القدس في وجدان الأمة الإسلامية

الثلاثاء،25جمادى الثانية1436//14أبريل/نيسان 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
القدس كانت وستبقى حية في وجدان أبناء الأمة الإسلامية باعتبارها محطة الإسراء ومنطلق المعراج والقبلة الأولى التي طالما تهفو لها قلوب المسلمين في أرجاء المعمورة. كان الإمام الخميني يؤكد بأقواله وأفعاله ومواقفه العلاقة الشرعية بين إيران وفلسطين كبلدين وشعبين مسلمين، ويحمل قضية فلسطين في وجدانه، فيهاجم مغتصبيها اليهود، ويكشف حقدهم وأطماعهم، ويعد العدة ويحرض المسلمين أجمعين لتطهيرها من أيديهم النجسة. وسعى الإمام الخميني جاهداً لإقامة حلف الثورة الإسلامية بين شعبي فلسطين وإيران وكل البلاد الإسلامية لتحرير فلسطين، والقضاء على الجرثومة السرطانية، ليكتمل نصر المسلمين بدخول القدس الشريف والصلاة في المسجد الأقصى، لقد عاشت فلسطين في قلبه الكبير وكانت معه في محطات حياته كلها.
في مطلع الستينيات تزايد نفوذ الغرب في إيران، وبدأت حملة تغريب المجتمع الإيراني عن الإسلام وانتشرت المظاهر والمراكز المخلة بالأخلاق والمتعارضة مع الدين، فاندفع الإمام الخميني ضد هذه الحملة وهو في الحوزة الدينية في قم، وسرعان ما وطد الشاه علاقته بإسرائيل، وأخذ يعتمد على اليهود الذين زاد نفوذهم، وقويت شوكتهم، وقد اعتبر الإمام الخميني منذ البداية أن الصهاينة هم وراء هذه الأعمال، بعد أن سيطروا على عقل الشاه، وجعلوه ينفذ مآربهم.
لقد وصلوا إلى إيران بعد تمكنهم من فلسطين. ومن هنا نشأ الربط بين الشاه وإسرائيل في فكر الإمام وحملته التعبوية التي استمرت طيلة حياته مشهراً باليهود، وداعياً إلى إنقاذ فلسطين والقدس من براثنهم.
وبدأت المواجهة بين الإمام ونظام الشاه والصهاينة تحتد، فأصدر فتاوى دعا فيها إلى مواجهة النفوذ الغربي في إيران، وأنه لا يجوز إقامة علاقة تجارية وسياسية مع بعض الدول التي هي أداة في يد الاستعمار مثل إسرائيل وقد أخد كلام الإمام ينصب على توضيح حقيقة إسرائيل وشرح اغتصابها لفلسطين وحقيقة ارتباط الشاه بها وبأميركا.
وفي إحدى خطبه الثورية في ذكرى عاشوراء عام 1963م قال الأمام: «إن إسرائيل لا ترضى بوجود القرآن بين ظهرانينا، وتكره علماء الإسلام، وتسعى لسحق الشريعة الإسلامية في بلادنا لأن وجود رجال العلم في بلادنا يثير حقدها وغضبها. إن إسرائيل هي التي هاجمت المدرسة الفيضية بواسطة عملائها الأشرار، وهي التي تسعى إلى قمعنا وقمعكم أنتم، لتسيطر على اقتصادكم وتجارتكم وزراعتكم ليتسنى لها نهب الثروات والخيرات من دون منازع أو مقاومة».
وفي الخطاب التاريخي الذي ألقاه الإمام في 15 نيسان سنة 1964 في المسجد الأعظم بمدينة قم قال: «إننا نعارض الفساد ونقول بصراحة إن برامج الحكومة تنظمها إسرائيل، أجل إسرائيل وإنكم تطلبون الخبراء العسكريين من إسرائيل، وترسلون الطلاب في بعثات دراسية إلى إسرائيل، وحينئذ يظن العالم أن الشيعة هم أذناب اليهود… يا شعوب العالم الحريصة على قيم الإنسانية اعلموا: أن أمتنا وشعبنا، يعارضان التحالف مع إسرائيل وأن حلفاء إسرائيل ليسوا منا وليسوا من شعبنا وليسوا من علمائنا…».
وفي بيانه دفاعاً عن المعتقلين في سجون الشاه: «إن إسرائيل في حالة حرب مع الدول الإسلامية، في حين نرى الحكم الإيراني يتعامل معها بكل محبة، ويوفر لها كل وسائل الإعلام والدعاية والدعم.. أنا أعلن إلى جميع الدول الإسلامية، وإلى كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن المسلمين هم أعداء إسرائيل وأعداء عملاء إسرائيل».
