رمضان في بريطانيا (صلاى العشاء بالتقدير)

المسلم الحق هو من يراعي وداد أخيه، سواء أكان هذا الأخ مسلمًا أم كان نصرانيًّا أم يدين بأي ديانة أخرى، وهذا بالضبط ما يقوم به المسلمون في بريطانيا، يمارسون شعائرهم الدينية بكل طقوسها، مراعين عدم إزعاج الجيران من الديانات الأخرى، كيف ذلك؟، هذا ما سنعرفه في هذه الحلقة التي نضيف فيها الدكتور الفلسطيني مهيب عبد أبو القمبز.

محاضر جامعي

ضيفنا “أبو القمبز” يعمل محاضرًا في جامعة هدرزفيلد ببريطانيا ويسكن في مدينة مانشستر، أما زوجته رنا عكيلة فتعمل معلمة في مدرسة الهجرة بمانشستر، عن نفسه يقول: “غادرت مع زوجتي فلسطين عام 2010م بغرض الحصول على الدكتوراة في إدارة المشاريع من جامعة مانشستر، وبفضل الله حصلت عليها عام 2015م، ومنذ ذلك التاريخ أعمل في جامعة هدرزفيلد البعيدة عن مانشستر بنحو 48 كم”.

وعن شهر رمضان في الغرب _وهو موضوع حلقتنا_ يقول “أبو القمبز”: “لا يختلف كثيرًا عن الشرق من ناحية الشعائر والطقوس، الاختلاف يزيد قليلًا إذا تحدثنا عن الآسيويين الذين يتبعون المذهب الحنفي، أما نحن فنصوم ونفطر في المواعيد المحددة، ونصلي التراويح ونفعل الأشياء التي نفعلها في بلادنا مع بعض الاستثناءات”.

ويلفت إلى أن شهر رمضان في الصيف يكون طويلًا، ففي مانشستر _مثلًا_ هذا العام يصوم المسلمون 18 ساعة يوميًّا، وكلما أوغلوا في الذهاب شمالًا ازدادت المدة حتى تصل إلى 19 ساعة في المدن الإسكتلندية.

اقرأ أيضا  سوريا.. لا حل إلا باجتثاث النظام وثقافته الإجرامية

أما في بقية أوروبا فيبين “أبو القمبز” أنه يمكن أن تصل ساعات الصوم إلى أكثر من 22 ساعة، مضيفًا: “وذلك يتطلب منا ترتيبات خاصة أحيانًا تتعلق بالإفطار والسحور والتراويح، فلا يكاد يوجد وقت للجوع بين وجبتي الإفطار والسحور، وعني شخصيًّا سحوري اليومي هو موزة وشرائح بطيخ وتمرات وماء”.

وفيما يتعلق بصلاة العشاء يقول: “لا تصلى في وقتها لأنه لا وقت لها في الصيف بسبب القرب من القطب الشمالي، لذلك نقدرها بـ90 دقيقة بعد المغرب، المغرب عندنا اليوم يحل في تمام الساعة 9:29 مساءً، والعشاء تقريبًا الساعة 11:00 ليلًا، أما التراويح فنصليها 8 ركعات خفيفة على خلاف الأحناف الذين يصلونها 20 ركعة.”

ويشرح أن المجتمع غير المسلم حولهم يعرف عن شهر رمضان، ويختلف تعامله حسب البيئة والطبقة والمنطقة، فمثلًا المنطقة التي يعيش فيها “أبو القمبز” تسكنها أغلبية مسلمة، لذلك نلحظ أن المسلمين يكونون في وقت الصلوات بزيهم المعروف للصلوات.

ويؤكد أن المسلمين في حيه يراعون في صلاة التراويح عدم إزعاج الجيران غير المسلمين، لذلك توجد في المساجد أطقم مناوبة لإدارة مواقف السيارات التي تعد أصعب شيء في أوروبا، والتحقق من عدم تجمهر أي شخص أمام المسجد بعد الصلاة، حتى لا تصدر أصوات تزعج جيران المسجد.

اقرأ أيضا  الحكومة الإندونيسية: بناء 200 قرية سياحية لتعزيز جاذبية لابوان باجو

غداء جماعي

أما في مكان عمله (مؤسسة أكاديمية) فتراعى أوقات الامتحانات لكي لا تتعارض مع رمضان، وبعض الأنشطة الإدارية أو الاجتماعية في الجامعة يمكن تأجيلها، مثلًا قبل يومين أجلت زميلة حفل وداعها من الجامعة إلى ما بعد رمضان، لضمان حضور الزملاء المسلمين الغداء الجماعي.

وعن الزيارات العائلية يقول: “هي قليلة في رمضان بسبب تأخر الوقت، وربما في الشتاء يتغير الأمر، لكن منذ عامين الإفطار يقترب من الساعة العاشرة إلا ربع، لذلك مستحيل عمليًّا الزيارة بعد الإفطار، خاصة أن المدارس تعمل والطلبة يذهبون في الصباح إلى المدارس، مثلما هو العمل أيضًا.”

ويتابع: “نتبادل الأطباق الرمضانية مع العائلات المسلمة من الجيران والأصدقاء، وغير المسلمة أيضًا، خاصة إذا كانت تعبر عن ثقافات مختلفة، فثمة الأكل الفلسطيني والليبي والمغربي والمصري والسعودي والهندي والصومالي، وغيرها من الأطباق الشهية”.

صيف 2013م

وعن آخر رمضان حضره في غزة يقول: “كان في صيف 2013م، وهذا أصعب ما في الأمر؛ فنحن نشتاق إلى أهلنا، ومع الروحانية العالية في رمضان هنا إننا نتحرق شوقًا إلى رؤية أهلينا وقضاء رمضان والعيد معهم”.

اقرأ أيضا  ما يميز رمضان في باكستان

ويختم حديثه معنا برسالة إلى أهل فلسطين عامة وغزة خاصة، يقول فيها: “نحبكم ونشتاق إليكم، ولا تظنوا أن الغربة مكان جميل، فلا شيء يعوض الأهل والجلسات الرمضانية الجميلة، فأنا أشتاق إلى خروب غزة وإلى قطائف غزة وإلى كل بقعة في وطننا الحبيب، وأهدي إليكم بيتي شعر لابن غزة البار حجة الفقه والأدب الإمام الشافعي (رحمه الله):
وإني لمـشـتـاق إلــى أرض غــزة ** وإن خانـنــي بعــد التفــرق كتـماني
سقى الله أرضًا لو ظفرت بتربهـا ** كحلت به من شدة الشوق أجفاني”.

المصدر : فلسطين أون لاين

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.