شمائل الحبيب المصطفى

شمائل الحبيب المصطفى  ismailelnhawi.blogspot.com
شمائل الحبيب المصطفى
ismailelnhawi.blogspot.com

الإثنين،9 صفر1436 الموافق1ديسمبر/ كانون الأول 2014 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
بقلم الدكتور صالح بن محمد آل طالب
الخطبـــــــــــــــــــــــــــــــــة الـــــــأولــــــــــــــــــــــــــــى
إن الحمد لله ، نَحمده ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يَهْدِه الله فلا مُضِلَّ له ، ومن يُضْلِل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له ، عزَّ عن الشبيه وعن الندِّ وعن النظير ، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11)﴾ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور وسلَّم تسليمًا كبيرًا.

أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وراقبوه ، وأطيعوا أمره ولا تعصوه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) ﴾ بالتقوى تستجلب الأرزاق ، وتفتح الأغلاق ، وتفرج الكرب ، وتدفع النقم ، ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ (3) ﴾ .

أيها المسلمون:
حديث اليوم حديث تستلذه الأسماع ، وتهفو به الأفئدة ، وتجثو عندها العواطف ، حديث اليوم في سيرة تتقاصر دونها السير ، وصفاتٍ لا تدانيها الأوصاف ، إنه لمحات ونفحات ، تعبق من صفات الرسول المجتبى ، وشمائل الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وسلم.

شذرات تزيد الحب حبًّا ، والقلب قربًا ، تجدد الإيمان ، وتعضد الولاء ، وتثمر الاتباع ، صفاته وشمائله ، وكراماته وفضائله ، أفق أفيح ، وسماء رحبة ، وحديقة غناء ، يحار الناظر ماذا يقطف ، وأي شيء يتخير.

أيها المسلمون:
حين نتحدث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإننا نتطلب زيادة الإيمان ، ومزيد التعظيم والتبجيل ، وقدره حقَّ قدره ، وازدياد محبته ، وكل ذلك مطلوب شرعًا ، والثمرة في ذلك طاعته واتباعه ، وتعظيم أمره ونهيه ، واقتفاء سنته ، والثبات على شرعته.

أيها المسلمون:
ومع إيماننا بأنَّه بشرٌ مَخلوق ، إلا أنَّ الله تعالى جَمَّله وكمَّله ، وطيَّبه خَلْقًا وخُلُقًا ، وجَمع له الفضائلَ كُلَّها نسقًا متَّسقًا ، مُحمَّد بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمي القرشي ، شرفُ نسبِه ، وكرم أصلِه ، وفضل بلده ومنشئِه – لا يحتاج إلى دليل عليه؛ فإنه نخبة بني هاشم ، وسلالة قريش وطميمها ، وأشرف العرب وأعزُّهم نفرًا من جهة أبيه وأمه ، صلى الله عليه وسلم.

أما بلده مكة؛ فأكرم بلاد الله على الله وعلى عباده ، محمد بن عبدالله رسول الله وخليله ، فاضت بمحبته القلوب ، وامتلأت بإجلاله الصدور ، وأسبغ الله عليه من الحسن والجمال في منظره ومخبره ، وخَلْقه وخُلُقه ، ما جعله آية في الكمال والجمال.

وصفتْه أم معبد فقالت: “إنه ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخَلْق ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره وطف ، وفي صوته صحل ، وفي عنقه سطع ، أحور ، أكحل ، أزج ، أقرن ، شديد سواد الشعر ، إذا صمت علاه الوقار ، وإذا تكلَّم علاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب ، حلو المنطق فصل ، لا نذر ولا هذر ، لا تقحمه عين من قصر ، ولا تشنؤه من طول.

قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – في وصفه: “كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أبيض مشربًا بحمرة ، أدعج العينين ، أهدب الأشفار ، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب ، وإذا التفت التفت جميعًا ، بين كتفيه خاتم النبوة ، أجود الناس كفًّا ، وأجرأ الناس صدرًا ، وأصدق النَّاس لَهجة ، وأوفاهم ذمَّة ، وألينُهم عريكة ، مَنْ رآه بديهةً هابه ، ومَنْ خالطه معرفةً أحبَّه ، يقول ناعِتَهُ: لم أر قبله ولا بعده مثله”!!

وقال أبو الطفيل: “كان أبيضَ مليح الوجه”.

