بر الوالدين سبب لتفريج الكرب وإجابة الدعاء

بر الوالدين سبب لتفريج الكرب وإجابة الدعاء www.youtube.com
بر الوالدين سبب لتفريج الكرب وإجابة الدعاء
www.youtube.com

الإثنين،9 صفر1436الموافق1 ديسمبر/ كانون الأول 2014 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
بقلم الدكتور صالح بن محمد آل طالب
الخطبـــــــــــــــــــــــــــــــــة الـــــــأولــــــــــــــــــــــــــــى
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، عز عن الشبيه وعن الند وعن النظير ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيه من خلقه ، البشير النذير ، والسراج المنير ، صلى الله عليه و على آله و صحبه و التابعين ، وسلم تسليماً كبيراً إلى يوم المصير .

أما بعد : –
فاتقوا الله تعالى أيها الناس ، فإن خير الزاد التقوى ، واستمسكوا بكلمة الإخلاص فهي العروة الوثقى ، ولا تغرنكم الحياة الدنيا ، ولا تلهينكم عن الأخرى ، فإن أمامكم موتاً وقبرا ، ثم نشراً وحشرا ، والمصير إما إلى جنة، أو نار .

أيها المسلمون :-

إن الحياة وهي مندفعة في طريقها بالأحياء توجه اهتمام الأحياء إلى الأمام ، إلى الناشئة الجديدة والجيل المقبل ، إلى الأبناء ، وقلما توجه اهتمامهم إلى الوراء ، إلى الحياة المولية والجيل الذاهب ، وإن الآباء و الامهات ليندفعون بالفطرة إلى رعاية الأولاد ، والتضحية بكل شيء حتى بالذات ، في سبيل رعاية الأولاد وإسعادهم ، وكما تمتص النابتة الخضراء كل غذاء في الحبة فإذا هي قتات ، ويمتص الفرخ كل غذاء في البيضة فإذا هي قشر ، فكذلك يمتص الأولاد كل رحيق وعافية ، وكل جهد واهتمام من الوالدين ، فإذا هما شيخوخة فانية ، وشخوص منهكة بالية ، أما الأولاد فسرعان ما ينسون هذا كله
ويندفعون بدورهم إلى الأمام ، إلى الزوجات والذرية ، وهكذا تسير الحياة
لذا فلا يحتاج الآباء إلى سبيل توصية بالأبناء ، إنما الأبناء هم الذين يحتاجون إلى من يستبيح وجدانهم لينعطفوا إلى الوراء ، ويتلفتوا إلى الآباء والأمهات ، ليذكروا واجب الجيل الذي أنفق رحيقه كله حتى ادركه الجفاف . وهنا يجيء الأمر بالإحسان إلى الوالدين في صورة قضاء محتوم يحمل معنى الأمر والإلزام ، بعد الأمر بعبادة الله وتوحيده

يقول الحق عز وجل ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) ﴾

أيها المسلمون حق الوالدين من أعظم الواجبات ، وأجره من أوفر الحسنات ، وبرهما شرف الدنيا وفلاح الآخرة ، زكى به الله نبيه يحيى بقوله ﴿ وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً (14) ﴾
وتمَدَّح به عيسى عليه السلام بقوله﴿وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (32) ﴾
و هو ميثاق الله على الأولين ، يقول الحق عز وجل ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ (83) ﴾

وهو أمر الله لكل المؤمنين ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (36) ﴾

وفي سورة الأنعام﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (151) ﴾

قرن الله حقه بحقهما ، وشكره بشكرهما ، يقول الحق عز وجل﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ مِنَ الله نعمة الخلق والإيجاد ، ومن الوالدين بأمر الله النسل والإيلاج