وعندما نفي الإمام إلى تركيا، ثم إلى النجف الأشرف في العراق، واصل جهاده وكفاحه ضد الاستعمار والصهيونية وأصدر فتاوى تحرم كل علاقة سياسية أو اقتصادية مع إسرائيل. وفي عام 1968 ومع تصاعد العمل الفدائي الفلسطيني ضد الصهاينة، وبعد معركة الكرامة في 21 آذار 1968. أصدر الإمام فتواه الفريدة التي أعلن فيها جواز صرف الزكاة والتبرعات والصدقات لدعم الفدائيين وتقوية حركتهم وناشد المسلمين الالتحاق بصفوف المقاومة الفلسطينية ونصرتها، وتقديم العون لها لمواصلة الكفاح المسلح ضد إسرائيل.
واتصل الإمام مباشرة بالقيادة الفلسطينية وحثها على متابعة الجهاد وعدم التبعية لقوى الاستكبار والرجعية. وتبادل الرسائل مع القيادة الفلسطينية قائلاً في إحداها: «إن القضية الفلسطينية كانت شاغلي الأساسي منذ كنت في إيران، ومازالت تشغلني في المنفى، انطلاقاً من كونها جزءاً مما تعانيه الأمة الإسلامية…».
وبعد انتصار الثورة، استمر موقف الإمام المناهض للصهيونية والحامل لواء تحرير فلسطين، وبعد عودته ظافراً، بعد نفي استمر خمسة عشر عاماً، أعلن الانتصار بقوله: «اليوم إيران وغداً فلسطين». وانتقل إلى الممارسة العملية والفعلية في دعم قضية فلسطين والتخطيط لتحريرها من الصهاينة، وكانت الخطوة الأولى رفع علم فلسطين مكان العلم اليهودي، وتسليم الفلسطينيين مبنى سفارة إسرائيل في طهران، وكانت إيران الإسلام الدولة الأولى في المنطقة التي تمنح سفارة للثورة الفلسطينية.
بالرغم من كل هذا بقيت سفارة فلسطين، وظل الإمام، ومن بعده المسؤولون كلهم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية يحرصون على قضية فلسطين وتأييد كفاح شعبها ضد الصهيونية.
ولابد من الالتفاف حول دعوة الإمام الخميني لبناء جيش العشرين مليون، الذي أطلق عليه اسم جيش القدس، ثم دعوته الخالدة لإعلان يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان في كل عام، لتبقى القدس في ذاكرة المسلمين لشحذ الهمم والتعبئة والاستعداد لتطهيرها من رجس اليهود، وما فتئت كلماته المدوية ترن في الآذان.
كانت فلسطين تسكن في فكره، وأعطى قضيتها الكثير من سنوات عمره الشريف، ولم تخل مناسبة إسلامية عامة مع دعوة لإنقاذها، بل جعل لها مناسبة دائمة هي «يوم القدس العالمي» لم يلتق بوفد من علماء المسلمين أو طلابهم أو مثقفيهم، إلا وحدثهم عن مظلومية الشعب الفلسطيني، وقدسية القضية الفلسطينية، والواجب الشرعي على الجميع لتحريرها.
وفي أواخر عام1987 ابتسم الإمام وصلى للـه شكراً، عندما بلغته هتافات اللـه أكبر من ألوف المسلمين الفلسطينيين، من حول الأقصى الشريف، ومن غزة والضفة الغربية، ثم سقوط حجارة الأطفال والفتية المؤمنين على رؤوس اليهود المذعورين أحس الإمام بأن الإسلام انتفض في فلسطين، وأن انتفاضته لن تقف، ووجه نداءات عاجلة ومثيرة لمسلمي فلسطين، يشجعهم على الاستمرار ويحثهم على التمسك بالإسلام والالتزام بتعاليم الدين الحنيف، والحذر من تدخل الدول في شؤونهم. ودعا المسؤولين في إيران كلهم والشعب الإيراني والمسلمين في العالم إلى تقديم كل وسائل الدعم لهذه الانتفاضة المباركة التي جسدت أمل الأمام في تحرير القدس.

اقرأ أيضا  الأمة الإسلامية تتنظر تحركا فاعلا لوقف العدوان الإسرائيلي على فلسطين

المركز الفلسطيني للإعلام

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.