وقال أنس – رضي الله عنه -: “كان بسط الكفين ، أزهر اللون ، ليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء ، إنما كان شيءٌ يسيرٌ في صبغيه”.

وقال البراء – رضي الله عنه -: “كان مربوعًا ، بعيد ما بين المنكبين ، له شعر يبلغ شحمة أذنيه ، رأيته في حلة حمراء ، لم أر شيئًا قط أحسن منه ، كان مثل القمر”.

وقال جابر – رضي الله عنه -: “كان لا يضحك إلا تبسمًا ، إذا نظرت إليه قلت: أكحل العينين ، وليس بأكحل ، رأيته ليلة أضحيان – أي ليلة بدر – فجعلت أنظر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعليه حلة حمراء ، وأنظر إلى القمر؛ فإذا هو عندي أحسن من القمر” وقال أبو هريرة – رضي الله عنه -: “لم أر شيئًا أحسن من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كأن الشمس تجري في وجهه ، وما رأيت أحدًا أسرع في مشيه من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كأنما الأرض تُطوَى له ، وإنا لنجهد أنفسنا ، وإنه لغير مكترث”!!

اقرأ أيضا  الاختلاط وآثاره السيئة ( خطبة )

وقال ابن عباس – رضي الله عنهما -: “كان أبلج الثنيتَيْنِ ، إذا تكلَّم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه”.

وقال أنس – رضِيَ الله عنه -: “ما مسِسْتُ حريرًا ولا ديباجًا ألْيَنَ من كفِّ النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلَّم – ولا شَمَمتُ ريحًا ولا عَرفًا أطيب من ريح أو عَرف رسول الله – صلَّى الله عليه وسلم”.

ولمَّا قدِمَ النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – المدينة مُهاجرًا ، وأقبل الناس ينظرون إليه ، جاء عبدالله بن سلام – رضي الله عنه – مع الناس لينظر إليه – وكان من أحبار اليهود وعلمائهم – يقول: “فلما نظرتُ إلى وجه النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذاب”.

هذه بعض أوصاف النبي الكريم ، في جَمال الخلق ، وحسن الصورة ، وكمال الهيئة.
أمَّا كمال النفس ومكارم الأخلاق؛ فقد كان في أعلاها ، وله من الذرى أسناها ، ويكفي في ذلك شهادة ربه له: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) ﴾ ، وقال – صلى الله عليه وسلم -: ” أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي ” لذا فقد كان مثالاً عاليًا في كل فضيلة ، كان – صلى الله عليه وسلم – دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخَّاب ولا فحَّاش ، ولا عتَّاب ولا مدَّاح ، طويل السكوت ، لا يتكلَّم في غير حاجة ، لا يضر أحدًا ولا يعيِّره ، ولا يتبع عورته ، يعفو ويصفح ، ويعاشِرُ النَّاس بالرحمة واللطف ، يتغافل عما لا يشتهيه ولا يهمُّه ، أما الحلم والاحتمال ، والعفو والصبر – فهي صفات ميزه ربه بها ، ما خير بين أمرين إلا اختار أيْسَرَهُما ، ما لم يكن إثما؛ فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه ، ما انتقم لنفسه ، إلا أن تُنتهك حرمة الله؛ فإنه يغضب لله.

أمَّا الجود والكرم والبذل والعطاء؛ فإنه يعطي عطاءَ مَنْ لا يخشى الفقر ، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة ، وكان أعدل النَّاس وأعفَّهم ، وأصدقهم لهجة وأعظمهم أمانة ، كان يسمى قبل نبوته بالصادق الأمين.

وكان أشجعَ النَّاس؛ لاقى الشدائد والأهوال وثَبَتَ وصمد ، لم يلن ولم يتزعزع؛ قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -: “كنا إذا حمي البأس ، واحمَرَّت الحُدُق ، اتقينا برسول الله – صلى الله عليه وسلم – فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه”.