الأب والأم كم شقيا لتسعد ، وكم سهرا لتنعم ، هما سبب وجودك ، وأصل حياتك ، كم عانت أمك في حملك ، ورأت الموت عند وضعك ، وعانت آلامها لتستقبل حياتك بشوق عارم وعين متلهفة ، كفكفت من عبراتها ، وجففت من دمعاتها لتستقبلك بوجه بسام وجبين وضاح ، الأم ذلك المخلوق الضعيف و الروح اللطيف ، هي الأم الرؤوم والقلب الحنون ، تفزع إلى حضنها وتدفن رأسك في صدرها ، لا تعلم ملجأ ولا ملاذا سواها ، فإذا كبرت لم تزل لك مداد الرحمة و الأنس ، و لم يزل صدرها لك معطاءا بساما ، ولا أصدق في وصف معاناتها من قول الله عز وجل ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) ﴾
وقوله ﴿ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) ﴾

هذه وصية الله تعالى لكم أيها المسلمون ، الإحسان إلى الوالدين .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : ” الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا ” ، قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : ” بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ” ، قُلْتُ : ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : ” الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” .

نعم الصلاة ، ثم بر الوالدين ، ثم الجهاد في سبيل الله ، فحق الوالدين مقدم على الجهاد

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : ” أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ ، قَالَ : فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بَلْ كِلَاهُمَا ، قَالَ : فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا ” . ؛ متفق عليه

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،قَالَ :هَاجَرَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ مِنَ الْيَمَنِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” هَجَرْتَ الشِّرْكَوَلَكِنَّهُ الْجِهَادُ ، هَلْ بِالْيَمَنِ أَبَوَاكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ،قَالَ : ” أَذِنَا لَكَ ؟ ” , قَالَ : لَا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” ارْجِعْ إِلَى أَبَوَيْكَ ،فَاسْتَأْذِنْهُمَا ، فَإِنْ فَعَلَا ، وَإِلَّا فَبِرَّهُمَا ” ؛ رواه أحمد في مسنده

اقرأ أيضا  فضيلة الصدق

عَنْأَنَسٍقَالَ : أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ : إِنِّي أَشْتَهِي الْجِهَادَ وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ . قَالَ : ” هَلْ بَقِيَ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ ؟ ” . قَالَ : أُمِّي . قَالَ: ” فَأَبْلِ اللَّهَ فِي بِرِّهَا ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ كَانَ لَكَأَجْرُ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ وَمُجَاهِدٍ ، فَإِذَا رَضِيَتْ عَنْكَ أُمُّكَ ، فَاتَّقِ اللَّهَ وَبِرَّهَا ” . رَوَاهُأَبُو يَعْلَىوَالطَّبَرَانِيُّفِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَمَيْمُونِ بْنِ نَجِيحٍوَوَثَّقَهُابْنُ حِبَّانَ.

إن حق الوالد لا يقبل مساومة ، حتى ولو كان الأمر يتعلق بالجهاد .

الأم طريق الجنة

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، قَالَ : ” وَيْحَكَ ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ ” قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : ” ارْجِعْ ، فَبَرَّهَا ” ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، قَالَ : ” وَيْحَكَ ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ” ، قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ” فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا ” ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، قَالَ : ” وَيْحَكَ ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ” ، قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ” وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ ” . رواه النسائي وابن ماجة بسند صحيح

نعم الجنة ميعاد الله للأبرار ، وميراث البررة الأخيار .

عَنْعَائِشَةَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا قِرَاءَةً فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا؟ قَالُوا : حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ” ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : ” كَذَلِكُمُ الْبِرُّ كَذَلِكُمُ الْبِرُّ” . أخرجه الحاكم والبغوي بإسناد صحيح

لذا قال النبي” الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَحَافِظْ عَلَى الْبَابِ أَوْ ضَيِّعْ “رواه الترمذي بإسناد صحيح

أيها المسلمون : البِرُّ دَينٌ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ” عِفُّوا عَنْ نِسَاءِ النَّاسِ تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ ، وَبِرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ ” أخرجه الطبراني والحاكم والهيثمي بأسانيد صحيحة

والبر سبب في طول العمر كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ ، وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَإِلَّا الدُّعَاءُ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍيَعْمَلُهَا ” . رواه الترمذي وابن ماجة

وفي الصحيحين قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ” .

