتبر آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر إلى غير الخطبة كأن يكون غرضه التلذذ، والتمتع ونحو ذلك.
2- عن أم عطية قالت: أمرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق، والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض، فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله أحدنا لا يكون لها جلباب، قال: لتلبسها أختها من جلبابها. [14]
و من دلالة هذا الحديث الشريف أن المعتاد عند نساء الصحابة، أن المرأة لا تخرج إلا بجلباب، وعند عدمه لا يمكنها أن تخرج من بيتها. وأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بلبس الجلباب كان دليل على الوجوب، وأنه لابد من التستر.
3- عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس [15].
وجه دلالة هذا الحديث أن الحجاب والتستر كان هو الطابع العام لنساء الصحابة الذين هم خير القرون، وأكرمهم عند الله – عز وجل -، وفي هذا الحديث الدلالة، والبيان لصفة الحجاب وشروطه.
4- عن ابن عمر قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن، قال: يرخين شبرا، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه [16]).
و دلالة هذا الحديث على وجوب ستر قدم المرأة، وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة، والقدم أقل فتنة من الوجه، والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه، وعلى ما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما أقل فتنة، ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فان هذا من التناقض المستحيل بحق الله، وشرعه [17].
ثالثا – الاعتبار الصحيح والقياس المطرد:
الاعتبار الصحيح، والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة، وهو إقرار المصالح، ووسائلها، والحث عليها، وإنكار المفاسد، ووسائلها والزجر عنها.
و إذا تأملنا السفور، وكشف المرأة لوجهها، وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة، وإن قدر أن فيه مصلحة، فهي يسيرة لا تتساوى بأي حال مع مصالح المرأة والمجتمع.
فمن مفاسد كشف المرأة لوجهها للأجانب:
1- الفتنة: فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها، ويبهيه ويظهر المظهر الفاتن الجذاب. وهذا من أكبر دواعي نشر الفتنة، والفساد.
2- زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان، وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها خروج عن الفطرة التي خلقت عليها.
عن سالم عن أبيه، سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجلا يعظ أخاه بالحياء، فقال: الحياء من الإيمان [18].
3- افتتان كثير من الرجال بالمرأة السافرة، ولاسيما إذا كانت جميلة، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وعلى المسلم أن يحذر من الشيطان، ومداخله ودروبه.
عن أنس – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان مع إحدى نسائه، فمر به رجل، فدعاه، فجاء فقال: يا فلان هذه زوجتي فلانة، فقال: يا رسول الله من كنت أظن به، فلم أكن أظن بك، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم [19]..
وفي رواية البخاري عن علي بن الحسين، كان النبي – صلى الله عليه وسلم – في المسجد وعنده أزواجه فرحن، فقال لصفية بنت حيي لا تعجلي حتى انصرف معك، وكان بيتها في دار أسامة، فخرج النبي – صلى الله عليه وسلم – معها، فلقيه رجلان من الأنصار، فنظرا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، ثم أجازا، وقال لهما النبي – صلى الله عليه وسلم -: تعالا إنها صفية بنت حيي قالا سبحان الله يا رسول الله، قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئا)[20].
4- وقد يؤدي اختلاط النساء بالرجال إلى فتنة المرأة بأن تعتبر نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه، والتجول سافرة، مما يؤدي إلى فتنة كبيرة، وفساد عريض كما هو حاصل الآن في كثير من الديار العربية والإسلامية.
عن حمزة بن أبي اُسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه، وسلم يقول: وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال، مع النساء في الطريق، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: للنساء استأخرن، فإنه ليس لكُن أن تحققن الطريق، عليكن مجافاة الطريق. فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى أنّ ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به)[21]..
وأخيرا بعد أن أوردت كل هذه الأدلة من الكتاب، والسنة والاعتبار والقياس أضيف ملحوظة لمن في قلبه بقايا من إيمان عسى أن ينتبه لما يحاك لهذه الأمة من مؤامرات وفتن:
الملاحظ أن المنظمات الحقوقية بجميع فروعها في العالم الإسلامي، والعربية على وجه الخصوص متحيزة، ومغلقة أمام انتماء أية امرأة مسلمة ملتزمة بدينها.
