البيان الختامي لمؤتمر خير أمة كوالالمبور 25-27 نوفمبر 2017م

كوالالمبور (معراج) – الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي بعثه الله بالحق هادياً وبشيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً- وبعد

فبناء على ما يواجه الأمة الإسلامية اليوم من تحديات كبيرة، وتنامٍ للحملات العدائية في وسائل الإعلام العالمية وغيرها، وانتشار للتيارات والأفكار الغالية المتطرفة التي تنتسب إلى الإسلام بشكل مباشر أو غير مباشر، وبناء على حاجة دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) إلى إبراز وسطية الإسلام واعتداله وسماحته، فقد التقت إرادة مملكة ماليزيا الاتحادية، والمملكة العربية السعودية في إقامة المؤتمر الدولي الأول لمسلمي (آسيان) بعنوان (أمة وسطا)، وتحت شعار “مؤتمر خير أمة” وذلك في مدينة كوالالمبور بماليزيا في الفترة من 7 ــ 9 من ربيع الأول لعام 1439هـ ، الموافق 25 ــ 27 من نوفمبر لعام 2017م برعاية كريمة من دولة رئيس الوزراء داتؤ سري محمد نجيب ومعالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ ،وقد رعى حفل ختام المؤتمر نائب رئيس الوزراء داتؤ سري الدكتور أحمد زاهد حميدي.

وقد اشترك في تنظيمه عدة جهات رسمية وشعبية في ماليزيا، وهي: مكتب الشؤون الخاصة لرئيس الوزراء الماليزي (جاسا)، ووزارة الإعلام والاتصالات الماليزية، ومنظمة الخادم الماليزية، والجمعية العلمية الماليزية، وجامعة التكنولوجيا الماليزية، وذلك بدعم كريم من مكتب رئيس الوزراء الماليزي للشؤون الدينية، بالتعاون والتنسيق الكامل مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.

وقد شارك في المؤتمر شخصياتٌ علمية ودينية من وزراء، ومفتين، وعلماء، ودعاة، ومفكرين، ومنسوبي جامعات، يزيد عددهم عن (1200) من دول رابطة دول (آسيان)، وهي: ماليزيا، وإندونيسيا، وبروناي، والفلبين، وسنغافوره، وتايلند، وكمبوديا، ومينمار، وفيتنام، بالإضافة إلى مشاركين من دول آسيا الأخرى مثل اليابان، والصين، وكوريا، وهونج كونج، وتايوان، وبمشاركة فضيلة إمام وخطيب الحرم المكي الشريف الشيخ الدكتور صالح آل طالب، وعدد من العلماء والباحثين من المملكة العربية السعودية.

وقد انعقد المؤتمر لتحقيق الأهداف التالية

ا) بيان حقيقة الدين الإسلامي وسماحته ووسطيته في العقيدة والشريعة والأحكام والمعاملات.

ب)إبراز خيرية هذه الأمة وعدل الإسلام ووسطيته في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والسلف الصالح.

ج- بيان التراث العلمي والعملي الكبير لعلماء المسلمين وفقهائهم في الماضي والحاضر في الاعتدال والوسطية ونبذ التعصب المذموم، وفي مقدمتهم الأئمة الأربعة الكبار: أبو حنيفة النعمان، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل، رحمهم الله تعالى أجمعين.

د) توضيح الانحراف الكبير في المناهج والتيارات المتطرفة الغالية والتكفيرية لحماية المجتمعات الإسلامية في دول رابطة دول (آسيان) من أخطارها ورد التهم والشبهات التي توجه ضد الإسلام وترميه بالعنف والتطرف في وسائل الإعلام وغيرها.

هـ) الإسهام في جمع كلمة أهل السنة والجماعة، وتوحيد صفهم، وحمايتهم من المذاهب الضالة المنحرفة الهادفة لتمزيق كلمتهم ونشر الطائفية والشقاق بينهم.

و) بيان الجهود الكبيرة في المحافظة على وسطية الإسلام وسماحته في دول رابطة (آسيان) ولاسيما جهود الحكومة الماليزية.

ز) بيان الجهود الكبيرة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في نشر الاعتدال والوسطية ومحاربة التطرف وما ينتج عنه من الغلو والتكفير والأعمال الإرهابية.

ح) تعزيز قيم الوسطية وإبرازها وتفعيلها بين المسلمين ولا سيما بين الأجيال الناشئة من الدعاة وطلاب العلم وتعزيز التواصل والتعاون بين الجمعيات والمراكز الإسلامية والجهات المعنية بالعمل الإسلامي في ماليزيا ودول رابطة (آسيان) لبناء شراكات، وبرامج تهدف إلى إبراز الإسلام في صورته الحقيقية الوسطية.