ولا رحمة أعظم من رحمة الوالدين .

والبر بالوالدين سبب في تفريج الكرب ، وإجابة الدعاء ، والنجاة من المضائق والمصائب ، وحديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة الغار ، فجاء أحدهم ربه ببره بوالديه الشيخين الكبيرين ففرج الله عنهم ، وانفرجت صخرة الغار ، فخرجوا يمشون
عَنْابْنِ عُمَرَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ” بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَمْشُونَ إِذْأَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ ،فَقَالَ : بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلَاءِ لَايُنْجِيكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَايَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ ، فَقَالَ : وَاحِدٌ مِنْهُمُاللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَجِيرٌ عَمِلَ لِيعَلَى فَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ فَذَهَبَ وَتَرَكَهُ ، وَأَنِّي عَمَدْتُ إِلَىذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ فَصَارَ مِنْ أَمْرِهِ أَنِّي اشْتَرَيْتُمِنْهُ بَقَرًا وَأَنَّهُ أَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : اعْمِدْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ فَسُقْهَا ، فَقَالَ لِي : إِنَّمَا لِيعِنْدَكَ فَرَقٌ مِنْ أَرُزٍّ ، فَقُلْتُ لَهُ : اعْمِدْ إِلَى تِلْكَالْبَقَرِ فَإِنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْفَرَقِ فَسَاقَهَا فَإِنْ كُنْتَتَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّافَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ ، فَقَالَ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ إِنْكُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ،فَكُنْتُ آتِيهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ بِلَبَنِ غَنَمٍ لِي فَأَبْطَأْتُعَلَيْهِمَا لَيْلَةً فَجِئْتُ وَقَدْ رَقَدَا وَأَهْلِي وَعِيَالِييَتَضَاغَوْنَ مِنَ الْجُوعِ فَكُنْتُ لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَأَبَوَايَ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَكَرِهْتُ أَنْ أَدَعَهُمَافَيَسْتَكِنَّا لِشَرْبَتِهِمَا ، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُ حَتَّى طَلَعَالْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَفَفَرِّجْ عَنَّا فَانْسَاحَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَىالسَّمَاءِ ، فَقَالَ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُكَانَ لِي ابْنَةُعَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَأَنِّيرَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِدِينَارٍ ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ فَأَتَيْتُهَا بِهَافَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا فَلَمَّا قَعَدْتُبَيْنَ رِجْلَيْهَا ، فَقَالَتْ : اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّالْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍفَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْعَنَّا فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا” .متفق عليه

أيها المسلمون :-

ومن بر الوالدين إطعامهما ، وكسوتهما ، وخدمتهما ، وامتثال أمرهما ما لم تكن معصية ، وتقديم هواهما ورغباتهما على رغبات النفس ، واحتساب ذلك عند الله ، والتكلم معهما بلين ، ومعاملتهما بالرفق واللطف خاصة مع الكبر ، وأن لا يمشي خلفهما ، ولا يدعوهما باسمهما المجرد ، بل يوقرهما ويتلطف إليهما ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24) ﴾

وأن يدعو لهما ، ويستغفر لهما ﴿ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (24) ﴾

وفي الأدب المفرد للبخاري عَنِابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ : ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ وَالِدَانِ مُسْلِمَانِ يُصْبِحُ إِلَيْهِمَامُحْسِنًا ، إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابَيْنِ يَعْنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدًا ، وَإِنْ أَغْضَبَ أَحَدَهُمَا لَمْيَرْضَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ ، قَالَ : وَإِنْ ظَلَمَاهُ ؟قَالَ : وَإِنْ ظَلَمَاهُ ” .

