“إسرائيل” تخترق العالم العربي من بوابة المال والأعمال

الخميس – 13 رجب 1434 الموافق 23 مايو/آيار 2013

تعد بعض الشركات الأمنية متعددة الجنسيات ذات المنشأ الأجنبي أو الإسرائيلي رصيداً أمنياً استراتيجياً لـ”إسرائيل”.
فهذه الشركات بعضها أسسها إسرائيليون داخل أو خارج فلسطين المحتلة عملوا سابقاً في المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، والبعض الآخر أسسها أجانب في خارج فلسطين استقطبت إسرائيليين، وفتحت فروعاً لها في فلسطين المحتلة تعمل في أماكن حساسة في العالم مثل المطارات والموانئ، المفاعلات النووية، مراكز الشرطة، الجامعات، وغيرها من الأماكن الخاصة والعامة التي تمكنها من جمع معلومات حساسة تتعلق بالأمن القومي لهذه الدول تفيد صانع القرار الاستراتيجي في “إسرائيل”. 
وسبق للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا الكشف عن شركات كثيرة من هذا النوع، مثل “جي4 إس”، “آي سي تي إس”، “آفكون جروب”، “بني طال”، “إتش بي” للحواسيب، وغيرها من الشركات التي تعمل برؤوس أموال كبيرة وتستفيد من الأسواق العربية، وفي الوقت نفسه تقدم خدمات لجيش الاحتلال في السجون وعلى الحواجز وفي مدينة القدس المحتلة.

 

شركة ماكس للخدمات الأمنية
ومن أبرز هذه الشركات، شركة أمنية إسرائيلية تعمل في دول مختلفة من العالم، هي شركة “ماكس للخدمات الأمنية”.
تأسست الشركة عام 1996، على يد ضباط سابقون عملوا في المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، من أبرزهم المدير التنفيذي للشركة “نعوم شيلر” الذي عمل في الوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي لمدة 12 عاما، و”دور رافي” مدير المعلومات وإدارة المخاطر في الشركة الذي خدم في الجيش لخمس سنوات، و”كينون شاحر” مدير العمليات فيها، وخدم في جهاز “الشاباك” وفي وزارة الخارجية، و”دانييل نيسمان” مدير استخبارات إقليمي في الشركة خدم في وحدة النخبة للاستطلاع لمدة ثلاث سنوات، ولازال ضابط احتياط نشط في وحدة الاستطلاع الشمالية، و”إيال بن شاؤول” المدير التنفيذي لفرع الشركة في الهند وغيرهم الكثير ممن خدموا في الأراضي المحتلة.
يرجع تسمية الشركة بـ”ماكس” وفاءً لـ “اسحق شيلر” الملقب بالكود السري “ماكس”، حيث عمل في القوات الخاصة الإسرائيلية وفي “الشاباك” وفي جهاز الموساد، وقتل في حادث تحطم طائرة عام 1992 قرب باريس.
وتقدم الشركة خدماتها في تشخيص المخاطر الأمنية للقطاع العام والخاص في أكثر من 50 دولة ويتبع لها أكاديمية تقدم دورات أمنية في الحماية ومكافحة الإرهاب وإعداد القوات الخاصة.
ويقع مقرها الرئيس في فلسطين المحتلة 1948، ومع مرور الزمن افتتحت مقرات لها في إفريقيا تحديدا في مدينة “لاجوس” النيجيرية، ولها فرع في أوروبا في مدينة “فيتشنزا” شمال إيطاليا، كما تنشط في آسيا عبر فرعها في مدينة “مومباي” الهندية.
وحتى يكون عمل الشركة يسيرا، تقوم بتجنيد ضباط محليين عملوا في المؤسسات الأمنية والعسكرية، كالضباط الذين ينتمون إلى دول الاتحاد الأوروبي لسهولة تنقلهم وتقبلهم في دول العالم وعلى وجه الخصوص في الدول العربية.
وترى “ماكس” أن دول الشرق الأوسط بيئة تكثر فيها المخاطر الأمنية، لذلك فهي توفر خرائط ديناميكية لعدد من الدول العربية تبين فيها المواقع الحساسة، مراكز الشرطة، المواقع العسكرية، السفارات، المشافي. ومن بين الدول العربية التي تركز عليها الشركة دول الخليج العربي عموما، مصر، العراق، تونس، المغرب، فلسطين المحتلة.