وقد قدمت من أجل ذلك ـ في المؤتمر ـ أكثر من 30 بحثاً وورقة علمية، باللغات
العربية، والإنجليزية، والملاوية، من خلال ستة محاور رئيسية، هي
:
ا ــ الوسطية في الإسلام: أصالة المنهج وضرورة التطبيق.

ب ـــ التحديات التي تواجه الوسطية.

ج ـــ الطائفية والغلو وأثرهما في تمزيق وحدة المسلمين.

د ـــ جهود أئمة الإسلام في تحقيق الوسطية.

هـ ــ نماذج معاصرة في تحقيق الوسطية.

زـــ جهود الدول والمنظمات الإسلامية في تحقيق الوسطية وتعزيز التضامن الإسلامي.

هذا بالإضافة إلى ورش العمل المصاحبة للمؤتمر، وهي: التحديات الدينية والفكرية التي تواجه المسلمين في دول رابطة (آسيان) وكيفية مواجهتها، والمرأة المسلمة في دول رابطة (آسيان) ودورها في بناء خير أمة، والتواصل والتعاون بين مسلمي دول رابطة (آسيان) (الوسائل والثمار)، ومهارات الحوار مع المخالفين وآدابه، والتجرِبة السعودية في مكافحة الإرهاب.

وقد جاء هذا المؤتمر تأكيداً للعلاقة الأخوية المتينة التي تربط المملكة العربية السعودية بمملكة ماليزيا الاتحادية، ودافعاً للتعاون المشترك بين الدولتين الشقيقتين؛ من أجل توحيد صف المسلمين، وجمع كلمتهم، وتعزيز الوسطية والاعتدال، وتقوية أهل السنة والجماعة في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه المسلمين في هذا العصر، وتعزيز الدور الكبير الذي يقوم به البَلَدان في محاربة الإرهاب والتطرف.

وفي ختام المؤتمر يتقدم المشاركون بالشكر الجزيل لحكومة ماليزيا على جهودها المباركة في استضافة هذا المؤتمر الدولي، وتقديم التسهيلات والوسائل اللازمة لإنجاحه، ويشكرون كل الجهات الرسمية والشعبية التي تعاونت في ذلك، كما يُثمّن المشاركون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود توجيهه الكريم بالتعاون مع مسلمي دول رابطة (آسيان) في إقامة مؤتمر سنوي لهم تحت شعار (أمة وسطا)، ويأملون في أن تُحقّقَ هذه المؤتمرات الغايةَ الساميةَ التي تهدف إليها من جمع كلمة المسلمين، وتوحيد صفوفهم، وتحقيق التعاون والتنسيق بينهم.

ويندد المشاركون في المؤتمر بالعمل الإجرامي الذي وقع في مسجد الروضة بسيناء في جمهورية مصر العربية، وراح ضحيته أكثر من ثلاثمائة من المصلين الركع السجود، ويؤكدون على أن هذا الفعل المشين عملٌ مُجَرّمٌ، لا يقبل التبرير تحت أي ذريعة كانت، ويؤكدون على شجبه واستنكاره، ووجوب مواجهة المنفذين له بكل حزم وقوة.

ويعلنون تضامنهم مع إخوانهم مسلمي الروهينجا ضد الممارسات العدائية وأعمال القتل والتهجير القسري والتمييز العنصري التي يتعرضون لها، ويدعون المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حاسمة وفورية لحمايتهم ويهيبون بمنظمة التعاون الإسلامي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) للقيام بما يلزم لحل هذه الأزمة.

وقد توصل المشاركون في ختام المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات أهمها
أولاً: أهمية استمرار عقد مثل هذه المؤتمرات العلمية في ماليزيا، وباقي دول الآسيان، لما لها من أثر بارز في تعزيز التواصل، وتبادل الخبرات، والبحث في حلول النوازل والمستجدات، والتحديات التي تواجه المسلمين، وذلك من أجل ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال، ومواجهة مهددات الأمن والاستقرار، والتحذير من التطرف والغلو، والطائفية، والفتن، والاختلاف.

ثانياً: التأكيد على أهمية أخذ المسلمين بعوامل القوة المختلفة في مواجهة المهددات المتعددة للعالم الإسلامي، ومن أبرز عوامل القوة: التمسك بالكتاب والسنة، وتوحيد الكلمة، ونشر العلم، وتوثيق التعاون بين المسلمين على البر والتقوى.