وفيه أيضا ” عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَنِي، وَخَطَبَهَا غَيْرِي، فَأَحَبَّتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَغِرْتُ عَلَيْهَا فَقَتَلْتُهَا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: تُبْ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْتَ، فَذَهَبْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: لِمَ سَأَلْتَهُ عَنْ حَيَاةِ أُمِّهِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لاَ أَعْلَمُ عَمَلاً أَقْرَبَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَةِ ” .

عباد الله :-

اقرأ أيضا  بر الوالدين سبب لتفريج الكرب وإجابة الدعاء

وللأم حق مقدم مراعاة لضعفها ، ومعاناتها ، ولحملها ، ووضعها ، وتربيتها ، والغالب أنها تحملت من المشقة مالم يتحمله غيرها ، فكانت الوصية بالعناية بها أبلغ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقّ النّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: “أُمّكَ” قَالَ: ثُمّ مَنْ؟ قَالَ: “ثُمّ أُمّكَ” قَالَ: ثُمّ مَنْ؟ قَالَ: “ثُمّ أُمّكَ” قَالَ: ثُمّ مَنْ؟ قَالَ: “ثُمّ أَبُوكَ”.متفق عليه

عَنِالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –قَالَ ” ” إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ ” رواه ابن ماجة

قال أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه-: “شهدابن عمر رَجُلًا يَمَانِيًّا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ قَدْ حَمَلَ أُمَّهُعَلَى ظَهْرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا الْمُذَلَّلُإِنْ أُذْعِرَتْ رِكَابُهَا لَمْ أُذْعَرِ ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ،أَتُرَانِي جَزَيْتُهَا؟ قَالَ: لَا، وَلَا بِزَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ”.

أيها المسلمون :-

حاجة الأبوين عند الكبر ، حاجة الأبوين عند الكبر تفوق كل حاجة خاصة في جانب الشعور والواقع النفسي ، فيكون الشعور مرهفا ، والنفس حساسة ، هما أحوج ما يكون إلى الرفق والملاطفة ، والأنس والعناية ، هما أحوج ما يكون إلى الرفق والملاطفة ، والأنس والعناية ، وإظهار الاهتمام بهما .
إنك لتحزن حين ترى الكبير منهما في وحدته مغرقا في مناجاته ، مبحرا في همومه وشكاته .
لا يريد طعاما ، ولا شرابا ، ولا مالا ، إنما يريد لمسة اهتمام من بنيه وبناته .

عباد الله :-

لقد جُبِلَت النفوس على الإحسان لمن أحسن إليها ، ولا منة بين المخلوقين أعظم من منة الوالدان على ولدهما ، لكن حين تنتكس الفطن ، وتقسى القلوب وتتحجر ، ترى نماذج الجحود وأمثال النكران ، وهذا هو سر الجمع بين حق الله وحق الوالدين ، وبين الشرك والعقوق .

فالله تعالى يخلق ويرزق ، ثم يتوجه الظالم بالعبادة غيره .
والوالدان يلدان ويشقيان ، فيقابلان بالجحود والعقوق
وتأمل قول الله عز وجل﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) ﴾
لذا كان الوعيد شديداَ ، والعقاب أليما لمن عاق والديه وأساء لهما .

عَنْعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ،عَنْأَبِيهِرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا ؟ قَالُوا : بَلَىيَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَعُقُوقُالْوَالِدَيْنِ ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَقَالَ : أَلَا وَقَوْلُالزُّورِ ” ، قَالَ : فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ .متفق عليه

وفي صحيح البخاري
عَنْ أَنَسٍ بْنَ مَالِكٍرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَبَائِرَ أَوْ سُئِلَ عَنِ الْكَبَائِرِ فَقَالَ : ” الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَعُقُوقُالْوَالِدَيْنِ ، فَقَالَ : أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟قَالَ : قَوْلُ الزُّورِ أَوْ قَالَ شَهَادَةُ الزُّورِ ” قَالَ شُعْبَةُ : وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ : شَهَادَةُ الزُّورِ .