أمَّا أدبه وحياؤه؛ فيقول أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه -: ” كان أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها ، وإذا كره شيئًا عُرف في وجهه ” ؛ رواه البخاري.
لا يثبت نظره في وجه أحد ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، كان متواضعًا بعيدًا عن الكبر ، يعود المساكين ، ويجالس الفقراء ، ويجيب دعوة العبد ، ويجلس في أصحابه كأحدهم ، ويَمنع من القيام له كما يُقام للملوك ، تقول عائشة – رضي الله عنها -: “كان يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويحلب شاته ، ويعمل بيده كما يعمل أحدكم في بيته”.
كان أوفى الناس بالعهود ، وأوصلهم للرحم ، وأشفقهم ، وأرحم الخلق بالخلق ، وصدق الله: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (128) ﴾ .

إنَّها الرحمة التي جمعت له قلوب الخلق:﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ (159) ﴾ .
لطف في المعشر ، وتبسم عند اللقاء؛ في “الصحيحين” عن جابر – رضي الله عنه – قال: “ما حجبني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منذ أسلمت ، ولا رآني إلا تبسم”.

أمَّا زُهْدُه في الدنيا؛ فحسبُك تقلُّله منها ، وإعراضُه عن زهرتِها ، وقد سيقتْ إليْهِ بحذافيرها ، وترادفَتْ عليْهِ فتوحُها ، إلى أن توفِّي – صلى الله عليه وسلم – ودِرْعُه مرهونةٌ عند يهودي في نفقة عياله ، وهو يدعو يقول: ” اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا “؛ رواه البخاري ومسلم.

اقرأ أيضا  الضمير الحي في زمن الفتن

عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: “ما شبِع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثلاثة أيام تباعًا من خبز حتى قُبِضَ” ، وقالتْ أيضًا: “ما ترك رسول الله – صلَّى الله عليه وسلم – دينارًا ولا دِرْهمًا ولا شاةً ولا بعيرًا ” ، وقالت: “كان فراشُه من أدم ، وحشوُه من ليف”.. كل ذلك مخرج في “الصحيحين”.
أمَّا خوفه من ربه ، وخشيته وطاعته له ، وشدة عبادته – فذاك شأن عظيم؛ يقوم الليل إلا قليلاً ، ويسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء ، ويصلي حتى تَرِمَ أو تنتفخ قدماه ، فيقال له: “قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر”!! فيقول: ” ‏أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا “؛ رواه البخاري ومسلم.

قام ليلةً فقرأ في ركعة سورة البقرة والنساء وآل عمران ، ومع كل ذلك فإنه يقول: ” إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ” !!

عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: “قال لي النبي – صلى الله عليه وسلم -: ” اقرأ عليَّ ” ، قلت: يا رسول الله ، أأقرأُ عليك وعليك أنزل! قال: ” إني أحب أن أسمعه من غيري ” ؛ فقرأت سورة النساء حتى أتيت هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً (41) ﴾ ، قال: ” حسبك الآن ” ، فالتفتُّ ، فإذا عيناه تذرفان؛ رواه البخاري ومسلم.

صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا خَيْرَ الوَرَى
وَهَمَتْ عَلَيْكَ سَحَائِبُ الرِّضْوَانِ

هذا الحبيب يا محب ، وهذه بعض القطوف من شمائل النبي الرؤوف ، بحر من الحب لا ساحل له ، وفضاء من الخير لا منتهى له ، شمائل المصطفى – صلى الله عليه وسلم – لا تحدها الكلمات ، ولا توفيها العبارات ، وحسبنا من ذلك الإشارات.

وإن على أمة الإسلام أن تتربى على سيرته ، وأن تتخلق بخُلُقه ، وتتبع هديه ، وتستنَّ بسنته ، وتقفو أثره ، فما عرفت الدنيا ولن تعرف مثله ، وإن لدينا – نحن المسلمين – من ميراثه ما نفاخر به الأمم ، ونسابق به الحضارات.

فهذا النبع فأين الواردون؟! وهذا المنهل فأين الناهلون؟!

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21) ﴾ .

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة ، أقول قولي هذا ، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.

الخطبــــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــــــــــــــــــــة

الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد.

أيها المسلمون:
لقد كانت لرسول الله مُحمدٍ – صلى الله عليه وسلم – عند ربه المكانة العلية ، والمنزلة السامية الجلية؛ فقربه واصطفاه ، أسرى به وناجاه ، ومن كل فضل حباه ، واقرأ في ذلك: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (3) عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى (4) ﴾ .