ثالثاً: التأكيد على تعزيز روح الأخوة والأخلاق الإسلامية بين المسلمين والنصح والرحمة في معالجة المسائل الخلافية، وعدم جعلها سبباً للمنافرة، وأهمية إشاعة التسامح وثقافة إدارة الاختلاف بين المسلمين عموماً، وأهل السنة والجماعة خصوصاً، واحترام مذاهب المسلمين المعتبرة، وأئمة المسلمين، ومنهم الأئمة الأربعة ــ رحمهم الله.

رابعاً: أهمية نشر ثقافة الحوار البناء والتعايش السلمي مع غير المسلمين من مواطنين ومقيمين ، والتزام الحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن في الدعوة إلى الله ــ تعالى ــ ، وتغليب مبدأ الرحمة بالعالمين ، وأن حقيقة الإسلام هي استسلام القلب عن قناعة وقبول ، وليس بالإكراه عليه، كما قال ــ تعالى ــ :”لا إكراه في الدين”.

خامساً: التأكيد على أن الغلو والتطرف والإرهاب والعنف ظاهرة عالمية، لا يجوز ربطها بدين، ولا مذهب، ولا بلد بعينه، وعلى ضرورة مكافحة الإرهاب بشتى ألوانه وأصنافه، ومواجهة التطرف والغلو الفكري والديني المؤدي إليه، ودعم الجهود الرامية إلى ذلك على كافة المستويات، والتعاون في سبيل حماية الشباب المسلم من الشبهات المضللة، والأفكار المنحرفة، في مختلف الوسائل الإعلامية، وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي.

سادساً: ضرورة مراعاة حقوق الإنسان، واحترام المواثيق والمعاهدات الدولية في ذلك، وحسن التعامل مع غير المسلمين، كما يؤكد المؤتمر على تعظيم ما عَظّمته الشريعةُ الإسلامية من حفظ الضرورات الخمس ــ الدين والنفس والعقل والمال والعرض ــ، وما يتفرع عن ذلك من حفظ الأوطان، والممتلكات العامة والخاصة.

سابعاً : ضرورة مواجهة المخططات والأعمال العدائية التي تهدف إلى شق صف أهل السنة والجماعة من خلال الخلافات المذهبية والسياسية، والحذر من الوسائل والأساليب المختلفة التي تنتهجها المذاهب المنحرفة والجماعات المتطرفة والإرهابية لإغواء المتعاطفين والجهلة وتجنيدهم لأجل المصالح الطائفية واستباحة الدماء والحرمات.

ثامناً: أهمية نشر العلم الشرعي المبني على الكتاب والسنة، وتفعيل المجامع الفقهية، ودوائر الفتوى لتحقيق الفهم الواعي للإسلام والوسطية المأمولة من خلال مواكبة مستجدات العصر، مع أهمية احترام المذاهب الفقهية المعتبرة لدى أهل السنة والجماعة والمتبعين لها في بلدانهم، وأن ذلك عامل مهم لاستقرار مجتمعات أهل السنة والجماعة، وإشاعة روح التآخي بينهم.

تاسعاً: يثمن المشاركون المبادرة الكريمة بإنشاء مركز الملك سلمان للسلام العالمي بماليزيا ويؤيدون دعمه بكل ما يحتاجه مادياً ومعنوياً لتحقيق الأهداف العظيمة التي أسس من أجلها.

عاشراً: يرحب المشاركون بمبادرة جامعة التكنولوجيا (مارا) بماليزيا بإقامة مركز للبحوث الاستراتيجية لتحقيق (خير أمة) ورغبتها في التعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.

حادي عشر: أهمية التعاون بين الجهات المعنية بخدمة السنة النبوية والحديث النبوي، ومنها مجمع الملك سلمان للحديث النبوي، ولجنة تصحيح الحديث الوطنية بماليزيا التي أسسها معالي نائب رئيس الوزراء داتؤ سري الدكتور أحمد زاهد حميدي.

ثاني عشر: أهمية التواصل المكثف والزيارات المتبادلة بين الجهات والباحثين المشاركين في هذا المؤتمر من دول آسيان من أجل عمل برامج متنوعة لتحقيق خيرية الأمة.

وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق جميع من شارك في هذا المؤتمر المبارك من باحثين وضيوف وجهات رسمية وعلمية وشعبية ، وأن يوفق الجميع لما فيه الخير والسداد.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

وكالة الأنباء برناما

اقرأ أيضا  الجامعة العربية تعرب عن دعم خطوات المجلس العسكري بالسودان
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.