وعند الترمذي بسند صحيح
عَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ “رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الْوَالِدِ ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ “

وفي صحيح مسلم ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ ، قَالَ : فَغَضِبَ ، وَقَالَ : مَاكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّشَيْئًا يَكْتُمُهُ النَّاسَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍأَرْبَعٍ ، قَالَ : فَقَالَ : مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟قَالَ : قَالَ : ” لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَوَالِدَهُ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَلَعَنَاللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَالْأَرْضِ ” .

وفي الصحيحين
عَنْعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍورَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّمِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ” قِيلَ ،يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ : ” يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ ” .

إن الأمر جد خطير ، فهل يعي ذلك العاقون ، ألا يخافون من دعوة تبلغ عنان السماء ، فتمحق دنياهم وأخراهم ، وقد قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ “ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّدَعْوَةُ الْوَالِدِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ”
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة

ألا فبروا بالآباء والأمهات ، أحسنوا إليهم بأنواع البر والصلات ، قبلوا الأيدي والجباه ، وشنفوا الآذان بأجمل ما تنطق به الشفاه ، واصلوا معهم العطاء والبذل ، ولا تمنوا عليهم
فهم بحق أصحاب المن والفضل .

إعرفوا رغباتهم قبل أن ينطقوا بها ، ولكل ما يريدون فسارعوا وحققوا ، بلغنا الله و إياكم رضاه ، وأدخلنا و إياكم جنته ومأواه ، بارك الله لي ولكم في الكتاب و السنة ، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة .
أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي و لكم

الخطبــــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــــــــــــــــــــة :

الحمد لله تفرد بالبقاء ، وكتب على خلقه الموت والفناء ، أحمده تعالى حمداً كثيراً طيبا مباركا فيه ، وهو المحمود في السراء والضراء .

وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله – صلى الله عليه – و على آله و صحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والجزاء .

أما بعد ، أيها المسلمون :-

فإن البر خلق مُتَجَدِّرٌ في هذه الأمة ، والوفاء أصل من دينها ، ومن بر الأمة بالكبار والأعلام الأخيار البر والوفاء بعلماءها الربانيين ، ودعاتها الصالحين العامرين ، من بذلوا أعمارهم في العلم ، وفي حماية الدين ، وحراسة الفضيلة ، والذب عن حياض السنة .

قمم شامخة و جبال راسية في وجه طوفان الفساد ، ومصابح واجذة تبدد ظلام الدجى وتنير درب السالكين .

العلماء كالنجوم ، زينة للسماء ، وهداية للخلق ، ورجوم للشياطين .
وحين تفجع الأمة بموت العالم فيحق لها أن تحزن وتأسف ، فالعلماء ورثة الأنبياء ، وحاملي الوحي ، وأمان الأرض .

إن من حقهم على الأمة الاعتراف بفضلهم وقدرهم ، والذب عن أعراضهم ، ونشر فضائلهم ومآثرهم ، والاستنان بسيرتهم ، والدعاء لهم ، يقول الحق عز وجل ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (10) ﴾ فندعوا لهم كما ندعوا لوالدينا ،وَعَنْأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْبَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟قَالَ : ” نَعَمْ ، الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا ، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا ،وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِيلَا تُوصَلُ إِلَّابِهِمَا ، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا ” . رَوَاهُأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ
. وإذا تأملت قول الله عز وجل ﴿ َقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ( 24) ﴾

اقرأ أيضا  خطبة المسجد النبوي : مظاهر العيد

فإذ كأنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق ، وكذلك من تولى تربية الإنسان في صغره في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين ، فإن له حقاً على من ربى ، وإذا كان هذا في حق الوالدين المربيين فهو كذلك في حق العلماء الربانيين .

فاللهم ارحم علماؤنا ، واغفر لهم ، وجازهم عنا وعن الإسلام خير الجزاء .