كما أننا لا نرى أي ملف، أو ذكر للمرأة المسلمة، وخاصة ما يتعلق بالتمييز ضدها كما هو ملاحظ في ارتدائها للباس الشرعي والحجاب والتعذيب والعنصرية التي تواجهها في كثير من البلدان العربية، والإسلامية وحتى الأوربية التي تدعي الحرية والديموقراطية.
إن النظرة الدونية للمتدنية، والملتزمة من قبل الغرب والمستغربين الذين يتعاملون معها بأسلوب إقصائي عن المجتمع والفعالية الإيجابية فيه.
ما هو إلا ضمن اتفاق دولي من قبل الصليبين والصهاينة ومن سار بركبهم من أبناء جلدتنا للقضاء على الإسلام والمسلمين [22].
والله المستعان.
————
[1] – هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يفتتح بها خطبته، ويعلمها أصحابه، وروى هذه الخطبة ستة من الصحابة رضوان الله عليهم وقد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 6/153-156-157، وأبو داود في السنن ج 1/287. برقم 1097. والنسائي في المجتبى، ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى، ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
2- التوراة، ج3، 16 سفر التكوين-انظر المرأة مفاهيم ينبغي أن تصحح، سامر اسلام بولي دار الأوائل، دمشق-ص52-53.
3- إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم، دار الريس ط2-دمشق 1995م ص 202.
4- رسالة بولس الاولى الى يوفوثاووس، ج2/12.
5- إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم، ص 203.
6- إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم، ص204-وانظر ما وراء الحجاب لفاطمة الريسي، دار حوران، للنشر ط1، 1997م.
7- صحح مسلم، ج4 /2046 برقم 2657 صحيح البخاري، ج5 /2304، برقم 5889.
8- مجمع الزوائد، ج7/ 125.
9- مسند الامام احمد، ج1/ 412 برقم 3921.
10- تفسير القرطبي ج12/228.
11- تفسير الطبري، دار الفكر، بيروت، 1405هـ. ج22/ 46.
12- المستدرك على الصحيحين، ج2/179 برقم 2696 وقال بانه حديث صحح على شرط مسلم. سنن البيهقي الكبرى، ج7/84 برقم 13265 سنن ابي داود، ج2/228 برقم 2082. مسند الامام احمد ج3/334 برقم 14626-
13- صحيح مسلم، ج2/ 606 برقم 883. صحيح البخاري، ج1/123 برقم 318- صحيح ابن خزيمة ج2/ 360 برقم 1466 صحيح ابن حبان، ج7/ 56 برقم 2816.
14- 3- صحيح مسلم، ج2/ 606 برقم 883. صحيح البخاري، ج1/123 برقم 318- صحيح ابن خزيمة ج2/ 360 برقم 1466 صحيح ابن حبان، ج7/ 56 برقم 2816.
15- صحيح البخاري ج1 / 146، برقم 366 صيح مسلم، ج1/ 446 برقم 645.
16- سنن الترمذي، ج4/ 223 برقم 1731 وقال عنه حديث حسن صحيح. السنن الكبرى للنسائي ج5/ 494 برقم 9735 الجامع لمعمر بن راشد، المكتب الاسلامي، بيروت 1403 هـ تحقيق حبيب الاعظمي، ج11 / 82.
17- رسالة في الحجاب لابن عثيمين، منقول من موقع سؤال وجواب، سوال رقم 11774 بتصرف.
18- صحح مسلم، ج1/ 63 برقم 35.
19- صحيح مسلم ج4/ 1712 برقم 2174.
20- صحيح البخاري ج2/ 717 برقم 1933.
21- سنن أبي داود، ج4/ 369 برقم 527 المعجم الكبير للطبراني، 19/261 برقم 580- شعب الإيمان للبيهقي، دار الكتب العلمية، بيروت 1410هـ تحقيق محمد زغلول ج6/173 برقم 7822.
22- انظر حلقة بعنوان منع الحجاب والتمييز ضد المرأة والإسلام في موقع الجزيرة نت على الشبكة العنكبوتية.
– المختار الإسلامي-

اقرأ أيضا  التزين للأزواج
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.