صلَّى بالأنبياء ، ثم عرج به إلى السماء ، ووصل إلى سدرة المنتهى ، ودنا واقترب ، وراجع ربَّه في عدد الصلوات ، وقال لموسى – عليه السلام -: ” قد رَجَعْتُ إلى ربِّي حتَّى استحْيَيْتُ منه ” ؛ رواه مسلم.

شرح الله صدره ، وغفر ذنبه ، ورفع ذكره: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) ﴾ .
قرن الله اسْمَهُ باسْمِه في شهادة التوحيد ، وفي الأذان ، وفي الإيمان: ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (136) ﴾ ، وفي الطاعة: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ (92) ﴾ ، ﴿ مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (80) ﴾ ، صلى الله عليه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (56) ﴾ ، جعله شاهدًا على الناس: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً (46) ﴾ ، أقسم الله تعالى به: ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) ﴾ ، ولاطَفَهُ بقوله: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ (43) ﴾ ، ووعده بالعطاء حتى الرضا: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) ﴾ ، ﴿ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) ﴾ ، طمأنه ربه بالحفظ والرعاية والأمن والكفاية: ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ (95) ﴾ ، ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (67) ﴾ [المائدة: 67] ، وقال سبحانه: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا (48) ﴾ .
كانت حياته أمانًا لأهل الأرض ، أمانًا من الهلاك العام والعذاب الطَّام: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ (33) ﴾ .

اقرأ أيضا  داعش بين الإفساد وخدمة مصالح الأعداء

أعطاه الله الكوثر ، وآتاه السبع المثاني والقرآن العظيم ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وأتم عليه نعمته عليه ، وهداه ونصره ، وجعله رحمة للخلق: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) ﴾ .

أيها المسلمون:
نَبِيٌّ هذا شأنه ، ورسولٌ هذا شأوه ، وعظيمٌ هذا قدره – لا يضره شَنَأُ الشانئين ، ولا ينال سماءه حقد الحاقدين.

إن رسول الله محمدًا – صلى الله عليه وسلم – قد فاضت بمحبته قلوب المسلمين ، وتشربت بمودته جوارح المؤمنين ، وقدره عند الله عظيم ، ولن يضر الشمس أن تشتمها خفافيش الظلام ، ولن يغير الحق تهويش الباطل ، وإذا عجز الباغي أمام الحقيقة فزع إلى الشِّتام ، ومن جف دلوه من الماء أثار التراب والغبار.

فاللهم اشرح صدورنا بمحبة نبينا ، واشف صدورنا ممن آذانا في نبينا ، اللهم ارزقنا طاعة رسولك محمد – صلى الله عليه وسلم – واتباع سنته.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، في العالمين إنك حميد مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم أمِّنَّا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم انصر من نصر الدين ، واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين.

اللهم وفق ولي أمرنا لهداك ، واجعل عمله في رضاك ، اللهم أصلح بطانته ، واصرف عنه بطانة السوء يا رب العالمين ، اللهم وفقه ونائبه وإخوانهم وأعوانهم لما فيه صلاح العباد والبلاد.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في فلسطين ، وفي كل مكان يا رب العالمين ، اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ، اللهم أنزل عليهم بأسك ورجْزَك إله الحق.

اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ، ونفث كرب المكروبين ، وفك أسر المأسورين ، واقض الدين عن المدينين ، واشف برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين.

اللهم اغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، ويسر أمورنا ، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار.

اللهم ادفع وارفع عنا الغلاء والوباء ، والربا والزنا ، والزلازل والمحن وسوء الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ، عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين ، يا حي يا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام.

ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم ، ولجميع المسلمين.

ربنا لا تؤاخذنا بذنوبنا ، ولا بما فعل السفهاء منا ، ربنا ظلمنا أنفسنا ، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

نستغفر الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا ، اللهُمَّ أغِثْنا ، اللهم أغثنا غيثًا هنيئًا مريئًا ، سحًّا غدقًا مجللاً ، عامًّا نافعًا غير ضار ، تحيي به البلاد ، وتسقي به العباد ، وتجعله بلاغًا للحاضر والباد ، اللهم سقيا رحمة ، اللهم سقيا رحمة ، اللهم سقيا رحمة ، لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ (182) ﴾ .

المصدر: منبر الجمعـــــــــــــــــة من الحــــــــــــــرم المكـــــــــــي

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.