اقرأ أيضا  العثماني: تصنيف بريطانيا "حماس" منظمة "إرهابية" انحياز لإسرائيل

 

إنتهاك سيادة الدول
ومن الواضح أن الشركة جندت عملاء في دول عربية. ففي منشورتها معلومات وصور مؤشر عليها أنها من مصدر يعمل مع الشركة داخل الدولة المعنية، وأن هذه المعلومات ساعدت على وضع خطة الإخلاء، على سبيل المثال رئيس شركة تأمين عالمية يبعث برسالة لمدير الشركة “نوعم” يشكره على إخلائه بحراسة أمنية من مصر بعد حدوث الاضطرابات بداية 2011. ومدير آخر في شركة انشاءات يوجه شكره للشركة على عملية إمداد رائعة نفذتها في الوقت المناسب دون إعطاء أي تفاصيل أخرى في الحالتين.
لكن هناك وثيقة عبارة عن دراسة لتقييم عملية إخلاء قامت بها الشركة لسياح أمريكيين، حيث تبين هذه الوثيقة بوضوح أن لها فرعا نشيطا في جمهورية مصر. وأكثر من ذلك أن لها علاقات عمل مع جهات أمنية وعسكرية هناك.
وحسب الوثيقة في كانون الثاني عام 2011، ومع انطلاق الاحتجاجات في مصر وحدوث فوضى أمنية طلب العديد من الزائرين الأجانب إخلاءهم، فاستجابت “ماكس” لذلك ووظفت خبرتها من عمليات سابقة بإخلاء مئات الوافدين الأجانب إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أحد طلبات الإخلاء الصعبة -كما تقول الدراسة- كانت تتعلق بـ 38 طالب أمريكي علقوا قرب موقع أثري على بعد مئات الأميال من العاصمة المصرية القاهرة. وخلال 12 ساعة وضعت “ماكس” خطة لإخلائهم وتوفير وسائل نقل آمنة بقيادة فريق “ماكس المصري”، بالتعاون مع القوات العسكرية المصرية، خلال ذلك كانت شعبة الاستخبارات في الشركة تتابع الأمر، حتى تم نقل الطلاب برا إلى مطار محلي، وهناك وفرت الشركة طائرة خاصة لنقلهم، دون أن يتعرضوا لأي مساءلة قانونية.

اقرأ أيضا  سوريا من الدلف إلى تحت المزراب

 

عمل معلن
إضافة إلى ذلك، فإن الشركة تؤكد عملها في بعض الدول العربية بتوفير حراسات لصيقة لرجال الأعمال وفرق العمل المختلفة عند زيارتها لدول محددة، من هذه الدول التي ذكرتها الشركة الأردن، العراق، الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليبيا والجزائر، وتفتخر الشركة أنها توفر الحماية لشخصيات مهمة عند زيارتها للشرق الأوسط مثل حراسة فريق من الشركة لمرشح الرئاسة الأمريكي “مت رومني”.
وبالتأكيد، تحرص الشركة على عدم نشر معلومات تفصيلية عن عملها في دول العالم، وعلى وجه الخصوص الدول العربية لإدراكها حجم الحساسية التي يثيرها ارتباط مسؤوليها بالمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
لكن يبقى السؤال المشروع، كيف تسمح هذه الدول لشركات أجنبية يقودها قتلة اكتسبوا خبرتهم من قتل وتعذيب الآخرين في اختراق أمنها القومي!!، وكم فلسطينيا إمرأة، طفلا، شابا، عجوزاً، قتلوا أو اعتقلو أو عذبوا؟ هل كانوا عند خدمتهم في الأراضي المحتلة في نزهة أم كانوا يعملون على حماية المستوطنين والتنكيل بالفلسطينيين بكل الأساليب والوسائل لدفعهم إلى ترك أرضهم!!، ألا تعتبر هذه الأفعال جرائم ضد الإنسانية يجب أن لا يفلت مرتكبوها من العقاب؟!
وتؤكد المنظمة العربية أنه من الخطأ الاعتقاد أن هؤلاء بعد أن فرغوا من مهمتهم القذرة في الأراضي المحتلة وتأسيسهم لشركات أيا كان عنوانها، قد قطعوا علاقاتهم وصلاتهم بالمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، بل هم ماضون في خدمة الإحتلال، كما يظهر من مراسلاتهم وكتاباتهم وملفاتهم الشخصية. 
وفي سبيل ما يسمى أمن “إسرائيل” هم مستعدون للعبث بأمن الدول التي يعملون فيها كما فعلوا بفلسطين وأهلها.
وتختم المنظمة العربية لحقوق الإنسان تقريرها الهام بدعوة دول العالم العربي والإسلامي إلى مراجعة موقفها من هذه الشركات، والدول الإفريقية ودول الاتحاد الأوروبي والهند إلى تجريد هذا النوع من الشركات من الرخص التي مكنتهم من العمل، كون الجرائم التي اقترفها هؤلاء إبان خدمتهم في المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي، ومن المسلم به أنهم يشكلون تهديدا حال للأمن القومي في هذه الدول. 

اقرأ أيضا  خسائر بالأرواح والممتلكات.. حصيلة الهجوم الإسرائيلي على غزة (محصلة)

المصدر: مينا+وكالات

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.