اللهم آجرنا في مصابنا ، وفقد علمائنا ، واخلف علينا وعلى المسلمين خيرا .

أيها المسلمين :-

لقد أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بإقامة صلاة الاستسقاء في صبيحة يوم غد السبت ، اقتداءاً بسنة النبي صلى الله عليه و سلم في طلب السقيا من الله حين يتأخر نزول المطر ، و لما نزل بالمسلمين من قحط ، والحاجة الشديدة إلى الماء ، والمطر من السماء .
فاحرصوا رحمكم الله على هذه الصلاة ، و أكثروا من الاستغفار ، والدعاء ، والتوبة ، والتحلل من المظالم ، وأكثروا من الذل والخشوع لله رب العالمين ، وتقربوا بفعل الواجبات ، وترك المحرمات ، لعل الله أن يرحمنا ، وأن يغيثنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، ثم اعلموا رحمكم الله إن الله تعالى أمركم بامر بدأ فيه بنفسه﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ( 56) ﴾

اللهم صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد ، صاحب الوجه الأبهر ، والجبين الأزهر
وصلى وسلم على آل بيته الأطهار ، وصحبه الأخيار ، صلاة وسلاما دائمين ، مادام الليل والنهار .

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداء الدين ، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم أمنا في أوطاننا ، اللهم أمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين .

اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه ، ورد كيده في نحره .

لا إله إلا الله العظيم الحليم .لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأراض ورب العرش الكريم .
عز جاره ، وجل ثناؤوه ، وتقدست أسماؤه .

اللهم يا من لا يهزم جندك ، ولا يخلف وعدك ، اللهم أصلح أحوال المسلمين ، اللهم أصلح أحوال المسلمين في فلسطين ، وفي كل مكان ، اللهم انصر المسلمين المحاصرين في غزة ، اللهم فرج همهم ، ونفث كربهم ، وشد أزرهم ، وفك حصارهم ، وارفع عنهم الضر يا رب العالمين .

اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم ، واجمع كلمتهم على الهدى والحق ، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام .

اللهم قاتل الكفرة والملحدين ، اللهم قاتل الكفرة والملحدين ، الذين يصدون عن دينك ويعادون أولياءك ، اللهم قاتل الكفرة والملحدين ، الذين يصدون عن دينك ويعادون أولياءك ، اللهم قاتل الكفرة والملحدين ، اللهم قاتل الكفرة والملحدين ، الذين يصدون عن دينك ويعادون أولياءك ، اللهم اجعل أمرهم في وبال ، وشأنهم في سفال ، اللهم انصر دينك وكتابك ، وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان يا رب العالمين .

اللهم وفقك ولي أمرنا لما تحب وترضى ، وخذ به للبر والتقوى ، اللهم وفقه ، ونائبه ، وإخوانهم ، وأعوانهم لما فيه صلاح البلاد والعباد .

اللهم فرج هم المهومين من المسلمين ، ونفث كرب المكروبين ، واقض الدين عن المدينين ، واشف برحمتك مرضانا ومرضى المسلمين .

اللهم اغفر ذنوبنا ، واستر عيوبنا ، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا .

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .

ربنا اغفر لنا ، ولوالدينا ، والديهم ، وجميع المسلمين .

رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ

ربنا لا تؤاخذنا بذنوبنا ، ولا بما فعل السفهاء منا .

نستغفر الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، ونتوب إليه .

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الغني ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا غيثا هنيئاً مريئاً ، سحاً غدقاً مجلجلاً ، عَامَّاً نافعاً غير ضار ، تحيي به البلاد ، وتسقي به العباد ، وتجعله بلاغا للحاضر والباد .

اللهم سقيا رحمة ، اللهم سقيا رحمة ، لا سقيا عذاب ، ولا هدم ، ولا بلاء ، ولا غرق .

رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ( 180 ) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ( 181 ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ( 182 ) ﴾

المصدر: منبر الجمعـــــــــــــــــة من الحــــــــــــــرم المكـــــــــــي

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.